9 ملاحظات على هامش اغتيال النائب العام
نبدأ من البداية. والبداية هي الإقرار بأن حملة "إدانة الفهم" نجحت نجاحًا منقطع النظير. فأغلب المعادين لـ"الإرهاب" من عيال الدولة، ومحبي الانقلاب، بل ومِن بَين مَن يُطلق عليهم الثوريون، يدينون أي محاولة لتفسير ما جرى باعتبارها تبريرًا للجرم وتبرئةً للمجرمين. التفزيع من التفسير مصدره الحاجة الملحة إلى تفريغ ما يُسمى بـ"الإرهاب" من مضمونه الاجتماعي، ونزعه عن سياقه، وحجب أسبابه ومآلاته – باختصار إخراجه من التاريخ الحي للبشر وتحويله إلى حدث معجز لا سبب له أو نسب. فـ"الحرب على الإرهاب" تَطرح نفسها كحرب مقدسة ضد شر مطلق. وهي تتطلب كشرط لشرعيتها تصوير "الإرهاب" كجنون لاعقلاني، كنزق شرير لا تفسير له، مقطوع الصلة بما قبله وما بعده وما حوله، يهددنا وجوديًا، ومن ثمّ تفترض الحرب ضده وحدتـ"نا" المبرّأة من كل نقد، "فإن شققت الصف، حتى بسؤال، ستكون خائنًا لا مكان له بيننا".