رشا عدلي: روايتي تظهر زيف ما تعلمناه عن محمد علي
ترشيح ثانٍ نالته، هذا العام، الروائية رشا عدلي في القائمة الطويلة للفرع العربي من جائزة «بوكر» العالمية، بعدما ضمنت لها روايتها «شغف» مكانًا في القائمة الطويلة لذات الجائزة عام 2018، إلا أنها لم تنجح في استكمال المشوار، فهل تمنحها روايتها الجديدة «آخر أيام الباشا» مجدًا جديدًا، وتكون أول روائية مصرية تنال البوكر، وتحصد الـ50 ألف دولار أمريكي؟
لذا حرصنا على القيام بهذا الحوار معها، لاستطلاع كواليس الكتابة والتتويج الأصغر بالقائمة الطويلة وأحلام التتويج الأكبر واعتلاء المنصة الحمراء.
كيف تلقيتِ نبأ الترشح للقائمة الطويلة للبوكر؟ احكي لنا عن كواليس الأمر
أعلنت إدارة الجائزة موعد إعلان القائمة الطويلة قبلها بعدة أيام، ووقتها تمنيت أن تكون «آخر أيام الباشا» ضمن القائمة، وعندما علمت أن ما تمنيته حدث، شعرتُ بسعادة غامرة.
هل تعتبرين أن الجوائز الأدبية تلعب دورًا في منح الكاتب الشهرة؟
مؤكد الجوائز تمنح الكاتب شهرة، خاصة عندما تكون جائزة في مقام البوكر، فمجرد الترشح لها يحدث فرقًا كبيرًا. وأنا هنا أحدثك عن ثقة، لأني رُشحت لها في الدورة قبل الماضية، ولكن الأهم من الشهرة أن يقدم الكاتب الأفضل دائمًا.
مصر نالت ترشيحين في القائمة الطويلة عن عملين تاريخيين، هل تعتبرين أننا مميزون في مثل هذا النوع من الأدب؟
لو اطلعت على القائمة الطويلة التي تضم ١٦ عملًا، فستجد أن أغلبها روايات تاريخية، وهذا يحدث في السنوات الأخيرة بالجوائز العالمية إجمالًا. وتُعد الرواية التاريخية أكثر أنواع الروايات جمالًا ورقيًا، فهي تسمو بموضوعاتها لتحقيق أهداف ذات أهمية بالغة، إذ تسعى لإحياء، وبعث ماضٍ لقراءة الحاضر والمستقبل.
هل اطلعتِ على أي رواية من التي تنافس «آخر أيام الباشا» ضمن قائمة البوكر؟
حصلتُ على عدد منها، وبدأت في القراءة.
«آخر أيام الباشا» هي ثاني رواية لكِ تنال هذا الترشيح، فهل تتوقعين أنها ستكون أفضل حظًّا من «شغف» وتحصد الجائزة؟
أتمنى أن تنال حظًّا أوفر.
بشكل شخصي، هل تهتمين بالترشح للجوائز واقتناصها؟
في المقام الأول ما يهمني هو الإنتاج الأدبي، والترشح لجائزة البوكر يتم من قِبل دار النشر وليس الكاتب، نعم شيء جميل الترشح للجوائز، ولكن ليس كل الجوائز بالتأكيد، ولكن التي تُسهم في إثراء الحياة الأدبية في الوطن العربي.
قلتِ في حوار سابق لكِ إنك وجدت خلال إعدادك للرواية كل مرة المصادر التاريخية المصرية لا تفي بالغرض، فهل تعتبرين المؤرخين المصريين بشكل عام مقصرين في تدوين دقائق تاريخ بلادهم على النحو الأكمل؟
ربما ما أهتم به لم يشغل بال المؤرخين وقتها، وبالنسبة لهذا السؤال، فقد وُجِّه لبطل العمل دكتور جهاد، وهو باحث ومؤرخ، من زينة وهي أستاذة في التاريخ، بعدما وجهَّت له اللوم؛ لاهتمامه بتدوين الأحداث العظمى؛ المعارك الكبرى والرجال العِظام، في حين لا يُلقي بالاً بـ (التاريخ من أسفل)، وهو مصطلح دخل حقل الدراسات التاريخية في ثمانينيات القرن الماضي، وتركز اهتمام المؤرخين الجدد على نماذج من الناس العادية لكتابة تاريخهم، وهذا ما أفعله في رواياتي (زينب البكري – حسن البربري – عطير).
