قراءة في واقع الجمهور السني في العراق
مقدمة
إذا ما قدرنا حجم المصائب والتحديات التي تواجه بعض مجتمعاتنا اليوم، وآمنا بمبدأ أن أي تغيير مأمول يجب أن يبدأ من الأساس وضمن دائرة المتاح، فعلينا أولا وقبل كل شئ أن نسلط الضوء على جذر المشكلة وليس الأعراض. فالفلاح على سبيل المثال يعالج مشكلة الحشائش الضارة في مزرعته من جذورها، فهو ينظر في علاجه إلى الجذر وليس إلى الجزء الظاهر فوق السطح. وفي عالم الطب لا يمكن للطبيب أن يصل إلى علاج فعال دون تشخيص دقيق لجذر المشكلة التي أدت إلى ظهور الأعراض.
والجمهور الذي يواجه أزمة تعصف به من كل صوب ويعتقد أن جذر المشكلة وأساسها متعلقة بالسياسيين (حصرا) هو جمهور ينظر إلى أعراض الأزمة التي يعاني منها فقط ويحاول الهروب من تبعات تحمل المسؤولية؛ مسؤولية الوعي بمشكلته وإحداث التغيير الذي يبدأ من الأساس، أي من الجمهور نفسه. والله سبحانه وتعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا هم ما بأنفسهم.
وأود التنويه بداية أن هذا المقال سيتجنب الحديث عن الأزمة السياسية التي تعصف بنا جميعا، والتي أدت إلى فقدان البلد لأبسط مقومات الدولة. فلقد أشبع هذا الموضوع نقدا وتحليلا خلال الأعوام الثلاثة عشر الماضية، حتى أصبح حديث الصغار قبل الكبار.
وعليه فإن هذا المقال سيركز على الجانب المتعلق بالجمهور حصرا. وهو محاولة لقراءة الواقع كما هو، وذلك من خلال وصف ما يجري اليوم من انقسامات، وإلقاء الضوء على بعض الأسباب الجذرية لذلك، وتشخيص أبرز الخيارات التي تبنتها مكونات المجتمع العراقي بصورة عامة، وتلك التي تبناها الجمهور السني بصورة خاصة، مع التركيز على بعض الحقائق التي فرضها علينا الواقع، ورصد بعض الظواهر السلبية التي انتشرت في مجتمعنا بعد الاحتلال، إضافة إلى مناقشة أهمية التمثيل السياسي في إطار الأزمة التي نمر بها اليوم، ثم طرح مفهوم التعايش كخيار بديل عن الخيارات المطروحة حاليا.
علما أن توصيف الواقع شئ والقبول به أو رفضه شئ آخر تماما، واعتراف الإنسان بالواقع لا يعني الاستسلام له ولكنه يعني الوعي بالمشكلة. وأزعم أن التشخيص الدقيق لأي أزمة والوعي بها هي أولى خطوات إيجاد الحلول العملية لها، وأن أي رؤية لأي حل لا تأخذ الواقع كما هو بنظر الاعتبار سيكون مصيرها الفشل. فتشخيص الواقع والاعتراف به يكاد يكون من أهم الوسائل لعبور هذه الأزمة بأقل خسائر ممكنة.
والحقيقة التي يجب إدراكها –إذا ما حصرنا الحديث بالجمهور- هي عدم وجود حلول خارجية جاهزة. فالعلاج موجود داخل كل واحد منا، ويستند بالأساس إلى وعي الباحث عن الحل بمشكلته وأسبابها. فليس من العيب أن يمرض المجتمع، ولكن من العيب أن لا نشترك جميعا في البحث عن العلاج. وأولى خطوات العلاج هي التشخيص الدقيق.
جذور الأزمة
إن من الحقائق المهمة التي يجب مواجهتها هي عدم إمكانية فصل كل ما يحدث من أزمات أصابت المجتمع العراقي اليوم عن جذورها قبل الاحتلال، أي قبل عام 2003. وهي الفترة التي تجنب الكثير الحديث عنها حتى ظن البعض أن لا علاقة على الإطلاق بين ما يجري اليوم من تحديات وانقسامات تواجه المجتمع العراقي وبينها. إذ من غير المنطقي أن يكون هذا الانقسام الذي نشهده اليوم قد حدث فجأة دون وجود جذور وأسباب سابقة له.
فمنذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالأسرة المالكة قبل 58 عاما، حيث تم قتل كل أفراد الأسرة وسحلهم بطريقة وحشية، والعراق يمر بأزمات متتالية، ومن فشل إلى آخر، وعلى جميع المستويات. صحيح أن العهد الملكي لم يكن مثاليا، لكن لم يكن هناك قمع للمخالفين وقتل وسجن وتعذيب للمعارضين. والأهم من ذلك، كانت هناك نسبة كبيرة من الحريات، من أبسطها كحرية التعبير دون خوف، وليس انتهاء بتداول معقول للسلطة عن طريق انتخابات نيابية. وكل هذا كان يحدث ضمن بيئة خالية من القمع تقريبا. وأغلب ما تم إنجازه لاحقا من مشاريع في عهد الانقلابيين كان من تخطيط ما يسمى بــ «مجلس الإعمار» الذي تأسس في العهد الملكي (1950-1958) وضم أفضل العقول والكفاءات السياسية والاقتصادية في تلك الفترة.
وكما هو معلوم للجميع، فإن الأنظمة الديكتاتورية التي تحكم بمنطق «لا أريكم إلا ما أرى» (وخصوصا تلك التي رافق حكمها فترات طويلة من الحروب الاستنزافية) غالبا ما تخلف ورائها تركة ثقيلة على جميع المستويات: خراب اقتصادي، هجرة للعقول، فراغ فكري، عدم الشعور بالانتماء الحقيقي للبلد الذي يصبح ملكا حصريا للقائد الأعلى، عدم وجود خبرات ووعي وثقافة في المجال السياسي بسبب احتكار السلطة، انتشار ثقافة الخضوع للأقوى، انهيار لقيم الإنصاف والعدل البيني والتنوع الاجتماعي، وانعدام ثقافة التعايش مع الآخر المخالف… الخ.
ومن الحقائق المؤسفة هي أن أثر الركام الذي تتركه هذه الأنظمة في النفوس والمجتمعات يحتاج إلى وقت طويل لكي تتم إزالته. وفـيما يلـي وقفة تدبر فـي بعـض الأزمـات التـي قد تخلفهـا الديكتاتوريـات في المجتمعـات.
من مخلفات الديكتاتورية في العراق
وفـيما يلي وقفة تدبر فـي بعـض الأزمـات التـي خلفتهـا الدكتاتوريـات المتعاقبة في المجتمع العراقي، ومـن أهمهـا:
1. أزمــة الاتـكـالـيـة والسـلـبـيـة
وسبب ذلك أن الكيان النفسي للجمهور الذي قضى وقتا طويلا تحت حكم نظام قمعي مستبد بالرأي والقرار، يتكيف بشكل خاص حيث تنمو أجهزة الطاعة والاتكالية إلى حد كبير وتضمر أجهزة المسؤولية واحتمال التبعات، فيفقد عموم هذا الجمهور البوصلة والقدرة على الفعل الهادف المؤثر بعد زوال الدكتاتور، ويصاب بالتوتر والهلع من كونه حر وبلا راع.
