الراغبون عن نوبل، بوب ديلان ينضم للقائمة
أعلنت نتائج الفوز بجائزة نوبل الأسبوع الماضي، وقد صدم أغلب الحضور بعد خبر فوز بوب ديلان بجائزة نوبل للآداب.
يبدو الخبر صادمًا للكثيرين، ربما جاء مخيبًا للأمال، كيف يحصل كاتب أغان وملحن ومغنٍ على هذه الجائزة؟! ولكن لا عجب في ذلك فقد حصل عليها من قبل «بيورنستيارنه بيورنسون» الكاتب الروائي والمسرحي والصحفي النرويجي والمعروف بالفنان الشامل عام 1903، وللكاتب والشاعر والمسرحي الهندي «روبندرونات طاغور»، عام 1913، فهو واحد من القلائل الذين استطاعوا الجمع بين البساطة والعمق في المنثور والمنظور.
ولعل هذا الاختيار جاء مواكبًا للعصر فقد اتسعت جائزة نوبل للآداب كي تشمل فروعًا أخرى في موضوع الأدب، فشلمت أبوابًا من الكتابة لم تكن في الحسبان –بالنسبة لتلك الفترة – فدخلت الفلسفة والتاريخ والدراسات النفسية والأخلاقية.
ولكن من هو بوب ديلان؟ ولماذا صمت ولم يعقب على فوزه بالجائزة؟
بوب ديلان
بوب ديلن أو روبرت ألن زيمرمان كاتب ومغنٍ أمريكي، ذاع صيته مع انطلاقته الفنية في بداية ستينيات القرن الماضي، فقد تميزت أغانيه بأنها صارت رمزًا للحركات الاحتجاجية التي ظهرت في الستينيات.
عام 1963 أطلق بوب ديلان أشهر ألبوماته الغنائية والذي ضم أغنية (Blowin’ in the Wind) والتي ساعدت على شهرته، ومع بداية عام 1964 عبّرت أغانيه مثل (ماسترز أوف وور masters of war) عن روح المعارضة ضد الحرب الباردة القائمة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي آنذاك، وكتبها تعقيبًا على خطاب للرئيس الأمريكي آيزنهاور.
بعدها أصدر ألبوم «جانب آخر من بوب ديلان» (Another Side of Bob Dylan) الذي جاء خاليًا من الأبعاد السياسية، على عكس أعماله السابقة لم تحقق ألبوماته التالية ما حققته الألبومات الأولى، ولكنه كان وما زال مستمرًا في الإنتاج إلى يومنا هذا، في جولاته الفنية عبر العالم.
ومن مواقفه المثيرة للجدل تأييده لإسرائيل بأغنية «فتوة الحي Neighborhood Bully 1983»، والتي صدرت بعد عام واحد من وقوع مذبحة صبرا وشاتيلا والتي راح ضحيتها المئات من أبناء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والتي دارت أحداثها أثناء الحرب الأهلية اللبنانية.
بوب ديلان ونوبل
أُعلن يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2016 عن فوز بوب ديلان بجائزة نوبل للآداب، في قرار اعتبره كثيرون حول العالم مفاجئًا، وقالت الأكاديمية السويدية وهي تعلن عن منح ديلان الجائزة، إن «ديلان يمثل رمزًا، فتأثيره عميق في الموسيقى المعاصرة».
وقال عضو الأكاديمية السويدية بير واستبرغ «هو في الأغلب أعظم شاعر على قيد الحياة»، بينما ذكرت سارة دانيوس الأمين العام الدائم لأكاديمية نوبل في مؤتمر صحفي إنه كان هناك «توافق رائع» في قرار اللجنة لمنح ديلان الجائزة.
