واقع الأنشطة الطلابية في مصر
بعد مضي فترة طويلة في الأنشطة الطلابية تتعدى الثلاث السنوات في مختلف المحافظات، أستطيع أن أقول إن الأنشطة الطلابية في مصر قد اتخذت منحى مختلفًا عما صُممت لأجله.في العشر السنوات الأخيرة كانت معضلة سوق العمل المصرية بصفة خاصة هي الحصول على خبرة مسبقة قبل التخرج، والتعود على نظام الإدارة في الشركات، وكانت الأنشطة الطلابية تمثل جزءًا كبيرًا من الحل، حيث كانت تتشكل بصورة نموذج مُصغر من الشركات الكبيرة، فتحتوي على إدارة للموارد البشرية، وإدارة للتسويق، وإدارة للعلاقات العامة، وإدارة للماليات، وإدارة للتمويل، ومجلس إدارة.
كيف يستفيد المتطوعون؟
المتطوعون في هذه الأنشطة يمارسون بعض الأعمال كالتي تتم في الشركات، فيقوم النشاط بحملات دعائية لجذب متطوعين جُدد، ثم يقومون بتصفيتهم، واختيار المناسب، وعمل مقابلة شخصية مع بعضهم، ثم اختيار الأعضاء الذين يصلحون لشغل المناصب المتاحة ويناسبون بيئة العمل الموجودة في هذا النشاط، مما يعطي أفراد النشاط خبرة مسبّقة عن طريق التطوع.. كيف تتم هذه العمليات، ويكون قد جربها مرات عديدة قبل العمل في شركة فعلية، أو مشروع حقيقي تكون تلك أول تجربة له. فينتفعون بالخبرة المبدئية، ويتحملون قدرًا يسيرًا من المسئولية، والإدارة، وآليات العمل في فريق، ومبدأي الانتماء للكيان والعمل الجماعي، واختبار مدى صلاحيته للعمل في هذا المجال.
معضلة الأنشطة الطلابية
حاليًا النشاط الطلابي في مصر يُعاني من أزمة شديدة، تحتاج للتطوير، هذه أبرز ملامحها:1- مع كثرة الأنشطة الطلابية، أصبح البحث عن الشهرة أهم من البحث عن القيمة المضافة، والبحث عن «الفرقعة» أهم من البحث عن النفع الحقيقي.2- يعتبر كثير من الأنشطة الطلابية الحالية مُضيعة للوقت، فهي أنشطة ليست قائمة على نظام جاد، نافع، له خطة مستقبلية، ورؤية حقيقية يسعى لها، وهدف يسير إليه بخطى ثابتة، وآليات واضحة لتحقيق ذلك الهدف، وقيم حاكمة له، ليس له ذلك، فالكثير منها قائم على مبدأ «الشلة» التي ابتكرت مكانًا فقط ثم بدأت تتصيد المتطوعين لخدمتهم.3- مستوى النشاط يعتمد بشكل كبير على رئيس النشاط، فقد تجد أن نشاطًا ما قام بعمل جيد جدًا وأفاد أعضاءه إفادة حقيقية في سنة معينة، ثم في الأعوام التي تليها دخل في سُبات الدب القطبي إلى أن يظهر قائد آخر يبدأ العمل من جديد، ويعمل على تشييد منظومة فعالة، تضيف قيمة حقيقية للمتطوعين والمنتفعين.4- مبدأ «سمك لبن تمر هندي»: في التعامل بين الشباب والبنات داخل النظام الإداري، فلا حدود فاصلة في أماكن كثيرة، ورأيت كثيرًا في الفترات الأخيرة قصص حب فاشلة في أروقة الأنشطة الطلابية، وعلاقات نشأت وانتهت بعد سنة أو سنتين، وكانت بدايتها اجتماعًا مفتوحًا، ومع تكرار الاجتماعات، وتكرار الرسائل نشأ نوع من العاطفة بين الشخصين، ونشأ ما نسميه «الحب الزائف».5- تدمير «الرجولة»: أعرف كثيرًا من أصدقائي الذين كانوا قبل الأنشطة الطلابية «رجالًا» يعرفون حق الله، وحق أنفسهم، وحق الآخرين، والآن بعد فترة ترى مبادئ كثيرة قد دُمرت، وانفلت منهم الطريق بعد أن وصلوا إلى ذروة المحرمات، فأصبح كل شيء لديهم هو عنصرًا للتفتح، ومجاراة العصر.
كيف أختار نشاطًا طلابيًا مناسبًا؟
الأنشطة الطلابية ذات أهمية بالغة، فتعمل على إضافة مهارات حياتية، ومعارف شخصية، وتطوير مهم في خبرة الإنسان وشخصيته، لذا:1- أكثر من السؤال عن هذا النشاط الذي تريد أن تلتحق به، أسئلة مثل:
- ماذا تعلمت من هذا المكان بالتحديد حتى الآن؟
- كيف تغيرت شخصيتك منذ دخولك؟
- ما طريقة التعامل بين الأعضاء وبعضهم البعض في الداخل؟
- كيف تسير الاجتماعات في النشاط لديكم؟ وكيف تنتهي؟
- ما هدف النشاط؟ وكيف تحققونه؟
- ما أفضل اللجان التي تكتسب معرفة لديكم؟
- ما هيالخطة المستقبلية للنشاط؟
- كيف يتم التواصل بين الشباب والبنات؟
- ما القيم الحاكمة في النشاط؟ وما القواعد المسيطرة التي لا يستطيع أحد كسرها؟
2- أن تكون بحاجة فعلية لنشاط طلابي: النشاط الطلابي يعطيك خبرة مجانية حقيقية في مجال عملك، فإن كنت تعمل في مجالك، أو تستطيع أن تحوز الخبرة من خلال العمل، فالأنشطة الطلابية هنا إهدار لوقتك. 3- أن تكون البيئة في النشاط مناسبة لك: قد يكون نشاط طلابي ممتازًا، لكن بيئة النشاط لا تتوافق مع شخصيتك، فسترى أن هناك حجرًا على تصرفاتك، وستخسر لا محالة بعضًا من قيمك، وستشعر بالغربة والغيرة، والبعض يحاول أن يتشبه بهم حتى يكون نسخة منهم ويفقد نفسه.إن الأنشطة الطلابية ذات أهمية بالغة، ومهمة، ولكن تخيّر منها أنفعها، وأنسبها لك، وما تحتاجه. ولا تشترك في عدد هائل دفعة واحدة. واحذر مما رصدناه أن يُصيبك.