6 مرشحين يتنافسون على رئاسة إيران
طهران- أكد مجلس صيانة الدستور الإيراني أهلية ستة مرشحين للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 19 مايو المقبل. ويصطف الإصلاحيون خلف المرشح حسن روحاني، الرئيس الحالي، بينما يدعم المحافظون المهيمنون على مجلس صيانة الدستور عددًا من المرشحين على رأسهم إبراهيم رئيسي أمين العتبة الرضوية (أغنى جمعية خيرية في إيران).
وأعلنت وزارة الداخلية الإيرانية عن المرشحين الستة الذين سيخوضون منافسات الدورة الثانية عشرة للانتخابات الرئاسية، وهم: حسن روحاني، وإبراهيم رئيسي، ومحمد باقر قاليباف، وإسحاق جهانغيري، ومصطفى هاشمي طبا، ومصطفى ميرسليم، في حين استبعدت الرئيس السابق أحمدي نجاد الذي كان يسعى بقوة إلى الترشح.
رئيسي يهدد شعبية روحاني
أعلن إبراهيم رئيسي (56 عامًا)، رجل الدين المحافظ المقرب من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، عن ترشحه للانتخابات الرئاسية في إيران لمنافسة الرئيس المعتدل المنتهية ولايته، حسن روحاني.
ونشر رئيسي، وهو أمين العتبة الرضوية، على موقعه في الإنترنت بيانًا أعلن فيه ترشحه حيث قال إنه: «يسعى من خلال هذا الترشح لمعالجة مشاكل إيران الاقتصادية».
وأوضح رئيسي أن «الجمهورية الإسلامية بلغت من العمر أربعة عقود، ورغم أننا حققنا عديد الإنجازات، فإن الناس لا يزالون يعانون من مشاكل هيكلية مزمنة وسوء تصرّف يمنعان الحكومة من الاستجابة لمطالب المواطنين وتحقيق مقاصد الدستور».
ومن جهة أخرى، أكد رئيسي أن إيران تمر بمشاكل اقتصادية واجتماعية يمكن حلها في حال توفر الإرادة السياسية، محملا مسؤولية تردي الأوضاع إلى حكومة الإصلاحيين برئاسة روحاني.
وقال في بيانه «ألا يمكننا حل هذه المشاكل مثل الأزمة الاقتصادية، انتشار البطالة، والعوائق التي تقف أمام المشاريع التجارية؟ أنا أؤمن بأن هذا الوضع يمكن تغييره».
وتستعد إيران لمنافسة انتخابية بين الأصوليين المتشددين من رجال الدين المتنفذين والمدعومين من المرشد الأعلى والحرس الثوري الإيراني، وبين الإصلاحيين المدعومين من الرئيس الأسبق محمد خاتمي وحسن الخميني حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله الخميني.
وألهب السباق إعلان إبراهيم رئيسي ترشحه المفاجئ.وذكر مقربون من رئيسي أنه كان مترددًا بشأن السعي للوصول للرئاسة، ولكنه حسم أمره وقرر خوض السباق بدافع «مسؤوليته الثورية والدينية».
وخلال العام الماضي، ظهر اسم رئيسي كأبرز مرشح لخلافة خامنئي في منصب المرشد الأعلى، وهو أهم منصب في إيران. لكن إعلان رئيسي ترشحه للرئاسة أربك المراقبين السياسيين في البلاد، كما أربك الرئيس حسن روحاني الذي يسعى إلى الحصول على دورة رئاسية ثانية.
الجدير بالذكر أن روحاني سبقه أربعة رؤساء كلهم شغلوا مناصبهم الرئاسية لدورتين متتاليتين، وهو أقصى ما يسمح به الدستور الإيراني، إلا أن ترشح رئيسي سيجعل احتفاظ الرئيس الحالي بمنصبه مهمة في غاية صعوبة.
نجاد رقم صعب في المعادلة الإيرانية
وأقر مجلس صيانة الدستور استبعاد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد الذي حاول إيجاد رافد ثالث بين الإصلاحيين والمحافظين من خلال النأي بنفسه عن المحافظين لاستقطاب الناخبين المترددين.
وعادة ما يقاطع الإيرانيون غير المؤيّدين للآراء المحافظة عملية الاقتراع. لكنهم إذا قرروا التصويت يمكنهم تغيير نتائج الانتخابات، على غرار ما حصل في الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن فوز روحاني، عام 2013.
وأعلنت وكالة مهر للأنباء أن نجاد قدم ترشحه صحبة مساعده حميد بقائي. وكان نجاد أعلن في الأشهر الأخيرة عن دعمه القوي لترشح بقائي. ولكن بعد أن تم منعه هو وبقائي من الترشح أعلن أنه لن يؤيد أياً من المرشحين الستة المؤهلين.
