صدام حفتر في إسرائيل: التطبيع مقابل توريث ليبيا؟
أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية أن صدام خليفة حفتر، نجل الجنرال خليفة حفتر، زار إسرائيل خلال الأيام الماضية، حيث التقى مسؤولين رفيعي المستوى، حاملًا رسالة من والده، يطلب فيها مساعدات «عسكرية ودبلوماسية» مقابل انضمام ليبيا إلى ما يعرف بـ «اتفاق إبراهام» الذي ضم الإمارات والبحرين والمغرب إلى دائرة التطبيع مع إسرائيل، بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في ليبيا والمقررة 23 ديسمبر 2021.
وقالت هاآرتس إن طائرة خاصة من طراز داسو فالكون فرنسية الصنع توقفت لفترة وجيزة في مطار بن جوريون في تل أبيب، يوم الإثنين الماضي، قادمة من دبي، قبل أن ترحل إلى ليبيا. وقدرت تقارير إسرائيلية مدة الزيارة المفاجئة بـ 90 دقيقة، وقالت إنها كانت تحمل صدام حفتر تحديدًا.
ليس اللقاء الأول
ليس معروفًا بالتحديد من قابلهم صدام حفتر خلال الزيارة القصيرة، لكن التقارير الإسرائيلية تقول إنه كان على اتصالات سابقة مع دائرة «تيفيل» في وكالة التجسس التابعة للموساد، والتي تتعامل مع دول لا تربط إسرائيل علاقات معها. بينما يفترض أن ليبيا لا ترتبط بعلاقات رسمية مع إسرائيل، وأنها كانت من أشد المؤيدين للقضية الفلسطينية، خاصة في ظل حكم معمر القذافي الذي أطيح به في 2011.
لكن بعد 2011، دخلت ليبيا في حالة اضطراب، وانقسمت بين إدارتين متنافستين في الشرق والغرب، تدعم كل منها ميليشيات مسلحة وحكومات أجنبية.
ورغم امتناع إسرائيل عن إعلان موقف من الحرب الأهلية في ليبيا، فإن مزاعم تورطها قائمة في الكواليس، إذ ينظر إليها على نطاق واسع أنها متحالفة مع حلفاء خليفة حفتر.
وفي مقابلة نادرة مع صحيفة إسرائيلية العام الماضي، دعا نائب رئيس الوزراء في حكومة الشرق الداعمة لقوات خليفة حفتر، عبد السلام البدري، إسرائيل لدعم حكومته، قائلًا إن الطرفين «لم ولن يكونا أعداء»، وأن «الظرف فقط هو الذي فصلهما حتى اللحظة، مؤكدًا أن حكومته تدعم حل الدولتين كحل نهائي للقضية الفلسطينية».
وفي أبريل الماضي، قال تقرير في صحيفة واشنطن فري بيكون إن صدام خليفة حفتر التقى سرًا بمسؤولين في وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، في واشنطن.
وزعم التقرير أن المسؤولين الإسرائيليين اختاروا إجراء الاجتماع في واشنطن «كإشارة» للإدارة الأمريكية إلى أن إسرائيل تدعم وصول حفتر إلى رئاسة ليبيا.
السفارة الإسرائيلية في واشنطن رفضت التعليق على التقرير رسميًا، لكن الصحيفة نقلت عن مصدر مطلع على الاجتماع قوله إن حفتر والمسؤولين الإسرائيليين ناقشوا «الوضع في المنطقة» و«تطلعه لاستقرار بلاده».
وبحسب الصحيفة، يسوّق صدام حفتر نفسه باعتباره الرئيس الذي يمكنه تحقيق الاستقرار في ليبيا بعد سنوات من الصراع، وتخليص طرابلس من المتشددين الإسلاميين، وكبح تهريب المهاجرين إلى أوروبا، وإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل.
كيف وصلت ترتيبات الرئاسة إلى إسرائيل؟
ليس معروفًا ما إذا كان أيٌّ من الرجلين؛ الأب خليفة حفتر أو الابن صدام، ينوي الترشح في الانتخابات الليبية. لكن التقارير تقول إن ترتيبات تجري حاليًا ليقود أحدهما الدولة من موقع الرئاسة، بينما يتولى الآخر قيادة الجيش.
وبينما قالت تقارير إن خليفة حفتر يحاول خلق الأرضية لنقل قيادة الجيش الليبي إلى نجله صدام، الذي انضم للجيش فجأة دون خبرة أو تدريب سابق، أكدت تقارير أخرى أن صدام حفتر يعمل خلال الفترة الماضية لتولي منصب الرئيس نفسه، بينما يستمر والده خليفة حفتر في قيادة الجيش.
الطريق بدأ بتقرير لمجلة JaFaJ المتخصصة في استخبارات الشرق الأوسط، سلط الضوء على احتمال سيطرة صدام حفتر على ليبيا.
