ببالون وطائرة بدون طيار.. جوجل تنشر الإنترنت في العالم كله
على الرغم من التطور الرقمي الهائل الذي وصل إليه العالم حاليا، لا يستطيع حوالي ثلثي سكان الأرض الاتصال بالإنترنت، وخصوصا أبناء دول العالم الثالث وأفريقيا وأمريكا الجنوبية. وتوصيل الإنترنت لهؤلاء بالطرق المعتادة كالكابلات الأرضية أمر شبه مستحيل. ولهذا قامت جوجل بالتفكير خارج الصندوق، وقامت بالبدء بتنفيذ مشاريع غير تقليدية وغير مكلفة لإيصال الإنترنت لهم عن طريق السماء. فأطلقت مشروعي Project Loon و Google Titan.
ما هو Loon؟
ستقوم جوجل ببث الإنترنت عن طريق بالونات عملاقة مملوءة بغاز الهيليوم الأقل كثافة من الهواء الجوي. ويُمكنها أن تطير على ارتفاع 18 ل 27 كيلومتر من سطح البحر في طبقة الستراتوسفير. وهذا الارتفاع ضعف ارتفاع الطائرات التجارية. ويمكن أن تظل هذه البالونات لمدة حوالي 100 يوم في الغلاف الجوي لتمد دائرة قطرها 40 كيلومتر بالإنترنت طوال هذه الفترة. ويتم نقل البالون من مكان لآخر عن طريق استغلال التيارات الهوائية على الارتفاعات المختلفة داخل الستراتوسفير، فبالتحكم في ارتفاع البالون يتم وضعه في تيار هوائي متجه للمنطقة المراد تغطيتها.
وبالتعاون مع شركات الاتصالات يتم تزويد البالون بالإنترنت الذي يقوم ببثه بتقنية الجيل الرابع عالية السرعة لهواتف وأجهزة سكان المنطقة.
يصنع البالون من خامة البولي إيثيلين، وهو مكون من بالون خارجي يحتوي على غاز الهيليوم، وبالون داخلي أصغر يحتوى على الهواء. وهو المسئول عن التحكم بارتفاع وانخفاض البالون داخل الستراتوسفير، ونقله بين تيارات الرياح المختلفة. ويزود البالون بخلايا شمسية تقوم بإمداده بالطاقة نهارا وتشحن بطاريات لتمده بالطاقة ليلا. كما يحتوي على الأجهزة الإلكترونية اللازمة لتوصيله بالبالونات المجاورة وعمل شبكة من البالونات لتغطية نطاق أكبر. ويعمل على المشروع مهندسي جوجل بمعامل Google X، وهي معامل جوجل للأفكار المجنونة.
بدأ Loon بشكل تجريبي في نيوزيلاندا لاختبار قدرات تحمل البالون وسرعته ومدة تحليقه في الجو، وأيضا اختبار تقنيات توصيل الإنترنت، وذلك في يونيو 2013. وبعد ذلك أطلقت جوجل عدة بالونات تجريبية في البرازيل لإيصال مدارس محلية ريفية بالإنترنت. وخلال تلك الفترة قامت جوجل بتطوير التقنية وإصلاح الأخطاء ومعالجة المشاكل الغير متوقعة. وفي بداية المشروع كان البالون يظل في الهواء لمدة 10 أيام. وكان هدف جوجل الوصول ل 100 يوم من الطيران وهو الهدف الذي قاموا بتجاوزه بالفعل. فقد حلق بالون Marathoner لمدة 134. ومنذ عدة أيام قام بالون آخر بالتحليق لمدة 187 يوما دار فيهم 9 مرات حول الأرض وزود العديد من دول بالإنترنت بشكل تجريبي في 4 قارات، محققا رقما قياسيا جديدا بالنسبة للمشروع.
وفي مؤتمر الجوال الذي انتهى منذ أيام في برشلونة قال ساندر بيتشاي ،نائب رئيس جوجل ورئيس قطاع المنتجات، أن Loon سينتقل الفترة القادمة من المراحل التجريبية الأولية، لمراحل التجارب المتقدمة على نطاق واسع وذلك بالتعاون مع العديد من مقدمي خدمات الإنترنت على مستوى العالم. وذلك بعد أن أثبت البالون قدرته على التحليق لفترات طويلة، وتحمله درجات الحرارة المنخفضة جدا والتي تصل ل-80 درجة مئوية في الستراتوسفير. وأيضا تحمله سرعات الرياح الشديدة على ذلك الارتفاع.
ولا تتوقف محاولات جوجل على Loon، فقد أعلن بيتشاي في نفس المؤتمر عن إطلاق مشروع Google’s Titan drones.
ففي أبريل/نيسان 2014 قامت جوجل بشراء الشركة الناشئة Titan Aerospace والتي تعمل على تصميم وبناء طائرات بدون طيار تعمل بالطاقة الشمسية وتستطيع الطيران لعدة أشهر وربما سنوات بدون توقف. وهدف جوجل من شراء الشركة هو تطوير طائرة بدون طيار مصنعة من مواد شديدة التحمل خفيفة الوزن، وذلك لتقوم بنفس مهام الأقمار الصناعية لكن بتكلفة أقل ومن داخل الغلاف الجوي. وتستطيع طائرات Titan تصوير الأرض بدقة عالية، وحمل مجسات لقياس التغيرات المناخية وتغيرات المجال المغناطيسي وغيرها. وستقوم جوجل باستخدامها لبث خدمات الاتصال والإنترنت.
وقال بيتشاي أن Titan ستقوم بأول رحلة تجريبية لها خلال شهور، وستحلق أيضا في طبقة الستراتوسفير. وسيكون هدفها التكامل مع بالونات Loon. فـ Titan يمكن التحكم بها ونقلها من مكان لمكان بسهولة. وبذلك فستوفر خدمات الإنترنت في المناطق المنكوبة أو التي فقدت الإتصال بسبب الحوادث أوالكوارث الطبيعية، وذلك بشكل سريع وبدون عوائق.
لا تتوقف جوجل عند ذلك فقط. فقد قامت جوجل بتمويل شركة Space X بمليار دولار وذلك لصالح مشروع يهدف لنشر شبكة من الأقمار الصناعية قليلة التكلفة والمتخصصة فقط في الاتصالات وذلك لتغطية كامل كوكب الأرض بالإنترنت. وهو الهدف الذي تطمح الشركة لتنفيذه خلال الخمس سنوات القادمة.
فما هدف جوجل من كل هذا المجهود؟
هل هو فقط إيصال خدمات الإنترنت لأكثر من 4 مليار مواطن؟ عند سؤال مايك كاسيدي رئيس مشروع Loon في أحد اللقاءات، هل ستقوم جوجل بجعل خدماتها حصرية عند توصيل الإنترنت، أجاب كاسيدي:
وكلام مايك صائب بالتأكيد. فهناك فائدة مباشرة لجوجل مع الوقت. فأرباح جوجل تعتمد أغلبها على الإعلانات على الإنترنت. وكلما زاد عدد مستخدمي الإنترنت بشكل عام كلما زادت عدد الفئات الموجه لها الإعلانات وكلما زادت أرباح جوجل. وإعلانات جوجل غير مرتبطة بخدماتها المختلفة، والتي تقدمها جوجل بشكل مجاني للمستخدمين، وبالتالي فلا حاجة لجعل خدماتها حصرية على الإنترنت من خلال Loon1 أو Titan.