وبدل أن يتخلص الناس من الاتكالية في نظافتهم –على سبيل المثال لا الحصر- وترتيب شؤونهم وكل من يرى ثغرة يسارع لسدها، خصوصا في أوقات الأزمات وعدم الاستقرار التي تلي رحيل النظام، تجدهم في الغالب يبدأون في البحث عن مُخَلّص، فتجد عموم الجمهور يدلي بصوته في أول انتخابات ثم يعود ليلعب دور المتفرج لِيُحَمّل من قاموا بانتخابهم المسؤلية كاملة متوقعا منهم صنع المعجزات.
ويتحول الناس لمستمعين ومنتظرين لهذا البطل البرلماني الخارق الذي سيحل لهم مشاكلهم. ومن أبسط الأشياء لأكبرها (كرفع القمامة من الشوارع والدفاع المسلح عنهم إذا لزم الأمر) تصبح معلقة برقاب العاملين في مجال السياسة.
ثم تأتي الصدمة بعد أن يكتشفوا أن الذين انتخبوهم هم بشر من جلدتهم، أصابهم ما أصاب هذه المجتمعات من أمراض النفوس وآثار الاستعباد. فتحدث النكسة ويدخل المجتمع هذا في مرحلة إحباط شديد.
وبدل مواجهة الحقيقة والبحث عن جذور المرض لعلاجه، يدخل هذا المجتمع في مرحلة إنكار. وفي هذه المرحلة، فإن المجتمع لا يرى أنه السبب في مشاكله ووضعه الحالي، فهو يسقط كل معاناته على الظروف والأسباب الخارجية. وبالتالي لا يرى المجتمع أنه بالإمكان أن يكون هو جزء أساسي من الحل. لماذا؟ لأنه قام بكل ما عليه فعله –التصويت– وأصبحت المشكلة بكل بساطة محصورة بالسياسين الفاسدين كلهم دون استثناء.
ثم يقوم المجتمع بإغلاق الدائرة على نفسه بأن يعتبر أن السياسة نَجَسْ، ومن يقترب منها فهو مُلَّوَث ومتهم حتى تثبت إدانته، وأن كل السياسين حرامية (حتى الذي لم يرشح بعد أو نوى الترشح). وتجد البعض يتفاخر بأن ليس له علاقة بالسياسة وأن الله تعالى قد أنجاه هو وأهله منها!. وبالتالي يكون الجمهور -في هذه الحالة- غير مطالب بتقديم البديل، لماذا؟ ليبقى طاهرا بعيدا عن التلوث في عالم السياسة.
تبدأ بعدها مرحلة الترحم على الديكتاتور الذي ذهب وتركنا فريسة سهلة لكل من هب ودب، ثم تظهر أعراض الحنين إلى الماضي وغالبا ما يكون على شكل حنين عام لدى تلك المجتمعات اليائسة -خصوصا تلك التي تخلصت من المستبد دون بذل أي جهد يذكر- للعودة إلى الوراء والبحث عن مُخّلص أو ديكتاتور جديد بدل التقدم إلى الأمام واستثمار فرصة رحيل النظام المستبد لترتيب أمورهم وبدء أولى خطوات اللحاق بركب الدول المتقدمة.
2. أزمة التعايش
ومن الأزمات الأخرى التي عادة ما تخلفها الأنظمة الديكتاتورية، أزمة التعايش وانعدام ثقافة قبول الآخر وخياراته. والمتأمل في قصص الأنظمة المستبدة قد يرى أن من قواعد الحكم الديكتاتوري هي إلغاء عقول الناس واختيارهم الحر والتحكم حتى في أفكارهم، وعلى الشعب أن يكون على عقيدة الزعيم أو فكره وإن لم ينتم جسديا إلى حزبه الحاكم. وقد نبهنا القرآن الكريم إلى هذا من قبل، فلقد أنكر فرعون على سحرته عندما آمنوا بموسى عليه السلام بقوله: «آمنتم له قبل أن آذن لكم». فحتى الإيمان الذي محله القلب قد يخضع –في أجواء الديكتاتورية- إلى إذن فرعوني مسبق.
وقد يلجأ بعض الحكام المستبدين أيضا إلى إلغاء التنوع الفكري والمذهبي للمجتمع بالإكراه والقوة المفرطة كحجة للاستقرار، وقد يؤدي هذا إلى نوع من الاستقرار المقنع المؤقت والذي لا يلبث أن ينتهي بزوال السبب –السلطة القاهرة- بل ويتحول في غالب الأحيان إلى حرب أهلية لاحقا.
لماذا؟ لأن الكبت والفراغ الفكري والجهل بالنفس والجهل بالآخر (الذي كبت خياراته مجبرا) يؤدي إلى أمراض اجتماعية خطيرة من أبسطها كغياب الهوية وانعدام ثقافة قبول الآخر وخياراته وليس انتهاء بانتشار ثقافة الاستبداد بالرأي والأنانية الفردية عند أفراد الجمهور (وبالتالي عند من يمثلوهم في المجال السياسي). فلقد كان هناك خيار واحد فقط وهو الذي تم اختياره لنا من قبل القائد الأوحد. وبعد زواله، يبدأ الجمهور برحلة البحث عن الهوية والتعرف على الآخر وخياراته المفاجئة والغير متوقعة، وتبدأ معها معالم التشتت والضياع.
وفـي واقـعنـا العـراقـي انقـسـم النـاس إلـى ثلاثـة أقسـام رئيـسة: فمنهم من اختار المذهب كهوية واضحة ومرجعية معتمدة والتف حولها، كالشيعة، ومنهم من اختار القومية هوية له وتعايش معها، كالأكراد، ومنهم من أصابه «التـيـه» وهو يبحث عن هويته، كالسنة العرب.
عندها كان التشظي الأكبر من نصيب هذا القسم الأخير (السنة العرب)، والذي انقسم بدوره إلى عدة أقسام:
– فمنهم من اعتقد أن إلغاء الهوية وإنكار المذاهب هو الحل الأمثل للأزمة، وبدأ بطرح رؤيته هذه على الآخرين تحت شعارات وطنية تارة وعلمانية أو مدنية تارة أخرى، راميا من يرفض هذا الرأي بتهمة الطائفية والتشكيك بالوطنية.- ومنهم من اعتقد أن على الآخرين أن يتمسكوا بالمذهب كخيار أفضل من أجل عبور هذه الأزمة بسلام، وبدأ الترويج لرؤيته تحت شعارات مذهبية تارة وإسلامية تارة أخرى، وأي شخص يرفض ذلك فهو مشكوك في التزامه المذهبي أو الديني.- والقسم الآخر قرر التشبث بعقيدة الزعيم الراحل معتقدا أنه لا ملجأ من هذه الأزمة التي تعصف بالبلاد إلا بالرجوع إلى طريقه والالتزام بتعاليم فكره والالتفاف من جديد حول حزبه، وحاول فرض رؤيته هذه على الجميع تحت شعارات المعارضة تارة والمقاطعة الكلية تارة أخرى، منتظرين حصول معجزة ما لإلغاء كل ما ترتب على نتائج الاحتلال دون أي محاولة لتقديم رؤية واقعية جامعة، متهمين كل من يختلف معهم بالعمالة والتعاون مع إيران والمحتل.