التقرير قال إن صدام «شخصية قوية جدًا، ذكي ولا يعرف الخوف، ويمكنه توحيد ليبيا ونقلها إلى عهد جديد». لكنه أضاف أن سمعة صدام «تعرضت للتشويه المتعمد عبر حملات جماعة الإخوان وأجهزتها وروابطها الإعلامية، وقنوات مثل الجزيرة، لذلك يحتاج إلى حملة يعيد فيها تقديم نفسه إلى ليبيا والعالم كصانع سلام لا يتسامح مع الإرهاب».
المجلة توقعت ألا يقبل جو بايدن بحكم صدام خليفة لحفتر، لذا كان مهمًا أن يعمل إلى جانب من وصفتهم بـ «القوى المعتدلة في الشرق الأوسط» ليجد لنفسه حلفاء جدد في الغرب لتبرئة اسمه ودعمه في توفير وجود جاد على الأرض في ليبيا، فضلًا عن هيكل متقدم من المساعدات الاستخبارية وأسلحة أكثر تطورًا».
من هنا، بدأت مساعدة صدام حفتر عبر شركات علاقات عامة ومستشارين إستراتيجيين من فرنسا والإمارات.
داخليًا، تزوج صدام حفتر في نوفمبر 2020 من ابنة اللواء محمد المدني الفاخري، وزير الداخلية السابق في الحكومة المؤقتة، والشخصية الرئيسية في شبكة القوات المسلحة الليبية ومهندس جزء كبير من مشروعاتها الاقتصادية، وخارجيًا، من بوابة إسرائيل.
الترتيب البديل
تتوقع لاريبابليكا الإيطالية ترتيبًا بديلًا يتضمن ترشح خليفة حفتر نفسه لرئاسة ليبيا، على أن يتولى صدام، أصغر أبنائه الستة، مقاليد «الجيش الوطني الليبي» بمساعدة شقيقه الأكبر خالد.
تقول الصحيفة إنهما لم يتلقيا أي تدريب عسكري، لكن صدام تحديدًا -الذي أدار ميليشيا في 2011- أرسل إلى كلية عسكرية في الأردن، ثم عاد ليعين فورًا برتبة في 2016 دون سند قانوني، قبل ترقيته إلى رتبة عقيد في 2019.
تضيف الصحيفة الإيطالية أن خطة حفتر ليست تافهة، حتى لو كانت العودة إلى «حكم السلالة الذي رتب له القذافي» تحمل الكثير من الليبيين نوعًا من الكابوس. لكنها تستفيد أولًا وقبل كل شيء من مصالح «القوى المعتدلة» التي لا تريد السماح لحكومة ذات دور قوي للإخوان المسلمين بالترسخ في ليبيا بدعم من تركيا.
بعد ذلك، يستفيد حفتر من الوجود المستقر الآن للمساعدات العسكرية الروسية والإقليمية الأخرى، لترسيخ انتشاره العسكري بشكل أكثر فعالية مما يمكن أن تفعله الميليشيات المنقسمة الآن في طرابلس ومصراتة.
في هذا الإطار، قام حفتر أولًا بتهميش رئيس أركان الجيش الوطني الليبي، اللواء عبد الرازق الناظوري، الذي يعتبره منافسًا لأبنائه، قبل أن تتكرر رحلات صدام الإقليمية، وآخرها في تل أبيب.
عقبات أمام حفتر الابن
رغم ذلك، هناك عقبات في طريق صدام حفتر إلى رئاسة أو قيادة جيش ليبيا. ربما تكون أولها مذكرة بتاريخ ديسمبر 2019، صادرة عن الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في المملكة المتحدة (NCA) حول اختلاس كميات كبيرة من الأوراق النقدية من عملة اليورو من فرع بنغازي لمصرف ليبيا المركزي في نهاية 2017 ثم إعادة توجيهها إلى أوروبا للتبديل.
المذكرة اتهمت صدام خليفة حفتر، كقائد للواء 106 بالجيش الوطني الليبي بالاستيلاء بالقوة على 159.7 مليون يورو و1.9 مليون دولار أمريكي و5869 قطعة نقدية فضية من الفرع، ثم تقاسمها بين كبار قادة الجيش، قبل محاولة تبديلها في بنوك أوروبية بعدما أتلفتها مياه الصرف.
بعد ذلك، هناك حقيقة أن صدام -حتى داخل الجيش- يصنف كقائد عنيف وغير جدير بالثقة، بما يجعله، رغم منحه دورًا قياديًا، ورغم إشراكه بعمق في ارتباطات والدته الدبلوماسية، مفتقرًا إلى دعم عميق في الجيش.
لكن بالنظر إلى عدم وجود مرشحين آخرين، ربما يكون الفرصة الوحيدة للحفاظ على وحدة القيادة.