الريال 3-0 أتليتكو: كريستيانو لا ينسى إهانة سيميوني
دييجو سيميوني بعد ذهاب السوبر الإسباني 2014 مُتجاهلًا الحديث عن كريستيانو رونالدو.
انتهت مُباراة ذهاب نصف نهائي دوري الأبطال بسحق ريال مدريد لجاره أتليتكو مدريد بثلاثية نظيفة كلها من نصيب الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو، وبذلك وضع الميرينجي قدمًا ونصف القدم في نهائي كارديف طامحًا لتحقيق البطولة للمرة الثانية تواليًا في إنجاز لم يسبق لأي نادٍ تحقيقه منذ تغيير مُسمى البطولة، الفوز الذي أثبت أن زيدان ليس مُجرد مُدرب عادي لا يمتلك سوى حُب اللاعبين له لأنه كان أسطورة لاعبًا ولكنه بالفعل مُدرب يُنبئ بمُستقبل كبير إذا استمر في التطور .
الفوز الذي جعل من ريال مدريد كابوسًا فعليًا لكل ما يتعلق بالأتليتي، كُل شيء كان يدل على ذلك بداية من نظرات سيميوني حتى النتيجة على شاشة البرنابيو.
المُباراة: زيدان 3-0 سيميوني
بدأ زيدان المُباراة مُتأثرًا بتبديله لكروس في آخر ديربي لعبه الفريقان في الدوري، ذلك التغيير الذي تلاه إحراز أتليتكو هدف التعادل بعد سيطرة مُطلقة من ريال مدريد وضياع نُقطتين في سباق الليجا.
زيزو كان يعلم أن سيميوني سيُجهز لتكثيف وسط الملعب واللعب ككتلة واحدة تتحرك بعد دائرة المُنتصف لتُشكل ضغطًا هائلًا على وسط الريال ثم افتكاك الكُرة وتمريرة بينية خلف قلبي الدفاع.
لذلك قرر زيزو إشراك إيسكو في مُنتصف الملعب خلف رونالدو وبنزيما رأسي الحربة، إيسكو لاعب يُجيد الاحتفاظ بالكُرة وافتكاكها من الخصم أيضًا وبالتالي مواصفات كتلك مع لاعبين بإمكانيات لوكا مودريتش وتوني كروس يعني سيطرة أكثر واستحواذًا أكثر على الكرة في مناطق أتليتكو ووضع الكرة دائمًا في منطقة الجزاء لتشكيل الخطورة، كل ذلك مدعومًا بدور كاسيميرو من خلفهم في التدخلات لقطع الكُرات والتغطية على قلوب الدفاع والأظهرة.
قد يزعم الكثيرون أن بداية إيسكو ليست من أجل تفاصيل المُباراة ولكنها اضطراريًا ببسبب إصابة جاريث بيل المُفضل لدى زيزو، الحقيقة هُنا ليست كاملة فزيدان يُفضل طريقة 4-3-3 بتواجد لاعبين على الجناح تفضيلًا هائلًا وبالتالي كان من المنطقي- داخل عقل زيزو – البداية بلوكاس فاسكيز أو المُتألق مؤخرًا ماركو أسينسيو بدلًا من بيل كما فعل في التغيير الاضطراري أمام بايرن مينوخ في الأليانز أرينا رغم وجود إيسكو وجيمس رودريجيز على الدكة، ولكن زيزو لم يجد أن الوضع مثل مُباراة البايرن فتغطية الأطراف إلزامي أمام فريق يلعب بروبين وريبري أمام لام وألابا ولكن أمام فريق يُريد خنقك من العمُق كان لابد زيادة من بإمكانهم لعب الكُرة تحت الضغط.