وبدل أن تكون الانتخابات وسيلة للتعبير عن اختلاف وجهات النظر، وقرار واع بتقنين وتصريف الخلاف لتجنيب المجتمع هول الصراعات، بدأ الأفراد المنتمين للأقسام أعلاه بالنظر للانتخابات على أنها الوسيلة الوحيدة المتاحة لكي ينتصر فيها رأيهم على الآخر المخالف والذي لا يمكن قبوله كما هو بأي حال من الأحوال، وتجد ذلك متجسدا في اللغة السائدة بين أفراد هذه الاقسام من الجمهور، من أبسط الأمور (كالسب والشتم وغياب أدنى مقومات الإنصاف والعدل مع المخالف وإلقاء التهم الجاهزة على القائمة الفلانية أو الحزب الفلاني أو المرشح الفلاني هو وكل من ينتخبه) وإلى أبشعها إن توفرت عوامل القوة (كالتصفية الجسدية).
وبهذا المفهوم السائد لدى غالبية الجمهور للأسف فإنه يسهل إنتاج عاملين متناحرين في مجال السياسة، لماذا؟ بكل بساطة لأنهم يمثلون هذه الثقافة الانقسامية المنتشرة بين أفراد المجتمع. كما ويسهل التفريط بآلية الانتخابات ونتائجها بالإضافة إلى الانقلاب عليها لاحقا من قبل الأقوى (مالا وسلاحا ودعما محليا وإقليميا).
والحقيقة أن الذي يوزع صكوك الوطنية لهذا (المؤيد لرأيه)، وينتزعها من ذاك (المخالف)، هو بالضبط الوجه الآخر للمتطرف الذي يُكفر هذا ويبرئ ذلك وفقا لهواه هو وليس للحق الذي جاء في قوله: «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، ذلك الحق الذي أنزله الله تعالى وكفل معه حرية الاختيار: «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين».
ومن علامات التشظي والتشتت أيضا انقسام الجمهور الذي وجد نفسه (سنيا) بين ليلة وضحاها بين عدة خيارات، كان من أبرزها وأكثرها انتشارا خيارات: المقاطعة الكلية أو اللاهوية.
من أبرز خيارات العرب السنة في العراق
ومن علامات التشظي والتشتت أيضًا، انقسام الجمهور الذي وجد نفسه (سنيًا) بين ليلة وضحاها بين عدة خيارات، كان من أبرزها وأكثرها انتشارًا، خيار المقاطعة الكلية، وخيار اللاهوية. وفيما يلي وقفة تدبر في هذين الخيارين:
1. عـــن خـيـار المـقـاطـعـة الكـلـيـة
إن الذين يدعون للمقاطعة الكلية دون أي محاولة لتقديم بديل واقعي (بدل انتظار المعجزات والترويج للأماني التي تتسم بالمثالية والخيال)، غفلوا عن أمر مهم مفاده، أن الظروف التي لا نشتبك معها ستتشكل ضدنا بمرور الزمن، وأن الفراغ الذي نهرب منه اليوم سنعود إليه غدا وقد أصبح ملكا خاصا لمن أخذوه منفردين وراكموا من ورائه المصالح وأصبحت علاقتهم به علاقة حياة أو موت لا مجرد كسب أو خسارة (وهذا ما تم فعلا عندما حرم علينا البعض الدخول في الجيش والشرطة).
إن الذين يحرمون على الجمهور المشاركة إنما يحرمونهم من هذا الهامش البسيط المتاح لهم، من غير أن يحرموا عليهم الخضوع العملي في شؤون حياتهم لهذا النظام الذين يدعون لمقاطعته وتولي المناصب الأدنى في وزاراته ومؤسساته، إن لسان حالهم يقول: يجوز لك أن تكون أستاذا أو طبيبا أو مهندسا أو موظفا أو كاتبا أو فراشا، لكنك ستخسر وطنيتك وشرفك إذا عملت في مجال السياسة وكنت برلمانيا أو وكيل وزارة أو حتى مديرا عاما!. فما معنى هذا؟ وما مآلاته على أرض الواقع اليوم؟
وإذا اتفقنا أن الإدارة السياسية لمجموعة بشرية أصبحت من ضرورات الحياة لا يمكن المضي دونها، وأن حركة الحياة في أي مجتمع -غير محكوم بنظام ديكاتوري- أصبحت تقوم عليها، فكيف للجمهور الذي يفخر بعض أفراده بأنهم غير مهتمين ويشمئز البعض الآخر من العمل في هذا الجانب أن يديروا شؤونهم أو ينتجوا البديل إذا فشل الموجود؟! وكيف لهم أن يقدموا نموذجا معتدلا للجيل القادم لصنع موارد بشرية تعمل في هذا المجال المهم -الذي تم إهماله لعقود بسبب الحكم الديكتاتوري- تكون ناجحة ومعتدلة وتستطيع خوض مضمار السياسة دون خوف مسبق يمنعهم من المحاولة ابتداء؟!
الحقيقة لا يمكن إنتاج بديل جيد إذا كانت صورة العمل في هذا الجانب بالأبيض والأسود فقط، أما سياسي ذو مواصفات مثالية لا وجود له إلا في خيال البعض أو لا شيء، ولا يمكن إعداد موارد بشرية وكوادر شابة صالحة للمستقبل إلا إذا تكونت لدى الجمهور ثقافة عامة تنظر للعمل في المجال السياسي على أنه خيار طبيعي ومهم مثله مثل خيارات العمل في المجالات الأخرى كالطب أو الهندسة.
2. عن خيار اللاهوية
إن فكرة اختيار اللا هوية كشعار وخيار أحادي لحل الأزمة هو ببساطة حلم جميل ما زال يتبناه البعض عبر الفهم العام غير المتعمق لخيار الدولة المدنية أو العلمانية، يفترضون من خلال هذا الخيار أن بالإمكان القضاء على الهويتين السنية والشيعية وكذلك على القومية الكردية من أجل التعايش والاستقرار، ناسين أو بالأحرى متناسين أن الدولة المدنية مبنية أساسا على حرية الاعتقاد وتعدد الهويات والمذاهب وتبني خيار التعايش مع الآخر المخالف لا تسقيطه ومحاولة إلغائه تحت ذرائع وشعارات ظاهرها براق –كالوطنية والليبرالية والمدنية- ولسان حال باطنها يقول: هذا هو الخيار الأوحد الذي يجب أن يفرض فرضا على الآخرين ولو بالقوة، ومن يرفضه فهو طائفي ومشكوك في وطنيته ويريد تقسيم البلاد، الخ من التهم المعلبة الجاهزة.
إن هذا الكلام ليس ضد العلمانية أو الليبرالية كخيار شخصي أو ضد من يمثل هذه الأفكار كأشخاص، فتنوع الاتجاهات الفكرية في أي مجتمع يعتبر علامة صحية ما لم يحمل معه التعصب والإقصاء. ولكن المقصود هو مناقشة الفكرة المطروحة كحل أحادي لازمة معقدة تحتاج إلى حلول تعترف بالواقع وبخيارات الآخرين ولا تقفز عليها أو تتجاهلها.
