10 أعراض لحديثي الولادة تقلق منها الأمهات بلا داعٍ
الأمهات ماكينات ألمانية في صناعة القلق. حقيقة تدركها أي أم جديدة ويلمسها كل من حولها. فإذا رأت الأم إحدى شعيرات رأس طفلها بلون أفتح من أخواتها، ظنت أن الشيب قد خطّ طريقه إلى رضيعها وأن سنواته الحُلوة قد ولّت. وإذا وجدت بقعًا حمراء في فخذيه، فأول ما سيقفز إلى ذهنها هو مجموعة الأمراض المتوطنة في الجنوب الأفريقي التي قرأت عنها في أعداد «سافاري» لأحمد خالد توفيق، وستجاهد حتى تقنعها أن تلك البقعة الحمراء ليست سوى أثر «كابسونة السالوبيت»!
المشكلة أن المشتغلين بالتوعية الصحية والتثقيف العام ينصب أكثر تركيزهم على لفت نظر الأمهات لمواطن الخطر، وهو جانب هام قطعًا يدرك أهميته كل طبيب، فالأم الواعية الفاهمة لعلامات الخطر الحقّة في صحة طفلها، هي أول منقذ له. لكنني أرى أننا نتواني قليلًا بطبيعة الحال، عن لفت نظر الأمهات لما هو طبيعي وقد يمر مرور الكرام ولا يحرك شعرة من رأسها، الأمر الذي من شأنه أن يوفر عليها سهر ليلة أو ليلتين، ورحلة زيارة للطبيب، أحيانًا وقت الانتظار حول بعض الأطفال المرضى والتعرض لما لا داعي له.
هنا أشهر ما تقلق منه الأمهات وهو مما لا يستدعي القلق إطلاقًا.
1. البقعة المنغولية Mongolian spot
بقعة مسطحة غير بارزة عن سطح الجلد، لونها يتراوح بين الأخضر والأزرق وقد تراها رمادية قليلاً، تظهر منذ اليوم الأول وقد تظنين أنها كدمة، لكنها ليست مؤلمة. لا تستدعي أي تدخل من أي نوع، ولا تعني أي شيء سوى أنها بعض صبغات الجلد التي ضلت طريقها ووجدت نفسها في مكان غير متوقع. ستخبو تدريجيًا حتى تختفي مع عمر المدرسة تقريبًا.
2. قشرة شعر الرأس Cradle Cap
طبقة خشنة غير محببة المظهر على رأس طفلك، في الأغلب غير مؤلمة ولا تستدعي الحكة، وعادة ما تزول وحدها لكنها قد تأخذ بعض الوقت. يمكن التغلب عليها بالقليل من زيت الزيتون الدافئ وتمشيطه بالفرشاة الناعمة الخاصة بالرضع، واتركيه قرابة الربع ساعة ثم اغسليه بمستحضر الاستحمام الخاص بشعر الأطفال ويفضل دومًا أن يكون من منتجات طبيعية. لا يفضل أن تنتزعيها باستعجال حتى لا تسبب خدشها في إصابة الجلد الرقيق أسفلها والتهابه، وهي عادة ما تزول قبل موعد حفل تخرجه أو خطابه الانتخابي القادم، فلا تقلقي!
3. القشط Regurgitation
تعتقد الأمهات أن المقبول خروجه من جوف الطفل فقط هو بقعة صغيرة من اللبن المتجبن، ولكن سواء تجبن أم لا وصغرت البقعة أم كبرت، فارتجاع المريء وما ينتج عنه من خروج بعض اللبن بعد الرضاعة هو ظاهرة تكاد تكون طبيعية في الشهور الست الأولى من عمر طفلك، بعد ذلك تقوى عضلات المريء تدريجيًا لتتمكن من إحكام قبضتها على ما في المعدة من محتويات ولا تخرج منها. الحد الفاصل هنا هو الاعتدال في الكمية وعدد المرات، فالقشط المبالغ فيه بكميات كثيرة ومرات عديدة على مدار اليوم قد يسترعي بعض الاهتمام الطبي ومراجعة طبيب طفلك، كذلك عند ملاحظة أي أعراض مصاحبة مثل الإسهال أو ارتفاع درجة الحرارة.
والأمر يختلف كثيرًا عن التقيؤ، الذي يكون عنيفًا وبقوة اندفاع شديدة من الفم ويصاحبه مظاهر الغثيان والألم لدى الطفل، وهذا وحده يكفي لمراجعة طبيب، ناهيك عن ظهور هذا المشهد بعد سقوط طفلك من ارتفاع أو ارتطام رأسه بشيء صلب، فعندها نهرع بالطفل إلى الاستقبال والطوارئ في أقرب مشفى.
4. تغيرات لون البراز
يبدأ طفلك أول أيامه بمفاجآت غير سارة تجدينها يوميًا في حفاضه، ذلك اللون الأسود الذي سينخلع قلبك فور رؤيته إن لم يخبرك أحد أنه طبيعي تمامًا في أول يومين أو ثلاثة من عمر طفلك. ثم يتحول إلى اللون الأصفر بملمس حبيبي أو ما يشبه المعجون، صدمة أخرى تتلقاها الأمهات لما يستقر في أذهاننا جميعًا أن البراز بني وصلب، وكونه أصفر وسائل يعني مرضًا بالتأكيد! سأبشرك أن هذا هو لون وقوام البراز الطبيعي لطفلك في الشهور الست الأولى من عمره طالما يرضع رضاعة طبيعية مطلقة كما هو متوقع. فقط تقلقين لو صاحب البراز بقع دم أو قوامًا مخاطيًا شديد اللزوجة أو التهابات مستمرة حول فتحة الشرج مباشرة أو أي آلام أثناء الإخراج.
