سييريت متكال: هل يمكن للنخبة الصهيونية إيقاف المقاومة؟
منذ أول أبريل/ نيسان 2022 والقوات الخاصة الإسرائيلية أعلنت حالة التأهب الكامل استعدادًا للتعامل مع موجة الإرهاب، على حد وصف الإعلام الإسرائيلي، التي يقودها شباب فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي. رئيس قسم العمليات في الجيش الإسرائيلي، الجنرال عوديد باسيوك، قرر أن يضع عددًا من القوات الخاصة تحت إمرة الشرطة الإسرائيلية بشكل مباشر كي تتحرك سريعًا حال وقع هجوم داخلي، وعلى رأس تلك القوات الخاصة توجد قوة سييريت متكال.
سييريت هى وحدة هيئة الأركان العامة، ولشدة جاهزيتها ونخبويتها تُعرف في الداخل الإسرائيلي باسم الوحدة. تخضع الوحدة لهيئة الأركان العامة بصورة مباشرة، ويتركز هدفها على التعاون مع هيئة المخابرات لجمع معلومات استخباراتية من قلب الدول العدوة، غالبًا ما تكون غزة وعددًا من الدول العربية. ويتدرب أفرادها على كافة أنواع القتال البري خصوصًا، محاربة الإرهابيين في الداخل الفلسطيني المحتل.
وُلدت تلك الوحدة عام 1957 بمباردة الرقيب إبراهام ارنان. ونواتها الأولى كانت عددًا من المحاربين السابقين، والخارجين من وحدة القوات الخاصة 101 ووحدة المظلات. لهذا توصف بأنها نخبة النخبة.
لكن ظلت الوحدة تعمل بشكل غير رسمي حتى منتصف الثمانينيات كي لا تكون عرضة للمساءلة القانونية، أو مصدرًا للإحراج الإسرائيلي حال ارتكبت انتهاكات مباشرة. ثم بعد الانتفاضة الأولى صدَّقت إسرائيل رسميًّا على وجودها.
الجريء ينتصر
الجريء هو من ينتصر، ذلك هو شعارها. ويُعد أحد الأشياء القليلة المعروفة عن الوحدة حتى الآن. ولا يُعرف الشروط فيمن ينضم إليها، سوى أن قبول الجنود في تلك الوحدة يُعد الأصعب في الجيش الإسرائيلي.
وعند قبولهم تُجرى لهم اختبارات كاملة للتأكد من سلامة أجسادهم، ثم يتم تحويلهم إلى فحص نفسي، ثم معسكر لبلورة أفكار محددة داخل عقولهم. وفي النهاية يوضع تقرير شامل عن كل مشارك، ويُرفع إلى قيادة الأركان وهي من تقرر من سيبقى في الوحدة، ومن سيُرسل للوحدات العادية في الجيش.
المقبول منهم يقضي نصف عام في التدريب على استخدام المظلات، والنصف الآخر يقضيه في التنقيب والبحث عن جهات محددة والوصول لأماكن حساسة في بلد آخر دون الكشف عنه، ومن يجتاز هذا العام يتم قبوله نهائيًّا. ومن أبرز من استمروا في سييريت متكال وتخرجوا فيها إيهود باراك، قائد الوحدة الذي صار قائدًا عامًّا لهيئة الأركان.
وبينيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وقائد فصيل في الوحدة. شاؤول موفاز، نائب رئيس الوحدة وصار رئيسًا للأركان العامة للجيش. كذلك خدم فيها آفي ديختر، الذي ترأس جهاز الشاباك سابقًا، وداني يتوم، الذي قاد الموساد. ونافاتالي بينت زعيم حزب الوطن الإسرائيلي، ورئيس الوزراء الحالي.
