رصاصات مرتدة إلى الصدر: عندما تحدث الانقلابات الفاشلة

شهدت تركيا بالأمس محاولة انقلابية جديدة على حكومة العدالة والتنمية، إلا أنه تم التصدي لتلك المحاولة فخرجت الأحزاب المعارضة لحكومة العدالة والتنمية ترفض تلك المحاولة قائلة أنه لا سبيل إلا الديمقراطية ولن تقبل التعاون مع قوات الانقلابيين، كما أن المواطنون خرجوا إلي الشوارع معترضين طريق الدبابات ومعرقلين طريقها لتتكاتف القوي ضد الانقلاب ويتم إلقاء القبض على العديد من قوات الانقلابيين من قبل الشرطة التركية.

الانقلابات العسكرية بالمغرب: لم ينجح أحد

https://www.youtube.com/watch?v=EYA7tasllEc

على الرغم من أن أغلب الدول العربية قد زارتها الانقلابات العسكرية وشهدت نجاح العديد من تلك الانقلابات، إلا أن المغرب العربي والذي شهد ست محاولات انقلابية لم ينجح أحدها وباءت جميعها بالفشل. إلا أن أشهر تلك المحاولات هما محاولتي عام 1971 و1972، كان أول تلك المحاولات في 10 يوليو/تموز 1971 بمدينة الصخيرات المغربية وقد قاد تلك المحاولة الكولونيل محمد اعبابو ضد الملك حسن الثاني، استغل الكولونيل فرصة احتفال الملك بعيد ميلاده 42 بالقصر الملكي بالصخيرات وقد جهز قوة عسكرية قوامها 1400 جندي للهجوم على القصر، ورغم أن عدد الضحايا كان كبيرًا إلا أن الملك استطاع أن يختبئ بأحد الغرف داخل القصر.

وفي بعض الروايات يقولون أن الملك قد أختبأ بـ «الحمام» وقامت القوات الموالية للملك بقتل القوة الانقلابية في ساعات قليلة تلت المحاولة، وفي نفس اليوم تم عقد محاكة عسكرية لعدد من جنرالات الجيش وقد حكم عليهم بالإعدام رميا بالرصاص وتم تنفيذ الحكم يوم 13 يوليو/ تموز من نفس العام.

لم يمر عام على محاولة الانقلاب تلك لتتبعها محاولة انقلاب أخري قادها الجنرال أوفقير والذي شغل منصب وزيري الدفاع والداخلية بالوقت ذاته في عهد الملك حسن الثاني، وكان أوفقير أحد أركان النظام الملكي والمقربين من الملك حيث تبني الملك ابنته أوفقير الكبيرة لتصبح رفيقة ابنته في القصر الملكي، خطط أوفقير لمحاولة الانقلاب تلك حيث لم يعجب بالفساد المستشري في البلاد وتذهب أقوال أخري إلي أنه كان يطمع في أن ينال مكانة أكبر داخل النظام.

كان الملك في رحلة خارج المملكة وأثناء عودته يوم 16 أغسطس/آب 1972 فوجئ بوجود ثلاث طائرات حربية تصوب نيرانها على طائرته وقد أصابت المحركات الرئيسية جميعها إلا أن الطيار استطاع أن ينقذ الطائرة والملك، وبعد ساعات من محاولة الانقلاب تلك كان أوفقير قد تم قتله وتم وضع أفراد أسرته بالسجون.

رفاق الدرب ينقلبون على الزعيم

في الأول من سبتمبر/أيلول عام 1969 استطاع الملازم أول معمر القذافي وقتها أن يقود حركة انقلابية ضد حكم الأسرة السونسوية لينهي الحكم الملكي ويؤسس الجماهيرية العربية الليبية، إلا أن عقب ثلاثة أشهر من نجاح حركة القذافي وبالتحديد في 7 ديسمبر/ كانون الأول 1969 قاد كلًا من وزير الدفاع آدم حواز ووزير الداخلية موسي الحاسي في حكومة القذافي محاولة انقلاب عليه لتفرده بالسلطة وإقصاء جميع من عاونوه في حركته.

إلا أن القذافي وفي نفس اليوم قد أعلن أنه أحبط المحاولة، وألقي القبض على قادة ذلك الانقلاب ليلقى الأول مصرعه بالسجن، ويقضي الثاني عشرون عامًا بداخله، كما كان هناك خمس محاولات انقلابية أخري لم ينجح منها أحد. إلا أن جاءت رياح الربيع العربي وأستطاعت أن تقتلع القذافي من كرسي الرئاسة الذى ظل محتكره لمدة 42 سنة.

