الطفل الحساس: تحديات وحلول
إذا كان طفلك طفلًا حساسًا فلا بد أنك شعرت كثيرًا بالإحباط والأسى لأجله، ولا بد أنك ألقيت اللوم على نفسك لأنك لا تستطيع أن تراه سعيدًا ومستمتعًا في أوقات كثيرة، أنت لست وحدك فهناك حوالي 15% إلى 20% من الأطفال الذين يولدون بجهاز عصبي أكثر حساسية للمثيرات المحيطة، كما تقول «د. إلاين أرون Elaine Aron» المتخصصة في علم النفس السريري في كتابها: «The highly sensitive person».
اكتشف: هل طفلك حساس؟
1. سريع البكاء وتستثيره أبسط الأشياء للغضب.
2. ينزعج كثيرًا من الصخب والأماكن المزعجة، وإن نام يستيقظ من أدنى صوت حوله.
3. لا يتحمل أن تلمس قدمه الرمال أو الأرضيات الباردة ولا يلعب أبدًا بالصلصال، يبكي كثيرًا أثناء الاستحمام، ويحك جسده إن ارتدى ملابس جديدة.
4. يلاحظ الروائح غير المعتادة بسهولة، ولا يتشجع على الاستكشاف بسهولة لأن لديه شعورًا قويًا بالحذر والعواقب.
5. يواجه مشكلة حقيقية مع درجة حرارة طعامه، فلا يطيقه باردًا أو ساخنًا أكثر من حد معين، وغالبًا ما ينتهي الأمر بالبكاء رفضًا له، ويرفض أيضًا الكثير من الطعام لأنه لا يحب قوامه في فمه أو لونه في الطبق أو حجمه المقطع به، ولا تختلف النهاية كثيرًا.
6. حساس جدًّا للألم، ويلاحظ ملامح الألم بسهولة على وجوه الآخرين.
7. يسأل أسئلة عميقة دقيقة التفاصيل مثيرة للتفكر، ويستخدم تعبيرات في كلامه تفوق أقرانه في نفس العمر، ولديه حس فكاهي ذكي.
8. لا ينسجم بسهولة مع اختلاف البيئة من حوله، ويتوتر عند اختلال روتينه اليومي المعتاد.
9. يفضل اللعب الهادئ على اللعب المليء بالحركة، ولا يحب التجمعات الكبيرة، وكلما كان اليوم مثيرًا صعب عليه الاستغراق في نومه بسهولة.
الطفل الحساس ذو حواس متحفزة باستمرار، اللمس والبصر والسمع والشم والتذوق تستثيرهم حتى أبسط المنبهات الحسية، ولذلك يصعب على الطفل الحساس تنظيم انفعالاته العاطفية والسلوكية في حالة التحفيز الحسي الزائد، حتى أنه من الممكن أن يستغرق في البكاء فور استيقاظه من النوم.
لماذا هو حساس؟
1. التثبيط المؤقت:
غالبًا ما يوصم الأطفال ذوو الحساسية العالية بالانطواء أو الجبن أو البلادة لأنهم لا يندمجون بسهولة مع التجارب الجديدة، ولكن هذه التعبيرات ليست دقيقة على الإطلاق، ما يحدث عند تعرض الطفل الحساس لتجربة جديدة أن دماغه يبحث عن مواقف مشابهة مخزنة في الذاكرة ليتوقع ما سيشعر به من فيض المحفزات والمشاعر غير المألوفة الذي سيواجهه، وإن تم دفعه رغمًا عنه فإنه لا يستطيع أن يستمتع بما يحدث، فالأسهل له أن يرفض الفرح والسرور بدلًا من التكيف مع ما لا يعلم من محفزات سيضطر مخه لمعالجتها أولًا.
2. الوعي العالي بالعواقب:
تحفز حواس الطفل الحساس ينمي مهارات التفكير لديه إلى حد كبير، مما يجعل قدرته على تخيل عواقب الأمور عالية، إذا شاهد الطفل الحساس خبرًا عن أحد الحرائق فيمكنه أن يعالج كل ما شاهد من معطيات ونتائج ويخزنها في عقله، ويستخدمها في حياته الخاصة ليخفف المخاطر التي يتعرض لها، وهذا سبب آخر لتباطئه أحيانًا في التجارب الجديدة.
3. الضمير اليقظ:
الطفل الحساس يميل لعمل الأشياء بأفضل صورة لها، ويهمه كثيرًا ألا يخطئ، وإن وقع في أحد الأخطاء الطبيعية فقد يأخذ رد فعله سلوكًا متطرفًا في تقبل الأمر، مما يجعله يشعر بالكثير من التوتر قبل الاختبارات أو المسابقات، وقد يدخل في نوبة من البكاء وتوقع الفشل المسبق.
