«اللغة والدين هما خط الدفاع الأخير للهنود، ولا بد من القضاء عليهما. وليس لذلك سلاح أفضل من تمدين أطفالهم في أصغر سن ممكنة في مدارس داخلية بعيدة عن معازل أهلهم الهنود».
الكابتن ريتشارد هنري برات-مؤسس مدرسة كارلايل الهندية الصناعية[1]

يرى[2] الأنثروبولوجي الفرنسي كلود ليفي شتراوس (Claude Lévi-Strauss) في كتابه «مداريات حزينة» أن هناك استراتيجيتين كانتا منهج التاريخ البشري في التعامل مع غيرية الآخرين: أولهما «استراتيجية الإقصاء» والأخرى هي «الدمج».

تتضمَّن الأولى عملية تقيؤ الأغيار ولفظهم بصفتهم غرباء لا ينتمون إلى المكان، فيُحظر عليهم الاتصال الجسدي والحوار والتفاعل الاجتماعي وأشكال الاتصال كافة من تجارة وزواج وغيرها، أما الإستراتيجية الأخرى فتعني احتواء المواد الغريبة، أي أنها تستوعب الأجسام والأرواح «الأخرى» وتهضمها حتى تصير مُماثلة للجسم الهاضم، أو أن تزول الفوارق والاختلافات بين الهاضم والمهضوم، بمعنى آخر تسعى لتعطيل غيرية الأغيار أو محوها.

أذيبوهم، دمِّروا وجودهم

في البداية استعان الأوروبيون بالاستراتيجية الأولى، فأعملوا البنادق بحقِّ أصحاب الأرض وأبادوا منهم 400 قبيلة دون أن يتمكنوا في النهاية من إنهاء وجودهم على «أرض الأحلام»، فقرروا اللجوء إلى استراتيجية الاحتواء، وكانت من أهم وسائلها «المدارس الداخلية»، والتي اعتُبرت أداة مثالية لاستيعاب الناس والأيديولوجيات التي وقفت في طريق المصير الجديد لأمريكا.

أطفال هنود انتُزعوا من عائلاتهم، وأُجبروا على الذهاب للمدارس

اعتبر المستوطنون الجُدد أن هذه المدارس ستكون قادرة بسرعة على استيعاب الشاب الهندي، وستُعلِّمه أساسيات التعليم الأكاديمي من القراءة والكتابة والتحدث بالإنجليزية، إضافة إلى مواد العلوم والتاريخ والفنون التي سيتلقاها الطالب الهندي كلما تدرّج في العملية التعليمية، علاوةً على ذلك تعلّمه مبادئ المجتمع الديمقراطي والمؤسسات الحكومية والهيكل السياسي للدولة، وكان الهدف النهائي من كل ذلك هو القضاء على بقايا الثقافة الهندية في نفوس أصحابها، وهو ما عبّر عنه الكاتب الساخر مارك توين (Mark Twain)، بعبارة لاذعة قال فيها: «حين تُعلِّم الهندي وتغسله فإنك ستقضي عليه حتماً، التعليم والصابون سينسفان كيانه ويدمران قواعد وجوده».[3]

بدأت فكرة التعليم للسكان الأصليين بين عامي 1812-1818م حين حاول توماس مكني (Thomas L. McKenney) مدير دائرة الشئون الهندية (المعنية بتنظيم العلاقة بين الحكومة الفيدرالية والقبائل الهندية)، أن يُقنع الكونجرس برصد ميزانية لتأسيس «مدارس تبشيرية» تُمدِّن الهنود، وانتهت محاولاته تلك إلى تأسيس «صندوق التمدين» والذي جاء في حيثيات تأسيسه: « ضعوا في أيدي أطفالهم الكتاب المدرسي والمجرفة، وعندما تتنور عقولهم، وتتسع آفاقهم سيصبح الكتاب المقدس كتابهم، واللغة الإنجليزية لغتهم، ويصبحون عناصر مفيدة في المجتمع».[4]

طُلاب هنود يتعلمون اللغة الإنكليزية في المدرسة الخاصة عام 1901

في البداية، قصرت المدارس التبشيرية مناهجها على التعليم الديني، حتى أنشأ مكتب الشئون الهندية في عام 1860م بمحمية ياكيما في ولاية واشنطن «المدرسة الداخلية الأولى» بمناهج أكثر شمولية هدفت إلى إنتاج طلاب يتمتعون بالاكتفاء الذاتي من الناحية الاقتصادية، وتعلم مهارات العمل واعتناق قيم ومعتقدات المِلكية الفردية، والتي تعارضت بشدّة مع الثقافة الهندية التي تؤمن بالملكية المجتمعية.

وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي من هذه المدارس هو دمج أطفال الهنود داخل المجتمع، فإن هذه الفكرة لم تتحقّق كما ينبغي، بسبب التجاوزات الكثيرة التي ارتُكبت بحقِّ الهنود داخل هذه المدارس.

احرِق شعرَك.. وهويتك

لم تُقابل فكرة المدارس الداخلية بالترحاب من السكان الأصليين، فلم يملك الآباء حتى عام 1978م حق الامتناع عن إرسال أبنائهم إلى المدارس الداخلية، لذلك أُخِذَ كثير من الأطفال عنوة من أحضان آبائهم عن طريق شرطة الولايات، وفي بعض الأحيان تفاوضت القبائل مع الشرطة على إرسال الأطفال اليتامى أو الأقل ذكاءً.

حاليًا، تعمل منظمة «أمل السكان الأصليين Native Hope» على معالجة المظالم التي تعرّض لها من سمتهم «الأمريكيون الأصليون» على أيدي الوافدين الجُدد، والذين مثّلت مدارسهم الداخلية كابوسًا للهنود لفترة طويلة، تقول المنظمة في تقريرٍ لها: «عادةً، يعني أغسطس الكثير من الإثارة للأطفال، فالعودة للمدرسة تعني شراء لوازم المدرسة والملابس الجديدة للعام الدراسي، والشوق لرؤية أصدقائهم مرة أخرى، إلا أنه للسكان الأصليين، فلا يعدو كونه وقتًا مليئًا بالقلق والتوتر، بسبب التجربة التاريخية السلبية، التي نتج عنها تدني احترام الذات ونقص الهوية الثقافية، عامٌ بعد عامٍ فشلت حقبة المدرسة الداخلية في تقديم الفرص التي وعدت بها الشعوب الأصلية، ولكنها نجحت في تجريدهم من ثقافتهم».

ولا عجب في ذلك، فاليوم للطفل الهندي في المدرسة كان حافلًا بالأحداث المؤسفة؛ فبعد فكِّ الأغلال من يديه ورجليه، تبدأ عمليات إبادته ثقافيًّا لإعادة خلقه في ثوب جديد، فتحرق ثيابه وخصوصياته الهندية أمام عينيه، ويحلقون شعره، وأول ما يتعلمه هو أن الشعر الطويل– رمز العِزة عند الهنود- ليس إلا علامةً على الهمجية.

تغيير الاسم أيضًا هو ركيزة أساسية في محو الذات الهندية القديمة، فالطفل الهندي يُمنح اسمًا إنجليزيًا طنانًا يكون من أسماء العظماء، حتى يوهموه أنه لم يعد بينه وبين العظمة سوى أن يضع هنديته جانبًا وأولها الاسم الذي تربّى عليه. وكانت هذه العملية تجري عشوائيًّا، فالمعلم يضع مجموعة من الأسماء على السبورة، يختار الطالب واحدًا منها بعشوائية ليكون اسمه الجديد الذي ينساه دائمًا، ولا يجيب نداء المعلم به، ولا يستطيع المُدرِّس أن يُفرِّق بين طلابه إلا بواسطة الأسماء الجديدة التي أُلصقت على ظهورهم.

يحكي الطفل «أوتا كته»، الذي تغير اسمه إلى «لوثر ستاندينغ بير»، في كتابه «السيكوس[5]: شعبي (My People, The Sioux)» عن حوادث اليوم الأول قائلاً: «حين ساقوني لحلق شعري بالقوة، أحسستُ بالمهانة والذل وطفحت عيوني بالدمع. وهذا ما أحس به كل أطفال «سو» لم يستطع أحدنا أن ينام تلك الليلة جيداً، كنا نتحسس رؤوسنا طوال الوقت، ونشعر بالحقارة والشذوذ. حتى أن أحد الأطفال صرخ في وجه المدير: «ألا يمكننا أن نتعلم حضارتكم من دون قص شعورنا؟ ما هذه الحضارة؟». [6]

وتروي امرأة حادثة طفلها، الذي رفض اسمه الجديد «هنري»، فقيدت أقدامه بالسلاسل وحُبس في برج الكنيسة لمدة يومين، ثم أفرج عنه ولكن بقي مسلسلًا بالحديد، وعندما هرب من فرطِ العذاب وجدته الأم يزحف على يديه وركبتيه والدم يسيل منهما.[7]

