من الصعب حصر الإنجازات العلمية التي حصلت خلال السنة الماضية 2016 في كلمات معدودة، لكن علينا المحاولة. كانت هذه السنة مليئةً بالأحداث الفلكية الرائعة، من اكتشافات وانطلاقات جديدة، فقد أكدنا مساعي الرحلة إلى الكوكب الأحمر، ومن قبل أكثر من جهة واحدة، كما وصلت مركبات برنامج New Frontiers الثلاث إلى وجهاتها، واستطعنا أن نرى بلوتو بعينٍ جديدة، وشهدنا تقدم الصين نحو محطتها الخاصة في 2020.


شبح الكوكب التاسع المخيف

في يناير/ كانون الثاني، أُعلن مجددًا، عن احتمال وجود الكوكب التاسع في مجرتنا الشمسية -ليس بلوتو، فقد عمل نيل ديجرياس تايسون قدر المستطاع لإزالته من لائحة الكواكب-، فقد أعلن الباحثان مايك براون وكونستانتين باتيجين من معهد كاليفورنيا للتقنية عن اكتشافهما لوجود الكوكب عن طريق النمذجة الرياضية والمحاكاة الحاسوبية، وليس عن طريق «ملاحظته» بشكل مباشر. وقد يلعب هذا الكوكب دورًا هامًا في نهاية المجموعة الشمسية عند تحول شمسنا إلى قزم أحمر، بل ويهدد بذلك الكواكب الخارجية بشكلٍ كبير.

وما زال البحث حتى الآن مستمرًا عن الكوكب التاسع، في خفايا مجموعتنا الشمسية، بعيدًا خلف بلوتو.


أكبر نظام شمسي على الإطلاق

وفي الشهر ذاته اكتشفنا أكبر نظام شمسي على الإطلاق، ذلك حتى الآن طبعًا، فالكوكب يدور حول نجمه (وهو قزم أحمر صغير) على بعد يقدر بـ 69 ألف وحدة فلكية؛ أي 69 ألف ضعف المسافة بين الشمس والأرض!، تخيل ذلك!

كوكب نظام شمسي
انطباع فني عن الكوكب الوحيد

روزيتا وفيلي و67P

وقد استطعنا أخيرًا العثور على جليد الماء على مذنب 67P، والشكر للمحارب فيلي الذي صمد لمدة طويلةٍ وعانى على متن روزيتا وعلى متن المذنب لجلب هذه المعلومات وإرسالها للكوكب الأم. ماذا يعني ذلك؟، يعني بداية الطريق في فهم أعمق للمذنبات التي تمثل الآلات الزمنية، فهي تحوي مركبات كانت موجودة عند ولادة مجموعتنا الشمسية منذ مليارات السنين.

للأسف أيضًا، انتهت المهمة روزيتا في ذلك الشهر أيضًا، وودعنا فيلي عندما لفظ آخر أنفاسه على سطح المذنب الذي لاحقه حوالي عقدًا من الزمن!.


موجات في نسيج الزمكان

ثم جاء فبراير/ شباط، لنكتشف أن آينشتاين محق فعلًا، مرةً أخرى!. وجاء الكشف عن موجات الجاذبية أو الثقالة، كما يحب البعض أن يسميها، مفاجأة كبرى للبعض، وما زلنا في طور فهم هذه الموجات التي أتاح لنا LIGO سماعها أخيرًا!، لنسمع صوت اندماج ثقبين أسودين، والارتداد الذي يحدث في نسيج الزمكان عن ذلك. وتكررت هذه الحادثة خلال العام أيضًا لنلاحظ الموجات مرةً أخرى.


المريخ: الحلم في استصلاح الأخ القريب

وبدأت الكلمات في هذا الشهر تنطلق عن خطة ماسك، الذي قرر إرسال البشر إلى المريخ، لماذا؟، لإنقاذنا من موتنا المحتوم؟، لجعل البشر جنسًا عابرًا للكواكب؟، ربما. لكن لم يعلن ماسك عن خطته الكاملة إلا مؤخرًا في سبتمبر حيث عرض خطته بشكلٍ مفصل، متأملًا الحصول على شركاء كبار، مثل ناسا، في دعمه للوصول إلى حلمه الأحمر.

