تعرف على الجديد في علاج مرض السكري
يصيب مرض السكري عددًا كبيرًا من البشر على سطح الأرض، ويزداد معدل الإصابة بالمرض بشكل مطّرد، فقد ارتفع عدد المصابين بالمرض من 108 ملايين مصاب عام 1980م إلى حوالي 422 مليون مصاب عام 2014م (1)؛ مما يشكل ارتفاعًا للمعدل العالمي للإصابة بمرض السكري بين البالغين من 4.7% عام 1980م إلى 8.5% عام 2014م (1)، وتشير المؤشرات إلى أن المرض ينتشر بشكل متسارع في الدول ذات معدلات الدخل المتوسط والمنخفض (1). يتسبب مرض السكري في العديد من المشاكل الصحية، حيث يعدّ واحدًا من الأسباب الرئيسية للإصابة بالعمى والفشل الكلوي والنوبات القلبية والسكتات الدماغية وكذلك حالات بتر الطرف السفلي (1)، كما تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن مرض السكري قد تسبب بشكل مباشر في وفاة حوالي 1.5 مليون شخص حول العالم عام 2012م (1)، كذلك تشير التقديرات إلى أن مرض السكري سوف يكون سابع أكبر مسبب للوفيات في العام 2030 (2).
ما هو مرض السكري؟
مرض السكري هو مرض مزمن يحدث حينما لا يقوم البنكرياس بإنتاج كميات كافية من الإنسولين (النوع الأول من المرض) أو حين لا تستطيع أنسجة الجسم المختلفة استخدام الإنسولين الذي ينتجه البنكرياس بطريقة فعالة (النوع الثاني من المرض). الإنسولين هو الهرمون المسئول عن تنظيم مستوى السكر في الدم (3)، ويتسبب ارتفاع مستويات السكر بالدم الناتج عن المرض في العديد من الأضرار الكبيرة للكثير من أعضاء الجسد خاصة الأعصاب والأوعية الدموية (3). يمكن لمرض السكري من النوع الأول أن يصيب الإنسان في أي مرحلة من مراحل عمره، لكنه عادة ما يظهر قبل سن الأربعين خاصة في مرحلة الطفولة، ويمثل النوع الأول حوالي 10% من إجمالي حالات مرض السكري، وهو النوع الأكثر شيوعًا بين الأطفال، أما النوع الثاني من مرض السكري، فغالبًا ما ينتج عن عدم اتباع أسلوب حياة صحي وجيد، وهو يمثل حوالي 90% من إجمالي الحالات المصابة بالمرض (4).
ما الذي يسبب مرض السكري من النوع الأول؟
أثبتت الدراسات التي تم إجراؤها على المصابين بالنوع الأول من مرض السكري أن أجهزتهم المناعية تقوم بإنتاج أجسام مضادة مميزة موجهة نحو خمسة جزيئات في نسيج البنكرياس.
ينتج النوع الأول من مرض السكري عن خلل في الجهاز المناعي يؤدي إلى قيام الجهاز المناعي لجسم الإنسان باستهداف بعض الجزيئات في البنكرياس؛ مما يؤدي إلى قيام الجهاز المناعي بمهاجمة وتدمير خلايا بيتا المسئولة عن إنتاج الإنسولين. وقد أثبتت الدراسات التي تم إجراؤها على المصابين بالنوع الأول من مرض السكري أن أجهزتهم المناعية تقوم بإنتاج أجسام مضادة مميزة موجهة نحو خمسة جزيئات في نسيج البنكرياس. وحتى القريب العاجل، استطاع العلماء تحديد أربعة من تلك الجزيئات الكيميائية التي يقوم الجهاز المناعي باستهدافها، لكنهم لم يكونوا قادرين على تحديد الجزيء الخامس الذي ظل مجهولًا خلال العشرين عامًا الماضية، كان العلماء خلالها يطلقون عليه الاسم «جيلما Gilma»، وقد تغير ذلك الوضع حديثًا حين قام مجموعة من العلماء بنشر نتائج بحثهم الذي كشف الستار عن الجزيء الخامس. ففي ورقتهم البحثية التي نشرت في مجلة مرض السكري، أعلنت مجموعة من العلماء من جامعة لينكولن أنهم قد قاموا باكتشاف الجزيء الخامس الذي يقوم الجهاز المناعي بمهاجمته في مرضى السكري من النوع الأول.
