أفلام النصف الأول من 2017 تنبئ بعام فني قوي
على عكس العام السابق، بدأ هذا العام بحماسة كبيرة، مع عرض أفلام هامة على المستوي النقدي والجماهيري. بعض هذه الأعمال حققت النجاح المنتظر وبعضها خيب الآمال، وهناك أيضًا ما لم يتوقع نجاحه وفاجأ الجماهير والنقاد.
إليك قائمة بأهم الأعمال التي عرضت في النصف الأول من هذا العام، واكتسبت أهميتها سواء من أسماء صناعها، أو قصتها، أو مفاجأتها للجمهور بقوة مستواها، مع عرض تقييم سريع لها. وكل هذه الأفلام متاحة حاليًا للعرض المنزلي سواء على منصات البث الحي أو على مواقع التحميل المباشر والتورنت.
Song to song
يكتسب هذا الفيلم أهميته الفنية من اسم مخرجه ومؤلفه «ترانس ماليك»، والذي يقود كتيبة من نجوم الصف الأول كـ«ريان جوزلينج»، و«روني مارا»، و«مايكل فاسبندر»، و«ناتلي بورتمان»، و«كيت بلانشيت»، وتلك الأسماء كافية لإثارة حماس الجمهور، فهم يمتلكون 16 ترشيحًا للأوسكار حصلوا منهم على 3 جوائز، بالإضافة لمدير التصوير الأشهر «إيمانويل لوبزكي» الحاصل على ثلاث جوائز أوسكار متتالية عنأفلام «gravity» ،«birdman» ،«the revenant».الفيلم كعادة أفلام ماليك به فكرة فلسفية يعرضها من خلال حياة أبطاله، فالقصة تدور عن العلاقات الإنسانية المعقدة بين مجموعة من الموسيقيين، فـ«فاي» تحب «بيف» لأنه يشعرها بالانطلاق والحرية وكسر القيود، وفي نفس الوقت تحب صديقهم المشترك «كوك»، الذي يغار من بيف، ويتعرف الأول على «رهوندا» ويحبها ولكنه يشعر بعدم كمال علاقتهما، وتزيد العلاقات تعقيدًا وتحدث الخيانة بين الأزواج ويرتبطون بآخرين فينتقلون لتعقيدات أخرى، وهكذا إلى أن ينتهي الفيلم. يمكن القول إن هذا الفيلم أراد به ماليك مناقشة تساؤلاته عن الطبيعة البشرية، وحيرة الإنسان بين رغبته في الارتباط والحب والاستقرار وبين رغبته في الحرية والانطلاق وعدم قدرته على البقاء مع شخص واحد، فكرة معقدة وجميلة وربما لم تتناول كثيرًا، ولكن نفذها ماليك بأسوأ شكل ممكن. فالفيلم مدته ساعتين؛ أول ساعة ونصف فيهما لايحدث شيء سوى تكرار لمشاهد مداعبة وحب بين الأزواج، مع voice over يتحدث فيه كل بطل عن مشاعره ورأيه في العلاقة. كل الآراء متشابهة تقريبًا، لا يحدث جديد، وبالتالي الفيلم كله وكأنه تكرار لنفس المشهد مع نفس الصوت. أما جمال المشاهد والكادرات والتي يعتمد عليها ماليك دائمًا في أفلامه، فقد كانت في أسوأ حالها أيضًا، وبالتالي حقق الفيلم فشلاً تجاريًا ونقديًا مستحقًا.
War Machine
يعتبر مسلسل «house of cards» هو خير معبر عن التوجهات السياسية لشركة «netflix»، والتي لا تكتفي بضخ الأموال لإنتاج أعمال تزيد من أرباحهم فقط، ولكنها تستغل أعمالها الفنية للتعبير عن رؤيتها السياسية. لم يختلف war machine عن مسلسلها السابق ذكره، فهو يدين السياسة الأمريكية، ولكن هذه المرة يكتفي بالتركيز على سياسة أمريكا الخارجية الاستعمارية، من خلال عرض فترة تولي الجنرال غلين ماشون، «براد بيت»، قيادة القوات الأمريكية في أفغانستان، والذي عيّن بسبب كفاءته وقدرته على حسم أصعب المعارك العسكرية.
اقرأ أيضًا:House Of Cards: بين جنون «ترامب» وجنون العالم يظن «غلين» أن القائد السابق لم ينجح بسبب عدم كفاءته الحربية، وليس لأن هذه حرب استعمارية والفشل هو مصيرها الوحيد. ومن خلال غلين يعرض المسلسل غطرسة العسكريين الأمريكيين، ورؤيتهم الاستمعارية التي يرونها دفاعًا عن الحرية، ليس حرية أمريكا ولكن حرية الوطن المحتل. رغم القضية الجادة التي يناقشها الفيلم، ولكنه فيلم كوميدي من الطراز الأول، فقد رسمت شخصية غلين والعسكريين الآخرين بصورة كاريكاتورية، وهذا ما صنع العديد من المواقف الكوميدية، وكان أكثرها تميزًا هي التي جمعت بين غلين والرئيس الأفغاني. ولكن عاب السيناريو الاستخدام المفرط للـ voice over لشرح وجهة نظر الفيلم السياسية على لسان راوي الأحداث، كما تميز المخرج «ديفيد ميتشود» في إخراج المشاهد الكوميدية والمشاهد الحربية في آخر الفيلم على حد سواء.
