ما الذي يمكن أن أراه في سماء ليل مارس/ آذار 2021؟

بعد فبراير بارد حقًا؛ سجلت مصر والمنطقة العربية فيه انخفاضًا قياسيًا في درجات الحرارة، ربما يجيء مارس فيلطف الأجواء قليلًا، فهو شهر الربيع، ومع الربيع فإن السماء تميل للتزين بالدب الأكبر والأسد، ويميل مسرح الأرض ليواجه الكون الفسيح!

أهم الأحداث

6 مارس

فجرًا، القمر يقف إلى جوار «قلب العقرب – Antares» ألمع نجوم «كوكبة العقرب – Scorpius»، هذا النجم من الضخامة بحيث لو كان مثلاً في حجم كرة سلّة لكانت الشمس في حجم نصف حبّة أرز، هل تتخيل ذلك؟ إنه عملاق أحمر يعيش آخر أيامه، قد ينفجر في أي لحظة خلال عدة ملايين من السنوات، وحينما نقول «ملايين السنوات» فإننا نقصد «قريبًا» بالمعنى الفلكي!

6 مارس

أقصى استطالة لكوكب عطارد حيث يصل ارتفاعه في السماء إلى نحو 27.3 درجة في السماء، يعني ذلك أنها أفضل فرصة لرؤية الكوكب الذي سيبدو في السماء جرمًا لامعًا مائلاً ناحية الأحمر.

10 مارس

الهلال يقف أعلى الرفيقين زحل والمشتري، وكانا ينيران الأفق الغربي قبل نحو شهر ونصف، الآن عادا من جديد لينيرا الأفق الشرقي فجرًا، أسبوعًا بعد أسبوع سيتقدمان في السماء، وخلال عدة أشهر سنراهما في المساء.

11 مارس

الهلال يقف أسفل كوكب عطارد فجرًا، مشهد بديع لكنه قريب جدًا من الأفق، يتطلب الأمر أن تقف في مكان عالٍ لتراه، لن يصبر سوى دقائق قليلة قبل شروق الشمس.

18 و19 مارس

مساءً، القمر يتراقص بين الثلاثي البديع: الثريا، المريخ، والدبران، هذه المرة -يوم 19 مارس- سيقف القمر على مسافة قريبة جدًا من المريخ، أقل من درجتين قوسيتين، ما يجعله مشهدًا رائعًا، لا تفوّته.

20، 21، 22 مارس

القمر يمر عبر سداسي الشتاء، خلال عدة أشهر سيختفي سداسي الشتاء تمامًا من صفحة المساء، فاحرص على رصده عدة مرات.

23 مارس

القمر يخرج من سداسي الشتاء إلى جوار رأسي التوأم، «رأس التوأم المقدم – Castor» و«رأس التوأم المؤخر -Pollux»، وهما ألمع نجوم كوكبة التوأم. يمكن لك بسهولة أن تفرق بينهما، فرأس التوأم المقدم أبيض اللون، أما رفيقه فبرتقالي اللون، وكذلك هو أكثر لمعانًا بفارق بسيط، لكنه سيبدو واضحًا لعينيك المجردتين.

25 مارس

القمر يقف إلى جوار قلب الأسد أو «المليك – Regulus»، ألمع نجوم برج الأسد Leo، قلب الأسد ليس نجمًا واحدًا، مع تلسكوب صغير يمكنك أن تلاحظ توأمه الذهبي الصغير، التوأم في حد ذاته نجمان (قزم أبيض وقزم أحمر)، أنت تنظر إلى نظام يتكون من ثلاث شموس تدور معًا.

29 مارس

القمر يمر بين السماكين، «الأعزل – Spica» من كوكبة العذراء و«الرامح – Arcturus» من كوكبة العوّاء، الأخير هو عملاق أحمر ذو قطر يساوي 22 ضعفًا لقطر الشمس، النجم يتحرك بالنسبة لنا بسرعة شديدة، لن نراه بعد نصف مليون سنة؛ ذلك لأنه لا يقع معنا في مستوى المجرة، ولكنه يدور فوق القبة التي تقع في منتصفها، أي في «الهالة المجرية – Halo».  

أوضاع الكواكب في مارس 2021

عطارد:
يصل إلى أقصى استطالة يوم 6 مارس لذلك يفضّل أن تراه خلال أسبوع قبل وبعد تلك النقطة، أعلى الأفق الشرقي فجرًا.

