الحركات الإسلامية على مفترق طرق
لقد قضت الحركة الإسلامية في إيران ما يقرُب من 15 عامًا (1963-1978) تُربّي الحشود من خلال عمل مُنظّم في بناء الوعي والتصوّرات بالمحاضرات والندوات ونشر الكتب وتدارُسها مع شرائط وخطب القيادات الثوريّة من العلماء والمفكّرين. فكانت "حسينيّة إرشاد" في طهران، التي حاضر فيها أمثال شريعتي ومطهري؛ هي القيادة التربوية والسياسيّة ومركز توجيه الحشود التي بُذل الجهد الجهيد في تثقيفها وتوجيهها برغم حصار مخابرات الشاه. حتى إذا خرجت الجماهير إلى الشوارع؛ كانت طليعتها مُعدَّة إعدادًا نفسيًا ومعرفيًا وتربويًا بالدرجة التي تؤهلها للتصدّي لمسئوليّة قيادة الجماهير، وتحمُّل تبعتها. ويقيني أنه لو أنفق الجيل المتصّدر، والذي نُكبت به الحركات الإسلاميّة في العالم العربي؛ بعضًا من الوقت الذي أهدره في تُرَّهاته السياسيّة طوال أربعة عقود، لو أنفق بعضًا من أعوام التيه في جهدٍ حقيقي مشابه للجهد الذي تكبَّده الإيرانيون في بناء وعي جيل الثورة، لكان حالنا غير الحال. وإذا كان التاريخ لا يعود القهقري أبدا؛ فرُبّما كانت الفرصة سانحة اﻵن لجيل جديد لتسلُّم قياد الحركة الإسلاميّة، وإعادة توجيه دفّتها في مفترق الطرق.