علم طفلا علما: مهرجان سايكوب للعلوم
أول ما يجذب انتباه الأطفال منذ صغرهم هما القمر والنجوم كما فعلت بأسلافهم العلماء والفلاسفة من قبلهم؛ والذين تساءلوا هُم أيضًا عن ماهية تلك الأشياء المضيئة في السماء.
وإذا كنت ولي أمر أو أخًا لطفلٍ صغير؛ فإن أول سؤال تقريبًا في العلوم كان عن ماهية هذه الأشياء المضيئة، وببساطة كانت الإجابة: القمر والنجوم. لكن ما هو القمر وما هي النجوم بالنسبة لطفلٍ صغير؟ ليست الإجابة سهلة، وكان لا بدّ من تبسيطها لتصل لعقل ذلك الطفل.
ومن أجل تبسيط العلوم، ونشر ثقافة تعلمها؛ ظهر مهرجان سايكوب للعلوم في مصر لأول مرة في انطلاقته الأولى اليوم.
بداية الرحلة
خلف كل شيء في عالمنا؛ توجد قصة مثيرة يجب أن تُروى، وبما أننا نتحدث عن العلوم فإن هناك العديد من القصص المثيرة.
حديثنا اليوم عن الأطفال، وماذا يمكن أن يتوفر لهم لإعطائهم حياة سويّة وذات قيمة، وللوصول لإجابة صحيحة كان لا بدّ من تحليل المعطيات التي توضح العديد من المشاكل التي تواجههم، وكانت أبرز المشاكل المتعلقة بالطفل؛ هي مشكلة التعليم، وبالتحديد تعليم العلوم نظرًا لافتقار المدراس للتطبيق العملي، والاكتفاء بالتخيّل أو الحفظ دون فهم.
وبعد المزيد من البحث والتنقيب؛ ظهرت فكرة مثيرة وهي إقامة مهرجان علمي – ترفيهي كبير يستهدف الأطفال من سن الخامسة إلى الـ 15 عامًا.
لم يكن تنفيذ الفكرة سهلًا، وبعد عقد العديد من الاجتماعات، واختيار الفريق المُنظم، وتداول الأفكار، وكيف يمكن أن يقام المهرجان لإيصال رسالته؛ وما الاسم المناسب له؛ تم تنفيذ الفكرة، وأعلن الفريق الموعد النهائي للانطلاق الذي سيكون في صباح الـ 16 من أكتوبر الجاري ويستمر لمدة 3 أيام في الدلتا في مدينة طنطا، كمحطة أولى ينطلق بعدها المهرجان في مختلف مدن مصر.
وكان اختيار المدينة – طنطا – للخروج عن القاعدة المُتّبعة بأن كافة الأنشطة أو الفعاليات تتم في العاصمة القاهرة.
لماذا سايكوب – Scicope؟
سايكوب هي كلمة مُركبة من كلمتي « Science, cope»، وبرزت فكرته الأساسية من أجل التغلب على مشكلة توصيل وتعليم العلوم للأطفال، وللتغلب على 3 تحديات تواجهه المجتمع المصري ككل، وهم كالآتي:
- عدم اهتمام الطلاب بالمناهج العلمية
بعد البحث والتنقيب؛ أظهرت إحصائية أجريت عام 1970 بأن نسبة الطلاب الذين فضلوا دراسة العلوم في القسم العلمي للثانوية العامة بلغت 70% مقابل 30% درسوا في القسم الأدبي، لكن نسبة الطلاب بدأت تتأرجح حتى وصلت نسبة طلاب القسم العلمي إلى 31% مقابل 69% من طلاب القسم الأدبي بحلول العام 2008.
- غياب المنهج العلمي في التفكير
ما يميّز الإنسان هو العقل؛ وصحة العقل تأتي من تغذيته بالمعرفة، وتأتي المعرفة المرجوّة من خلال تعلم العلوم، وبالتالي تؤدي إلى اكتساب مهارات التفكير العلمي. لكن انعدام المعرفة المطلوبة أدى لغياب مفهوم التفكير العلمي في حل المشاكل، والذي تسبب في العديد من الكوارث المجتمعية أبرزها وجود مفهوم الابتكار والاختراعات بأبشع صورهما، وانتشارهم بطريقة خاطئة وسريعة وكأنهما يظهران بعصا سحرية.
- غياب الثقافة العلمية
استطرادًا للنقطة السابقة؛ أبرز التحديات التي تواجه المجتمع هي غياب الثقافة العلمية، والتعويض عنها بثقافات من نوع آخر تُنسب للعلوم ظلمًا وعدوانًا.