إن حمل شعارات اللاهوية (كالعلمانية أو الوطنية العابرة لما يسمى بالطائفية) كخيار وحيد من أجل عراق موحد لم يعد كافيا أو واقعيا، إن هذه الشعارات تقول ضمنا: أنه لا تعايش -ولا يمكن أن يكون العراق موحدا- إذا كان هناك من مواطنيه من يختار المذهب أو القومية كفكرة تعبر عنه وعن هويته، هي تقول ضمنا: عليك أيها المواطن العراقي أن تلغي كل خيار آخر غير العلمانية أو الليبرالية من أجل التعايش، وهذا أمر غير واقعي، خصوصا وقد اختار الجمهور الكردي القومية وعموم الجمهور الشيعي المذهب كخيارات إنسانية حرة تعبر عنهم وعن كينونتهم، وصار هذا أمرا واقعا تجاوزه الزمن، والكلام هنا عن عموم الجمهور حصرا (وليس عن المجرمين المدعومين إقليميا الذين يريدون استغلال هذا الأمر لمصالح شخصية أو فئوية أو حزبية).
حقائق وظواهر من الواقع
وقبل الانتقال إلى موضوع التمثيل السياسي وأهميته، هناك حقائق فرضها علينا الواقع من جهة وظواهر سلبية انتشرت في مجتمعنا من جهة أخرى يجب مواجهتها والاعتراف بها ورؤيتها كما هي دون تجميل أو تزييف.
فلقد مر أكثر من 13 عام على بداية الأزمة التي عصفت بنا وما زالت جلسات الحديث الخاصة والعامة وغالبية البرامج الإعلامية تدور في فلك التذمر والتفريغ النفسي فقط، يصب الجمهور من خلالها جام غضبهم تجاه كل من شارك في الجانب السياسي من المحنة التي نواجهها جميعا، يركزون على الأشخاص والأسماء فقط، يتسائلون مستنكرين لا مستفهمين عن ما جرى ويجري لهم دون مراجعة أو محاولة جادة للتوقف والتفكر والتدبر من أجل الفائدة وعدم الوقوع في فخ اليأس وإدمان الشكوى وكثرة النواح.
إن التفريغ النفسي تعبيرا عن الشعور بالحيف والقهر مما يجري مفهوم، لكن عندما تكون هذه هي الثقافة السائدة والغالبة على لغة الحوار فسيؤدي بنا ذلك إلى البقاء في دائرة مفرغة من التذمر والشكوى دون فائدة تذكر، فتغلب العاطفة وننسى أو نتناسى بعض الحقائق التي فرضها علينا الواقع من جهة ونغفل أو نتغافل عن رصد بعض الظواهر السلبية -والتي انتشرت في أوساطنا وتم التعامل معها وكأنها أمورا طبيعية- من جهة اخرى، حقائق وظواهر من المهم جدا إدراكها من أجل تشخيصها ورفع الوعي بها وبالتالي تبني خيارات أكثر نضجا ووعيا.
وفيما يلي وقفـة تدبـر فـي بعض الحقائـق التي قد تغيـب عن الوعـي في ظل الأزمـة الحالية:
– إن درجة الأمان لأي مجتمع يكون في تماسك نسيجه الوطني وقدرته على التعايش ووعيه بخطورة الانقسام عند الشدائد، وذلك يحتاج لثقافة عامة وعدل بيني وسلوك تمت ممارسته لأجيال في أوقات الرخاء، وهذا ما لم يكن موجودا –ولا يمكن له أن يكون- في عهد الانقلابات العسكرية والديكتاتوريات. ومن الخطأ الاعتقاد بأن إزالة الركام الذي تتركه الديكتاتوريات في ثقافة المجتمع قابل الإنجاز في سنوات.
– أن مؤشر الحنين للطغاة والديكتاتوريات كلما قل في ثقافة المجتمع كلما كنا أقرب للعبور من هذا النفق المظلم، فاحتقار الطغيان والاستعباد وعشق الحرية –كثقافة- هي صمام أمان لضمان عدم إفراز مستبدين جدد.
– إن الاستبداد مرض والفساد عرض، لذلك تجد الشعوب التي بادرت بالفعل وتخلصت هي من الاستبداد بوعي –كثقافة وليس من الأصنام فقط- استطاعت بعدها التخلص من الفساد بسهولة.
– إن معرفة حدود قدراتنا وقدرات الآخرين وميزان القوى –خصوصا في أوقات الأزمات- يعطينا القدرة على تبني الخيارات الأكثر نضجا والأقل ضررا والأحمد عاقبة.
– إن الأمر أكبر -بمراحل شاسعة- من شخص أو حزب أو معارضة أو حتى دولة، فالأمر دولي عالمي يهدف لبناء نظام إقليمي جديد أشبه بسايكس بيكو قبل مئة عام، نظام إقليمي آخر غير النظام الذي ظهر بعد سايكس بيكو جغرافيا وبعد الحرب الباردة سياسيا.
– إن هذه المنطقة من العالم ستتغير جذريا (رضينا أم لم نرضى)، لدينا فقط أن نختار وجهة هذا التغيير إلى الماضي المستحيل أم إلى المستقبل الممكن، وأن نعمل على تقليل الخسائر قدر الإمكان.
– إن الأمور محليا وإقليميا ودوليا أخذت منحا مهمشا للجمهور الذي وجد نفسه سنياً بين ليلة وضحاها رغما عن أنفه، تهميشا استهدف فئة معينة وهوية محددة معتبرا السنة أقلية مهما حمل أفرادها من شعارات، وهذا الأمر مستمر إلى أن يحدث توازن قوى إقليمي .
– إن الفيدرالية قد تكون خيارا معقولا في المجتمعات المنقسمة إذا كان ذلك سيعيق بغي بعض مكونات المجتمع على بعضها الآخر ويقلل من حجم الخسائر ويحافظ على ما تبقى من الحرث والنسل ويمنع فكرة التقسيم الكامل الذي لا مجال للتعايش بعده.
– إن المستقبل لن يرحم المترددين، من لم يصمد ويحاول الأخذ بكل الأسباب الممكنة للثبات في مكانه اليوم سوف لن يحصل على أي نفوذ لا في رقعته ولا في بلده ولا في شكل المنطقة التي سينتج بعد فترة المخاض هذه.
– أن الديمقراطية (والانتخابات والسياسة) ليست حلا لانهيار القيم ولكنها جزء من حل ما لم يتكامل لا يحقق مراده، صحيح أن السياسة قد يمتهنها الكثيرون في أي ظرف، لكن لا يمكن لنا أن نوجد البديل الأفضل بدون وعي شعبي وجهد اجتماعي لنشر القيم التي نفتقدها وننتقدها في سياسيينا أو تلك التي نريدها لمجتمعنا والعمل معا على التثقيف والتنشئة عليها.