صدر قرار اللجنة وديلان يحيي حفلًا موسيقيًا في لاس فيغاس بالولايات المتحدة، حينما أعلنت الأكاديمية السويدية منحه جائزة نوبل للآداب في 13 أكتوبر من الشهر الجاري، إلا أنه لم يدل بأي تعليق على الإطلاق لجمهوره. وقام بعدها بعدة أيام بحذف خبر حصوله على جائزة نوبل من على موقعه الشخصي، ورفض الرد على أي مكالمات ترده بخصوص هذا الجائزة؛ مما دفع الكاتب السويدي بار بير فاستبرغ عضور لجنة تحكيم جائزة نوبل، والذي اعتبر ديلان أعظم شاعر معاصر على قيد الحياة إلى القول: «إذا لم يتواصل معنا قريبًا، ولنقل خلال الشهر المقبل أو نحو ذلك، فسوف أعتبر ذلك وقاحة وتكبرًا»، مضيفًا في تصريحه للتلفزيون السويدي أن «هذه المرة ينم عن فظاظة وتعجرف». لم يعرف بعد ما إذا كان ديلان سيحضر حفل توزيع الجوائز في نهاية المطاف أم لا.
من المعروف عن ديلان أن له تاريخًا سابقًا في رفض الجوائز التي تمنح، فقد رفض من قبل تكريم جامعة سانت أندروز له 2004، والذي حصل عليه نتيجة لمساهمته البارزة في الموسيقى والأدب، في الحفلة التي كان يحييها، فبعد انتهاء الحفلة تثاءب وترك لجنة التكريم دون شكر أو وداع.
وهذا يفتح الباب أمام تاريخ رفض الجائزة من قبل الكتاب والعلماء، وفي ذلك يقول أنطون جاكوب صاحب كتاب تاريخ جائزة نوبل: «إن السويديين كانوا واضحين جدًا منذ البداية، وإن رفض الجائزة لا يعنيهم، فقد تم الاختيار وقضي الأمر».
نيكولا تيسلا
إريك أكسل كارلفلت
استطاع الشاعر السويدي «إريك أكسل كارلفلت» إقناع اللجنة المانحة بحذف اسمه من قائمة المرشحين للعام 1919، غير أنه عاد ونال الجائزة بعد وفاته في العام 1931، عندما كان منح الجائزة للراحلين ما زال متاحًا.
جورج برنارد شو
كما رفض الكاتب الأيرلندي جورج برنارد شو منحه جائزة نوبل في الآداب لعام 1925، ولكنه عاد وقبل التكريم وقام بتوزيع مال الجائزة، وقال: «إن هذا طوق نجاة يلقى به إلى رجل وصل فعلًا إلى بر الأمان، ولم يعد عليه من خطر، لم يعد لي حاجة إلى تلك الجائزة».
وقال أنها تمنح لمن لا يستحقها، وزاد الأمر بأن سخر من مؤسس الجائزة قائلا: «إنني أغفر لنوبل أنه اخترع الديناميت، ولكنني لا أغفر له أنه أنشأ جائزة نوبل. إنني أكتب لمن يقرأ، لا لأنال جائزة».
ويرى العقاد في كتابه جوائز الأدب العالمية أن رفض جورج برنارد شو جاء لأنه «رأى أنها تخطته بعدة سنوات، ووصلت قبله بمرات عديدة إلى أناس لا يساوونه في نظر الناس، ولا في نظر نفسه».
جان بول سارتر
جان بول سارتر
أما «جان بول سارتر» فقد رفض جائزة نوبل التي منحت له عام 1964، ووصفها بأنها سياسية كجائزة لينين، يقول سارتر عن الجائزة: «على الكاتب أن يرفض تحويل نفسه إلى مؤسسة حتى لو كانت مدرجة في قائمة الشرف، وهؤلاء الذين يقدمون التشريفات وسواء كانت وسام شرف أو جائزة نوبل لا يملكون في الحقيقة تقديمها».
وعندما سئل عن ندمه على رفض الجائزة، قال: «على العكس تمامًا فقد أنقذ ذلك حياتي، فأنا أرفض صكوك الغفران الجديدة التي تمنحها جائزة نوبل».