ما هي مدة الفترة التي أنفقتِها على البحث خلال إعدادك للرواية؟
استغرقت حوالي ثلاثة أشهر.
هل قادك بحثك بالرواية للتعرف على محمد علي بشكل مختلف عما نعرفه؟
هذا حقيقي، قادني بحثي للتعرف على مؤرخة فرنسية تُدعى كارولين جوتييه كورخان، وهي مؤرخة وباحثة في التاريخ المصري الحديث، وقد نشرت عن محمد علي باشا بالفرنسية ما يقرب من أربعة كتب، وأهم ما تكتبه الباحثة يكمن في اعتمادها على الوثائق والمراجع والمصادر الفرنسية، الأمر الذي يعطي رؤية مغايرة لتاريخنا من خلال هذه الزواية غير المتوفرة لدى باحثينا ومؤرخينا.
وصفتِ بطل روايتك من قبل بأنه «مؤرخ متمرد على مناهج المؤرخين العادية »، هل يمكننا وصفك بذات الصفة في أعمالك؟
أنا لستُ مؤرِّخة، أنا روائية يمكنك أن تعتبرني متمردة على ما حاولوا أن يملؤوا به عقولنا منذ المناهج الدراسية في التاريخ، التي رسخت في الأذهان أن الباشا رجل قاتل، وقاسٍ وغيرها.
ولقد قرأتُ رواية تدور في فترة حكم الباشا، وأظهره الروائي بنفس الفكرة، وربما أسوأ بكثير، وعندما حدثته عن ذلك، كانت إجابته هذا ما كُتِب عنه! دور الروائي عندما يكتب رواية تاريخية أن يبحث ليقدم ما هو جديد، وخلال عملي هذا، صورتُ جانبًا آخر في شخصية محمد علي، جانبًا ظلَّ مخفيًا وراء ما تكدست به أفكارنا عنه، بسبب المعلومات التي نمَّوها فينا .
كيف تقيِّمين نضوجك الإبداعي منذ بدأت في الكتابة عبر مدونة عام 2007، وحتى اليوم ككاتبة شهيرة مرشحة للبوكر؟
عمل بعد آخر يصبح الكاتب أكثر خبرة، بالإضافة لما تمنحه لكَ الحياة من تجارب، لو اعتبرنا أن كتابتي الحقيقية بدأت مع 2010، إذن فإن عملي الأول منذ 10 سنوات، مررتُ خلالها بالكثير من التجارب، وقرأتُ الكثير من الكتب، وسافرت إلى الكثير من البلاد، كما أجريت الكثير من الأبحاث، كتبتُ كثيرًا من الروايات والمقالات، كل ذلك بدون شك أصقل موهبتي، وأصبحتُ أكثر نُضجًا .
هل توافقين على تصنيفك من قِبل بعض النقاد بكونك روائية تاريخية؟
ومن لا يكتب تاريخًا ماذا نطلق عليه؟ هناك روائي لا يكتب إلا عن العشق والغرام، فهل نطلق عليه روائي رومانسي؟
ما هي أبرز صعوبات كتابة الرواية التاريخية؟
من يحب التاريخ سيجد أن المتعة تكمن في هذه الصعوبات، والتي أبرزها البحث لتقديم ما هو جديد، والحذر من الوقوع في فخ التزييف أو الملل.
هل تعتبرين أن أعمالاً درامية كـممالك النار وغيرها من الممكن أن تُعيد اهتمام المصريين بتاريخهم مجددًا؟
مؤكد، والدليل هو أن ابني وهو في عمر المراهقة كان يُتابع هذا المسلسل باهتمام كبير، بالرغم من عدم اهتمامه بالتاريخ، بل وُلدت بداخله الكثير من الأسئلة حول شخصيات ووقائع، وللإجابة عليها أخذ يبحث ويقرأ، وهذا شيء جيد.
كيف تنظرين إلى المشهد الثقافي المصري، سواء من حيث كثافة الإنتاج أو حجم الحركة النقدية التي تقابله؟
الإنتاج الثقافي المصري غزير وثري في جميع الحقول الأدبية المختلفة، ولكن للأسف هناك عدم توازن بينه وبين الحركة الأدبية التي هي شبه معدومة.
أخيرًا، ما هو عملك المقبل؟
عملي المقبل رواية، ربما هي مختلفة نوعًا ما.