ريال مدريد في زمن كريم بنزيما
قد أعذرك لأنك لا تعرف ليجيا وارسو أو من أي بلد هم، ولكن لا أعذرك إن لم تعرف أن هذا هو ريال مدريد!. ريال مدريد الذي يسعى للتعادل مع سادس الدوري البولندي بعدما كان متقدمًا عليه 2-0، هو ذات الفريق الذي قد يفوز على بايرن ميونخ بألمانيا 4-0.
في مدريد يمتلكون معايير أخرى للكرة غير التي يعرفها الجميع، على الأغلب وضعها العجوز بيريز لمصالح تُجارية تتعلق بواجهة النادي الإعلامية وشراكة بعض اللاعبين مع شركات مُعينة. وتُشكل تلك الاعتبارات حيزًا كبيرًا من رأس فلورينتينو والجميع يعلم ذلك، الجميع يعلم أن بيريز يهتم بمردود التعاقدات الاقتصادي أكبر من مردودها الكُروي أو يبدو لنا ذلك.
كارلو أنشيلوتي مُتحدثًا عن سياسة بيريز في إدارة التعاقدات في ريال مدريد
نحن هنا أمام رئيس يتعاقد مع لاعبين دون رغبة المدربين، ليس ذلك فحسب بل يتدخل في عدد المباريات التي يجب أن يلعبوها، رئيس يتعاقد مع هداف كأس العالم ليس لأنه كذلك بل لجلب جنسية جديدة في ريال مدريد، رئيس يُجبر مدرب على تشكيل مباراة الكلاسيكو والنهاية هزيمة برباعية. كل هذا يحدث في كرة القدم والأسباب تكون واضحة ومفهومة. ولكن عندما يتعلق الأمر ببيريز وبنزيما فإن الأمر يتعدى مرحلة الغموض، يتعدى مرحلة المجاملات، ويصل إلى مرحلة تُدعى كريم بنزيما.
اللاعب الفرنسي الذي أتى في صيف 2009 إلى ريال مدريد ليُشارك هيجواين وراؤول قيادة هجوم الميرينجي فشل في حيازة ثقة جمهور ريال مدريد. البعض يُفسر ذلك نظرًا لقلة أهدافه أو قلة المهم والحاسم منها باعتباره مهاجم نادي بحجم ريال مدريد. ولكن حالة المدريديستا وبنزيما أكثر تعقيدًا من ذلك، فهم لا يفضلونه لا لكونه ليس هدافًا عظيمًا مثل نيستلروي ولكن لأنه لا يريد أن يكون كذلك.
افتقاد الرغبة في اللعب بشكل جيد وأحيانًا في اللعب أساسًا هو المُحرك الرئيسي للعلاقة السيئة بين جمهور ريال مدريد وكريم. إن تحمل قميص ريال مدريد هو أصعب مُهمة للاعب كرة قدم ولكن بالنسبة لبنزيما هي سهلة للغاية فهو لا يُبالي بأي شيء.
ريال مدريد الذي كان يمتلك راؤول ومورينتس وتعاقد مع أوين ورونالدو ونيستلروي وبابتيستا وهونتلار وهيجواين في 8 سنوات من 2001 إلى 2009 هو نفسه ريال مدريد الذي تعاقد مع بنزيما و تخلى عن هجواين وراؤول؛ ليظل بنزيما هو المهاجم الوحيد في الفريق منذ 2009 حتى الآن وسط إعارات تأتي للدكة كستة أشهر من أديبايور أو سنة من شيشاريتو. ولا يجب التنويه بأنه في نفس الفترة تعاقد برشلونة مع إبراهيموفيتش وأليكسيس سانشيز ولويس سواريز.
منذ 2009 حتى الآن تغير كل شيء في ريال مدريد، تم استبدال جميع عناصر الفريق تقريبًا ما عدا راموس الذي يُمثل رمزًا للنادي، ورونالدو الهداف التاريخي وبنزيما الذي لا أعلم لماذا لم يتم استبداله كالجميع. هو يعلم أنه قد أصبح الفتى المُدلل دون أن يدفع ثمن ذلك، هو حتى لا يهتم من سيدفع الثمن؛ هيجواين أم موراتا؟، النادي نفسه أم ملايين من الجماهير؟، لايهم، المهم أن مركزي الأساسي مضمون، المهم أنه لا يوجد من ينافسني حتى وإن تواجد فكأنه لم يكن، المهم أنني كريم بنزيما.
بنزيما صاحب أقل معدل تهديفي بين مهاجمي الفرق الكبري في أوروبا وبفارق كبير عن سابقه هيجواين الذي رحل كي يلعب بنزيما أساسيًا في ريال مدريد، يتصدر القائمة لويس سواريز مهاجم برشلونة. ومن يدافعون عنه بحجة أنه يُسجل في برشلونة بصورة دائمة، فبالتأكيد هو يُضيع أكثر مما يسجل والأكيد أيضًا أنه يُسجل أهدافًا غير مهمة أمامهم. فقد لعب أمام برشلونة نهائيين للسوبر ونهائيين للكأس ولم يسجل هدفًا، لعب في المجمل 9 نهائيات مع ريال مدريد ولم يُسجل، مهاجم ريال مدريد الوحيد لم يستطيع تسجيل ولو هدفًا في نهائيات كل البطولات التي لعبها الفريق.
