قبل أيام قليلة استقبل الأمير وليام عددًا من المشاهير في حفل جائزة Earthshot والتي تهدف إلى إيجاد أفكار وتقنيات جديدة للتصدي لتغير المناخ والتحديات البيئية الأكثر إلحاحًا التي يواجهها كوكب الأرض.

كان من بين هؤلاء المشاهير اللاعب المصري محمد صلاح والبرازيلي أسطورة الألقاب داني ألفيش، حضر ألفيش رفقة زوجته بينما حضر صلاح رفقة وكيله السيد رامي عباس. فسر البعض الأمر على أن زوجة صلاح لا تفضل الظهور كثيرًا لكن الحقيقة أن الأمر مختلف.

لم ينظر صلاح إلى هذا الحدث العالمي أنه مجرد حضور شرفي وصور للتاريخ رفقة دوق كامبردج، لكنه تحدث بشكل منمق حول المشكلات البيئية وخطورتها، أي أنه كان فرصة جيدة ليتحدث صلاح كونه شخصًا مسئولاً ومُلهِمًا ويعي جيدًا دوره المجتمعي.

تمحور حديث صلاح عن كونه متحمسًا للغاية للجائزة والجهد المبذول للحفاظ على البيئة، خاصة أنه نشأ بالقرب من مياه البحر الأبيض المتوسط ​​ويدرك جيدًا أن الأمر حيوي لاستمرار الحياة. ثم أضاف أنه طبقًا لما نعيشه فبحلول نهاية القرن قد نجد البلاستيك أكثر من الأسماك في المحيطات، لكن المتبارين للحصول على هذه الجائرة يعطون الأمل للجميع أن هذا لن يحدث.

هذا الحديث المنظم من المؤكد تم انتقاؤه وتحضيره جيدًا قبل المشاركة، وهذا التواجد المؤثر خارج الملعب والذي أصبح من سمات صلاح سنة تلو الأخرى يؤكد الكثيرون أنه بفضل الرجل الذي رافق صلاح في هذا الحفل، السيد رامي عباس عيسى وكيل اللاعبين لكنه ليس وكيل صلاح كما يعتقد البعض.

دعنا نعود لبداية القصة والتي كانت في مكان غير متوقع إطلاقًا: الإمارات العربية المتحدة.

رامي عباس: من الإمارات إلى إنجلترا

تبدأ القصة رفقة رجل طويل القامة مليء بالكاريزما الهائلة، لا يحتاج سوى أن يلج الغرفة حتى يبدأ الناس متابعته على الفور. لا هذا ليس رامي لكنه برينو تانوري المحامي البرازيلي الذي يعمل كوكيل لاعبين ويتركز نشاطه على نقل لاعبي أمريكا الجنوبية إلى أوروبا.

في بعض تلك الصفقات خاصة التي تتعلق بلاعبين لا يتحدثون البرتغالية كان تانوري يعتمد على محامٍ يجيد أكثر من لغة حتى يضمن سلامة العقود وهو السيد رامي عباس، لكن ما علاقة رامي بالمجال الرياضي من الأساس؟

رجل ذو أصول لبنانية كما يوضح اسمه، ولد في كولومبيا لكنه قضى معظم فترة المراهقة في دولة الإمارات ثم درس القانون في جامعة ليستر. تزامن وجود رامي في الإمارات مع توقيع أول لاعب كولومبي لنادٍ في الإمارات من خلال انضمام السون بيسيرا إلى الجزيرة في عام 2003، تعرف بيسيرا إلى رامي ولجأ له للإشراف على إبرام العقود وهنا خطا رامي للمرة الأولى على أرض ملاعب كرة القدم وربما وقع في سحرها منذ تلك اللحظة.

https://www.instagram.com/p/ynLNFqgyEW/

سجل عباس نفسه حينئذ كوكيل في البلد الذي ولد فيه وتعرف على عدد كبير من لاعبي كولومبيا، لكنه لم يكن وكيلًا بالمعنى المفهوم أبدًا لأنه بعد ذلك تعرف على تانوري والذي لجأ له في العديد من الصفقات وأهمها الصفقة التي ستغير كل شيء، صفقة انضمام كواردادو لنادي تشيلسي الإنجليزي.

صلاح في تشيلسي: الطرف الآخر من المعادلة

دعنا نذهب بالقصة للطرف الآخر من القصة، محمد صلاح. رحل محمد صلاح من مصر إلى بازل عبر شركة SPOCS والوكيل يحيى على. تهتم تلك الشركة بانتقال لاعبي أفريقيا إلى أندية القمة الأوروبية دون إبرام العديد من الصفقات لنفس اللاعب وهو ما تحقق بشكل حرفي مع صلاح الذي أصبح لاعبًا في صفوف تشيلسي بعد مرور ثلاث سنوات ونصف فقط.

لكن الفترة التي قضاها صلاح رفقة تشيلسي لم تكن جيدة للطرفين، واحتاج صلاح أن يتحرك بشكل عاجل لاكتشاف نفسه مرة أخرى، وهنا انتهت علاقة صلاح بشركة SPOCS خاصة بعد تغريدة كتبها المصري ليوضح أن العلاقه بينه وبين المدير الرياضي للشركة قد انتهت.