على الجانب الآخر من مدريد كان سيميوني لا يُريد أن تستمر اللعنة أمام الجار اللدود، كان يُريد أن يُنهي مسيرته مع الهنود بشيء يتذكرونه ويتذكره التاريخ ولكن كالعادة أمام مُحاربي الفايكنج سقط دون أن يدري هل هو من أخطأ أم أنه سيخسر أيًا كان الوضع لأنهم الأقوى دائمًا؟
سيميوني دخل المُباراة بهدف الضغط على كل من يستطيع إخراج الكُرة من لاعبي ريال مدريد خصوصًا لوكا وكروس ولكن أيضًا خط الدفاع بالكامل يُجيد تمرير الكُرة خصوصًا راموس ومارسيلو زِد على ذلك تواجد إيسكو حُرًا في وسط الملعب جعل من ضغط لاعبي الأتليتي مصدر إجهاد لهم وبالتالي لم يستطيعوا إكمال المُباراة بنفس الإيقاع.
سيميوني لم يكُن كعادته بل كان مُشتتًا وخائفًا وانتقل الشعور للاعبيه في الملعب وتأكد ذلك الإحساس بعد هدف تقدم مُباغت في الدقيقة 9. أهم ما يُميز دييجو هو أنه مُدرب مُنظم جدًا، أفكاره مُرتبة إلى حد بعيد فهو يدخل اللقاء يعرف ما يريد وكيف سيحصل عليه، ولكن بلقاء الأمس تشعر وكأنه يائس ومُرهق ذهنيًا قبل أي شيء فالفريق نزل أرضية البرنابيو مهزومًا.
فشل سيميوني في كل ما أراد فلا منع ريال مدريد من الوصول لمنطقته ولا استطاع افتكاك الكُرة في مناطق الريال وتهديد مرماهم، كاراسكو وساؤول وجريزمان كانوا غير مُحددي الأدوار وبالتالي كان كوكي وجابي في مواجهة رُباعي وسط ملعب ريال مدريد، وكانت النتيجة 10 تسديدات لريال مدريد مُقابل صفر لأتليتكو مدريد في الشوط الأول، الشوط الذي كان من المُمكن أن يندم الريال على تضييع كل تلك الفرص فيه وإنهاؤه بهدف واحد فقط.
في الشوط الثاني وبعد انهيار لاعبي الأتليتي بدنيًا، هنا قرر رونالدو إنهاء المُباراة على طريقته بتسديدة صاروخية أنهت كل شيء داخل الملعب وخارجه فنظرات دييجو بعد الهدف فيها كم من الألم لا يتحمله سوى الرجال.
الصدمة جعلت سيميوني لا يتصرف جيدًا فتبديلاته كانت نمطية للغاية فجايتان بدلًا من ساؤول وتوريس بدلًا من جاميرو وأخيرًا كوريا مكان كارسكو، تغييرات مركز بمركز لا توحي بأي رغبة في مفاجأة الخصم أو على الأقل إيقاف هجومه الحاد في حين ردة فعل زيدان الرائعة حينما جعل أسينسيو يلعب مكان إيسكو وفاسكيز مكان بنزيما ودخول رونالدو رأس حربة صريح.
دخول أسينسيو لم يكن فقط لاستغلال المساحات في ظهر دفاعات الأتليتي بل ولإراحة مارسيلو الذي يلعب كظهير وكجناح طوال المُباراة، كذلك قُدراته المهارية كانت مُهمة لقتل الوقت والكُرة بين أقدام لاعبي الريال، كذلك فاسكيز مكان بنزيما المعروف بقلة مجهوده البدني للقيام بمُهمة مزدوجة علي الناحية اليُمني فمن ناحية القيام بدور لاعب الوسط الثالث مكان لوكا مودريتش الذي بدا وكأنه واقفًا آخر رُبع ساعة من الإرهاق ومن أُخرى حماية ناتشو الذي حل بديلًا لكارفخال المُصاب .
زين الدين زيدان مُديرًا فنيًا لريال مدريد
مؤخرًا زادت مُحاولات التقليل من عمل زيزو مع ريال مدريد ووصفه بالمحظوظ أو نسب نجاحه إلى مُجرد كونه لاعبا كبيرا يرى فيه بقية اللاعبين القدوة وبالتالي يبذلون جهدهم لإرضائه.
