تسلا؛ سيارة المستقبل الكهربية بعيون إيلون ماسك
ربما بدأت شركة Tesla نشاطها بدون إليون ماسك، لكنها بدون انضامه لطاقم عملها كرئيس مجلس إدارة في 2004 كانت لتنتهي تماما. وبعد الأزمة الاقتصادية العالمية في 2007/2008 أصبح إيلون ماسك الرئيس التنفيذي ورئيس قطاع الإنتاج أيضا بالشركة. ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن أصبح ماسك هو المسؤول بشكل مباشر عن أفكار وإنتاج الشركة حتى أوصلها لما هي عليه الآن.
ما هي تسلا؟
على اسم الفيزيائي الشهير نيقولا تسلا، أسس بعض مهندسي وادي السيليكون الشركة والتي تهدف لتغيير شكل سيارات المستقبل على المدى الطويل، وذلك باعتمادها على المحركات الكهربية والبطاريات كمصدر وحيد للطاقة، والتي ستكون نظيفة حينئذ، بدون أي انبعاثات مضرة للبيئة. وعلى الرغم من أن الفكرة تبدو معتادة، إلا أن تسلا تذهب بالفكرة لأبعد مدى، فهي كشركة تهدف لأن تكون السيارات الكهربية سيارات فارهة شديدة العزم عالية السرعة وآمنة وتتحمل بطارياتها مسافات طويلة، أي أنها تهدف لبناء سيارات كهربية بقوة وإمكانيات وأمان السيارات العاملة بالبنزين والديزل. ويبدو حتى الآن أنها قادرة على فعل ما هو أفضل.
تنوعت السيارات، والعنوان تسلا
في البدء أطلقت تسلا سيارتها الرياضية Tesla Roadster بمحرك كهربي وتسارع صفر حتى 100 كليومتر/ساعة في أقل من 4 ثوان، وببطارية من أيونات الليثوم قادرة على مد السيارة بالطاقة لمسافة 400 كيلو مترٍ في الظروف القياسية للتشغيل. لكن، لم تنجح السيارة النجاح المتوقع وباعت 2400 نسخة فقط في 30 دولة. غيرت الشركة إستراتيجيتها بعد ذلك وبدأت العمل على تصميم نموذج جديد لسيارة سيدان فارهة، فظهر للوجود سيارتها الأشهر حتى الآن، Tesla Model S.
Model S هي بحق السيارة الكهربية الفارهة الأولى في العالم، وهي سيارة سيدان مخصصة للاستخدام العائلي، ومجهزة بأعلى معايير توفير الطاقة والأمان للركاب. تقول Tesla على موقعها أن S أعادت تعريف مفهوم سيارة الأسرة الفارهة. لن نتحدث هنا رفاهيتها لكن سنتحدث عن التقنية التي جعلت S تحطم العديد من الأرقام القياسية.
تستخدم S محركا كهربيا ثلاثي الأطوار رباعي الأقطاب، بقدره تتراوح بين 362 حتى 416 حصانًا، حسب الجيل المستخدم، وبدفع خلفي في الموديلات الأقدم للسيارة أيضا. مع إنتاج موديل أحدث في 2014، بمحركين -أمامي وخلفي- يوفران دفعًا رباعيًا وتحكمًا أفضل. وتصل السرعة القصوى للسيارة حتى 250 كيلومتر/ ساعة وبتسارع حتى 100 كليومتر/ساعة في 3 ثوانٍ فقط. وأعلنت تسلا أيضا عن موديل جديد تماما يسمى Model X، وهي سيارة كروس أوفر رباعية الدفع مخصصة أيضا للاستخدام العائلي.
وعلى الرغم من تعقد التقنيات التي تستخدمها Tesla في تطوير محركات سيارتها لتصبح أكثر قدرة مع الحفاظ على استهلاك الطاقة في حدوده الدنيا، إلا أن المعجزات التقنية الحقيقة للشركة تكمن في توفير مصدر الطاقة، البطاريات.
بطاريات Tesla
يكمن التحدي الأساسي أمام أي سيارة كهربية في توفير مصدر مستمر للطاقة يكفي للرحلات الطويلة، ويمكن تجديده بسرعة، كسرعة ملء خزان الوقود في أي سيارة تقليدية. ولا يمكن مواجهة تلك التحديات الطرق التقليدية. فكّر إيلون ماسك خارج الصندوق كعادته في حل المشاكل.
والحل كان عبر تصنيع بطاريات عملاقة السعة في أصغر حجم ممكن، مع تطوير المحركات وتصميم السيارات لتستهلك طاقة أقل، وأيضا توفير شبكة من محطات الشحن السريع على الطرق السريعة لتزود السيارات بالطاقة.
