ضحكة ساري: لأنه فك «شفرة كلوب» لجوارديولا ورفاقه
الأمر أصبح محرجًا، فجوارديولا خسر الموسم الماضي أمامهم ثلاث مرات متتالية. ساري وجوارديولا من نفس المدرسة وينتهجان أفكارًا متشابهة. بعد أن كان الجميع يظن أن الدفاع المتأخر بركن الباص هو أكبر تهديد لتلاميذ بييلسا وكرويف، أتى يورجن كلوب بالضغط العالي المعروف بالـ«Gegenpressing» ليصبح أكثر من يحرج هذه المدرسة.
قبل أسابيع قليلة، وتحديدًا عقب فوز تشيلسي على أرسنال في الجولة الثانية من البريميرليج،صرح ماوريسيو ساري مدرب تشيلسي هذه التصريح ردًا على اعتبار ناديه منافسًا على اللقب، وكأنه يطالب الجميع بالصبر حتى يستعد جيدًا لتلك المعركة.
وقبل بداية قمة الجولة الثامنة من البريميرليج بين تشيلسي وليفربول، عبر كلوب عن إعجابه بتشيلسي ساري، واعتبر أن ذلك التحول في أداء تشيلسي خلال فترة وجيزة أمر لا يصدق. الأمور تسير بسرعة على غير المُتوقَع. ساري لاحظ ذلك وشعر أنه قد اقترب من الحل بعد أن تمكن من الفوز على ليفربول في الأنفيلد في كأس رابطة المحترفين الإنجليزية، لكنه لم يرد التسرع لأن كل الأسلحة لم تٌستخدَم في تلك المواجهة، والمواجهة الأصعب بعد أيام فقط.
بالفعل كان ساري على بعد دقائق من الفوز على كلوب للمرة الثانية في أسبوع لولا تسديدة ستوريدج، لينتهي اللقاء بالتعادل بهدف لمثله. لكن المدرب الإيطالي أظهر مرونة غير معهودة في أفكاره، والتي قد تساعد جوارديولا في مواجهة ليفربول في الجولة القادمة.
كسر إيقاع ليفربول
لم يجد تشيلسي حرجًا في التخلي عن التمريرات القصيرة والمخاطرة بالتدرج بالكرة من مناطقه -معظم الوقت- حتى يتجنب الضغط العالي لليفربول. التمريرات القصيرة تستفزهم، وكلما أسرعت من الإيقاع، يصبح لاعبو الليفر أسرع منك ويكسرون إيقاعك. تمامًا كما فعلوا مع مانشستر سيتي في المواجهات الثلاث الأخيرة ضدهم.
لاعبو خط الهجوم والوسط لليفربول قطعوا أربع كرات فقط (فيرمينو صفر)
في المقابل فإن يورجن كلوب لم يكن يحاول دفع لاعبيه للأمام من أجل مزيد من الضغط. وأغلب الظن أنه أدرك أن جودة دافيد لويز وجورجينيو بالكرة أفضل من أوتاميندي وفيرناندينيو، لذلك فإن اندفاعه قد يضره. فإذا استطاع تشيلسي أن يكسر خط الضغط الأول لليفربول فحتمًا ستصل الكرة إلى هازارد في وضع أكثر راحة، وهازارد سيتكفل بالباقي.
لذلك غامر كلوب بالاستغناء عن صانع ألعابه الأول وهو الضغط العالي، وهذا ما أظهرته إ حصائية الأهداف المتوقعة، حيث حقق الليفر أقل معدل له منذ بداية الموسم.
نسخة من هدف بيدرو في مرمى أرسنال
لنتذكر ذلك الهدف الذي أحرزه بيدرو في مرمى أرسنال منذ أسابيع. ويليان كان يلعب على الجانب الأيسر أمام ألونسو وبيدرو على الجانب الأيمن. ويليان يسقط إلى منتصف الملعب، وبيليرين يتحرك وراءه تاركًا مساحة كبيرة خلفه. يستلم ويليان الكرة ويمررها لجورجينيو الذي يمررها إلى ألونسو القادم من الخلف، والمنطلق في المساحة خلف بيليرين. يحاول مختاريان اللحاق به لكن دون جدوى، ليمررها عرضية إلى بيدرو.
https://www.youtube.com/watch?v=KCuUFzRReFc
نفس الجملة تقريبًا مع اختلاف بسيط. هازارد يسقط إلى وسط الملعب، والظهير الأيمن أرنولد يتابعه. هازارد يلعبها من لمسة واحدة إلى كوفاسيتش، الذي يتبادل الكرة مع جورجينيو ثم يمررها لهازارد الذي انطلق في المساحة التي تركها أرنولد وراءه؛ ليسددها بقدمه اليسرى محرزًا هدف التقدم.
استخدم ساري جناحيه في سحب أظهرة الخصم، واستغلال المساحة خلفهما. لا عجب في ذلك لأن ساري يمتلك أفكارًا هجومية مميزة، والأهم من ذلك أنك تشعر أنه رفع من ذكاء لاعبيه وجعلهم أكثر قدرة على خلق المساحات واستغلالها.