لكن زيدان أثبت في كل ميعاد كبير أنه بالفعل مُدرب جيد جدًا وأنه الأصلح في العالم لتولي مهمة تدريب ريال مدريد، زيدان الذي كان لاعبًا بصفوف النادي ويعلم كيف تُدار الأمور، والذي شهد الفريق يتأثر بغياب لاعب واحد مثل لوكا مودريتش، جعل ريال مدريد يلعب بتشكيلة احتياطية كاملة من الحارس إلى المُهاجم في الأمتار الأخيرة مُباريات الليجا حيث الوضع مُلتهب وفقدان النُقطة يعني فقدان لقب، من كان يستطيع فعل ذلك؟
تعامل زيدان مع رونالدو هو ما يستحق الإشادة حيث في كل من المواسم الأربعة الأخيرة كان يصل رونالدو إلى شهر أبريل ومايو مُصابًا أو مُجهدًا نظرًا لكونه أساسيًا في كل مُباريات الليجا والأبطال حتى أنه في نهائي دوري الأبطال 2014 لعبه وهو مُصاب في رُكبته.
لاعب بطموح رونالدو من الصعب إقناعه التخلي عن أحلامه بحصوله على لقب هداف أوروبا ولكن زيدان بالاتفاق معه أقنعه أن هذا أفضل له وللفريق فشاهدنا للمرة الأولى مُنذ التحاق رونالدو بريال مدريد استبداله أثناء المُباراة وتركه خارج القائمة مما أثر على مُعدله التهديفي في الليجا حيث لعب 26 مُباراة من أصل 34 لعبها الفريق ولكن الأهم انتهت العادة القديمة أن رونالدو فقط هو من يُسجل وإلا فلن يفوز الفريق، زيزو بنى فريقًا قادرا على الفوز مع غياب أي من نجومه.
رونالدو ضحى بكُل شيء من أجل الفريق والفضل يعود لزيزو والنتيجة رونالدو في أعلى مُستوياته في أهم فترات الموسم و5 أهداف أمام بايرن ميونخ و3 حتى الآن أمام أتليتكو مدريد.
الإدارة الفنية لريال مدريد مع زيزو على الطريق الصحيح فبالتأكيد شاهد الجميع كيف يُدير المُباريات الكبيرة وكيف أبلى في مُعظمها بلاءً حسنًا ولكن الأهم والذي كان سببًا في إقصاء كُل من دربوا الريال من قبله وهي إدارة الأفراد فليس من السهل أن تُقنع إيسكو بجلوسه على الدكة في الكلاسيكو ثم تُقنعه باللعب أساسيًا أمام ديبورتيفو ليُقال عليه أحد أفضل لاعبي العالم، ليس من السهل أن تجعل 23 لاعبًا يُشاركون بانتظام وعلى استعداد للمشاركة وقتما طُلب منهم، لقد كان ذلك أيام ركله للكرة، وكان يندهش الجميع من السهل الممتنع، ليس من السهل أن تُصبح زين الدين زيدان.
راموس وكروس وآخرون
كلا اللاعبين يجب على زيزو أن يضعهما بالتشكيل ثم يفكر في التسعة الباقين، فراموس على عكس الذي يُشاع بأنه ليس مُدافعا جيدا من الأساس ولكن أهدافه الحاسمة هي التي جعلته يحظى بشعبية كبيرة، العكس تمامًا هو الصحيح فراموس يمتلك كل ما يجب أن يكون في المُدافع المُمتاز، قامة رائعة وتمركز صحيح وضربات رأسية لا يُجيدها أحد مثله وافتكاك رائع للكُرة، كل هذا يظهر في المُباريات الكبيرة لريال مدريد.