5. المغص
من الصعب أن نتفق أن الألم شيء طبيعي، ولكن للأسف القليل منه يعتبر كذلك في الأطفال، في الشهور الثلاثة الأولى وبمعدل قد يصل إلى ثلاث ساعات يوميًا توقعي أن يمر طفلك ببعض آلام البطن المزعجة، وقد تتركز أكثر في النصف الثاني من اليوم فيما بعد العصر وإلى ما قبل الفجر. بعض التدليك والهدهدة وأحيانًا القماط وأحيانًا أخرى الحمام الدافئ، كلها أشياء من شأنها أن تهوّن من إحساس الألم وتخرج ما قد يجول في قولونه الصغير من فقاعات غازية مؤلمة.
6. العطس
القليل منه لا يضر، طالما لم يصحبه إخوته الأشرار؛ مثل: السعال والرشح وارتفاع درجة الحرارة. طالما أنه يتنفس جيدًا، لا يتغير لونه إلى الأزرق، ويرضع بشكل جيد فلا داعي للقلق. قد يساعدك قليلاً تنظيف الأنف بمحلول ملحي خاصة لو لاحظتي بعض الحشرجة الطفيفة أثناء تنفسه.
7. الزغطة / الفواق/ الحازوقة Hiccup
تقول أمهاتنا إنها زيادة في سعة البطن، الحقيقة أن العلم لا يثبت ولا ينفي الأمر فلن أجادل أمهاتنا بالطبع، لكن الحازوقة باختصار هي بعض الهواء المتسلل للمعدة أثناء الرضاعة أو نوبات الكحة الشديدة. بعض الهواء قد يكون مزعجًا لكنه في المعدة غير مضر، تجنبي محاولات إفزاعه لأنها ستجعله يبكي لا أكثر وربما يبلع مزيدًا من الهواء، ولا داعي للدق العنيف على ظهره بأي حال من الأحوال، فقط اربتي على ظهره أو دلكيه قليلًا أثناء حمله في طريقة رأسية كأنما تساعدينه على التجشؤ. وإن لم تفعلي فلا بأس، فهي ستمر وحدها بعد دقائق قليلة.
8. الحَوَل
بعض الانحراف في زاوية العين لا يستدعي منك القلق طالما أن طفلك لم يتخط شهره الثالث. ما بين الشهر الثالث والشهر السادس توقعي أن تلحظي بعض التحسن التدريجي حتى تختفي تمامًا مع الشهر السادس – أو قبله. لو استمر الانحراف فيما بعد الشهر السادس فينصح بمراجعة طبيب عيون أطفال، وهو نفس التوقيت الذي يوصى عنده بإجراء فحص روتيني للعينين سواء لاحظنا بهما شيئًا أم لا.
9. طفرات النمو Growth Spurts or Cluster feeding
عندما يطلب طفلك الرضاعة لفترات أطول من المعتاد، كل ما سيقفز في ذهنك أن لبنك لم يعد كافيًا. لكن لو دققتي قليلاً ونزعتي قابس ماكينة القلق، سيمكنك أن تلحظي بوضوح أن طفلك يرضع ويشبع ويأخذ وقته المعتاد في رضعته ويبدي ارتياحًا أثناء رضاعته مما يعني أن اللبن موجود، ولكنه سرعان ما يعاود الطلب، أي أنه يشبع ولكنه يجوع سريعًا. وهذه علامة لا تقلقي، بل على العكس يمكنك اعتبارها علامة طيبة أن طفلك ينمو بشكل مناسب، بل ويمر بما نسميه طفرة نمو. وطفرة النمو مشهد متكرر في عمر الأطفال، ولكنها أكثر ما تلاحظ في الأسابيع الأولى بسبب انصباب تركيز الأم على تغذية طفلها وارتباطها الشرطي بوجودها معه، ولكنها تحدث في عمر المراهقة مثلاً باعتبارها طفرة نمو أيضًا.
توقعي حدوث طفرات نمو في الأسبوع الأول والأسبوع الثالث والأسبوع السادس والشهر الثالث والرابع والسادس والتاسع. توقعي أن تستمر يومًا أو اثنين أو ثلاثة، استرخي خلالها ولا تقلقي، وليكن لك كتاب تقرأينه أثناء الرضعات المتكررة، أو الأفضل من ذلك أن تبحثي عن البهجة والمتعة في صحبة طفلك وتحتضني الأيام التي لن تعود.
10. سيلان اللعاب Drooling
القليل منه لا يضر. توقعي زيادته في فترات ظهور الأسنان وما قبلها.
رغم استهلالي المقال بالتأكيد على ضرورة طمأنة الأمهات وباستهجان ماكينات القلق ألمانية الصنع، إلا أن تلك الماكينات تعمل جيدًا في يد الطبيب، الذي يمكنّه علمه من تحجيم القلق وتوظيفه بالشكل الأمثل. فاتركي القلق لطبيبك لأنه يعرف جيدًا متى يقلق، واستمتعي أنت بأمومتك.