أفضل لاعب بالبريميرليج
دائمًا ما ينتظر النجوم مواجهة بعضهم البعض على أرض الميدان. تشعر أن المباراة تتحول إلى تحدٍ خاص بينهم. كان من المفترض أن تكون مواجهة تشيلسي وليفربول كذلك. أفضل لاعب في الموسم الماضي ضد أفضل لاعب في الموسم قبل الماضي. لكن نجمنا العربي محمد صلاح لم يكن في الموعد، وترك هازارد وحيدًا على المسرح.
ما الذي يميز هازارد عن الجميع -عدا ميسي بالطبع-؟ أنه يملك ذكاءً فطريًا يمكنه بنسبة 99% من اتخاذ القرار الأنسب. يعرف متى يراوغ ومتى يمرر من لمسة واحدة،ومتى يطيل الاحتفاظ بالكرة. الكرة التى يجب أن تُمرر يمررها، والتى يجب أن تُسدد يسددها لذلك عندما يكون في يومه، لا يجاريه أحد.
ماوريسيو ساري أتى بأفكار جديدة وأقنع هازارد بالبقاء عوضًا عن الذهاب إلى ريال مدريد. بل وطالبه أيضًا بإحراز المزيد من الأهداف. أربعون هدفًا في الموسم لأنه يرى أن لاعبه يستحق أن يُصنف بجوار ميسي ورونالدو. لذلك يعطيه ساري الحرية في التوغل من الخط الجانبي إلى داخل الملعب تاركًا المجال لتقدم الظهير الأيسر ألونسو، أو بالتواجد خلف المهاجم. وفضل أوليفيه جيرو على ألفارو موراتا لقدرته على اللعب كمهاجم «Target» يستلم تحت ضغط ويمرر لزميله القادم.
كلوب يصل متأخرًا
لماذا لا يبدأ نابي كيتا؟ تم طرح نفس السؤال في مباراة دوري الأبطال ضد باريس سان جيرمان، و برر «ريو فيرديناند» الأمر حينها بافتقاد اللاعب الغيني للخبرة الأوروبية مقارنةً بقائد الفريق «جوردان هيندرسون».
لكن لماذا تكرر الأمر مرة أخرى في الدوري؟ لعل كلوب يرى أن الثلاثي فينالدوم، وميلنر، وهيندرسون أكثر تفاهمًا وتجانسًا لتطبيق الضغط العالي كما يريد. لا أحد يعلم السبب الحقيقي، لكن ما نعلمه أن مجريات اللقاء عجلت بنزول كيتا في وقت مبكر وليس في الدقيقة 78.
تشيلسي كان متراجعًا، ولم يكن يخرج لاعبو تشيلسي إلا بين الحين والآخر لمضايقة قلبي دفاع ليفربول أثناء البناء لإجبارهم على لعب كرات عالية تسهل مهمة دفاع البلوز. المسافة بين خطي وسط ودفاع تشيلسي كانت متقاربة. لذلك كان الليفر في حاجة إلى الأكثر مهارة في وسط الملعب وليس الأوفر مجهودًا – مع العلم أن كيتا صاحب مجهود وفير أيضًا. كيتا يجيد الاختراق والتسديد، لذلك عدم وجوده أساسيًا يمثل علامة استفهام كبيرة.
لماذا صلاح؟
كان صلاح أكثر لاعبي الريدز خطورة على مرمى تشيلسي. كان الأكثر تسديدًا بأربع تسديدات، والأكثر مراوغة بثلاث مراوغات ناجحة من أصل أربعة ويليه نابي كيتا بمراوغتين ناجحتين. فيرمينو وماني لم يكن لهما وجود تقريبًا، فلماذا اختار كلوب تغيير صلاح؟
يعاني صلاح من أزمة ثقة وكلوب يدرك ذلك جيدًا، لذلك لا يريد أن يقسو على لاعبه. نعم صلاح كان الأكثر تهديدًا على المرمى، لكن مع كل إهدار كان يخرج ذهنيًا من المباراة. تعابير وجه صلاح كانت كفيلة لتنقل للمدرب حالة لاعبه وتجبره على تغييره.
تقنيًا يحتاج صلاح إلى مزيد من العمل. قراراته خارج منطقة الجزاء، اللمسة الأولى ودقة التمرير تحتاجان إلى التطوير. يجب أن ينسى ما حققه الموسم الماضي ويبدأ من جديد حتى يزيح ذلك الضغط عن كاهله، ويعود إلى تركيزه.
نتائج ليفربول لم تتأثر على الرغم من أن خط هجومه كاملًا لا يعيش أفضل أيامه. انتهاء اللقاء بالتعادل حافظ على سجل الفريقين خاليًا من الهزيمة في الدوري حتى الآن. ضحكات ساري مع كلوب عقب انتهاء اللقاء كانت تعني الكثير للإيطالي. مدير البنك الأسبق صرح قبل المباراة بأنه سيقيس عمله من خلال مواجهة الليفر، سيعرف أين هو من مستوى الكبار. ويبدو أنه وجد نفسه أقرب مما توقع، وكانت ضحكاته العفوية تنم عن فخره بما أنجزه حتى الآن.