لم تتوقف تسلا منذ البداية عن تطوير بطاريتها من حيث السعة أو الوزن أو المكونات الكيميائية للبطارية، فقدرة بطاريات بسعة 60 و 70 و 85 و 90 كيلووات/ساعة قادرة على تزويد السيارة بالطاقة لمسافة تصل حتى 450 كيلومترا. تزن البطارية حوالي نصف طن وتتكون من أكثر من 7000 خلية من أيونات الليثيوم. وتضمن تسلا البطارية، والتي تتكلف حوالي ربع سعر السيارة، لفترة 8 سنوات. وعند مقارنة بطاريات تسلا بالوقود المعتاد، نجد أن تسلا تستهلك ما يعادل 2.6 لتر من الوقود لكل مئة كيلو متر، مما يعني أنها -بالمقارنة- موفرة للطاقة بشكل جيد. وتصنع تسلا البطاريات على هيئة ألواح يتم تركيبها أسفل كابينة السيارة، ويتم تحصينها لحمايتها. ومكانها هذا يضمن للسيارة مركز ثقل منخفض يجعل السيارة أكثر ثباتا عن السرعات العالية.
توفر تسلا العديد من طرق شحن السيارة، الأولى والأسهل هي عبر مقبس الكهرباء المعتاد في البيت، فقط صلها بالكهربا قبل النوم وستستيقظ لتجدها مشحونة. والطريقة الثانية مخصصة لمحبي الرحلات الطويلة، فقد قامت تسلا ببناء شبكة متكاملة من محطات الشحن السريعة المخصصة لسيارتها على شبكات الطرق السريعة في أمريكا وأوروبا وآسيا، خصوصا في الأسواق ذات المبيعات العالية. ويمكن لمحطة شحن سريعة أن تشحن نصف سعة البطارية في أقل من 20 دقيقة. كما وفرت الشركة أيضا إمكانية تبديل البطارية بالكامل في 90 ثانية في محطات مخصصة لذلك.
تسلا سيارة ذكية
في 2014، أعلنت تسلا عن تقدمها خطوة على طريق الوصول لحلم السيارات الذكية، وهو الطريق الذي تتسيده جوجل حتى الآن. فقامت تسلا بتحديث الموديل S بنظام تحكم ذاتي وأجهزة رصد باستخدام الكاميرات والموجات الفوق صوتية، وذلك لرصد علامات الطرق والعوائق والسيارات الأخرى على الطريق. مع تطوير برنامج السيارة ليستطيع القيام بمهام بسيطة بديلا عن السائق، كالحفاظ على المسار ثابتا على الطريق، أو تبديل الحارات، وحتى القيام بإيقاف السيارة في الجراج المخصص لها بدون تدخل السائق. وكل فترة تصدر تسلا تحديثا برمجيا لسيارتها يصل من خلال الإنترنت يزيد من كفاءة النظام الذكي، ويحسن من أداء المحرك والبطاريات أيضا.
الأكثر أمانًا ومتانة
في اختبارات الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة National Highway Traffic Safety Administration (NHTSA) لموديل S، قامت بإعطائها خمس نجوم كاملة في اختبارات الأمان. وخمس نجوم كاملة في كل تصنيف فرعي. ولفهم حجم الإنجاز يجب أن نعلم أن نسبة 1% من كل السيارات التي تم اختبارها حصل على هذا التقييم. وجاء هذا نتيجة لمجهود سنوات في التفكير وتطوير التصميم واجه فيها فريق الشركة الكثير من التحديات في طريقهم لتحقيق رؤيتهم المتكاملة. حصلت S على أعلى تقييم ممكن في الأمان الذي تحققه لراكبيها عند الاصطدام من أي جانب أو الأمام والخلف، وكذلك في الثبات وعدم قابليتها للانقلاب والدحرجة بسبب الحوادث.
شركة تسلا كمزودٍ للطاقة
بطارية تسلا المنزلية
لا تعمل تسلا كشركة سيارات أو شركة برمجيات فقط، بل كمقدم لحلول الطاقة النظيفة أيضا. فالشركة، والتي تستخدم العديد من شركات السيارات بطارياتها بالفعل، قامت بإنتاج بطارية عملاقة منزلية تسمى powerwall تستخدم لتخزين الطاقة الشمسية في المنازل لاستخدامها ليلًا، وذلك بهدف تقليل الحمل على الشبكة وتوفير الأموال والحفاظ على البيئة بالطبع. كما تخطط الشركة لبناء سيارة جديدة أرخص سعرا، ولهذا فهي تعمل مع شريكاتها باناسونك على بناء مصنع عملاق للبطاريات بصحراء نيفادا، والذي سيتمكن من إنتاج بطاريات تماثل إنتاج كل مصانع البطاريات الحالية في أنحاء الكوكب. وخط الإنتاج العملاق سيمكن الشركة من زيادة معدل الإنتاج وبالتالي تقليل التكاليف وتوفير سياراتها لشريحة أوسع من البشر.
براءات اختراع على الملأ
في 2014، أعلن إيلون ماسك في بيان صحفي أن تسلا سوف تشارك براءات الاختراع الخاصة بها وكل أفكارها بشأن تطوير السيارات والبطاريات وتقنيات الشحن مع أي شريك جدي وبدون مقابل، وهذا فقط في حالة ضمان أنه لن يستنسخ خطوط تصميم الشركة، ولن يسجل تلك الاختراعات باسمه ليحرم منها تسلا والبشرية بعد ذلك. والهدف من ذلك كما يقول ماسك هو دفع المزيد من الشركات للاستثمار في مجال سيارات المستقبل وخفض تكاليف التطوير والإنتاج.