المشتري وزحل:
لن يكونا في أفضل أحوالهما، لكن يمكن أن تراهما قبيل الشروق بدقائق

الزهرة:
يكون في الاقتران الأمامي، أي يمر بيننا وبين الشمس، لذلك تصعب رؤيته تمامًا.

المريخ:
يلمع مساءً كل يوم أعلى الأفق الغربي.

مشهد مميز لشهر مارس

لا شك أن أجمل مشاهد مارس هذا العام هي رقصة الكواكب البديعة التي يمكن أن نراها في أيام 9 و10 و11 مارس. عطارد، الكوكب الأقرب للشمس، سيظهر واضحًا أعلى الأفق الشرقي فجرًا مع أول أيام مارس، ثم سيستمر في الارتفاع يومًا بعد يوم وصولًا إلى أقصى استطالة له يوم 6 مارس، في هذه الأثناء يكون كل من زحل والمشتري قد خرجا أعلى الأفق بعد حوالي شهر من الاختفاء خلف الشمس، يأتي القمر في هذه الأيام الثلاثة ليضفي على المشهد ملمسًا ساحرًا. المشهد سيحدث قبيل الشروق بدقائق، ويفضل أن تصعد لمكان مرتفع كي تراه واضحًا.

ألمع نجوم الشهر

نصائح رصدية

حسنًا، دعنا خلال شهري مارس وأبريل نحاول وضع بعض التفاصيل الأساسية لفهم سماء الربيع، سوف نبدأ بالخطة العامة ثم ننتقل للتفاصيل درجة بدرجة، لكن قبل ذلك كله يمثل مارس فرصة رائعة للتعرف على الشمال الجغرافي بطريقتين في آن واحد، فالنجم القطبي هو الدليل السماوي المتوفر دائمًا وطيلة الوقت.

هناك طريقتان رئيسيتان للوصول للنجم القطبي: المغرفة وذات الكرسي، في أوائل الربيع يمكنك أن ترى كلاً من المغرفة وذات الكرسي معًا ليشيرا ناحية الشمال، يمكنك متابعة المشهد الرائع بعد الغروب مباشرة. تتجهز كاثيوبيا للدخول تحت الأفق بينما يتجهز الدب الأكبر للسيطرة على كامل سماء الربيع.

دعنا الآن ننتقل إلى الحدث الرئيسي لفصل الربيع كاملاً، إنه كوكبة «الدب الأكبر – Ursa Major» والتي سوف نستخدمها لتقصي سماء الربيع كاملة بداية من مارس وحتى الصيف، يجب عليك أولاً تحديد موقع الكوكبة في سماء الليل، في بداية الربيع تتوسط الكوكبة السماء ليلاً وبتقدم الربيع حتى نهايته، يمكن أن ترى ذلك حول العاشرة مساءً. ابدأ بالخطة بهذا الترتيب بحيث يكون أول ما ترصد هو أول ما يغرب، واستعن بالخريطة المرفقة في التقرير.

1. في الربيع يكون الدب الأكبر هو نقطة الانطلاق، فبعد رحيل الجبار عن سماء الليل سريعًا بعد الغروب لا يتبقى إلا مغرفة «الدب الأكبر – Big Dipper» في السماء، فتتسيّدها بعد فترة ليست بكبيرة.

2. حول الدب الأكبر كوكبتان غاية في الأهمية، «الدب الأصغر – Ursa Minor» و«التنين – Draco»، يمكن تتبعهما بسهولة في ليلة حالكة.

3. غربًا، وقبل أن تختفي تحت الأفق، يمكن لك بسهولة أن تستخدم الدب الأكبر للحاق ببقايا الشتاء، ستجد السداسي الشتوي مقلوبًا على أحد أضلاعه فوق الأفق.

4. نعرف أن نجمي الدليلين (الدبة والمراق) من كوكبة الدب الأكبر يستخدمان بالأساس للإشارة إلى النجم القطبي، لكن في الاتجاه الآخر يقودانك إلى «قلب الأسد – Regulus» ألمع نجوم «كوكبة الأسد – Leo»

5. سوف تساعدك كوكبة الأسد في تحديد رفيقتيها «السرطان – Cancer» و«العذراء – Virgo» على نفس الدائرة، يمكنك طوال الليل أثناء الرصد أن تحدد بسهولة باقي كوكبات دائرة البروج حتى يشرق «العقرب – Scorpius» قبل رحيلك بقليل، السرطان هي كوكبة خافتة وتمثل دائمًا تحديًا جيّدًا للمبتدئين.

