ماذا لو نجحت مساعي «داعش» في امتلاك سلاح دمار شامل
هل تنظيم «داعش» قادر على امتلاك أسلحة دمار شامل؟، وكيف يحصل عليها؟، وهل هذا ممكن بالفعل أم أنه توظيف غربي من أجل مزيد من التدخل في شؤون منطقة الشرق الأوسط؟. تزايدت المخاوف الدولية من امتلاك التنظيمات الإرهابية ومنها داعش لأسلحة دمار شامل، والتي تضم الأسلحة النووية والجرثومية والكيمائية، حيث ينبع التخوف الدولي من إمكانية استخدام الجماعات الإرهابية أسلحة دمار شامل وخاصة «داعش»، سواء من خلال شرائها أو تهريبها من الدول المنهارة مثل ليبيا أو الحصول عليها من المخازن العسكرية في المناطق التي سيطر عليها سواء في العراق أو سوريا، فما الذي يمكن أن يحدث؟.
سوابق وخطط داعش في استخدام أسلحة دمار شامل
لم يكتفِ «داعش» باستخدام الأسلحة التقليدية في عملياته الإرهابية أو للسيطرة على الأراضي سواء في سوريا أو العراق أو ليبيا أو غيرهم من الدول العربية التي يتواجد فيها وإن بشكل أضعف، إضافة لعملياته الإرهابية في الدول الغربية ومنها تفجيرات باريس في نوفمبر 2015، وأخيرًا تفجيرات بروكسل في مارس 2016، بل استطاع «داعش» استخدام الأسلحة الكيماوية في العراق وسوريا إذ قصف منطقة «تازة» بمحافظة كركوك بقذائف تحمل مواد كيماوية سامة مطلع مارس 2016، كما أكد الجيش السوري يوم 5 إبريل 2016 تصديه لهجوم شنه «داعش» على مطار «دير الزور» العسكري استخدم فيه غاز «الخردل»، وهذه ليست المرة الأولى حيث كشف مدير المخابرات المركزية الأميركية «جون برينان» أن «داعش» استخدم أسلحة كيماوية لمرات عديدة ويعتقد أن التنظيم قادر على صنع كميات صغيرة من غازات الكلورين والخردل، بل إنه قد يقدر على نقل مواد كيماوية لاستخدامها خارج مناطق نفوذه.
كما أن «داعش» لم يكتفِ فقط بالحصول على الغازات السامة بل تصنيعها حتى وإن كانت بدائية، إذ يسيطر على مختبرات جامعة «الموصل»، وأنه تمكن على الأرجح من تحقيق إنجازاته، حيث يسعى لإنتاج سلاح ربما يكون قذائف تدمير بدائية، حيث كلف «داعش» فريقًا من المتخصصين بإنتاج خلطة كيماوية أو جرثومية، قد تكون نواة لسلاح فتاك، وأن هذا الفريق لم يعد يشاهد داخل الجامعة ما يشير إلى أنه نقل نتائج أبحاثه وبعض معدّاته المهمة إلى «الرقة» خشية تعرض «الموصل» للقصف أو للتحرير، وهناك بعض الحوادث تؤكد ذلك فهروب عاملين في محطة نووية ببلجيكا وانضمامهما إلى «داعش» ليس حدثًا عارضًا.
لم يستخدم «داعش» الأسلحة الكيماوية في العراق وسوريا بل خطط لإحداث تفجيرات نووية في أوروبا، حيث تفجيرات بروكسل التي استهدفت بلجيكا في مارس 2016، خطّط منفذوها في البداية لإحداث هجوم نووي من خلال تفجير إحدى المحطات النووية حيث سبق التفجيرات قتل «داعش» أحد حراس منشأة نووية والحصول على بطاقة الدخول الخاصة به؛ وذلك للقيام بتفجير داخل المنشأة، وبهذا يسعى «داعش» لأساليب غير تقليدية لإحداث أكبر قدر من الدمار والفزع.
كيف يتحرك العالم لمنع «داعش» من امتلاك قدرات نووية؟
لم يقتصر الفزع الدولي من قدرة «داعش» القيام بعمليات تفجيرية فقط بل وصلت المخاوف للدعوة لتعاون دولي لمنعه من امتلاك سلاح نووي، إذ حذر أمين عام الأمم المتحدة «بان كي مون» في منتصف مارس 2016 من امتلاك التنظيم لأسلحة نووية أو كيماوية، وبالإضافة لذلك ركزت قمة الأمن النووي الرابعة والتي عقدت في واشنطن يومي 30 و31\3\2016 بمشاركة دولية واسعة على كيفية التصدي لإمكانية حصول التنظيمات الإرهابية على أسلحة دمار شامل.
دعا الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» خلال مشاركته بالقمة للتعاون الدولي للحيلولة دون حصول الإرهابيين على الأسلحة النووية واستخدامها رغم النجاح حتى الآن في منع تنظيمات الإرهاب من امتلاك السلاح النووي، واعترف أنه لا يزال هناك قدر كبير من المواد النووية والمشعة في جميع أنحاء العالم والتي تحتاج إلى التأمين، ومحذرًا من وجود أسلحة نووية صغيرة عرضة للسرقة؛ لذا تعهد المشاركون بالقمة التزامهم بمنع وصول الأسلحة النووية إلى أيدي الإرهابيين والاستخدام السلمي للطاقة النووية، إلا أنهم حذروا من أن التهديد في تطور مستمر خاصة بعد سلسلة هجمات باريس وبروكسل.
