مشهد مقتل السفير الروسي سينمائي بامتياز
شهد العالم في ليلة التاسع عشر من ديسمبر/ كانون الأول حادثة اغتيال السفير الروسي في العاصمة التركية أنقرة، ورغم أن الحادث تم نقله على الهواء مباشرةً إلا أنه ومن اللحظة الأولى يمكن ملاحظة أننا جميعًا شعرنا بأننا شاهدنا هذا المشهد من قبل؛ رجل يرتدي بدلة سوداء يحمل في يده مسدسًا، ويهتف بينما تنتقل الكاميرا من لقطة قريبة على وجه الضحية إلى لقطة بعيدة تُظهر مُنفذ العملية وحيدًا وهو يرفع يده إلى السماء ثم قطع مفاجئ. هل أصبح العنف جزءًا من ذاكرتنا البصرية، أم أن هذا المشهد كان حقًا مألوفًا جدًا بكل ما فيه. في هذا التقرير نتتبع عددًا من المشاهد التي تكاد تكون مطابقة لحادثة مقتل السفير الروسي في تركيا.
شاهدناه في Reservoir Dogs
رجل يرتدي بدلة سوداء وقميصًا أبيض وربطة عنق سوداء، ويوجه فوهة مسدسه لرجل آخر مستلقٍ على الأرض. شاهدنا هذا مسبقًا في فيلم Reservoir Dogs للمخرج الأمريكي الشهير كوينتن تارانتينو. وبشكل غريب للغاية تبدو إحدى الصور الملتقطة للشرطي التركي «مولود ألطنطاش» وكأنها إعادة تمثيل لأحد مشاهد هذا الفيلم، الذي يعد فيلم تارانتينو الأول، والذي صنعه متأثرًا بفيلم جريمة آخر صُنع في هونج كونج قبل ذلك بسنوات.
الفيلم يحكي قصة عصابة قامت بعملية سطو فاشلة ثم عاد من تبقى منهم حيًا إلى مستودع مغلق، وتستمر أحداث الفيلم بشكل كامل داخل أسوار هذا المستودع في صراع متواصل لمعرفة من الخائن الذي قام بالإبلاغ عن العملية. وفي هذا المشهد يوجه أحد اللصوص مسدسه نحو زميله في العملية؛ لأن كلاً منهم يشعر بالشك تجاه الآخر.
شاهدناه في Pulp Fiction
لقطة قريبة لرجل يبدو على وجهه الغضب الشديد، يوجه مسدسه نحو أحد أركان الغرفة فيما يبدو وكأنه سينفجر في الجميع. شاهدنا هذا من قبل في فيلم تارانتينو الثاني Pulp Fiction. مرة أخرى يحضر تارانتينو ولذا كان من الطبيعي أن يشعر أي متابع لأفلام تارانتينو بالألفة مع مشهد الاغتيال ومع أصوات الرصاص المتدافع وصورة القاتل الغاضب الذي لا تبدو هيئته كرجل متشدد أو مجرم أبله عنيف.
تارانتينو، المخرج الذي دخل عالم السينما بعد أن كان يعمل في أحد نوادي أفلام الفيديو، والذي صدم الجميع بكم هائل من العنف والقتل والرصاص والسباب في أفلامه الأولى، يعبّر عن رؤية ما بعد الحداثة التي ترى أن الإنسان لن يملك مصيره ولن يحكم عالمه وبالطبع لن تصل الإنسانية لعالم مليء بالحب والسلام.
في هذا المشهد يبدو الغضب وهو يفيض من عيني قاتل مأجور أدى دوره الممثل الأمريكي «صامويل جاكسون»، يرتل الرجل مقطعًا من الإنجيل قبل أن ينفذ عملية القتل، إذ يكرر «سوف ألقي غضبي الشديد وانتقامي ممن يحاول سجن وتحطيم إخوتي». أخبر تارانتينو المشاهدين بعد ذلك أن هذا المقطع مختلق.
من فيلم pulp fiction
استطاع الجميع تمييز صوت قاتل السفير الروسي وهو يكرر بالعربية «نحن من عاهدنا محمدًا على الجهاد”، فيما تُرجمت كلماته التركية التالية لتعني «هذا من أجل إخوتي في سوريا».شاهدناه في Munich
شاب وسيم الملامح يرتدي بدلة سوداء، يرفع سبابة يده اليسرى إلى السماء ويحمل مسدسًا في يده اليمنى، بجانبه جثة لرجل يعمل كسفير لدولة متورطة في عمليات قتل واسعة، تبدو على وجه الشاب علامة الرضا والتحدي والفخر بما أنجزه. بعد تلك الصورة بلحظات لقي هذا الشاب حتفه رميًا بالرصاص. لم يتم تصوير لحظات قتل هذا الشاب ولكن لو كان تم تصويرها لخرجت مطابقة لهذه الصورة.
الصورة من فيلم «ميونخ» إنتاج عام 2005 للمخرج الأمريكي الشهير «ستيفن سبيلبيرج»، الفيلم يحكي عملية خطف قام بها مجموعة من المسلحين الفلسطينيين أثناء أولمبياد ميونخ 1972 راح ضحيتها في النهاية أحد عشر إسرائيليًا من أفراد البعثة الأولمبية الإسرائيلية، كما تم قتل معظم أعضاء المجموعة الفلسطينية المسلحة.
أعلنت جماعة «سبتمبر الأسود» أنها قامت بخطف اللاعبين الإسرائيليين للضغط على حكومة الكيان الصهيوني للإفراج عن أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ولكن في النهاية انتهى الأمر برفض مطلبهم فقرروا طلب طائرة تعيدهم إلى القاهرة، ولكن الأمن الألماني قام بمحاصرتهم في المطار ظنًا منه أنه يمكنه القضاء عليهم دون تفاوض وإنقاذ الرهائن. فشلت الخطة كما فشلت خطة المجموعة الفلسطينية ومات الجميع.