باختصار، ما أراده ماسك من حديثه يُختصر في النقاط التالية:

  • جعل تكلفة السفر للمريخ معقولة، بحيث يستطيع الإنسان العادي التفكير بالذهاب إلى هناك، وربما الاستقرار هناك أيضًا.
  • تطوير الصورايخ القابلة لإعادة الاستخدام، لا للوصول إلى المريخ فحسب، بل لجعله محطةً للسفر نحو المناطق الأبعد في نظامنا الشمسي، وربما خارج مجموعتنا يومًا ما (عند تمرسنا في استخدام المادة المضادة).
  • موعد السفر قريب جدًا، جهزوا حقائبكم وانتظروا الموعد في 2024.
  • لا يجب أن يبقى هذا العمل مقيدًا بشخصٍ أو بشركة، بل هو عمل عالمي ولا بد للعالم أجمعه أن يتعاون سويةً لضمان مستقبل البشرية على الكوكب الأحمر.

وأعلن عن استمرار خططه في بالبدء بإرسال التنين 2 إلى المريخ بشكلٍ منتظم، وذلك في إطار الخطة الكبيرة، لبناء حضارةٍ بشرية على سطح المريخ.


المهمة: سنة كاملة في الفضاء

http://gty.im/513262922

بالعودة إلى ناسا، فقد أنجز سكوت كيلي، رائد الفضاء الأكثر شهرةً مؤخرًا ربما، مهمة السنة الكاملة مع زميله الروسي ميخائيل وكورنينكو؛ فقد قضى 340 يومًا، ما يقارب 11 ألف شروق وغروب للشمس، 144 ميلًا، ليحقق رقمًا قياسيًا له ولناسا.

امتدت الدراسات في هذه السنة على الصحة النفسية والجسدية للبشر في الفضاء، وكيفية تحمل جسمنا لقضاء وقت طويل بشكلٍ مستمرٍ خارج غلافنا الجوي وجاذبيتنا المحببة، وما زالت الدراسات تصدر بشكلٍ مستمر عن المعلومات التي تم جمعها خلال تلك البعثة، وهذا متوقع؛ سنة كاملة من المعطيات!.


لبلوتو قلب كبير

global-mosaic-of-pluto-in-true-color
global-mosaic-of-pluto-in-true-color

آه، ذكرنا بلوتو قبل قليل، أليس كذلك؟، أخيرًا وصلت نيوهورايزون إليه!، واكتشفنا عالمًا جديدًا على سطحه، من وديان وسطح نشيط جيولوجيًا، إلى القلب الكبير المميز له، وجوّه البارد جدًا، كما وجد العلماء أن أقمار بلوتو تعكس ما نسبته 50-80% من الضوء الساقط عليها؛ مما يعزز من النظرية التي تقول إن بلوتو لم يجذبها من حزام كايبر، لكنها نشأت منذ البداية نتيجة لتجمع بقايا من الاصطدام العملاق الذي تسبب في نشأة شارون.


عيننا في السماء: كبلر

عوالم جديدة

وبالطبع بعد الإعلان عن كبلر 4522 ب، لم تتوقف المهمة، بل على العكس فقد أعلنت ناسا عن اكتشاف 3200 كوكب خارجي جديد، 1284 منها كواكب خارجية مؤكدة بنسبة موثوقية تصل إلى 99%، و1327 كوكبًا آخر تقع في خانةٍ تجعلها أكثر احتمالاً لكونها كوكبًا خارجيًّا لكن لا تحقق المعايير اللازمة للوصول إلى نسبة موثوقية الكواكب الخارجية المؤكدة، أما الـ707 الأخيرة فاحتمال كونها كواكب خارجية ضعيف جدًا.

وفي نفس الحدث تم الإعلان عن وجود أكثر من 550 كوكبًا صخريًا تُقارب حجم كوكبنا، ولكن تسعةً منها فقط تدور حولها نجومها في المنطقة المعروفة بـ Goldilocks Zone؛ أي المنطقة التي تكون فيها الكواكب على بعدٍ مناسبٍ من النجم الأم لها، ليست شديدة الحرارة وليست شديدة البرودة، تحتمل إمكانية وجود الماء السائل على سطحها، وقادرة على إيواء الحياة. بهذه الإضافة يصبح العدد الكلي لكواكب نادي Goldilocks الخاص 21 كوكبًا، وهو نادٍ حصريّ نوعًا ما حتى الآن!.

