ستة عوامل لإنجاح الحوارات الوطنية
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
نشأت الحوارات الوطنية في السنوات الأخيرة كأدوات قوية لبناء السلام في أنحاء آسيا، أفريقيا، الشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية. واليوم، تُجرى محاولات لتدشين حوارات وطنية في ليبيا، السودان، الصومال، مالي، لبنان، ومينامار. وتستخدم الحوارات الوطنية كآليات لجمع المعنيين على مائدة الحوار عندما تنهار المؤسسات السياسية والحكومات أو عندما تفقد شرعيتها، كما تستخدم على نحو متزايد في المجتمعات الانتقالية كوسائل للتشاور الجماعي بصدد القضايا الرئيسية الحيوية، وبهدف إحراز تقدم.
يعدّ بناء السلام بواسطة وسائل الحوار الوطني عملية شاقة ومضنية وذات إمكانيات عظيمة، ولكن فقط حين يجري التطبيق بعد الانتباه للتفاصيل. وفي ضوء التفضيل المفاجئ لإجراء الحوارات الوطنية، يتعين على من ينظمونها وضع ستة عوامل في الاعتبار من أجل إنجاحها.
الحوارات الوطنية أداة لحل النزاعات المستعصية
تتخذ الحوارات الوطنية صورًا عديدة: كالمؤتمرات الوطنية، والمفاوضات متعددة الأطراف، والموائد المستديرة، والمجالس التأسيسية.
في إطار الحاجة إلى توفير طرق بديلة لإحداث تغيير في النزاعات، تحولت منظمات إدارة النزاعات إلى الحوار الوطني من أجل بناء السلام وحل النزاعات عميقة الجذور في المجتمعات المنقسمة. ومع ذلك، لا يعتبر إجراء الحوارات الوطنية مقتصرًا على النزاعات المفتوحة، حيث تتخذ الحوارات الوطنية صورًا عديدة، منها: المؤتمرات الوطنية (كما في بنين، الكونغو، توجو، مالي، النيجر، زائير، تشاد)، المفاوضات متعددة الأطراف (المؤتمر لأجل جنوب أفريقيا الديمقراطية «كوديسا»)، الموائد المستديرة (بولندا، وألمانيا)، والمجالس التأسيسية (بوليفيا وأفغانستان).يمكن أيضًا إجراء الحوارات الوطنية في سياقات مثل المآزق السياسية أو حيثما تفقد المؤسسات السياسية شرعيتها – كما في البحرين، اليمن، تونس، ولبنان.
القضايا يجب أن تكون واقعية ومحددة ضمن إطار تشاوري شامل لحلها
يجب أن تكون القضايا المختارة للحوار متوازنة مع الدور الذي قد تلعبه العمليات الانتقالية أو السياسية الأخرى.
يمكن تدشين الحوارات الوطنية عبر عقد اجتماعات تشاورية، تحقق التوافق بصدد القضايا الرئيسية التي تنظم الحوارات بشأنها. من المهم عادة تحديد القضايا الهامة، وتحديد المناسب منها للاجتماعات واسعة النطاق، أو للاجتماعات الأصغر. يجب أن يكون نطاق الحوار واضح المعالم حتى يكون واقعيًا، قابلًا للتحقق، وسهل القيادة من قبل الهيئة المسؤولة عن الحوار في الفترة المخصصة للتشاور.مثلما يشير تقرير صدر عن معهد الولايات المتحدة للسلام، «القضايا المختارة يجب أن تكون متوازنة مع الدور الذي قد تلعبه العمليات الانتقالية أو السياسية الأخرى». يشير ذلك إلى أهمية تحديد وإدارة القضايا التي ستناقش، الأطراف التي ستشارك، والمدرجين أو المستبعدين من الحوار. وبينما يعد إقصاء أي من الأعضاء الرئيسيين تصرفًا غير حكيم، يمكن لإدراج الكثير من القضايا أن يربك الحوار، وأن يزيد العبء على الحل، وأن يضمن تحقيق القليل من التقدم خلال فترات توتر المفاوضات.يتعين على الدول التي تعتزم إجراء حوار وطني تبسيط الأجندة إلى أقصى حد ممكن،= عبر تحديد أي القضايا السياسية يصلح أو لا يصلح؛ ليتم تناوله في الاجتماعات العامة واسعة النطاق.كذلك يجب تحقيق التوازن بين الحوار الوطني الكبير وعمليات السلام الأصغر نطاقًا. ففي بعض الحالات، يمكن للحوارت الوطنية والمفاوضات الأخرى أن تتقدم عبر عدة مسارات ضمن ذات الجهود. على سبيل المثال، يمكن نقاش إصلاح القطاع الأمني في اجتماع حواري منفصل غير وطني، في ضوء مدى أهمية ذلك الشأن، وعدد الأطراف المشاركة في نقاشه.