وأشارت صحيفة الغارديان البريطانية إلى أن نجاد مازال يتمتع بشعبية معتبرة في إيران، خاصة في أوساط المحافظين، مما يعني أن إقصاءه من السباق قد يكلِّف النظام غالياً.
ويقول جواد صالحي افسهاني، وهو أستاذ إيراني في جامعة فيرجينيا تيك في الولايات المتحدة «لم يكتب الكثير عن إيران. يتم التحدث كثيرًا عن الحرس الثوري والعلاقات مع الولايات المتحدة، لكننا نعرف القليل عما يحصل في المدن الصغيرة وأهمية أحمدي نجاد بالنسبة إلى الأشخاص العاديين».
ودخل نجاد في حالة شد وجذب مع خامنئي الذي لمح إلى عدم رغبته في تقديم نجاد ترشحه. ويلاقي نجاد معارضة شرسة من قيادة الحرس لثوري نظرًا لاعتماده على الاقتصاد الريعي خلال فترة حكمه، بالإضافة إلى تصريحاته الأخيرة وفيها تهجم على الحرس الثوري، حيث إنه طالب جميع القوى بمغادرة سوريا بما فيها القوات الإيرانية.
ولا يعتبر نجاد أول رئيس تتأزم علاقته مع المرشد الأعلى عقب مغادرته للسلطة، إذ إن الرئيس السابق محمد خاتمي، يواجه عقوبات أيضاً. ويحظر على وسائل الإعلام استخدام اسمه أو صوره على خلفية دعمه للثورة الخضراء التي اندلعت قبيل إعادة انتخاب نجاد لولاية ثانية.
وتجدر الإشارة إلى أن نجاد ليس أول رئيس سابق يتم رفض أهليته من مجلس صيانة الدستور. ففي انتخابات 2013، رفض المجلس ترشّح آية الله أكبر هاشمي رفسنجاني رغم أنه تولى رئاسة البلاد في السابق مرتين. وأثار هذا القرار انتقادات من المعتدلين والإصلاحيين.
مواجهة متكافئة بين المعسكرين
كشفت قائمة المرشحين الستة عن تساوي عدد المرشحين لكلا المعسكرين من إصلاحيين ومحافظين. فحسن روحاني (68 عامًا) وإسحاق جهانغيري (60 عامًا) ومصطفى هاشمي طبا هم ممثلو الإصلاحيين، في حين يدعم المحافظون كلا من إبراهيم رئيسي (56 عامًا) ومحمد باقر كليباف (55 عامًا) ومصطفي آقا ميرساليم (69 عامًا).
ومن المرجح أن يصطف الإصلاحيون الذين تم إقصاؤهم في السنوات الماضية خلف الرئيس حسن رحاني المنتهية ولايته. وأعلن محمد خاتمي أنه يعتبر روحاني أفضل مرشح للإصلاحيين.ويتوقع مراقبون أن قاليباف ورئيسي قد يتحالفان في النهاية لصالح التيار المتشدد الذي يدعمه كل من المرشد الأعلى والحرس الثوري.
ويسود توقع بأن رئيسي قد يتخلى عن السباق لفائدة قاليباف كي لا يواجه موقفًا محرجًا في حال تمكن روحاني من الإطاحة به، حيث إنه مرشح وبقوة لخلافة علي خامنئي في منصب المرشد الأعلى، خصوصًا مع تأزم حالته الصحية نتيجة تقدمه في السن.
وعارض روحاني في السابق ترشيح المزيد من الإصلاحيين، واعتبر أن ذلك سيضعف حظوظه في السباق. وشدد روحاني على أن مؤسسات النظام الحاكمة ستتردد في إقصائه إذا كان مرشحًا وحيدًا، موضحا أن إقصاءه سيجعل من الانتخابات شكلية تغيب عنها المنافسة الحقيقية.
وأوضح محمد طاغي خروبي، وهو محلل سياسي إيراني أن الانتخابات المقبلة مهمة جدًا بالنسبة للبلاد، لأن الفائز فيها سوف يلعب دورًا رئيسيًا في تعيين المرشد المقبل.
وأضاف خروبي، وهو ونجل الزعيم المعارض مهدي خروبي، الذي يقبع تحت الإقامة الجبرية: «يفكر كثيرون في إعاقة ترشح روحاني، لأنه عند تغييبه ستكون لهم اليد العليا في عملية تعيين القائد المقبل، الذي يمثل أعلى سلطة في البلاد، إثر وفاة خامنئي، ولهذا أنا أخشى أن يتم إقصاء روحاني».
وستزداد حامية المعركة الانتخابية وسط توقعات بتقلص فرص روحاني للفوز بعد فشل الاتفاق النووي في تحسين الظروف الاقتصادية للبلاد وانخفاض شعبيته في عمليات سبر الآراء الأخيرة.
كما أسهم عدم إيفائه بوعوده حول الحريات وإطلاق سراح السجناء السياسيين ورفع الإقامة الجبرية عن زعماء الحركة الخضراء في مزيد من تدني شعبيته.