وفي هذه النقطة؛ يجب ذكر إحصائية تُفيد بأنه وفقًا لاختبار «TIMSS» الذي يقيس مهارات الطلاب في «المعرفة، والتطبيق، والتفكير» في مجالات العلوم والرياضيات، فإن متوسط درجات الطلاب المصريين في هذا الاختبار بلغت 400 درجة، في حين أن متوسط درجات ذلك الاختبار تبلغ 500، والذي ينبئ بغياب واضح في الثقافة العلمية.
هذه التحديات الثلاثة التي كانت سببًا رئيسيًا لظهور سايكوب كأول مهرجان علمي – ترفيهي في مصر.
أجندة المهرجان
بما أن الحديث السابق تناول الفكرة، كان لا بد من الحديث عن التطبيق الذي خُطط له منذ نحو 6 أشهر.
يُنظم المهرجان بالشراكة مع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ومركز تنمية بحوث إقليم الدلتا في طنطا الذي استضاف مكان عقد المهرجان، وشركة أدبية تُدعى فصلة.
كما يشارك في تنظيم المهرجان العديد من الشركاء الأكاديميين البارزين مثل الجامعة الأمريكية في القاهرة، ومركز القبة السماوية التابع لمكتبة الإسكندرية، ونهضة مصر للصحافة والإعلام، ومجلة ناشونال جيوغرافيك للشباب، بالإضافة لمؤسسات قطاع خاص، ومبادرات شبابية متخصصة في التعليم وتبسيط العلوم، ومؤسسات مجتمعية، وشركات متنوعة، وشركاء إعلاميين متعددين من مواقع أو وسائل إعلام.
أما عن الفعاليات والأنشطة فالقصة تطول نوعًا ما، حيث تناول المحتوى المعروض في المهرجان العديد من المجالات العلمية البارزة مثل الكيمياء، الفيزياء، الفلك، التقنية، علوم البحار وغيرها من المجالات، وصُمم بحيث يتناسب مع عقليات الأطفال من سن 5 – 15 عامًا، وتنوعت بين فعاليات مرئية، وأنشطة تفاعلية كالآتي:
- المعارض العلمية: والتي تعتبر أكثر ما يعبر عن مفهوم التطبيق العملي للعلوم، حيث يشارك في تلك المعارض فرق علمية تقوم بعرض ابتكاراتها العلمية، وشرحها للأطفال والإجابة على تساؤلاتهم من خلال التطبيق العملي.
- العروض العلمية: وتعتبر العامل الفعّال لإيصال فكرة المهرجان العلمية – الترفيهية؛ حيث يتم المزج بين العلوم والترفيه والتطبيق أيضًا من خلال تجارب حية وحقيقة، ويمكن أن يشارك فيها الأطفال.
- ورش العمل: وهي الوسيلة القريبة للأطفال حيث تعتبر وسيلة تفاعلية تشارك فيها كافة حواس الطفل من خلال صنع نماذج أو تعليمه كيفية صنع نماذج لابتكارات علمية صحيحة.
- المتحف العلمي: والذي يُعد هو المفاجأة الأولى التي قام بها الفريق بإتمامها. في متحف سايكوب للعلوم يتم عرض الحياة القديمة على الأرض من خلال مجسمات لديناصورات ومخلوقات عاشت منذ فترة سحيقة على الأرض.
بجانب هذه الأنشطة هناك العديد من المفاجآت التي تنتظر الأطفال على مسرح سايكوب.
الآمال المُحملة على سايكوب
ما يأمله الفريق بشكل عام هو متعة الأطفال من خلال التعلم، وتعليمهم بعض العلوم التي سترسخ في عقولهم نتيجة لاستقبالهم كم كبير من المعلومات العلمية المختلفة والمبهرة من خلال الأنشطة العلمية المتنوعة المذكورة.
ما يأمله الفريق أيضًا هو تنبيه أولياء الأمور لضرورة تعليم العلوم للأطفال إن أرادوا أطفالًا ناجحين، سائرين في حياتهم بشكلٍ صحيح مُستقبلًا، والتنبيه أكثر على أن هناك مستلزمات أخرى للأطفال يجب أن تأخذ في عين الاعتبار أبرزها هو التعليم الصحيح، وتعلم العلوم.
أخيرًا، مهرجان سايكوب للعلوم لن يكون مقتصرًا على منطقة الدلتا فحسب، بل سيذهب الفريق به إلى مناطق القاهرة والصعيد؛ حيث سيكون نوعًا مختلفًا من المهرجانات العلمية التي يمكن أن تقام في مصر.