إنهم يُعاملوننا كالخنازير

مع كل صباح، كان طفل هندي يتعلّم ثلاثة دروس في «المواطنة، اللغة، الدين» ويتناول غذاءه من الخبز والحساء والبطاطا، ثم يُساق إلى العمل تنفيذًا لسياسة الاكتفاء الاقتصادي التي سعى المؤسسون لأن تقوم به كل مدرسة، ووفقًا لها عمل الأطفال في المصانع التجارية، أو مناجم الفحم، أو ورشات البناء، أو اشتغل في أعمال شاقة أشرفت عليها المدارس كتعبيد الطرق أو ترميم المباني، أما البنات فعُهِدَ لهن بالغسيل والتنظيف والخياطة.

فتيات هنديات يتلقين حصة طبخ عام 1903م

أثبتت تلك السياسة جدواها الاقتصادية، مما أدى إلى زيادة ساعات العمل سنة تلو الأخرى على حساب ساعات الدراسة، وهو الإجراء الذي برّره الكابتن برات مدير مدرسة كارلايل الهندية الصناعية قائلًا «عقول هؤلاء الهمج لا تطيق الكثير من علم البِيض! وفي النهاية لا فائدة ترجى من تعليمهم أو تمدينهم، فالمدارس ليس في وسعها أن تنقل الهنود من الهمجية للمدنية في جيل واحد».[8]

وإزاء التركيز على الشِق الاقتصادي في عمليات التعليم، حقّق الأطفال الهنود أرقامًا إنتاجية إعجازية ففي مدرسة شيلوكو بأوكلاهوما، استطاع 12 تلميذًا في المخبز أن ينتجوا أسبوعيًا ألفي رغيف خبز، وألفي قطعة حلوى، و900 قطعة كعكة بقرفة، و900 قطعة من كعك الزنجبيل، وفي المغاسل كانت التلميذات يغسلن في الفصل 574 ألف منشفة، و98 ألف ملاءة، و35 ألف قميص، وفي مدرسة هسكل كان الأطفال يقومون بالزراعة في مساحة 600 فدان.[9]

وعلى الرغم من هذا الإنتاج السخي فإن قانون المدرسة نصَّ على أنه لا يجوز للطالب أن يأكل مما تُنتجه يداه، بل ويُعاقب إن فعل ذلك! وهناك حادثة مُسجَّلة بحقِّ طفلة هندية أكلت تفاحة، فألزمت المشرفة طلاب الصفِّ كله بتعرية النصف الأعلى من أجسادهم، ثم أمرتهم بالاستلقاء على بطونهم وجَلَدتهم.[10]

ويأتي هذا العقاب الشنيع بحقِّ الفتاة، على الرغم أن الطعام المُخصَّص والمتكرر يوميًا لم يكن يكفي لإشباع الفرد، وهو ما اضطرَّ الأطفال لسرقة الطعام وأي شيء يُمكن أكله، وفي تقرير أورده الكاتب جون ميلوي في كتابه «جريمة وطنية[11]» أشار إلى أن بعض الأطفال كانوا يتسللون للاصطبلات ويأكلون من علف الخنازير، كما كتب ذات يوم طفل هندي لأبيه: «إنني جائع دائماً، هناك سبعة أطفال هربوا من المدرسة بسبب الجوع. إننا نُعامل كالخنازير، بعض التلاميذ أكلوا قططًا وحبوبًا غير مطبوخة، وبعضهم لا يتوقفون عن البكاء بسبب الجوع».

كما لم تحظَ المدارس الداخلية بقدرٍ كبيرٍ من الرعاية الصحية، فعدد كبير من الأطفال مات جراء الإهمال الصحي الذي نتج عنه تفشي الأوبئة والأمراض كالحصبة التي حصدت أرواح كثيرين، وهو ما يُفسِّر «الظاهرة العجيبة» التي أُجبر الطلاب الهنود عليها، بعد ما شملت مهامهم الوظيفية العمل على حفر القبور في المقبرة الملحقة بالمدرسة لدفن زملائهم فيها!