راموس ليس كذلك فحسب، بل الأهم أنه قائد مدريد بالمعنى الفعلي، يتحدث مع كُل من في الملعب ويوجه الجميع ويحمي زملاءه ويُشجعهم ويحرز أهدافًا أيضًا عند الحاجة.
راموس في الشوط الأول افتك الكُرة 3 مرات بنسبة نجاح 100% وعلى الجانب الآخر لم يُسدد جريزمان على مرمى الريال أو حتى يُمرر بمنطقته ولو لمرة، امتياز من كابتن مدريد.
أما في وسط الملعب فتوني كروس كان الأهم على الإطلاق في مباراة أمس، ما يفعله لا يُصدق،أن تكون مُتاحًا لكُل لاعبي الفريق في كُل وقت لاستقبال التمريرة وإرسالها بشكل صحيح شيء خرافي، كروس هو الحل لخطي الدفاع والوسط وأحيانًا الهجوم عند الضغط، موهبته نادرة جدًا، كروس موهوب بالتمركز في المكان الذي ستصل إليه الكُرة.
مُتلازمة رونالدو وسيميوني والدابة السوداء
الآن قام القدر بلعبته المعهودة، الدين سيُرد سيُرد لا محالة فكثيرًا ما سخر سيميوني من رونالدو حتي قام بوصف لاعبين آخرين في ريال مدريد بأنهم أهم منه، نعم حدث بالفعل رونالدو يُسجل هاتريك في آخر ديربي في الدوري في الكالديرون ويُسجل آخر في البرنابيو في نصف نهائي دوري الأبطال ليكون إقصاء سيميوني من البطولة وربما من أتليتكو بسبب من سخر منه يومًا والذي بالمناسبة لن ينساه طوال حياته.
سيميوني يُحترم كثيرًا فمع ناد أكبر قد يُحقق القطعة الناقصة ويرفع ذات الأُذنين ولكن الشك سيبدأ الآن ليس في القدرات الفنية فقط،الثقة والخوف داخل دييجو سيظهران جليًا كُلما سمع نشيد دوري الأبطال، فاليأس الذي ملأ وجهه بعد الهدف الثالث لرونالدو مُوجع لأقصى درجة لإنسان عرفه الجميع مُحاربًا ولا يحبون أن يروه في موقف كهذا، دييجو يحتاج لإعادة تأهيل ويحتاج من يُذكره بأنه حقق كُل شيء مع أتليتكو مدريد فعليًا إلا دوري الأبطال في إنجاز عظيم.
أما كريستيانو رونالدو الذي كل مرة يُثبت ما ينساه الجميع معه خصيصًا دون معرفة السبب، كريستيانو رونالدو تلك الفترة قام بفعل كُل شيء من أجل مدريد، فالتسجيل هاتريك أمام نوير أفضل حراس العالم، ثم اتباعه بآخر في أقوى دفاعات العالم في رقم قياسي يتحقق لأول مرة في تاريخ البطولة، ما هو إلا تعريف للعظمة التي يُجسدها رونالدو في الملعب، تعريف للقيادة والشغف الذي لم يذبل بمرور السنين.
رونالدو وضعنا في موقف صعب للغاية فالوقت لا يكفي لسرد تاريخه بدوري الأبطال ولكنه أعطى لنا الحق بتسميتها بطولة كريستيانو رونالدو.
رونالدو سجل 103 أهداف في دوري الأبطال منهم 52 هدفًا بالأدوار الإقصائية و13 هدفًا في نصف النهائي، بالطبع لا يوجد من يقترب منه حتى!
المُدهش ليس هذا الكم من الأهداف الحاسمة ولا توالي الثلاثيات في مرمي أعتى الخصوم ولكن الغريب هو تسجيل رونالدو هدفين فقط في دور المجموعات والـ16 ثم 8 بدوري الـ8 والـ4، لا شيء سوى الإصرار والحب يجعل هذا مُمكنًا، ثم يأتي لاعب بتلك المواصفات ويطلب من الجمهور بكل تواضع ألا يُطلق صافرات الاستهجان عليه!