وأشار خروبي إلى أن ترشح رئيسي الذي جاء بشكل مفاجئ قد يكون في الواقع مناورة سياسية، هدفها إبراز اسمه وزيادة الدعم الشعبي له، ثم الانسحاب في وقت لاحق من السباق الانتخابي، لأن هدفه الحقيقي هو الوصول لمنصب المرشد الأعلى.
المتشددون يقمعون الإعلاميين والناشطين
تلعب شبكات التواصل الاجتماعي دورًا مهمًا في الانتخابات الإيرانية نتيجة لارتفاع نسبة الشباب المقبلين على استخدامها. وشكلت المواقع الاجتماعية فضاءً لطرح الآراء وتشكيل رأي عام لمساندة مرشح دون غيره.
وحذّر رئيس الادعاء العام الإيراني، محمد جعفر منتظري، وسائل الإعلام من نشر تقارير مغلوطة والإساءة إلى المرشحين في فترة الانتخابات، موضحًا أنه طلب من المدّعين العامين في مختلف أنحاء البلاد مراقبة الفضاء السبراني على مدار الثانية.
وقال منتظري: «إننا نطلب من جميع الأشخاص الذين ينوون دخول السباق، وجميع من يضطلعون بأنشطة في هذا المجال، عدم الحط من قدر الآخرين والإساءة إليهم وخرق القانون… إذا أقدموا على ذلك، عليهم تحمّل العواقب وعدم التذمّر عندما يتم إغلاق موقعهم».
وذكر مركز حقوق الإنسان في إيران أن البلاد تشهد، منذ أواخر ديسمبر الماضي، حملة اعتقالات تستهدف صحفيين وناشطين.
وقال هادي غائمي مدير المركز إن موجة الاعتقالات الأخيرة من المؤكد أنها ترتبط بالانتخابات. تقريبا كل الناس الذي يجري اعتقالهم أو استجوابهم أفراد يمكن أن يكون لهم دور نشط في حث الناخبين على الخروج والتصويت الأمر الذي سيدعم على الأرجح إعادة انتخاب روحاني.
وتم اعتقال حوالي 10 أشخاص يتولون إدارة قنوات مؤيدة للإصلاحيين على موقع التواصل الاجتماعي تلغرام، الذي يحظى برواج كبير في إيران.
وقال غائمي إن قنوات تلغرام أثارت استياء السلطات بعد أن دعت الناخبين العام الماضي إلى رفض المرشحين المتشددين خلال انتخابات التي جرت لاختيار أعضاء البرلمان وأعضاء الهيئة المشرفة على اختيار من يخلف المرشد الأعلى علي خامنئي.
وأضاف «انتبهت المخابرات وجهاز الأمن إلى قوة تلغرام في تواصل الناس وحشدهم… وهم يضيقون الخناق الآن على تأثيره خلال الانتخابات».
وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أن السلطات الإيرانية شنت حملة اعتقالات واسعة طوال الشهر الماضي ضد صحافيين وناشطين إيرانيين، قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وركزت المنظمة في بيانها على حالة هنغامة شهيدي، وهي صحافية وناشطة سياسية معتقلة، بعد أن تدهورت صحتها نتيجة إضرابها عن الطعام الذي تجاوز ثلاثين يومًا، احتجاجاً على اعتقالها التعسفي.
وذكر تقرير العفو الدولية أنشهيدي محتجزة في زنزانة انفرادية وترفض تناول دوائها والسوائل الوريديةً، ولم تمكنها السلطات حتى الآن من الوصول إلى طبيب متخصص في القلب، رغم اعتقالها لأكثر من شهر.
ورغم أن السلطات الإيرانية لم تبلغ شهيدي بالتهم الموجهة إليها، إلا أنها منعتها من الاتصال بمحام، ولم يُسمح لها إلا بالاتصال المحدود مع أسرتها.
وقالت ماجدالينا مغربي، نائبة المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن «الاعتقال والاحتجاز التعسفيين لشهيدي يظهر مرة أخرى ازدراء السلطات الإيرانية التام لحقوق الإنسان، داعية إلى إطلاق سراحها فوراً من دون قيد أو شرط».
وتم اعتقال شهيدي في عام 2009، وحكم عليها بالسجن لمدة ست سنوات بتهمة «التجميع والتواطؤ لارتكاب جرائم ضد الأمن القومي» و«نشر دعاية ضد النظام»، وأطلق سراحها في مايو 2011 لأسباب طبية.
واتهمت شهيدي الرئيس روحاني بالإخفاق في تحقيق ما وعد به.
وانصب اهتمام إدارة روحاني على التخفيف من العزلة الدولية التي عاشتها إيران وتحسين الاقتصاد أكثر من اهتمامه بالحريات الفردية وإطلاق سراح المساجين السياسيين.