«مشروع نجم»: الوجوه الجديدة في دراما رمضان
التسلية صناعة، ربما لا نؤمن بذلك تماماً في هذه البقعة التعيسة من كوكب الأرض، لدينا مشاكلنا وصراعاتنا التي لا تتركنا نتفهم الفن، ليس لدينا الوقت لنقدره حق قدره، ولا حتى لدينا الرفاهية النفسية التي تجعلنا ننهض بصناعته، ولكن حتى ولو لم نفعل فإن الفن وما يقدمه من تسلية هو صناعة قوية تسهم في اقتصاديات الدول.
بالحديث عن صناعة التسلية يمكننا أن نستنتج أن هناك صنايعية، ولأن كل الصناعات تتقدم وتحتاج الكوادر الشابة كي تنمو، فإنه يمكننا أن نعول على الجيل الجديد الذي يجيد الحرفة ويعرف كيف يستغل كل التجديد الذي بإمكانه أن يطور صناعته، في هذا التقرير نستعرض بعض وجوه الصنايعية الجدد، الذين بإمكانهم – رغم كل شيء – أن يقدموا فناً محترفاً.
سهر الصايغ
فتاة سمراء، ذات شعر أسود طويل، وقوام عادي، وقصيرة نسبيًا، وتحمل ملامح عادية جداً، ربما لهذا بالتحديد كانت تصلح دائماً لكل الأدوار، بالملابس الغالية، والإكسسوارات، ولمسات الكوافير والكعب العالي تصبح ابنة ذوات، وبجلابية، وإيشارب، وشبشب، وموبايل رخيص، تصبح فتاة شعبية، وبإمكانياتها فقط تصبح فتاة ملبوسة.
«سهر الصايغ»، فنانة شابة موهوبة فعلاً، بملامحها المصرية جداً وبأدائها الحقيقي كانت تستطيع دائماً أن تحظى باهتمام الكاميرا عندما تقف أمامها، في هذا العام بالتحديد أثبتت وبجدارة أنها تمتلك موهبة حقيقية، وأنها ملبوسة فعلاً بعفريت التمثيل عندما قامت بأداء دور «هند» الملبوسة في مسلسل «كفر دلهاب»، لن نتحدث هنا عن جودة المسلسل ونحت المشاهد المرعبة من أفلام أجنبية، سوف نتحدث فقط عن نظرة عينيها وابتسامتها الشريرة وشعرها الذي يخيل لك أحياناً أنها تأمره فيتحرك كما تريد كي تكمل أداءها لمشاهدها المرعبة في المسلسل.
يمكنك كي تتأكد من أنها صنايعية شاطرة فعلاً أن تشاهدها بالتوازي في مسلسل «رمضان كريم» وهي تلعب دور «صباح» الفتاة الشعبية، نفس الشعر ونفس الملامح وأداء مختلف تماماً، «سهر الصايغ» وجه ليس جديداً جداً ولكنها أثبتت هذا العام أن بإمكانها دوماً أن تقدم شيئاً جديداً، وأن صنايعي التمثيل الجيد لا يعتمد فقط على الماكياج والمؤثرات ليقدم دوراً مختلفاً ومميزاً ولكنها قدرات شخصية تعتمد على مدى حرفته وإتقان صنعته.
مليكة وتقى
أسماء أبو اليزيد (يمين) – ركين سعد
كان لابد لمن تلعب دور «مليكة» في مسلسل «واحة الغروب» أن تكون وجهاً جديداً، خاصة لمن قرأ الرواية ويعرف الشخصية جيداً، وكانت مفاجأة سارة جداً لمن لم يقرأ الرواية ولا يعرف «مليكة»، فهي إلى هذه اللحظة ومنذ ظهورها الأول في المسلسل، كانت «ركين سعد» اختياراً موفقاً للغاية.
كل هذه الشقاوة التي كانت تقفز من عينيها دون أن تتفوه بكلمة واحدة، ثم البراءة الشديدة وهي تحدث خالها «الشيخ يحيى»، جملة «عندك دوا تاني ليا آخالي» التي تقذفها في قلب خالها، وفي قلوب المشاهدين جميعاً عندما تقولها، حتى كلمة «آخالي» لا تشعر فيها بافتعال بس تشعر بأنها فتاة رقيقة بسيطة جداً وسذاجتها محببة للغاية، لا يوجد ممثلة مصرية على الساحة الآن تمتلك كل هذا القدر من الموهبة التي تجعل هذه الفاتنة تتلفع بملابس تغطي جسدها بالكامل وتهرول في الطرقات حتى لتراها ولا تعرف أنها «مليكة» تلك التي تمشي بهذا النزق الطفولي الأخرق،
كان يجب لها أن تكون جديدة ولامعة، على الأقل على الشاشة المصرية، حيث إن «ركين سعد» عملت في الكثير من الأعمال الدرامية من قبل في بلدها «الأردن»، تلك الفتاة تحب التمثيل، وتجيد صناعته وتحترف أداءه، لن ينسى أحد المشاهدين «مليكة»، ليس لجمالها الاستثنائي، ولكن لأنها فعلاً أجادت الدور وبرعت في تمثيله.