المخابرت العراقية وإنقاذ صدام حسين

في يناير/ كانون الثاني 1990 شهد الاحتفال بتأسيس الجيش العراقي احباط محاولة الانقلاب على الرئيس صدام حسين.

حيث تم التخطيط إلي قصف المنصة التي يجلس بها الرئيس صدام حسين أثناء الاحتفال بالطائرات والدبابات المشاركة في العرض العسكري، وتنطلق مجموعة من العسكريين إلي القصر الرئاسي للسيطرة عليها، ولكن المخابرات العراقية استطاعت أن تكشف تلك المحاولة.

وكانت من أكثر الأمور الطريفة هي كيف سقطت خطة الانقلاب، حيث قام أحد ظباط الانقلاب بالفصح عن الخطة لشقيقه وخانه ظنه بأن يحفظ أخيه السر، حيث أبلغ عنهم وأُلقي القبض عليهم ليتم إعدام أغلب من خططوا لتلك الحركة.

القارة السمراء والانقلابات الفاشلة

أحد السخريات حول كثرة الانقلابات بإفريقيا

شهدت القارة السمراء العديد من المحاولات الانقلابية ولكثرتها قد يظن البعض أن جميع الانقلابات الإفريقية ناجحة، إلا أنها شهدت فشل العديد منها أيضا.

بروندي ومنع الرئيس من دخول المجال الجوي لبلاده

في شهر مايو/آيار 2015 شهدت بروندي محاولة انقلابية قادها الجنرال جوديفرويد نيومباري على الرئيس بيير نكورونزيزا، كان الرئيس وقتها خارج البلاد في زيارة لتنزانيا واستغل خلالها الانقلابيون تلك الفرصة وأعلنوا انقلابهم عليه ومنعوا طائرته من الدخول إلي المجال الجوي البروندي، إلا أنه استطاع الوصول إلي بروندي في اليوم التالي وتم منع الانقلابين من اقتحام مبني الإذاعة والتليفزيون، لتفشل المحاولة وليعلن أحد جنرالات الانقلابيين أن الانقلاب قد فشل وقد واجهوا إصرارا عسكريًا بدعم نظام الحكم.

السودان وانقلاب المذبحة

عقب عام واحد من انقلاب عمر البشير واستيلائه على الحكم بالسودان، شهدت السودان أقوي المحاولات الانقلابية في تاريخ انقلابات السودان. وكان هدف ذلك الانقلاب حل أزمة الجنوب وإقامة حكم ديمقراطي بالبلاد، وكانت تلك المحاولة تمت تنفيذها عام 1990 في شهر رمضان بقيادة الفريق خالد الزين واللواء ركن عثمان إدريس.

وكان عدد من قاموا بتلك المحاولة 28 ظابطًا، بعضًا منهم شارك بانقلابات ناجحة سابقًا، إلا أن تحركهم قد اتسم بالتسرع وعدم التنظيم مما أدي إلي مصرع الظباط ال 28 حيث تمت محاكمتهم جميعًا والحكم عليهم بالإعدام رميًا بالرصاص.

جامبيا وقوات البحرية

لم تكن بروندي الدولة الوحيدة التي استغل فيها الانقلابيون فرصة سفر الرئيس خارج البلاد لمحاولة السيطرة على الحكم، ففي 30 ديسمبر/ كانون الأول 2014 كان الرئيس يحيي جامع خارج جامبيا في زيارة إلي دبي، لتتقدم قوة عسكرية بحرية إلي شواطئ مارينا باردا وتطلق النيران على قوات الحرس الجمهوري، إلا أن قوات الحرس استطاعت التصدي لهم مما جعلهم يفرون.

إلا أن القوات الموالية للرئيس أخذت في تمشيط المنطقة المحيطة بالقصر، مما أسفر عن قتل ثلاثة من منفذي المحاولة وإلقاء القبض على أحدهم، ليخرج الرئيس في خطاب إلي شعبه بأنها لم تكن محاولة انقلابية وإنما عملية إرهابية.

الانقلابات ليست ناجحة كلها، فقد تفشل الكثير منها، ولا يعود ذلك إلي القدرات المخابراتية والأمنية للدول بل يعتمد أيضًا على وعي الشعب وإدراكه لما قد يعانيه من ويلات تلك الانقلابات مثلما حدث بالأمس في تركيا وظهر في تصريحات رؤساء أحزاب المعارضة هناك.