– إن الجماهير هي التي تصنع سياسييها وليس العكس، فالجماهير الواعية بواقعها والتي تؤمن بالحرية وأهمية التعايش تفرز سياسيين يمثلون هذه الأفكار، والجماهير المشتتة المنقسمة على نفسها والمتطرفة في رفضها للآخر المخالف والتي ما زالت تحن للديكتاتوريات تصنع سياسييها أيضا، وشتان بين السياسيين الذين يخرجون من رحم الجماهير الحرة المؤمنة المتعايشة وبين المستبدين الذين يريدون الرجوع بالزمن إلى الوراء، وشتان بين الجماهير التي تتنفس الحرية وتلك التي أدمنت الاستعباد، وشتان بين المصير الذي يختاره الاثنين لأنفسهم، وكمـا تكونـوا يـول عليـكم.
– إن البرلماني هو موظف أعزل يعمل في دائرة اسمها البرلمان وضمن تخصص أو مجال معين في أغلب الأحوال، ومن الخطأ انتشار فكرة البرلماني الخارق الذي يقدم الحلول الجاهزة لكل المشاكل بل ويمكن له أن يحمي الناخب من الخطر المسلح أيضا، البرلماني هو صوت أعزل يقوى ويضعف بحسب قوة وضعف من يمثلهم ولا يغني عن الواجبات الأخرى التي يجب أن يقوم بها المجتمع المدني الحر(على سبيل المثال، هل نعلم أن عدد منظمات المجتمع المدني العراقية غير الحكومية المسجلة لغاية 30/ 06/ 2016 بلغ 2833!)، نعم، من الطبيعي أن يكون هناك برلمانيون فاشلون أو يعملون لمصالح شخصية، ولكن من غير الطبيعي أن نرى مجتمعا يواجه أزمة تعصف به من كل جانب ثم نراه ينتظر الحلول الجاهزة -بل والخارقة أحيانا- على يد برلماني أعزل ودون أدنى محاولة لتقديم البديل الأفضل.
– وأنه من المهم عدم ترك المشاركة في الشق السياسي من الأزمة (بعد أن انتهت المقاومة من غير أن تترك أي أثر سياسي يعيد توازن القوى، وتم التآمر على الحراك الشعبي بإدخال داعش إلى مناطقه، وما زلنا نبحث عن بديل سياسي ناجح بعد أن فشلت المعارضة -المقاطعة لكل شيء- بتقديم أي بديل ملموس على أرض الواقع)، ولا بديل عن الصبر والمطاولة حتى يحدث توازن قوى دولي يحيد تدخل إيران ويوقفها عند حدودها.
ظواهر منتشرة في الواقع العراقي
– مجاملة المزاج السائد وإن كان على حساب الحقيقة، حيث بدأ البعض يحجم عن قول ما يراه صوابا أو قريبا من الواقع خشية للجمهور والمزاج العام، وبدأ البعض الآخر يسب ويشتم ويروج للأحلام البعيدة عن الواقع تقربا للجمهور ومزاجه فقط، وبين خشية الجمهور ومحاولة التقرب منه تضيع الحقيقة ونزداد بعدا عن الواقع، ومن السطحية الاعتقاد بأن المزاج العام يمكن أن يكون –بأي حال من الأحوال- معيارا للصواب.
– انتشار ثقافة السخرية والاستهزاء بحجة النقد، إن الاستهزاء بالأوضاع السياسية السيئة والسخرية من العاملين في هذا المجال بسبب الشلل والفشل السياسي الذي تعاني منه الحكومة والبرلمان مفهوم ومبرر بل ويمكن اعتباره علامة صحية إذ لم يكن أحد يجرؤ على هذا النوع من النقد المليء بالسخرية قبل 2003، لكن يجب ألا تكون هي الثقافة العامة والطريقة الوحيدة لمقاربة الأوضاع في جانبها السياسي، فالنقد –والذي يجب أن يكون بناء- هو جزء من منظومة إصلاحية ما لم تتكامل لا تأتي أكلها.
– انتشار ثقافة السب والشتم والتشهير كمعيار للقوة، والحقيقة إن الضعفاء وقليلي الحيلة والبعيدين عن الواقع وسيلتهم السب والشتم وعلو الصوت وطول اللسان، ينطبق عليهم المثل القائل: «أوسعتهم شتما ومضوا بالإبل»، إن السب والشتم كتعبير عن الغضب قد يكون مفهوما كمتنفس للبعض في الطرقات والأزقة والمقاهي الشعبية، ولكن أن تمارسه النخب وأغلب متصدري المنابر الإعلامية ومواقع التواصل وتصبح مؤشرا على وطنية الأكثر نواحا وتذمرا والأطول لسانا والأكثر شتما وقذفا واتهاما لخصومه فتلك هي الكارثة.
– انتشار ظاهرة الإنكار والإسقاطات، إن من ظواهر الإنكار المنتشرة لدى البعض في مجتمعنا، هو انتقاد الآخرين –المخالفين بالرأي- وتحميلهم مسؤولية كل ما يجري من كوارث بسبب خياراتهم الفكرية أو السياسية، يتحدثون عن الآخرين بصيغة (هم) أصحاب المشكلة وسبب الكارثة وليس (نحن) جميعا مسؤولون لايجاد حل لما نمر به اليوم، كما لو أن المنتقد هذا لا يشترك بنفس الأمراض والمشاكل المنتشرة لدينا جميعا، والحقيقة أن أي نقد يوجه بصيغة توحي أن الناقد ينتمي لفئة أخرى أو عالم آخر وليس بصيغة المصاب الذي يبحث عن العلاج سيكون تأثيره قليل جدا إن لم يكن معدوما، بكل بساطة هو يعتبر نفسه خارج نطاق المشكلة وبالتالي هو ليس بحاجة إلى التوقف والتدبر ومراجعة أفكاره من أجل أن يساهم في أي تغيير نأمل جميعا أن يحدث يوما ما في ثقافة المجتمع.
إن الحلول الحقيقية لمشاكلنا لا تأتي من الشتائم والأصوات العالية والشعارات العاطفية الرنانة ذات المفعول المخدر، ولا تأتي من إسقاط المشكلة على الآخرين المخالفين، ولا تأتي من انتظار ظهور سياسيين خارقين، ولكنها تأتي –بالأساس- من تحولات كبرى في مستوى الثقافة السائدة لدى الجمهور، فالمجتمعات في البلدان الديمقراطية المستقرة لم تصل لهذه الدرجة من الاستقرار لأنها تمتلك سياسيين محنكين، إنها مجموعة من القيم ودرجة من الوعي بأهمية الحرية والتعايش مع الآخر المخالف –فكريا أو دينيا أو سياسيا- هي أساس استقرار الديمقراطيات في تلك المجتمعات.
سؤال افتراضي للتوضيح: هل إذا أصبحنا يوما ما ووجدنا الذين يعملون في المجال السياسي -والبرلمانيين تحديدا- قد اختفوا جميعا من الوجود! هل ستنحل مشاكلنا تماما؟! هل سوف نتفق فيما بيننا كجمهور على رأي واحد؟! أم سيفرز المجتمع من جديد سياسين يمثلون التناحر الموجود بيننا كأفراد ويعكسون ثقافة الاستبداد بالرأي والتطرف في عدم قبول الآخر المخالف المنتشرة في أوساطنا ؟! ولا يمكن الوصول إلى ثقافة التعايش إلا من خلال الوعي بأصل المشكلة وجذورها ووضوح الهوية واحترام حرية الاختيار الإنساني الحر الذي كفله الله تعالى للبشر.