كيف يمكن لهذا الاكتشاف أن يساعد البشرية؟
تبعًا للفريق البحثي، من الممكن أن يكون التعرف على الجزيء «tetraspanin-7» كونه هو خامس الجزيئات المميزة التي يستهدفها الجهاز المناعي في المرضى المصابين بالنوع الأول من مرض السكري خطوة مهمة في تطوير دقة الاختبارات التي تتم للتنبؤ بإمكانية إصابة فرد ما بالمرض. كذلك يبحث العلماء في إمكانية استخدام معرفتنا بذلك الجزيء في منع الهجوم المناعي عليه؛ وبذلك يكون من الممكن نظريًا حماية كل الناس من الإصابة بالمرض فعليًا. يقول الدكتور مايكل كريستي، الذي قاد الفريق البحثي صاحب الاكتشاف في جامعة لينكولن: «إن القدرة على اكتشاف الأجسام المضادة الموجودة في الدم، وتحديد الجزيئات التي تستهدفها تلك الأجسام المضادة قد أتاح للعلماء إمكانية تطوير اختبارات لتشخيص المرضى المصابين بالنوع الأول من مرض السكري، وتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة. وتشير الأدلة المستقاة من الاختبارات على الحيوانات والتجارب البشرية إلى أن النوع الأول من مرض السكري من الممكن منعه بين الأفراد الأكثر عرضة للإصابة به، وقد أثبت عدد من الأدوية التي تتدخل في تعديل الاستجابة المناعية فعاليتها في منع تطور المرض في الحيوانات، وإبطاء معدل فقد الخلايا التي تفرز الإنسولين في البشر»، مشيرًا إلى أن التوجه المستقبلي في الأبحاث الخاصة بالمرض يستهدف تطوير إجراءات تقوم بتعديل الاستجابة المناعية التي تسبب هذا النوع من المرض؛ لذلك فإنه من الضروري أن يتاح للباحثين أكبر قدر ممكن من المعلومات حول الجزيئات التي تستهدفها تلك الاستجابة المناعية، وأضاف أنه حاليًا، وبمعرفتنا لهوية الجزيء الأخير، فإنه من الممكن استغلال تلك المعرفة في اتخاذ خطوات واسعة في مجال التنبؤ بمرض السكري والعلاج المناعي له، وذلك بتضمين الأجسام المضادة الموجهة للجزيء tetraspanin-7 في فحوص تقييم احتمالية الإصابة بالمرض؛ مما سيساعد الباحثين على الاستجابة المناعية الفردية بشكل أفضل؛ مما يعد ضروريا لتطوير علاجات قادرة على منع الإصابة بالمرض أو على الأقل منع تقدم الحالة (5).
يتم استخدام المعلومات المتاحة عن الجزيئات التي يستهدفها الجهاز المناعي حاليًا في تجربة يتم إجراؤها في King’s College في لندن، وتستهدف تلك الدراسة تعطيل تطور المرض (8)، لكن الدكتور كريستي يرى أن معرفة الصورة الكاملة لما يسبب المرض حاليًا سوف تكون سببًا مهمًا في تغيير آليات رعاية وعلاج المرضى قائلًا: «عندما يقرر الجهاز المناعي أنه يرغب في التخلص من شيء ما، فإنه من الصعب جدًا منعه. ولذلك أثبت النوع الأول من مرض السكري أنه مرض يصعب منعه، لذلك فإننا نأمل -مع الانتهاء من تحديد الأهداف الرئيسية للجهاز المناعي في هذا المرض- أن يكون بإمكاننا إيجاد وسائل لمنع المرض عن طريق منع الاستجابة المناعية الموجهة لهذه البروتينات الخمسة دون أن نكون مضطرين لإضعاف الاستجابة المناعية بوجه عام؛ مما يجعل المريض معرضًا لأخطار العدوى. مع التطورات الأخيرة في فهمنا للمرض فإنني متفائل جدًا أننا سوف نكون قادرين على تطوير علاج للمرض الآن».
زرع خلايا بنكرياسية في أجسام المرضى
يحتاج المصابون بمرض السكري من النوع الأول إلى علاج مستمر مدى الحياة متضمنًا قياس مستوى السكر في الدم وحقن الإنسولين بصورة متكررة يوميًا (قد تصل إلى ما يزيد عن ثلاث مرات يوميًا) للحفاظ على مستوى السكر في الدم ضمن المستويات المقبولة والطبيعية. ومع صعوبة تلك الطريقة في العلاج، قام فريق من العلماء بدراسة لتقييم كفاءة وسلامة علاج تجريبي جديد قائم على استبدال الأنسجة التي قام الجهاز المناعي بتدميرها، بأنسجة بديلة من أجساد المتبرعين بعد وفاتهم لتقوم بإنتاج الإنسولين بدلًا من الخلايا التي قام الجهاز المناعي بتدميرها (9)، تضمنت التجربة 48 شخصًا ممن يعانون من مرض السكر من النوع الأول منذ أكثر من 5 سنوات، وتمت زراعة الخلايا للمشاركين في التجربة مع إعطائهم أدوية مثبّطة للمناعة لمنع رفض أجسادهم لتلك الخلايا، ونشرت نتائج تلك الدراسة على الإنترنت في الثامن عشر من إبريل عام 2016م موضحة أنه بعد عام من زراعة الأنسجة الجديدة، كانت النتائج إيجابية في حوالي 88% من المشاركين الذين حافظت أجسادهم على تحكم شبه طبيعي في مستويات السكر في الدم، وانخفضت تلك النسبة إلى 71% بعد مرور سنتين من تاريخ الزرع. وعلى الرغم من بعض الآثار الجانبية الجادة، إلا أن أيًّا منها لم يؤدِّ إلى الوفاة أو العجز (9).
- Global Report on Diabetes
- Projections of Global Mortality and Burden of Disease from 2002 to 2030
- Definition, diagnosis and classification of diabetes mellitus and its complications. Part 1: Diagnosis and classification of diabetes mellitus.
- NHS Choices: Diabetes
- Type 1 Diabetes Breakthrough: Scientists Identify Key Molecule Targeted By Immune System
- Final piece of type 1 diabetes puzzle solved
- Identification of Tetraspanin-7 as a Target of Autoantibodies in Type 1 Diabetes
- Trial aims to 'stall' type 1 diabetes
- Islet transplantation restores blood sugar control in type 1 diabetes