ريال مدريد 11-0 أتليتكو مدريد: زين الدين سيميوني
ريال مدريد هو نادي العمر بالنسبة لي.
بطل التاريخ الأول لا يحتاج لمباراة ليدخل التاريخ حتى وإن كانت نهائي دوري الأبطال، والفضل في ذلك يعود لأساطير كزيزو يدأبون دائمًا على تذكيره بذلك؛ الفرنسي الذهبي حقق اللقب الحادي عشر للميرينيجي على ملعب أقرب منافسيه في مفارقة قاسية، ليبتعد عنه بأربعة ألقاب كاملة ويؤكد على استثنائيته في كل موقع شغله لخدمته.
الأموال تختفي عندما تنطلق صافرة الحكم ولا يتبقى إلا الإرادة والخيال، الإرادة تعادل الأموال.
ورغم أن التاريخ والأرقام ستحتفظ بوجهة نظرها الجامدة عن سيميوني الذي خسر كل شيء، إلا أن ما قدمه سيميوني عبر 120 دقيقة ماراثونية انعكست فيها الأدوار التقليدية وحُسمت بركلات الترجيح سيجعل الاكتفاء بتلك النظرة ظالمًا لموسم رائع للتشولو ومحاربيه.
ماذا حدث؟
بدأ كل من زيزو وسيميوني المباراة بالتشكيل الأمثل، ربما باستثناء سافيتش الذي حل مكان خيمينيث في دفاع الأتليتي، وأدى أفضل مبارياته ليستحق أعلى تقييم بين مدافعي فريقه وبفارق ملحوظ.
ورغم الأفضلية النفسية الكبيرة التي اعتادها الروخيبلانكوس في كل مرة يلاقون فيها الريال، إلا أن بداية المباراة شهدت كثيرًا من التوتر والرهبة على عناصر التشولو خاصة الشبان منهم كـ كوكي وساؤول، فكانت بداية الأتليتي المتسرعة وغير الموفقة أحد أهم أسباب التأخر في النتيجة.
مرآة زيزو
لم ينجح أي من المحللين في الجزم بطريقة لعب الفرنسي قبل المباراة، سلاح زيدان الفتاك كان المجهول، وهو ما مكنه من مباغتة التشولو ومقاتليه.
ما يفوز بالمباراة هو اللعب الآمن، لا اللعب الجيد.
لذا كانت أجواء ما قبل المباراة أشبه بلعبة الكراسي الموسيقية، هل يهاجم الملكي بكل خطوطه كجوارديولا، أم سيستوحي توازن أنشيلوتي؟، ثلاثي محور في الوسط أم ثنائي يتقدمه صانع لعب؟.
فقط الفرنسي كان يعلم الإجابة، وعندما توقف العزف جلس كل في مكانه واتخذ زيزو مقعد سيميوني نفسه؛ مستعيرًا طريقته المفضلة التي حقق بها ثلثي انتصاراته هذا الموسم: فوران هجومي أسفر عن هدف في أول ربع ساعة لجأ بعده الملك للمرتدات ليجد الأرجنتيني نفسه في آخر مكان يود التواجد به؛ مقعد المنحوس هكتور كوبر الذي خسر نهائيين متواليين لنفس البطولة.
بحث التشولو عن نفسه لشوط كامل، لم يحتج لمساعده ليذكره أنه لم يتأخر في النتيجة سوى 4 مرات من أصل 37 فوز هذا الموسم فهو أول من يعلم ذلك، وضعية صعبة صنعتها لعبة زيدان القاسية، لعله كان برنارد شو هو القائل بأن أسوأ كوابيسك هو ملاقاة نفسك في الواقع.
رائحة كالديرون
ورغم فارق الخبرة الكبير بين الثنائي إلا أن الهدف المبكر أحال السان سيرو إلى البرنابيو؛ ثقة وهدوء في صفوف البلانكوس منحتهم تناقلًا سلسًا وسريعًا للكرة وتحولًا سليمًا من الحالة الدفاعية لنقيضها والعكس؛ لذا لم يجد التشولو بُدًا من استحضار روح الفيثنتي وتحديدًا مباراة الفريقين في الدور الأول من الليجا هذا الموسم.
خرج أوجوستو الذي لم يعد وجوده ضروريًا لحساب كاراسكو، ليحتل مكانه شبح كوكي الذي فشل في تشكيل أي خطورة طيلة الشوط الأول، وتتحول خطة الأتليتي لـ4-3-3 عوضًا عن 4-4-2 التي بدأ بها المباراة؛ جريزمان وكاراسكو على الأجنحة وتوريس في العمق ومن خلفه ساؤول كمحور ثالث.
ورغم لجوء زيدان لمزيد من التأمين الدفاعي بإخراج بنزيما وإشراك فاسكيز (77″)، إلا أن كاراسكو سار على خطى جاكسون ومنح مدربه تعادلًا قاتلًا (78″) بعد تبدل الحال للنقيض بنزوله ونجاحه في إكمال أكبر عدد من المراوغات الناجحة في عمق دفاعات الملكي (12)، ساعده على ذلك نزول دانيلو بدلًا من كارباخال المصاب (52″)، والذي كاد يتسبب في عدة أهداف بعد فشله في كل الثنائيات التي خاضها مع البلجيكي، قبل أن يعود لينقذ الميرينجي من اغتيال جريزمان في الأشواط الاضافية.