وقفـة تدبـر فـي أهـمـيـة الـتـمـثـيـل الســيـاســي ضمن إطـار الأزمـة الحاليـة
نظريا يعتبر التمثيل السياسي لفئة ما أو مجموعة بشرية لها خصائص معينة في بلد ما هو الوسيلة الرسمية المتداولة عالميا للاعتراف بهم أو التعامل معهم. نعم، قد تختلف أهمية التمثيل السياسي من بلد لآخر تبعا للنظام المتبع فيه ولظروفه الخاصة، لكن في النظم البرلمانية لا يمكن الاعتراف رسميا -ولو من الناحية النظرية- بوجود مكون ما أو التعامل معه دون تمثيل سياسي له.
أما من الناحية العملية فيمكن لنا فهم أهمية التمثيل السياسي في إطار الظرف الاستثنائي الذي نمر به اليوم من خلال ذكر بعض الحقائق التي قد تتعرض لها فئة من الجمهور عند مواجهة حالة من حالات الصراع المسلح، حيث يكون (الفاعل) العسكري –في هذه الحالات- هو الأساس، عندها لا تكون هناك أهمية على أرض الواقع للأكثرية أو الأقلية العددية وإنما الأهمية تكون لمن بيده السلاح، فالعنف يعتمد على الأدوات كالسلاح ولا يهمه العدد إلا بقدر ما يحمل من أدوات .
مثال: تجد خضوع عشرات من الأفراد أمام شخص واحد يحمل سلاحا، عندها لا يكون هناك أهمية للجمهور كعدد سواء كان راضيا عن من يحمل هذا السلاح أو مستنكرا له، وغالبا ما تجد الجمهور مستنكرا بقلبه دون إظهار هذا الاستنكار باليد أو باللسان.
الخضوع لحامل السلاح يكون طوعا أو كرها، لكن الملفت للنظر هو أن الغالبية من هذا الجمهور لا يشعر بالندية تجاه من يحمل هذا السلاح، فالأنا الفردية أو الجماعية لدى هذا الجمهور تخفت إلى حد كبير دون تحمل شعور بالذنب أو الدونية، حيث يكون الخصوع مجانيا (طوعا أو كرها).
مثال من واقعنا: عموم الجمهور (في المناطق التي سيطرت عليها داعش) لا تجده يسبهم أو يشتمهم علنا أو يسخر منهم أو حتى يكثر من لومهم على ما حدث في مناطقهم من خراب ودمار وتهجير. في المقابل تجده يكثر من سب وشتم من يمثلون هذه المناطق في الجانب السياسي ويحملونهم ذنب كل ما حصل ويحصل بصورة مبالغ بها لا تتناسب مع الواقع الضعيف أو المستضعف لهؤلاء العاملين في هذا المجال، فالندية والأنا الفردية تكون معدومة مع حامل السلاح، لكنها تكون حاضرة مع الآخر المجرد منه، خصوصا إذا كان هذا الآخر يعمل في مجال لم يعتده الجمهور من قبل، أو كان مخالفا لنا في خياراته الفكرية والسياسية، أو لشعور داخلي أننا أفضل منه، ويكون كل هذا واضحا إذا ترافق مع صورة ذهنية مشوهة مسبقة عن المجال السياسي مما يساعد على وضع العاملين فيه ضمن دائرة التعميم.
وعلى العكس من ما تقدم، فان من الحالات القليلة التي يكون فيها وزن للأقلية أو الأكثرية هي حالة الانتخابات البرلمانية، حيث يكون كل فرد أو مواطن هو بمثابة (فاعل) سياسي، أي له القدرة على القيام بفعل محسوب ومؤثر، زاد هذا التاثير أو نقص لكنه كذلك.
ويجب التنويه أنه في حالة الصراع المذكور أعلاه، فان الخيارات المطروحة أمام الفئة المستضعفة قد لا تتجاوز الأربع: المقاومة والحراك الشعبي السلمي المطالب بالحقوق والمعارضة والمشاركة السياسية .
والحقيقة التي قد تخفى على البعض للأسف، أنه في مثل هذه الحالات المعقدة التي تكون فيها المعركة استئصالية وغير متكافئة (فئة قوية ضد فئة مجردة من أي دعم محلي أو إقليمي أو دولي)، يجب الأخذ بنظر الاعتبار حلولا مركبة (أي جميع الحلول الممكنة) والابتعاد عن الحلول الأحادية، أي: الابتعاد عن طريقة التفكير الموروثة من الشعر العربي والتي تتلخص في قول الشاعر: «لنا الصدر دون العالمين أو القبر»، فلم تعد المعارك الصفرية خيارا مقبولا في واقعنا هذا، والمشاركة السياسية هي أحد جوانب هذه الحلول وليس أفضلها بالتأكيد.
ويمكن القول بأن التمثيل السياسي بالنسبة للفئة المستضعفة المجردة هو أمر يمكن تشبيهه بالهوية لشخص مهدد ويمر بظروف استثنائية في بلد ما ولكنه ما زال حيا، بدون تلك الهوية لا يتم الاعتراف به محليا (وإقليميا ودوليا) وإن كان على قيد الحياة .
التمثيل السياسي بالنسبة لهذه الفئة المستضعفة هو كالهوية بالنسبة لهذا الشخص المهدد بالاستئصال، هو آخر ما تبقى له ليثبت رسميا أنه موجود في هذا البلد. نعم، قد يجادل في أهمية بذل أي جهد ولو كان بسيطا لاستخراجها وهو في هذه الظروف الصعبة، ولكن ليس من المنطقي أن يتوقع هذا الشخص من هذه الهوية أكثر من ذلك، أكثر من كونها شهادة حياة فقط.
التمثيل السياسي السني في مثل هكذا ظرف استثنائي كالذي نمر به اليوم هو كالهوية بالنسبة للشخص المذكور أعلاه، هذا هو الواقع، والذي ذهب للانتخابات وهو يعتقد بغير ذلك فقد توهم، والذي جادل بجدوى بذل أي جهد للانتخاب ولم يذهب لأنه يعتقد بنفس الاعتقاد فقد عاقب نفسه.
إن عالم السياسة ليس عالما مثاليا، والناس لا تتعلم حقائق السياسة إلا عندما يصدمون بواقعها الوعر وكثيرا ما يكون الوعي بها بعد حدوث المصائب، والبعض قد لا يتعلم حتى «بعد خراب البصرة». هذا واقع. ولكن الذي ينظر بمثالية لأي مجموعة سياسية فهو يلبس النظارة الخطأ وقد يؤذي نفسه ومن حوله بنظرته المثالية تلك.
فمن ينظر للسياسة بتدبر أو يقرأ عنها بتمعن يعلم أنها أبعد ما تكون عن المثالية، المشكلة عندما يصر البعض على مثالية هذا الجانب من الأزمة حتى إذا صدم بالواقع بدأ النواح والتذمر والمطالبة بترك الأمر كلية، لأن الأمور بمنظارهم إما أبيض أو أسود ولا مجال لرؤية واقعية تعطي الأمر حجمه الحقيقي بدون مبالغة ولا مثالية.