وجه جديد آخر يختلف في كل شيء عن مليكة، فتاة مصرية عادية ساذجة مضحوك عليها، هادئة ومستسلمة، هي «تقى» التي تلعب دورها الوجه الجديد «أسماء أبو اليزيد» في مسلسل «هذا المساء»، ورغم أن الدور لا يتطلب قدرات خارقة لتأديته، إلا أن تلك الفتاة أجادت كل مشاهدها، يكفي اتساع عينيها ببراءة عندما تريد أن تقنع أحدهم بما تراه، وجمالها الأسمر الغريب الذي يدخل القلوب مباشرة كان له وقع السحر، خاصة في مسلسل هادئ فعلاً وقريب من القلب، كانت «تقى» اختياراً جيداً جداً.
للرجال أيضاً نصيب
يقولون إن المخرج الجيد هو من يرى في الممثل شيئًا لم يره الممثل في نفسه، غالباً لم يحدث هذا مع المخرج «سامح عبد العزيز» في مسلسل «رمضان كريم»، الأغلب أنه اختار «كريم عفيفي» ليجسد شخصية «جمال» في المسلسل اعتماداً على أعماله القليلة السابقة التي كان يخرج فيها للمشهد ليلقي إفيهاً أو اثنين ليضحك الجمهور ثم يخرج من الكادر دون أن يلاحظه أحد، خاصة أنه أحد أعضاء فريق «مسرح مصر» والذي يلقى الكثير من الانتقادات ليس هذا مجال ذكرها ومناقشتها.
في هذا العام فاجأ «كريم عفيفي» الجميع بأدائه لشخصية «جمال»، سائق التاكسي الشعبي الذي «يطجن» في الكلام والذي يمشي مصدراً كرشه الكبير للعالم، السماجة والسطحية متجسدتان في شخص يمشي على قدمين، الجميل في الأمر أن «عفيفي» أجاد تقمص الدور للغاية، للدرجة التي يضحكك فيها من فرط رخامته، لا يلقي إفيهات سخيفة بل يمثل مشاهده ويتقمص دور الشاب السخيف ببراعة يحسد عليها بلا جدال.
لم يلعب عفيفي الكوميديا السهلة هذه المرة، وهذا بالطبع يحسب للمخرج «سامح عبد العزيز»، فهو قد وجد – أخيراً – الزر الذي يمكنه أن يضغط عليه فينطلق الممثل الحقيقي من داخل «كريم عفيفي» بدلاً من هذا الذي كان يفضل الاستسهال في الأداء، وربما يسهم المسلسل هذا العام في نقله للمكانة التي فاجأ الجميع أنه يستحقها.
على النقيض كان «محمود حجازي» الذي لفت نظر الجمهور منذ بداياته الصغيرة على الشاشة بأدائه المتميز الذي سينقله حتماً لمصاف النجوم قريباً، في هذا العام يشارك حجازي في ثلاثة أعمال هي «الجماعة 2»، و«كفر دلهاب»، و«كلبش»، بعد أن قام بأداء دور صغير في مسلسل تم عرضه قبل رمضان ولم يتفوه فيه «حجازي» سوى بكلمات معدودة هو مسلسل «اختيار إجباري».
ورغم ذلك لفت نظر متابعي المسلسل وكانوا يتابعون الحلقات لمعرفة من هو «لؤي» وما دوره في الأحداث ولماذا هو صامت دوماً، هذا بعد أن لفت نظر الجميع في العام الفائت عندما قام بأداء دور «غريب» في مسلسل «ونوس»، واقترن وجهه بجملة «حد يصدق ونوس يا غبي».
ذكاء «محمود حجازي» تجلى في أدائه لشخصية «طلبة» في «كفر دلهاب»، صديق البطل الخفيف الذي يجيد افتعال المشاكل ويجيد الهروب منها، حلنجي، خفيف الظل، يخفف من وطأة الأحداث المرعبة للمسلسل، ودور مختلف تماماً عن الأدوار العادية، حتى وإن كانت أصعب من دوره في «كفر دلهاب»، يحسب له أنه يجيد أداء دور الشاب الطائش الساذج بنفس براعته في تجسيد دور الشرير ودور المغلوب على أمره من قبل.