صدق أو لا تصدق
- الاستحواذ كان من نصيب الأتليتي بـنسبة 51.4%.
- جائزة أسوأ أداء في الفريقين تذهب عن جدارة لهدافي الفريقين، فبينما غاب رونالدو تقريبًا إلا في فرصة وحيدة أضاع فيها فرصة قتل المباراة، لم يكتفِ جريزمان بإفساد هجمات فريقه بتسديدات بعيدة مبكرة، بل أضاع ركلة جزاء كانت لتمنح الأتليتي فرصة أفضل.
- سيميوني قاد فريقه لأكبر عدد من التمريرات، المراوغات، وعدد مرات لمس الكرة، بينما خسر كل الإحصائيات الدفاعية باستثناء التصديات.
- الروخيبلانكوس خسر ضعف عدد الثنائيات الهوائية التي فاز بها.
- كوكي: أفضل صانع لعب على أرض الملعب بـ16 تمريرة حاسمة هذا الموسم لم يصنع أي فرصة حقيقية للتسجيل طيلة ساعتين من اللعب.
- لاعبو الريال ارتكبوا كمًا أكبر من المخالفات (18-16)، ونالوا ثلاثة أضعاف عدد البطاقات (6-2).
- طيلة 110 دقيقة لم يجرِ سيميوني سوى تغيير واحد، بينما كانت 77 دقيقة كافية لزيدان ليستهلك كافة تغييراته.
- كل ركلات ترجيح الريال تم تسديدها على يسار أوبلاك، وكل ركلات الأتليتي تم تسديدها على يمين نافاس، ولم ينجح أي منهما في التصدي لأي ركلة.
- لم تتضمن محاولات الأتليتي على المرمى أية مرتدات، بينما سجل الريال محاولة واحدة من مرتدة.
- زيزو وسيميوني تبادلا الرسم التكتيكي حرفيًا، فبينما بدأ الأول بـ4-3-3 مقابل 4-4-2 لخصمه، انتهت المباراة والوضع معكوس.
تعليق على ما حدث
دييجو سيميوني
لوكازيميرو
خلف كل لوكا عظيم كازيميرو، الذهب اللاتيني السائل تدفق في إسفنجة وسط ودفاع الريال الهشة فأحالها سبيكة لامعة لا تقبل الاختراق أو الخدش؛ الارتكاز البرازيلي الجشع لم يكتفِ بكونه أكثر لاعبي فريقه لمسًا للكرة (92 مرة)، بل استأثر وحده بخُمس محاولات الميرينجي الدفاعية الإجمالية (30/154)، لم أجرِ الحسبة ولكن لا بد وأنه رقم قياسي جديد خاصة أن مودريتش نفسه اكتفى بثمان محاولات فقط.
ورغم تأثره بخروج كروس لحساب إيسكو (72″)، إلا أن الثنائي الخارق استمتع بإفساد مباراة سيميوني، وكان أهم مفاتيح فوز الريال بلا منازع. وقابل تفوق الثنائي تألقُ لبيل في المقدمة، فبالإضافة لكون السفاح الويلزي أسرع مصادر خطورة الميرينجي وأكثرها فاعلية أغلب أوقات اللقاء، فقد قلب الطاولة على سيميوني بصناعته لهدف فريقه، لتمنحه الإحصائيات لقب رجل المباراة عن جدارة.
أشباح حول جابي
المجهود هو السحر الذي يصنع النجاح.
سأقول لكم لماذا فازوا عليكم في مباراة الأمس: فازوا لأنهم لعبوا بقلوبكم.
بغض النظر عن أداء دفاعه الجيد نسبيًا، فلعل القائد كان أبرز نقاط الأتليتي المضيئة في ميلانو، جابي صنع هدف الروخيبلانكوس الوحيد من ثنائية ذكية مع فران قبل أن يرسلها الأخير لكاراسكو، وكان أكثر لاعبي الفريقين لمسًا للكرة (142 مرة) وأكثرهم اعتراضًا لها بالتساوي مع كازيميرو، ولكنه لم يمتلك مودريتش ليترجم أداءه إلى ما هو أكثر، واكتفى رفيقاه ساؤول وكوكي بأداء متواضع لعله الأسوأ لهما هذا الموسم، لم يسفر سوى عن فرصة وحيدة للتسجيل في منطقة جزاء الريال.
سيميوني لم ينل ثأره هذه المرة التي ربما تكون الأخيرة له مع الأتليتي، وزيزو اعتلى خطوات كبيرة على سلم التدريب. وبدعم جماهيري واسع، علاقة رائعة مع لاعبيه، وميزانية مفتوحة، لن نحتاج لذكاء كبير لنتوقع موسمًا مغايرًا للميرينجي في العام المقبل ربما يعود فيه إلى مدريد بما هو أكثر من لقب معتاد لدوري الأبطال.