والانتخابات البرلمانية لم تعد -بالنسة لنا على الأقل- محصورة في نطاق صراع من أجل السلطة وإنما أصبحت المشروع الوحيد حاليا على الأرض، وهو مشروع مهدد بالانقراض وقد يختفي ويتم الانقلاب عليه من قبل متسلط جديد أو مليشيات مسلحة أو الاثنين معا. الانتخابات البرلمانية –إن بقيت- أصبحت شكل من أشكال صراعنا على البقاء، وإذا كانت الحجة المانعة هي الفساد فليتقدم كل من يرى في نفسه النزاهة والكفاءة دون تردد لنوجد البديل الأفضل بدل النواح واللطم.
أما إذا كان المانع الحقيقي هو الخوف على النفس والأهل من التشويه ومن خطر العمل في المجال السياسي، أو لأنه ليس المجال المهني الذي تتمني أن تقضي حياتك فيه، فكن على الأقل منصفا صادقا مع نفسك ولا تقع في فخ التعميم وابحث عن الأصلح والأفضل والأكثر اعتدالا ووسطية ومهنية، فإن لم تجد فالأقل سوءا على أقل تقدير إلى أن ينجلي غبار هذه الأزمة وتستقر الأمور ثم لكل حادث حديث.
مع التأكيد على أن رفع الوعي بأهمية المجال السياسي وأهمية العمل فيه هو أساس أي حل يركز على إيجاد البديل، إذ من غير المعقول إيجاد البديل الأفضل إذا كان عموم الجمهور لا يرى أنه جزء أساسي من الحل ويعتبر العمل في هذا المجال رجس من عمل الشيطان يجب اجتنابه.
عـــن خيـار الـتـعـايــش
لقد أنشغل الجمهور الكردي بفكرة القومية الكردية وحلم الإقليم المستقر التي تبناها منذ أكثر من عقدين من الزمن وقطع هو وقادته في تطبيقها حتى الآن أشواطا كبيرة، والجمهور الشيعي ينشغل الآن بمحاربة الفاسدين ممن مثلوهم في الجانب السياسي، فثورته اليوم هي ضد الفساد حصرا وليس تخليا منهم لفكرة الهوية الشيعية، ولم يلتفت أحد من الفئتين أعلاه للتهميش الذي تتعرض له الفئة الباقية من الشعب (العرب السنة).
مشكلة العرب السنة اليوم ليست محصورة في الفساد السياسي -المنتشر- فحسب. المشكلة الأعمق تكمن في التهميش وفي النظام الذي بني على محاصصة ظالمة مبنية على المذهب والقومية وليس على المواطنة. هذا الواقع الذي فرضه النظام الدولي بعد الاحتلال بالقوة لغاية في نفسه لم تتضح بعد معالمها بشكل جلي. هذا الواقع الذي أيده أو سكت عنه النظام الإقليمي الذي لم يتدخل إيجابيا لظبط توازن القوى في هذا البلد المدمر.
من أجل ذلك فالخطوة الأولى لأي حل يتعلق بالعرب السنة يجب أن يبدأ منهم، من رفع الوعي بهذا الواقع وتشخيصه كما هو، والاعتراف بخيارات الآخرين واحترامها، ولن يكون هذا فعالا كما يجب إن لم نحقق الحد الأدنى من التعايش فيما بيننا نحن السنة من خلال قبول خيارات بعضنا البعض وإن كنا نختلف معها.
إذن على السنة العرب -والكلام عن الجمهور تحديدا- أن يعترفوا بالواقع الذي فرض عليهم دون اختيار منهم، وأن يلتفوا حول خيار التعايش فيما بينهم وأن يحذروا من الشعارات العامة المخدرة التي تبعد عن الواقع وتحاول الرجوع بالزمن إلى الوراء، وعليهم أن يكونوا جسدا واحد على اختلاف خياراتهم الفكرية.
على سبيل المثال للتوضيح: إذا ما بقيت الانتخابات قائمة وكنت علمانيا فاختر علماني يتصف بالمرونة والوسطية يمثلك ولا تتهم أصحاب الرؤى المخالفة بالطائفية أو تشكك في وطنيتهم، وإذا كنت عشائريا أو تهتم بأمر المحافظة أو الرقعة الجغرافية التي تنتمي إليها فيمكنك اختيار من يمثل تلك الفكرة ممن حولك ولا تكن متعصبا بالضد من خيارات الآخرين، وإذا كنت إسلاميا فاختر إسلامي يتصف بالمهنية والوسطية والاعتدال واحترم خيارات الآخرين، أما إذا كنت مهتما بأمر المجال العام أو أي أمر معين آخر فاختر من أثبت كفاءة -أو من تدعي سيرته الذاتية كفاءته- في ذلك المجال ولا تقصي الآخرين، إذا كنت قومي أو شيوعي أو بعثي أو ليبرالي أو مدني -سمه ما شئت- اختر من يمثلك واعلم أن للناس عقول وأفهام وخيارات مختلفة، ويجب أن يكون هذا ضمن إطار كتلة سنية جامعة للطيف الفكري المتنوع الذي يتميز به الجمهور السني دون سواه.
وهذا ليس له علاقة بالطائفية المقيتة المرفوضة من الجميع، ولكنه أمر واقع فرض علينا، ويمكن اعتباره خيارا واضحا للتعايش فيما بيننا أولا، وفيه رسائل تطمينية للجمهور الشيعي والكردي مفادها أننا نحترم خياراتكم ثانيا، ولعله يكون أمرا مؤقتا أو جسرا نعبر من خلاله هذه الأزمة بأقل خسائر ممكنة، وربما يأتي يوم تكون فيه الأديولوجيا أقل كثافة لدى الجمهور ويكون فيه التعايش خيارا أشد وضوحا للجميع.
وما سبق هو مجرد مثال للتوضيح وليس إنكارا لأي مثال آخر يأخذ الواقع بنظر الاعتبار، ويعترف بخيارات الآخرين ولا يقفز عليها، ويكون مرتكزا بالأساس على فكرة التعايش المذكورة أعلاه.
مع الأخذ بنظر الاعتبار الفرق الهائل ما بين (الطائفية) كتعريف وبين (الخيارات الفكرية) المنتشرة في الوسط السني، إن ما يحدث في الأوساط السنية من انقسامات هي في الجوهر مبنية على خيارات واختلافات فكرية بحتة وليس للمذهب السني علاقة بالأمر، فتجد –على سبيل المثال- الإسلامي والشيوعي والبعثي واليبرالي والمدني والقومي كلهم سنة وأغلبهم يمارس الشعائر المفروضة -كالصلاة والصيام- بطبيعته، ولكنهم لا يتبنون مرجعية دينية معينة ولا يتعمقون كثيرا في مفهوم المذهب السني، لذا يجب عدم الخلط بين مفهوم السنة العرب كإطار عام فرضه علينا الواقع وبين مفهوم الطائفية الذي له تعريف وخصائص معينة منفصلة تماما عن واقع الجمهور العربي السني ولا تنطبق عليه.
إن ما نعاني منه اليوم –والكلام عن الجمهور كأفراد- هو ليس الطائفية. إن ما نعاني منه في الحقيقة آفتين خطيرتين هما: التطرف، والانفصام السلوكي.