وكل ذلك للإجابة عن السؤال الوجودي الذي يحرك الكثير من الفلكيين: «هل نحن وحدنا في هذا الكون الفسيح؟».


حتى عطارد يتحرك

وفي 2016،اكتشفنا أن عطارد، مثل الأرض، يتمتع بالحركة التكتونية للصفائح المشكلة لقشرة الكوكب. ولكن رغم هذا الفرح العابر، فنحن نعلم أن عطارد لا يؤمّن جوًا ملائمًا لتشكل الحياة على سطحه مقارنةً بغيره من الكواكب، ونظرًا لقربه الشديد من الشمس.


جونو تسترق النظر على جوبيتر من جديد

وفي يونيو/ حزيران، كانت جونو في طريقها إلى محبوبها الأزلي، كوكب المشتري. لكن ما هي جونو؟.

جونو هي مركبة فضائية بقطر 3.5 مترًا وبارتفاع 3.5 مترًا أيضًا، وهي المركبة الفضائيّة الأولى التي تعمل بواسطة الطاقة الشمسيّة؛ ولذلك فهي مجهزة بثلاث لوحاتٍ للطاقة الشمسية والتي يمتد كل واحد منها تسعة أمتار، لتحمل وزن المركبة البالغ 3,625 كغ. انطلقت في أغسطس/ آب 2011، على متن أطلس V551، لتساعدنا في الإجابة على بعض الأسئلة الكبيرة، مثل: كيف تشكل المشتري؟، ماذا يوجد في الداخل؟، هل للمشتري لبّ صلب حقًا؟، ماذا عن الحقل المغناطيسي هائل القوة؟، كيف تشكّل؟، وما هو حجمه الفعلي؟، هل الشفق القطبي على المشتري مثل ذلك على الأرض؟.

وما زالت الإجابات تصلنا يومًا بعد يوم!.


العنقاء وتعدين الفضاء

آه صحيح: نيوهورايزون، جونو، والثالثة هي أوسيريس ريكس، الثلاثة معًا يشكلون ما يمكن أن يعرف بمهمة New Frontiers program، المشروع الذي يهدف لاستكشاف نظامنا الشمسي ومعرفة المزيد عن أصله ونشأته وأصل تطور الحياة في هذا الجزء الصغير من كوننا الواسع.

وقد تم إطلاق العنقاء في سبتمبر/ أيلول الماضي بتكلفةٍ تُقدر بحوالي مليار دولار، وهي تكلفة باهظة، لكن الكثيرين يعتقدون أن المستقبل هو لصناعة تعدين الكويكبات، عندما نتمكن من السفر بحرية إلى الفضاء.

ستقوم المهمة بالحصول على عينة من الكويكب بينو لدراسة تركيبه، حيث ستعود بهذه العينة إلى كوكب الأرض، الحد الأدنى المطلوب للعينة هو 60 جرامًا للقيام بالتجارب العلمية. لكن كي لا نقع في خطأ الحساب ستقوم الأداة المخصصة بجلب 150 جرامًا، كما أن المركبة تستطيع إعادة المحاولة ثلاث مرات للحصول على هذه العينة. يأمل العلماء أن نحصل عليها في المرة الأولى، المحاولات الأخرى هي ملجأ أخير واحتياطي فقط.


الصين تتقدم بخطى ثابتة

عوالم جديدة
ولم تكن إنجازات ناسا وإيسا هي المميزة فحسب، بل كان هناك نصيب لوكالة الفضاء الصينية، التي تعمل على محطة فضائية خاصةٍ بها في المدار.

وتنفيذًا لهذه الخطة،أطلقت الصين المركبة الفضائية تيان جونج 2 في 15 سبتمبر/ أيلول. هذه المركبة الفضائية هي عبارة عن مختبر فضائي لإجراء الأبحاث في الفضاء، ويصل طولها إلى 10.4 أمتار، وتزن أكثر من تسعة أطنان.

وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول انطلقت مركبة فضائية أخرى حاملةً رائديْ فضاء، وهي المركبة شينزو 11؛ للالتحام بمختبر تيان جونج 2، ليقضي الرائدان جينغ هابينغ وتشين دونغ فترة شهر واحد، وهي الأطول من مثيلاتها بالنسبة للتجارب الفضائية الصينية؛ بهدف إجراء تجارب علمية.

المراجع
  1. 1
  2. 2