بنزيما الموسم الماضي فاز في دوري أبطال أوروبا مع ريال مدريد ولكنه لم يسجل سوى في شاختار ومالمو في دور المجموعات، ولم يسجل في أي دور إقصائي وأضاع انفراد تام في النهائي. خلال متابعة كرة القدم عرفنا أنواعًا من المهاجمين، منهم قناص منطقة الجزاء، أو الذي ينطلق خلف المدافعين سريعًا، أو المتفوق في الكرات الرأسية، أو صاحب القوة البدنية الهائلة. بنزيما لم يكن أبدًا واحدًا من هؤلاء.
كريم أصبح يمثل تجسد الفساد في كرة القدم، المحسوبية في أوضح صورها ولكنها الغرابة في نفس الوقت، فالعمل دون استحقاق شيء يحدث في كل المؤسسات تقريبًا ولكن الغريب أنه لا يوجد مُبرر لذلك، فلا هو واجهة إعلامية للنادي ولا يجلب أمولاً طائلة لبيريز ومع ذلك يُصر على وجوده أساسيًا دون مُنافس حتى، بل ويُقال إن بيريز رفض التعاقد مع سواريز لأنه لا يمتلك صورة جيدة أمام الإعلام بسبب كثرة إيقافه وتصرفاته الهوجاء. هل لا يرى بنزيما يوميًا في المحاكم وفي قضايا مختلفة؟.
تقارير صحفية صدرت بعد خروج مورينيو من ريال مدريد نقلت عن تقريره النهائي للنادي يقول فيه إن بنزيما يريد أن يكون أساسيًا دون منافسة كذلك أوزيل، وإن وجود لاعب في مركزهما يهدد تواجدهما بالتشكيلة الأساسية لن يأتي سوى بمستوى سيئ للاعبين، فيقوم بيريز ببيع أوزيل وجلب إيسكو وبيل وبيع هيجواين والإبقاء على بنزيما دون منافس.
الموسم الأخير لكارلو أنشيلوتي كان يعتمد بشكل كامل على كاسياس رغم تدهور مستواه ودفع أنشيلوتي والفريق وكاسياس ثمن ذلك، فخطأ كاسياس في كلاسيكو الدور الثاني أمام سواريز كان كفيلاً بضياع لقب الدوري من مدريد ورحيل كارلو ورحيل كاسياس نفسه. ولكن هل نسي الجميع مجاملات كارلو الواضحة لكريم
وإجلاس شيشاريتو على الدكة على الرغم من تألقه وصُنع فارق في المستوى عند نزوله؟.
لماذا لم يُعامل كريم مثل كاسياس؟. رغم ما قدمه كاسياس لريال مدريد تم الهجوم عليه عند انخفاض مستواه ورحل عن النادي، لماذا كريم؟
كل هذا يضع باقي اللاعبين في حيرة ويُحبط طموحهم، فهم يعلمون أن المبدأ ليس بالعمل وإنما هو بتفضيل الإدارة لك أو عكس ذلك مهما فعلت. حالة كريم بنزيما كالسرطان في جسد ريال مدريد يجب التخلص منها في أسرع وقت.
لا يُلام كريم على الوضع الحالي، من يستطيع أن يرفض التدليل في نادي كريال مدريد، ولا يُلام أيضًا على مستواه السيئ. فهل تسطيع أن تُعاقب طالبًا لسوء مستواه الدراسي في حال أخبرته أنه سينجح في الاختبار في كل الأحوال؟، بالطبع لا.
بالمناسبة، كريم ليس بهذا السوء ولكنه لا يريد ألا يكون سيئًا، اللامبالاة التي يظهر بها كثيرًا هي التي تستفز الجمهور، المُستفز أكثر هو اللاعدل في إدارة النادي ومكافأة من لا يستحق والتخلي عن المُجتهدين.
http://www.youtube.com/watch?v=g8Ot9cfF4GE
قد يتحمل الجمهور إضاعة الفرص ولكنه بالتأكيد لن يتحمل تخاذلًا استمر لسنوات على هذه الطريقة. ذلك اللاعب جعل طموح الجمهور الذي كان يمتلك راؤول ونيستلروي هو مهاجم يُمرر صحيحًا فقط ليهللوا له لا شيء أكثر، قتل بنزيما طموح لاعبي ريال مدريد وأصبح شراء لاعب 9 في الفريق بمثابة الحلم.
تلك الحالة غير المفهومة التي يعيشها ريال مدريد بقيادة بيريز هي التي تجعله غير مرشح لأي شيء مع رافا بينيتيز، ثم تجعله بطلاً لأوروبا، والآن تجعله يتعادل مع فريق بالكاد نعرف اسمه. العبرة ليست بالنتائج في موقف كهذا ولكنها بالطريقة التي تؤدي للنتائج، العشوائية التي يُسطرها بيريز قد تجعلك بطلاً ولكن بالتأكيد بطولة من ورق.