أمـا عـن التطـرف..
فنحن نعاني منه في رفض الآخر المخالف لنا في خياراته الفكرية والسياسة، إن مفردة التطرف ليست مصبوبة في قالب أو شكل واحد، إنها مجموعة من الصفات يتصف بها الفرد فيصبح متطرفا في أمر ما، ومن أبرز تلك الصفات هي الغلو في رفض الآخر المخالف (فكريا أو سياسيا) والانتصار للأنا والغريزة وهوى النفس وحب الغلبة، مشكلة المتطرفين أن عقولهم مقفلة ترى الأمور بالأبيض والأسود فقط ولا تستوعب أن يكون هناك فهما مغايرا لما يعقتدون، أن مشكلة المتطرف هي عدم تحكيم العقل وعدم الإنصاف مع المخالف.
ومن صفاتهم أيضا إساءة الأدب مع المخالف ومحاولة تسقيطه واتهامه بتهم كبيرة مثل الخيانة أو اللا وطنية أو العمالة أو الطائفية أو الكفر، الخ من هذه التهم المعلبة، فمن الأسهل للمتطرف أن يرمي المخالفين له بهذه التهم الجاهزة التي تقطع أي مجال للنقاش أو السؤال أو التفكير، لماذا؟ لأن كلمة «مخـالـف» فيها احتمالية أن يكون المتطرف هذا على خطأ أو أن يكون المخالف له على صواب.
أما إذا كان هذا المخالف «غير وطني» أو «عميل لإيران وأمريكا» أو «حرامي فاسد» أو «طائفي» أو «بعثي صدامي» أو «حزب أسباني لا إسلامي» أو «كافر» فبالتالي يمكن إساءة الأدب معه وسبه وشتمه والاستخفاف به والسخرية منه والشماتة به إذا أصابه سوء بل والتحريض عليه إن أمكن وتوفرت عوامل القوة، وكل ذلك يتم بدون تأنيب ضمير بل مع الاعتقاد بأن المتطرف هذا ينتصر للحق، وفي الحقيقة إنما هو ينتصر لهوى النفس والأنا ولغريزة حب الغلبة والظهور وهي عينها صفات التطرف.
إذن، مفردة التطرف غير متعلقة بظاهر معين وليس لها قالب أو شكل محدد، فقد يكون متطرفا علمانيا أو ليبراليا أو سلفيا أو مدنيا أو إسلاميا أو بعثيا أو سنيا أو شيعيا أو كرديا أو عشائريا، إنها مجموعة صفات يتصف بها شخص ما فيصبح متطرفا مغاليا في أمر رفض الآخر المخالف.
وأمـا عـن الانفصـام السلوكـي..
فعندما تسأل أفراد مجتمعنا عن ما يريدون أن يروه في من يمثلوهم من السياسين أو عن الدولة التي يحلمون بها، تجد الإجابات -من الناحية النظرية- سريعة وجاهزة: العدل، الحرية، الإنصاف، النزاهة، الوسطية، الاحترام، التعايش، المواطنة.. الخ، من الشعارات المحفوظة. ولكن عندما تطابق هذه الشعارات على واقع الشخص في سلوكه اليومي -في ما يكتب على مواقع التواصل الاجتماعي وفي تعامله مع الآخر المخالف له بالرأي على سبيل المثال- تجده مصابا بنفس الأمراض التي ينتقدها هو في المخالفين له. فالإجابات النظرية التي أجابها عما يحلم به ويتمنى أن يراه لا تترجم حقيقة ما يشعر به من كره للمخالفين له –فكريا أو سياسيا- ولا تعكس سلوكه على أرض الواقع، إنه نوع من أنواع الانفصام بين ما نقوله باللسان وما نترجمه في حياتنا كسلوك.
على سبيل المثال لا الحصر، قيمة الحرية –سواء حرية التعبير أو حرية الاختيار والاعتقاد- تعتبر أمر مقدس بالنسبة للذين يحملون شعارات العلمانية والليبرالية والمدنية، ولكن تجد البعض منهم يخالف هذه القيمة في تخوينه للمخالفين له -من الإسلاميين مثلا- أو تصنيفهم وعدم إنصافهم لمجرد أنهم يحملون شعارات وأفكار ورؤى مخالفة. وكذلك تجد من يحمل راية «لا إله الا الله» ويطالب بدولة «الخلافة» ولكنه يكفر كل من يختلف معه. وهذا الكلام ينطبق على كل من يحمل قيم معينة ولكنها تبقى قيد الشعارات والكلام النظري ولا تترجم إلى سلوك، إنه نوع من أنواع الانفصام ولكنه على المستوى السلوكي هذه المرة.
ولينظر كل منا لنفسه أولا إن قرر البدء برحلة التغيير، وليسأل كل نفسه: هل أنا مصاب بإحدى هاتين الآفتين؟ هل ما أحمله من قيم وشعارات يتطابق فعلا مع سلوكي اليومي؟ هل أنا متطرف اإى درجة الغلو في رفضي للآخر المخالف لي في خياراته الفكرية والمذهبية والسياسية؟! هل أحمل صفات التطرف والانفصام السلوكي المذكورة أعلاه في تعاملي مع المخالفين لي من بني بلدي؟! هل من الممكن أن أراجع نفسي في هذا الأمر؟!. وهنيئا لمن اتسم بالوسطية والمرونة وتغليب العقل والعدل والإنصاف مع الآخر والاعتراف بحق الاختلاف. هذه الصفات التي أصبحت نادرة في مجتمعنا اليوم ونحتاج جميعا أن نتعاون من أجل تعزيزها ورفع الوعي بأهميتها، على الأقل من أجل أولادنا والجيل القادم.
خاتمة
طرح المفكر مالك بن نبي -كما هو معروف للكثير من المهتمين- نظريته عن العوالم الثلاثة: عالم الأفكار والأشخاص والأشياء، ويتفوق إحداها على الآخر تبعا لتفاعل الفرد ولنموذج المجتمع الذي يعيش فيه. وأستطيع أن أستنتج من طرحه هذا أن الناس تختلف في مستوى تفكيرها وطريقة تلقيها للمدخلات من حولها باختلاف درجة تركيزها على إحدى هذه العوالم الثلاثة. فمنهم من يركز على عالم الأفكار بدرجة أكبر من الأشخاص والأشياء. ومنهم من يدور جل حديثه واهتماماته حول الأشخاص والأسماء وما حولها، خصوصا عند عجزهم عن مناقشة الأفكار والرد عليها.
وأود التنويه إلى أن هذا المقال يدور حول (الأفكار) الواردة في عنوانه ومقدمته وثناياه والتي تركز وتدور حول الجمهور حصرا وليس له علاقة بأي أسماء قد ترد إلى ذهن القارئ. من يقرأ هذا المقال وترد إلى ذهنه أسماء لأشخاص أو أحزاب أو منظمات سياسية معينة مما يعيقه عن الفهم فهذا شأنه وليس للكاتب أي دخل في هذا.
وختاما اسأل الله تعالى أن يحفظ العراق وأهله الطيبين. فشعب العراق شعب أبي أصيل والشعوب الأبية مثل الشجرة الرطبة: تنحني ولا تنكسر.