ويفسر «أندريه جيجو» المتخصص في فلسفة سارتر لوكالة فرانس برس: «كان لدى سارتر سببان عميقان يحولان دون قبول الجائزة؛ الأول أنه كان يخاف أن يدفن حيًا قبل أن يتم مساره، وكان ينظر إلى الجوائز على أنها قبلة الموت، أما السبب الثاني فهو أنه بنى كل أفكاره على نقد كل أشكال المؤسسات التي كان يصفها بأنها ميتة”، ورغم ذلك يعد سارتر حائزًا على جائزة نوبل للآداب سنة 1964».
بوريس باسترناك
عام 1958 أجبرت السلطات في الاتحاد السوفييتي الكاتب الروسي «بوريس باسترناك» على رفض الجائزة التي منحته لها الأكاديمية عن رواية دكتور زيفاجو.
يقول المؤرخ السوفيتي «إيفان لستوي» عن تلك الواقعة: «بعد يومين من علمه بنبأ حصوله على الجائزة أرسل الكاتب الروسي باسترناك برقية إلى الأكاديمية الملكلية السويدية قال فيها: (إنني أتقدم لكم بجزيل الشكر وأشعر بالكثير من التأثر والفخر في نفس الوقت الذي يغمرني فيه التواضع)».
وبعد عدة أيام من إرساله البرقية الأولى، قام بإرسال برقية أخرى إلى الأكاديمية قال فيها: (أجد نفسي مضطرًا لرفض هذه الجائزة عن عمل واحد، فقد ذكر تقرير لجنة نوبل حينها أن سبب منح باسترناك الجائزة تمثل في القيمة الفنية لرواية دكتور زيفاجو).
فقد اضطر باسترناك إلى رفض الجائزة خوفًا من إسقاط جنسيته والقبضة الغاشمة للاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت التي مارست عليه مجموعة من الضغوط كي يرفض قبول الجائزة، والتي منعت نشر روايته، ولكنه عاد وتسلم الجائزة بعد ذلك بعدة سنوات في عام 1989، وذلك بعد أن وصل ميخائيل غورباتشوف إلى الحكم عام 1988.
لي دوك ثو
وهو السياسي «لي دوك ثو» الثائر الفيتنامي، والمحارب الذي لا يشق له غبار، مؤسس الحزب الشيوعي في الهند الصينية، والمسؤول عن تنظيم صفوف المقاومة في جنوب فيتنام، والذي فاز بجائزة نوبل للسلام سنة 1973، مناصفة مع الأمريكي هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي لجهودهما في إقرار السلام بفيتنام، ورفض استلام الجائزة لعدم تحقق السلام على أرضه حيث توصل فقط لإيقاف إطلاق النار، ولإشراكه مع كيسنجر وعدم سحب القوات الأمريكية من الأراضي الفيتنامية.
أدولف هتلر وجائزة نوبل للسلام
وقد منع أدولف هتلر ثلاثة من العلماء الألمان الفائزين بجائزة نوبل من تسلم الجائزة، وهم «ريتشارد كون» 38، و«أدولف بوتنانت»، و«جيرهارد دوماك» من الحصول على جائزة نوبل؛ حيث أمر هتلر الألمان بعدم استلام الجائزة في عام 1937، وأصدر قانونًا بذلك.
ومن الغريب أن تاريخ جائزة نوبل للسلام يحمل الكثير من الجدل، فقد تم ترشيح هتلر في عام 1939 للحصول على جائزة نوبل للسلام، من قبل المشرع «إريك براندت»، في رسالة قام بإرسالها إلى لجنة نوبل للسلام تحوي ترشيحه للفوهرر، فهو «الرجل الذي يعبر عن آراء ملايين من الناس، فهو أكثر رجل في العالم استطاع الحصول على حب واحترام الناس»،حيث كشفت عن ذلك الوثائق السرية التي سجلت أسباب اختيار هتلر لهذه الجائزة. وبعد عدة أيام من ترشيح اسمه لجائزة نوبل للسلام قام بسحب الترشيح نتيجة للأصوات الغاضبة التي عارضت ذلك.