مواصلة الحوارات الوطنية إن مثلت أفضل مسار لإشراك المعنيين الحقيقيين من أجل التوصل لحل
كان مؤتمر الحوار الوطني في اليمن شاملًا للغاية، حيث شمل 565 وفدًا يمثلون جميع المعنيين في النزاع. وقد سمح تشكيل مجموعات أصغر من اللاعبين السياسيين الذين كانوا مؤثرين ضمن كل طرف بتدفق المفاوضات والتوصل إلى تسوية.ورغم حقيقة أن الحوارات الوطنية تستهلك الكثير من الموارد – بما في ذلك الكثير من الوقت، الطاقة والتنسيق – يشير التقرير إلى أن «البلدان التي تمر بمراحل انتقالية عادة ما تقدّر تلك الآليات لأنها تستطيع دفع جميع الأطراف والجمهور للتركيز على القضايا ذات الأهمية على الصعيد الوطني. ولكن ذلك يتحقق مقابل ثمن، حيث يمكن للوقت والتركيز المكرس لها أن ينتقص من قدر العمليات الانتقالية الأخرى أو أن يعرقلها، أو حتى أن يشتت الحكومة والقطاع العام عن ممارسة الأعمال كالمعتاد».
لكل حوار وطني ناجح مراحل ونطاق زمني
حيثما يكون الحوار الوطني فريدًا من نوعه بالنسبة لسياق معين، يجب وضع بعض المراحل الواسعة في الاعتبار، بما في ذلك: الإعداد؛ بمعنى تدشين آليات/لجان للإشراف والإدارة وقيادة العملية، المؤتمر، المشاورات، الإجماع والتطبيق؛ وتطوير إستراتيجية لفترة ما بعد الحوار الوطني. يعتقد العديد من الخبراء الآن أنه من أجل إجراء حوار فعال، يجب أن يكون الإطار الزمني مناسبًا؛ أي يتراوح بين عدة أشهر وعدة سنوات.
النهج الديمقراطي يعد مفتاحًا لبدء الحوار الوطني الفعال؛ ولكن ليس بالضرورة لإتمامه
توصل المؤتمر الوطني السيادي في الكونغو الذي استمر 18 شهرًا إلى نتيجة تُقصي الأقلية الناطقة باللغة الكينية الرواندية.
يتعين على العملية المؤدية إلى تنظيم الحوار الوطني أن تكون ديمقراطية؛ أي أن تكون موسعة لتشمل جميع أصحاب المصالح الرئيسيين في المجتمع، كمؤسسات المجتمع المدني، الاتحادات المهنية، القادة الدينيين، الأحزاب السياسية، وحركات المعارضة/المقاومة المسلحة وغير المسلحة. ولكن، لا يقي الوضع الديمقراطي لتنظيم الحوار الوطني من التوصل إلى نتائج غير ديمقراطية؛ وبناءً على ذلك، يجب صوغ الأحكم لضمان أن حكم الأغلبية ليس المبدأ التنظيمي الوحيد للمشاورات.
توصل المؤتمر الوطني السيادي في الكونغو الذي استمر 18 شهرًا – بدأ بعام 1992 وشمل 2842 وفدًا لمناقشة المرحلة الانتقالية للبلاد إلى حقبة ما بعد الحرب الباردة – إلى نتيجة تُقصي الأقلية الناطقة باللغة الكينية الرواندية؛ بناءً على تقرير قدمه محمود ممداني إلى الجمعية العامة لمجلس تنمية البحوث الاجتماعية في أفريقيا. حيث أيد المؤتمر قانونًا صدر عام 1981 قيّد تعريف المواطنة بمن يمكنهم إثبات علاقة أجدادهم بالإقليم الذي كان اسمه، منذ عام 1885، زائير (أصبح الآن جمهورية الكونغو الديمقراطية).
للوقاية من تلك النزعات غير الديمقراطية – التي تقرر الأغلبية على أساسها إقصاء أقلية من نيل حقوق محددة – يجب مراجعة المبادئ الديمقراطية، حتى لا يتم إقصاء أي أقلية بواسطة المشاورات المشتركة للأغلبية.
الحوارات الوطنية معقدة، ولكن النتائج الإيجابية تكون مرجحة في ظروف محددة
أخيرًا، يوجد حد أدنى من المتطلبات لاستضافة حوار وطني. ومع كونها غير شاملة، يجب وضع النقاط الآتية في الاعتبار عند تصميم عملية الحوار الوطني: مصداقية الداعي للعملية، تبني إجراءات لبناء الثقة، في حال استمرار الأعمال العدائية يجب التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية أثناء الاتفاق، التضمين واسع النطاق لجميع المعنيين الرئيسيين، ومرحلة واضحة المعالم لما قبل التشاور متبوعة بخطط للحوار الفعلي والتطبيق وما بعد الحوار.من المهم خلال المرحلة التحضيرية تشكيل لجان شاملة لبناء التوافق في الآراء حول القضايا الجوهرية. عادة ما توظّف اللجنة الاستشارية للتشاور مع الأفراد والمنظمات الرئيسية، بينما يمكن لسكرتارية اللجنة أن تقدم الدعم اللوجيستي والتشغيلي. وإذا لزم الأمر، يمكن تضمين لجنة لبناء التوافق في الآراء.