6.  مد الخط خطوة إضافية لتلتقي بـ«الفرد – Alphard» ألمع نجوم «كوكبة الشجاع – Hydra»، وسمّي «الفرد» لأنه متفرد في لمعانه بالنسبة لمحيطه.

7. الآن تحوّل إلى ذيل الدب الأكبر، سوف تستخدمه لصنع قوس ممتد حتى يصل إلى نجم «السماك الرامح – Arcturus»، والسماك لا تعني «السَمَك»، ولكنها تعني الرفع، سمته العرب كذلك لأنه يتخذ مكانًا مرتفعًا في السماء هو ورفيق آخر له اسمه السماك الأعزل، إنه النجم «Spica» من «كوكبة العذراء – Virgo»، وتصل إليه بمد القوس الذي صنعته منذ قليل، يسمي الهواة تلك الحركة بجملة شهيرة جدًا: «Arc to Arcturus, Spike to Spica»، لتسهيل حفظها.

علامات تلسكوبية

دعنا نبدأ من رفاق الشتاء. لقد بدأت الأميرة كاثي، كاثيوبيا أو ذات الكرسي، بالفعل في رحلتها للتخفي تحت الأفق. مع ذلك يمكن لنا بتلسكوب صغير أو ربما بنظارة معظمة، رصد 3 من الروائع اللامعة الخاصة بها:

التجمع المفتوح «NGC 663» يحتوي على 400 نجمة تدور معًا ويبتعد عنا 6800 سنة ضوئية، التجمع هو جزء من التجمع النجمي كاثيوبيا OB8، والذي يتواجد في راع برشاوس من مجرتنا الحبيبة.

التجمع «M55» وهو واحد من أسهل التجمعات المفتوحة في الرصد، بل إنك في ليلة شديدة السواد يمكن أن تتعرف عليه خافتًا بشدة بعينيك المجردة، وهو من أشهر أهداف النظارات المعظمة، يبتعد عنا التجمع 5000 سنة ضوئية.

إيتا كاثيوبيا هو نجم مزدوج لامع طالما شغل بال هواة الفلك، يتواجد على بعد نحو 20 سنة ضوئية، يدور النجمان مرة حول بعضهما البعض كل 5 قرون تقريبًا، نعم، إنها كما سمعت.

حكايات النجوم

الدب الأكبر، أو ربما كان من الأفضل أن نسميها الدبّة الكبرى، واحدة من أقدم الكوكبات المعروفة والتي طالما خدمت المليارات على مدى التاريخ في التعرف على الشمال؛ إنها الحورية الفاتنة «كالليستو»، تلك الجميلة التي أبهرت زيوس ملك الآلهة فاتخذها خليلة. كان ينزل للقائها والتمشّي معها في زيارات سرّية خشية أن تعرف زوجته «هيرا»، إلا أن هيرا قد شكّت في الأمر ونزلت إليه في الغابة فجأة، فما كان منه عندما لاحظ قدوم هيرا إلا أن حوّل كالليستو إلى دبة بنية كبيرة، عندما وصلت هيرا بحثت يمينًا ويسارًا هنا وهناك حوله فما وجدت إلا دبة كبيرة.

شكّت في الأمر وطلبت من زيوس أن يصعد معها، إلا أن زيوس حاول أن يبقى ليعيد كالليستو، لكنه لم يفلح في محاولته أمام إصرار زوجته فذهب معها، بعد ذلك جاء ابن الحورية كالليستو، الصياد الماهر أركاس، كان يتمشّى في الغابة وما كان منه عندما رأى الدبة إلا أن أطلق سهمًا نافذًا في قلب أمه الدبة، تحولت بعده إلى صورتها البشرية فبكى أركاس بكاءً عظيمًا علا صوته للسماء.

خشي زيوس أن تسمعه هيرا فنزل للأرض، وكمحاولة لاسترضاء أركاس حوّل زيوس أمه إلى دبة مرة أخرى ورفعها للسماء تمجيدًا لها (الدب الأكبر)، ورفع معها ابنها أركاس (الدب الأصغر). وحينما ارتفع أركاس للسماء وجّه نفسه ناحية أمه ليراقبها، لذلك فالدب الأصغر – وللأبد- يكون مواجهًا للدب الأكبر، فليطمئن أركاس على أمه ولينظر إليه مدى الوجود.