Life
لم يلق الإعلان الأول لفيلم «life» كثيرًا من الحماس، فبدا وكأننا مقبلون على تقليد غير متقن لسلسلة «Alien»، بالإضافة لضعف تصميم المركبة الفضائية وعدم تقديم نبذة عن أي أحداث مشوقة.
ولكن خالف الفيلم التوقعات عند عرضه، فالفيلم متفرد عن Alien ولديه قصة محكمة، وبعد فلسفي مختلف عن ما قدمته السلسلة الأشهر. يحكي الفيلم قصة طاقم من العلماء في محطة الفضاء الدولية، يحصلون على خلية لكائن حي من المريخ، يحاول أحدهم إنعاشها، وبالفعل تنبض بالحياة بعد عدة محاولات، تكبر هذه الخلية وتتحول لكائن خطر يلاحق طاقم المركبة ويحاول قتلهم.الفيلم يتحدث عن التخوفات المستقبلية من تعامل البشر مع الفضاء بمنطق الغزو، وهو ما قد يفقد البشر الحذر اللازم واحترام ذكاء ما يمكن مواجهته في الفضاء. فالعالم في بداية الفيلم يعامل الكائن الوليد كأنه حيوان يملكه ولا يراقب ذكائه، فإذا بهذا الكائن يمتلك ذكاءً كبيرًا وقدرة تدميرية عالية وخطة للبقاء.من الناحية الفنية تميز جميع طاقم التمثيل خصوصًا «جاك جلينهال». القصة مكتوبة بحرفية والتواءة الحبكة في نهاية الأحداث صادمة وتفتح العديد من التساؤلات. التصميم الواقعي للسفينة الفضائية وعدم إضافة أي تجديدات في الشكل كانت نقطة في صالح الفيلم، فأحداث الفيلم تدور في الزمن الحاضر. إذن فالفيلم تجربة مميزة واستحقت النجاح النقدي.
Get Out
الحصان الأسود، والذي يعتبره الكثيرون أفضل أفلام النصف الأول من العام. فالفيلم حقق نجاحًا نقديًا وجماهيريًا كبيرًا وغير متوقع، ربما يمكن وضع تصنيف جديد لهذا الفيلم وتسميته الرعب الاجتماعي. تدور قصة الفيلم حول زيارة الفتى الأسود «كريس» لمنزل عائلة حبيبته البيضاء «روز» والذي يخشى من رفضهم له بسبب لونه، ولكن تطمئنه حبيبته وتؤكد أن أباها يريد انتخاب «باراك أوباما» للمرة الثالثة.وعند وصوله للمنزل يُعامل بلطف شديد، ولكن ينتابه شعور بغرابة الأجواء إلى أن تنكشف الحقائق المرعبة له. ربما لأول مرة يتم تناول قضية العنصرية من خلال فيلم رعب، والفيلم لا يريد فضح العنصرية المباشرة الظاهرة مثل التي يمارسها اليمينيون، ولكنه يتبع جذور العنصرية في وسط المدعين بالتسامح ورفض العنصرية. قصه عميقة وتناول جديد جعلت الفيلم يحصل على تقييم 99% في موقع rotten tomatoes.بالإضافة لتميز «جوردن بيل» ككاتب للسيناريو، يتميز كذلك في إخراجه للفيلم وصنع مشاهد رعب وغموض، والتصميم الرائع لكل المشاهد تقريبًا، وقبل كل شيء إجادته في اختيار طاقم التمثيل المميز. فقد أدى «دانيال كالويا» أداءً يؤهله للترشح للأوسكار، ولكن عرض الفيلم في بداية العام سيضعف من فرصه بكل تأكيد، بالإضافة للأداء المميز والمعقد لـ«أليسون ويليامز». فيلم get out من أكثر افلام الرعب تكاملاً وذكاءً في الفترة الأخيرة وسيظل في الذاكرة لفترة طويلة.
Okja
فيلم آخر من إنتاج Netflix، وهذا الفيلم له بعد بيئي. فهو يتحدث عن المجازر وعمليات التعذيب التي تتعرض لها الحيوانات من شركات الأغذية. من خلال قصة «ميجا»، الطفلة الآسيوية الصغيرة التي ترعى خنزيرة ضخمة معدلة وراثيًا تسمي «أوكجا»، وتفوز بجائزة أفضل خنزير ضخم، وتقرر الشركة الراعية للجائزة نقل الحيوان لنيويورك، فتخاطر ميجا بكل شيء من أجل مرافقة أوكجا وإنقاذها، عندها تكتشف أنها مقبلة على تجربة سيئة.الفيلم قوبل بموجه غضب وصافرات الاستهجان في كان، فرغم ترشيحه للمنافسة على السعفة الذهبية، ولكن رئيس اللجنة أعلن بوضوح قبل أن يراه استحالة فوزه بالجائزة، وواجه جمهور القاعة الفيلم بمجرد إعلان اسمه بصافرات الاستهجان فقط لأنه من إنتاج Netflix، ويبدو أن الصراع بدأ مبكرًا بين الشركة المنتجة ولجان تحكيم المهرجانات والجوائز والذي لن ينتهي قريبًا.أما الفيلم فتميز بقصته البسيطة والسلسة مع تميز عرض رؤيته البيئية، ونجح الإخراج في نقل تفاصيل الغابات الآسيوية ورعاة الحيوان الآسيويين، كما تميز طاقم التمثيل والفتاة الصغيرة التي أدت دور ميجا.