وفي إطار رؤية «أوباما» لمنع الانتشار النووي بالاضافة للتخوف من امتلاك الإرهابين لها، أكدت واشنطن أنه منذ قمة الأمن النووي السابقة في مارس 2014، تم تقليل اليورانيوم عالي التخصيب وإغلاق المفاعلات وإزالة المواد النووية في عدد كبير من الدول التي من المحتمل أن تكون هدفًا محتملًا للإرهابيين.
ماذا لو حصلت داعش بالفعل على السلاح النووي؟
حذر كثير من الخبراء العسكريين والأمن النووي من تداعيات امتلاك الإرهابيين لمواد نووية، إذ أنهم يبحثون عنها في أماكن يسهل سرقتها مثل المستشفيات، بل إن «داعش» قد يكون على مقربة من تصنيع أسلحة نووية واستخدامها. وأكدت عدة تقارير على ذلك منها التقرير الصادر عن مركز «بيلفير للشئون العلمية والدولية» في جامعة «هارفرد»؛ لذا هناك عدة سيناريوهات لهجوم نووي محتمل، ومنها:
- محاولة سرقة سلاح نووي يعمل بالكامل من بلد مثل باكستان.
- سرقة اليورانيوم المخصب واستخدامه في جهاز نووي بدائي.
- استهداف وتفجير منشأة نووية قائمة، مما يسبب الانهيار والتسرب الإشعاعي.
- أن يقوم الإرهابيون بسرقة المواد المشعة من منشآت طبية ومراكز أبحاث واستخدامها في صنع قنبلة قذرة، وهذا هو السيناريو الأرجح.
- الاستيلاء على أسلحة كيماوية من منشأة لا تزال تحتوي على بقايا قنابل نووية استخدمت في الحرب الباردة.
- الاستيلاء على مواد خام تُستخدم في صناعة القنابل النووية مثل مادة اليورانيوم أو البلوتونيوم، لكن سيصعب عليهم تخصيب اليورانيوم بأنفسهم. ولكن في حال حصوله على كميات قد لا تزيد عن 20 إلى 50 كيلوغرامًا من اليورانيوم، فمن الممكن تصنيع قنبلة بحجم قنبلة «هيروشيما».
- احتمال تصنيع قنابل قذرة تتسم بجميع خصائص القنابل التقليدية، لكن يضاف إليها بعض المواد المشعة مثل سيزيوم أو سترونتيوم.
- شنّ هجمات تفجيرية محتملة على مفاعلات نووية ومخازن للأسلحة الكيميائية من شأنها إحداث تلوث جوي مثل ما حصل في «فوكوشيما» و«تشيرنوبيل».
- شنّ قرصنة إلكترونية محتملة على هذه المفاعلات النووية.
ماذا يمكن أن يحدث أيضًا إذا تم هذا الأمر؟
عزز تنامي قوة التنظيمات الإرهابية وخاصة «داعش» من التخوف الدولي على قدرتها في استخدام أسلحة نووية أو كيماوية، حيث تحولت التنظيمات وخاصة «داعش» من رد الفعل إلى الفعل واتخاذ المبادرة وليس الاكتفاء ببعض الدعوات التنظيرية أو العمليات الإرهابية المحدودة بل السيطرة على مناطق واسعة مثل سيطرة «داعش» على أجزاء واسعة من العراق وسوريا والسعي لتشكيل دولة واضحة «الدولة الإسلامية» لها نظام اقتصادي وسياسي وفكري وهذا ما ساعده ويساعده في جذب أنصار له مستغلًا في ذلك الكثير من عوامل الخلل والضعف في الدول العربية سواء أكانت ناتجة عن الاستبداد واستغلال المظالم أم نتيجة لانهيار هذه الدول وتحولها لدول فاشلة، بالإضافة لتوظيف عامل التدخل الخارجي وتنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا.
ومع قدرة «داعش» التنظيمية رغم تزايد خسائره مؤخرًا إلا أنه ما زال قادرًا على شن الهجمات واجتذاب أنصار جدد، بل لدى البعض منهم قدر كبير من الخبرات العلمية وهذا ما قد يساعده على امتلاك أسلحة نووية أو كيماوية، وإذا حصل عليها سواء بالتصنيع أو الاستحواذ أو الشراء فإنه على الأرجح سيستخدمها؛ لذا من الضروري منع «داعش» من امتلاك هذه الأسلحة بل وغيرها من التقليدية وهذا ما يستوجب العمل من خلال عدة مسارات سواء دولية بتكثيف التعاون الدولي والكف عن توظيف واستغلال هذه التنظيمات في الخلافات السياسية؛ لأن هذه التنظيمات لن يستطيع أحد السيطرة عليها مثلما حدث مع «القاعدة»، وكذلك داخليًّا في الدول العربية، حيث الاستبداد وكثرة المظالم والمقاربات الأمنية الخاطئة والفهم الخاطىء للدين ساهمت وستساهم في نشوء مثل هذه التنظيمات من خلال توفير الحاضنة الشعبية لها مع اختلاف الأسماء.
إذا استطاع «داعش» الحصول على سلاح نووي أو كيماوي فإن هذا سيوسع من نفوذه ومناطق سيطرته وتهديده لعدد من الدول ليس المجاورة له بل والبعيدة عنه، وهذا ما قد يؤدي لتصعيد العمل العسكري ضده؛ مما سيزيد من كوارث المنطقة العربية والضحايا، بل سعيه لفرض لشروطه مثل عرضه الهدنة وعدم استهداف بلجيكا مرة أخرة بعد تفجيرات بروكسل إذا توقفت عن مشاركتها في التحالف الدولي ضده.