ومن أبرز الأمثلة الكئيبة على هذه المقابر، مقبرة مدرسة هكسل بكانساس التي كانت تضم 102 ضحية تتراوح أعمارهم بين السادسة والحادية عشرة، وتتحدث سجلات المدرسة عن أكثر من 500 طفل دُفِنوا في مقابر مختلفة بعد أن ضاقت أحشاء مقبرة المدرسة عن ضمِّهم.[12]

لعنة التمسك بالهوية

ليس سهلًا أن ينسلخ الإنسان عن ذاته وماضيه، خاصةً حينما يقتلع من جذوره بغير رضاه وبغير هدف يرجوه، لذلك فشل كثير من الأطفال في عملية «التمدين» وواجهوا عقوبات شديدة عند ارتكاب أي فعل يمت لجذورهم الهندية بصلة، وتمثّلت أبرز سمات تلك اللعنة في اللغة المحلية الهندية التي لم يستطع الأطفال أن يتوقفوا عن الحديث بها.

خصّصت العديد من المدارس، كمدرسة كارلايل الصناعية، مكافآت سخية الطلبة الذين يمتنعون عن الحديث بلغتهم الأم، بينما اتخذت مدارس أخرى وسائل مختلفة من العقاب الرادع للقضاء على تلك الظاهرة.

مثلاً، في مدرسة Alberni Indian School ضبطت مجموعة من التلاميذ يتحدثون بلغتهم الأم فعوقبوا بغرس إبر خياطة طويلة في ألسنتهم لمدة نهار كامل، وآخرون عوقبوا بتسميط اللسان بنار الولاعات، أو إطفاء السجائر فيه.[13] كما تروي امرأة درست في إحدى مدارس أوكلاهوما، أن الأطفال الذين يتحدثون بلغتهم الأم Kiowa كانوا يُجبَرون على تنظيف أسنانهم بفرشاة منقوعة بمحلول كاوٍ حتى يهترئ الفم من الداخل.

أيضًا، أُجبر الأطفال على العيش وفقًا لتقويم مُختلف؛ فبعد ما كانت السنة بالنسبة للهنود تعني 13 قمرًا، ويبلغ طول كل قمر 28 يومًا، أصبح تقويمهم المدرسي يبدأ بيوم كولومبوس[14] وينتهي بيوم الرابع من يوليو «عيد الاستقلال عن بريطانيا»، وعلى الرغم من أن الهنود يعتبرون أن «يوم كولومبوس» هو السبب الرئيسي للبلاء الذي عاشوه على أيدي المهاجرين، فإن الطلبة الهنود أُجبروا على الاحتفال به منذ عام 1892م، بعد ما تعلّموا في المدارس أنه حدَث مفيدٌ في تاريخ عرقهم، فالهنود لم يدخلوا التاريخ إلا بعد اكتشاف كولومبس، كما تم إجبار الطلاب على تزيين قبور الجنود الذين شاركوا في اكتشاف أمريكا، ولم ينل الهنود نصيبًا من هذه الاحتفالات إلا «عيد الشكر»، الذي ارتبط أيضًا بكولومبوس، فهو يحتفي بـ«الهنود الطيبين» الذين ساعدوا المستكشفين الأوائل على بلوغ مرادهم.

طلاب هنود أُجبروا على التخلّي عن أزيائهم المحلية وارتداء الملابس العصرية عام 1890م

في معظم الأحيان لم تكن هذه الجهود الاندماجية تُكلّل بالنجاح، فحافظ الطلاب على حالة رفضٍ تام للمدرسة، رفض وصل في أقصى أشكاله تطرفًا إلى الانتحار! وهو ما فعله 9 أطفال انتحروا عبر أكل الأعشاب السامة في مدرسة بحيرة ويليام أو كما فعلت 6 فتيات، أصغرهن في الثامنة وأكبرهن في العاشرة[15]، شنقن أنفسهن معًا بالشراشف، كما سُجلت حادثة انتحار في مدرسة ريجينيا الصناعية حيث ألقت طفلة بوجهها على الأرض وأبدت للناظر رغبتها في الانتحار، فلم يكن منه إلا أن أعطاها مسدسًا وشرح لها طريقة الاستعمال.[16]

اعتذار متأخر

في عام 1969م نشر مجلس الشيوخ الأمريكي تقريرًا بعنوان «التعليم الهندي- مأساة وطنية وتحدٍّ وطني» سلّط فيه الضوء على الآثار الكارثية التي فرضتها سياسات الاستيعاب القسري على تعليم أطفال السكان الأصليين، وتمثلت أهم نقاطه في التالي:

  • أصبحت الفصول الدراسية والمدرسة نوعًا من ساحات المعارك يحاول فيها الطفل الهندي أن يحمي هويته كفرد من خلال رفضه تنفيذ كافة الأغراض المدرسية.
  • بعض المدارس فشلت في فهم الاختلافات الثقافية والتكيف معها، وبالتالي قامت بالهجوم وتشويه تلك الاختلافات.
  • هناك مدارس أرجعت أسباب إخفاقاتها إلى الطالب الهندي، ولم تعترف بأهميته أو صلاحيته لتلقّي هذا النوع من التعليم، وهو ما ينتقم به الطالب ومجتمعه الهندي بمعاملة المدرسة كمؤسسة غريبة وقمعية.
  • يُوجد سجل كئيب ومستمر من التغيب والتسرب والصورة الذاتية السلبية، والإنجاز المنخفض، يتبعه الفشل الأكاديمي لأطفال الهنود.

أعقب ذلك التقرير مجموعة من القوانين الإصلاحية، كان أهمها إقرار حق الآباء في الامتناع عن إرسال أبنائهم للمدرسة في عام 1978م، وبمرور الوقت، أخذت فكرة المدارس الداخلية، بنظامها القديم، في الاندثار، حتى أصبح الالتحاق بهذه الكيانات ليس مُلزمًا للطفل الهندي، فرغم أن مكتب التعليم الهندي «BIE» بالولايات المتحدة يدير، حالياً، 180 مدرسة خاصة بالسكان الأصليين، فإن أكثر من 90% منهم يلتحقون بالمدارس العامة كأي مواطن أمريكي آخر.

وفي التاسع عشر من ديسمبر عام 2009م، وقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما قرار اعتذار رسمي من الشعب الأمريكي، يطلب فيه الصفح عن الماضي بكل ما فيه من أعمال عنف وعنصرية تعرض لها السكان الأصليون، إلا أن اعتذارات الشعب الأمريكي ورئيسه، لم تكن كافية بالنسبة للسكان الأصليين، فما زالت تجربة الماضي تلقي بظلالها على الحاضر، فرغم أن العنف والتمييز في المدارس ضد السكان الأصليين قد انتهى، أو على الأقل لم يعد يتم بمباركة الحكومة، فإن التجربة التاريخية السلبية شكلت شخصية هندية كارهة للنظام المدرسي بشكلٍ عام.

تشير الإحصائيات التي صدرت عن «مكتب الشئون الهندية» إلى أن الطلاب من السكان الأصليين، حالياً، يسجلون أعلى معدلات التسرب من أي مجموعة عرقية في الولايات المتحدة، وقد أشار الإحصاء إلى أن 29% إلى 36% من جميع الطلاب من السكان الأصليين تسربوا من المدرسة، وهذا يعني أن 65% فقط منهم يتخرجون من المدرسة الثانوية، وهو المعدل الأدنى للتخرج بين الطلاب الأمريكيين، و9.3% فقط يحصلون على شهادة جامعية، وهو جرح يتطلّب العديد من الجهود الحكومية الأمريكية لعلاج ما زرعته أيدي أجدادهم ولا يزال أيدي الفتيان الهنود يحصدونه حتى اليوم.

المراجع
  1. Christian Parenti, Lockdown America: Police and Prisons in the age of Crisis, pg.211
  2. الحداثة السائلة: زيجمونت باومان، ص166
  3. Mark Twain, The Facts Concerning the reprinted in Mark Twain: Collected Tales, Sketeches, Speeches, Essays (1992)
  4. أميركا والإبادات الثقافية: منير العكش، ص96
  5. تحالف واسع من شعوب الأمم الأولى التي سكنت في أمريكا الشمالية
  6. My People, The Sioux, 1928, P.140
  7. أميركا والإبادات الثقافية: منير العكش، ص121
  8. Shingwauk’s Vision: A History of Native Residential Schools, J.R.Miller, P.158
  9. أميركا والإبادات الثقافية: منير العكش، ص116
  10. Me and Mine: The Life Story of Helen Sekaquaptewa, 1969, P.136
  11. John Milloy, A National Crime, P.284
  12. Andrea Smith, Conquest: Sexual Violence and American Indian Genocide, P. 32
  13. Celia Haig-Brown, Resistance and Renewal, P.15
  14. عيد وطني في الولايات المتحدة يُقام يوم 11 من شهر أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام، احتفاءً بذكرى اكتشاف الرحالة كريستوفر كولومبوس للعالم الجديد
  15. Robert Trennert, The Phoenix Indian School, P.50
  16. John Milloy, A National Crime, P.148