غابت عن الحروب الكبرى
لم يبرز اسم سييريت متكال كثيرًا في الحروب الإسرائيلية الكبرى سواء حرب يونيو/ حزيران 1967، أو أكتوبر/ تشرين الأول 1973. فالوحدات العادية في الجيش غالبًا ما تنجز كافة المهام الصعبة قبل وصول قوات النخبة. بينما تقوم الوحدة بعمليات في عمق البلدان الأخرى مثلما قامت في عملية بعلبك في لبنان عام 2006 حيث قامت باختطاف عدد من المواطنين اللبنانيين، لكن تبين لاحقًا أنهم ليسوا المقصودين، فأعلنت إسرائيل عن فشل العملية.
لكنها شاركت في عدد آخر من العمليات مثل الهجوم على جزيرة جرين، الجزيرة الخضراء، في حرب الاستنزاف عام 1969. وعملية تحرير الرهائن من الطائرة سابينا المختطفة في مطار اللد عام 1972. كما اختطفت الوحدة عددًا من ضباط المخابرات السورية من جنوب لبنان عام 1972 بهدف مساومة الحكومة السورية على إطلاق سراح طيارين إسرائيليين كانا في الأسر السوري.
كما كانت الوحدة هي من اغتالت يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر، قياديي هيئة التحرير الفلسطينية. وأطلق الجانب الإسرائيلي على تلك العملية عملية ربيع الشباب، وتمت تلك الاغتيالات عام 1973.
كذلك قادت الوحدة عملية عنتيبي في أوغندا لتحرير طائرة فرنسية اختُطفت في أوغندا، وكان يونتان نتنياهو، شقيق بينيامين نتنياهو، قائدًا للوحدة في تلك العملية وقُتل فيها. ومن آخر ما شاركت فيه الوحدة هو عملية البحث وقتل منفذ عملية إطلاق النار في تل أبيب في 8 أبريل/ نيسان 2022.
تاريخ من الفشل
من أبرز العمليات التي تعرضت لها الوحدة الإسرائيلية هي عملية حد السيف. ففي عام 2019 أعلنت كتائب القسام إفشالها مخططًا استخباراتيًّا ضخمًا كانت سييريت متكال تنوي القيام به ويتركز على زرع أجهزة تجسس في مناطق متعددة من غزة. أبو عبيدة قال إن الوحدة زوَّرت بطاقات هوية بأسماء عائلات حقيقية في غزة، واستخدمت سيارات تابعة لجمعية خيرية، ودخلت في قوة مكونة من 15 فردًا، للتنفيذ والتأمين. وكانت المُعدات المستخدمة قد سبق إدخالها للقطاع عبر أسبوعين من التهريب، لكن الكتائب رصدت معدات التنصت، وكانت في انتظار الوحدة.
المتحدث باسم كتائب القسام في بيانٍ بعنوان ما سُمح بالنشر كشف ما تحصلت عليه المقاومة الفلسطينية من الوحدة. وكان من أبرز ما نُشر هو الصور الشخصية لقوات تلك الوحدة.
وفي عام 2018 عانت الوحدة الإسرائيلية من فشل آخر في شرق خان يونس. فعند تسلل قوة من الوحدة لخان يونس كشفتها الدورية الأمنية التابعة لحماس، فوقع اشتباك مباشر بين الطرفين. واستشهد في تلك الاشتباكات سبعة من رجال حماس، على رأسهم القيادي نور بركة. وكشفت حماس بأن الوحدة لاذت بالفرار بعد الاشتباكات لكنها تركت وراءها كنزًا معلوماتيًّا واستخباراتيًّا، على حد وصف قيادة حماس.
ذلك الكنز يُقصد به عدد من الأجهزة الإلكترونية كانت تتواصل بها الوحدة مع القيادة الإسرائيلية. وحين استولى مهندسو القسام على الأجهزة استطاعوا إخراج تسجيلات ومقاطع فيديو كانت تخص العملية المزمع تنفيذها. وأن المهندسين استطاعوا فك شفرة الأجهزة بالتالي تمكنوا لمدة زمنية معقولة من الولوج لشبكة سييريت متكال الرئيسية.