كيف تساعد طفلك الحساس؟
الطفل الحساس يتعرض لكثير من الانتقادات والمقارنات مع أقرانه الأكثر انخراطًا في بيئتهم، وعندما يحدث هذا بجانب ميله الفطري لعمل الأشياء بأفضل صورة فقد يؤدي لإحساسه بالخزي، وجلد الذات، فكيف يمكنك أن تساعد طفلك الحساس؟
1. أقر مشاعره:
الطفل الحساس مستقبلاته من العالم مختلفة عنك، وهو لا يفتعل الحزن أو الغضب، هو يتحمس بشدة ويكون مفرط الطاقة، أو شديد الغضب، أو يشعر بالهلع الشديد، إنه يشعر بتلك المشاعر بهذا القدر حقًّا الذي يظهر عليه. من المهم أن يتعلم الطفل الحساس أسماء المشاعر التي يشعر بها ليستطيع التواصل معك عنها واكتساب طرق مقبولة اجتماعية لتنفيثها دون ضرر يقع عليه أو على من حوله، فإنه إن لم يتعلم التعبير عما يشعر لفظيًّا فسيعبر عنه بسلوكياته التي قد تكون خاطئة بلا وعي منه.
2. قدر اختلافه:
أن يكون الطفل حساسًا هذا لا يعني أنه يعاني اضطرابًا ما، هذه فقط طبيعة شخصية تحتاج لمعاملة مناسبة، عندما تحاول تغيير طبيعته فلن يكون هذا ذا جدوى، وإن كانت هذه الطبيعة المختلفة يرافقها بعض التحديات، فهي أيضًا تميز من يملكها بمميزات رائعة، فالطفل الحساس متعاون ومتعاطف بشدة مع الآخرين ولطيف معهم.
3. خذ معه خطوات صغيرة:
شدة التحفيز الحسي لدى الطفل الحساس تمنعه أحيانًا من التصرف بشكل صحيح، تزويده بمهارات التفكير المنطقي ووضع خطوات محددة للتصرف في المواقف المحتملة يساعده كثيرًا في تخطي الأوقات الصعبة.
4. أبطئ وتيرتك:
إذا كانت الإضاءة القوية والأصوات العالية والازدحام يسببون انزعاجًا قويًا لطفلك الحساس، فإعطاؤه فرصة كافية لمواكبة الوضع وشحن طاقة التواصل بداخله أولًا يجنبك ويجنبه الكثير من التعليقات والانتقادات التي تزيد الوضع سوءًا.
5. ناقشه وحاوره:
القاعدة الأساسية لمحاورة الطفل الحساس هي التعاطف مع مشاعره أولًا، وإعطاؤه الفرصة للتعبير من وجهة نظره هو، عندما يشعر بالارتياح من إلقاء عبء حدة مشاعره فسيكون أقدر على التعاطف مع وجهات نظر الأطراف الأخرى، استخدام الأسئلة ذات الجودة يساعده على التوصل لحلول مرضية للجميع.
6. أعطه بدائل للتعبير:
لا ينبغي أن تجبر الطفل الحساس على التوقف فورًا عن البكاء، ولكن يمكنك أن تستخدم معه وسائل بديلة لتهدئته، كالإلهاء بلعبة أو الغناء في مرحلة الطفولة المبكرة، وعندما يكبر الطفل قليلًا يكون الأمر أسهل في تزويده باستراتيجيات تهدئة مختلفة، كالعد العكسي أو استخدام كلمة سر مضحكة عند النطق بها يقطع حبل أفكاره السلبية، ثم العودة لإقرار المشاعر، ثم الحوار والنقاش لحل المشكلة.
7. التزم بالقواعد:
ليس معنى أن الطفل الحساس يتأثر بشكل أكبر من العادي أن نجنبه تحديات الحياة ونمارس عليه الإفراط في الحماية، أو نجنب أنفسنا مواجهة ثورة مشاعره بتخطي القواعد. كل الأطفال يحتاجون للالتزام بالقواعد المتفق عليها على المدى الطويل، فهذا ما سيجعله أكثر توافقًا مع مجتمعه لاحقًا، لا مانع من بعض المرونة أحيانًا، ولكن كاستثناء.
كل طفل وله طبيعة خاصة به ومميزة جدًّا، ولا يستحق أي إنسان اللوم من أجل طبيعته المختلفة.