هنا ظهرت السيدة «كريستينا ماريس» وكيلة اللاعبين التي درست في جامعة بولونيا قبل أن تنتقل إلى فيينا حيث عملت في غرفة التجارة الإيطالية. قابلت صلاح لأول مرة في بازل وأصبحا صديقين.

قدمت ماريس لصلاح عدة عروض للعب في إيطاليا، كان روما وفيورنتينا أكبر المهتمين وكان تشيلسي في المقابل مصممًا على استرداد الـ11 مليون المدفوعة في صلاح بالكامل. كان المبلغ هو العائق الأساسي لذا كانت صفقة كوادرادو هي الحل، حيث قدم فيورنتينا عرضًا للحصول على صلاح على سبيل الإعارة وكانت علاقة الناديين جيدة بعد صفقة الكولومبي.

عقدت ماريس لقاء في لندن حول مستقبل صلاح، حضر رامي عباس اللقاء لأنه كان هناك كمساعد ضمن صفقة كوادرادو لكنه حضر كمترجم فقط. منذ اللحظة الأولى بدأ التفاهم بين صلاح وعباس خاصة بعد أن أصر صلاح أن العقد مع فيورنتينا يكون محرّرًا باللغة العربية. أصيب مسئولو فيورنتينا بالقلق وسمحوا لعباس بالتدخل ولعب دورًا أساسيًا في الصفقة.

نشأت علاقة عميقة بين صلاح ورامي خلال تلك الفترة، تألق صلاح وحاول روما الحصول عليه، لجؤوا إلى ماريس لكن الحقيقة أن صلاح قد قرر الاعتماد على رامي عباس كمحامٍ ومستشار له ليبدآ سويًا صناعة التاريخ.

كيف حصل رامي عباس على ثقة صلاح؟

أثبت عباس لصلاح أنه قادر على إيجاد الحلول كونه محاميًا في المقام الأول. في أغسطس 2015 وقع عباس الأوراق التي نقلت صلاح إلى روما على الرغم من شكاوى فيورنتينا التي استمرت لمدة عامين، حيث إن عقد إعارة صلاح لفيورنتينا تضمن بند شراء وهو ما تمسك به النادي ورفضه صلاح.

رفض الفيفا فكرة أن النادي وليس اللاعب له الكلمة الأخيرة بشأن ما إذا كان سيبقى في فلورنسا أو لا، ورفضت محكمة التحكيم الرياضية مطالبة فيورنتينا بقيمة 30 مليون جنيه إسترليني كتعويض من صلاح. كان عباس على دراية بالإجراءات في قاعات المحاكم في سويسرا وأثبت ذلك لصلاح بعد توليه شؤونه بشكل واضح.

كان الأمر الثاني هو فكرة رامي عباس عن وكالة اللاعبين. عباس لا يحب فكرة وكيل اللاعبين، يؤكد أن الدوافع تصبح متضاربة في كثير من الأحيان. ماذا يحدث إذا اختلف لاعب مع نادٍ لكن الوكيل لم يفعل ذلك ولديه لاعبون آخرون في ذلك النادي؟ هل يخاطر الوكيل بما يمكن اعتباره علاقة جيدة مع النادي من أجل لاعب واحد؟

في مقابلة نادرة مع مجلة Middle East GQ في عام 2019 تحدث رامي عباس أن الوكيل يجب أن يوازن بين مصالحه لأنه عندما تمثل 30 أو 40 لاعبًا لا يمكنك حقًا البحث عنهم بنفس التخصص وعلى نفس المستوى.

كان هذا خيارًا مثاليًا لصلاح الذي جرب فكرة وكالة الشركات والأشخاص لكنه لم يجد أحدًا قد قرر أن يرهن مستقبله كله بأقدامه مثلما فعل رامي عباس والحقيقة أنه كان رهانًا فائزًا.

المستقبل يحدده صلاح ورامي أيضًا

قد لا يقوم بالعديد من المقابلات لكن الجميع يعرف أن رامي عباس هو الشخصية الأكثر تأثيرًا في مسيرة صلاح، يتحدث فقط عندما يكون للحديث ضرورة.

لا ينسى أحد عندما تم استبدال صلاح أمام تشيلسي على الرغم من احتياج ليفربول لهدف للعودة إلى المباراة، رد عباس بترك نقطة فقط كتغريدة لتحصد على ما يقرب من عشرة آلاف إعجاب. كانت رسالة واضحة أنه لا يعجبه ما حدث.

في ديسمبر 2020 رتب مقابلة مع صحيفة AS الإسبانية حيث تحدث صلاح علانية عن إمكانية الانضمام إلى ريال مدريد أو برشلونة، تم اتخاذ هذا القرار بسبب عدم وجود إلحاح من ليفربول لإعادة التفاوض على العقد.

ثم تغريدة أخيرة يتحدث فيها عن وجود عدد من الأندية على أتم استعداد لدفع الكثير من أجل الحصول على خدمات صلاح لكن دون أن يذكر ذلك مباشرة. فسر الجميع ذلك على أن المسار لمستقبل صلاح الآن هو المطالبة بأجر أعلى في ليفربول كأولوية وليس الانتقال لنادٍ آخر.

لا يمكن أن تغفل دور رامي عباس في صنع أسطورة صلاح الذي كان بالذكاء الكافي أيضًا للمراهنة على رجل أثبت أنه قدر الرهان.