في أغلب الأفلام والمسلسلات والبرامج التليفزونية والإعلانات، كل مشهد يتم تصويره ينقسم لعدة لقطات. يتراوح عددها بين لقطتين إلى عدد كبير من اللقطات يحدده المخرج حسب رؤيته لإيقاع المشهد وما يريد إيصاله. وبالتالي يتم تصوير كل لقطة على حدة، باستثناء «اللقطة المشهدية» وهي مشهد واحد ليس به سوى لقطة واحدة وبالتالي يصور مرة واحدة فقط دون تجزئة؛ مثل مشاهد كواليس المسرح في مسلسل «أفراح القبة» التي كانت الكاميرا تتبع أحد الشخصيات وهو يسير في كواليس المسرح ويدخل في غرف ثم يخرج منها والكاميرا تتبعه دون أي قطع.

ويستلزم تصوير كل لقطة على حدة تغيير مكان أدوات الإضاءة والصوت، بالإضافة للحفاظ على جميع تفاصيل الديكور والإكسسوارات والمكياج، مع الحفاظ على نفس أجواء المشهد وزمنه وموقع الممثلين فيه. وإذا حدث خطأ في تصوير إحدى اللقطات يحدث ما يسمى راكور «Raccord» وهي كلمة تستخدم بين السينمائيين وتعني ضبط الترابط بين اللقطات. والراكور تعبير يستخدم لدى السينمائيين للتعبير عن الخطأ في هذا الترابط.

في الموسم الدرامي لهذا العام، تبادل رواد مواقع التواصل الاجتماعي الكثير والكثير من الأخطاء التي يتم اكتشافها يوميًا في الأعمال الدرامية، وتباروا في البحث عن الراكور. في هذا التقرير نتتبع أهم أسباب هذه الأخطاء.


أسباب الراكورات

في مسلسلات رمضان يكون السبب الرئيسي هو الاستعجال. فالمسلسلات تتكون من 30 حلقة يتم تصويرها على مدار 3 شهور أو أقل، منهم الأسابيع الأولى من رمضان. وبالتالي يحتاج المخرجون لإنجاز أكثر قدر من اللقطات في أقل وقت ممكن، وبالتالي لا يتم مراجعة اللقطات أو التغاضي عن الأخطاء حتى لو تم اكتشافها.

ومن الأسباب الشهيرة أيضًا لحدوث الراكورات هو تصوير لقطات المشهد في أكثر من يوم وبالتالي تزداد احتمالات حدوث راكورات إضاءة أو حركة.

كما تحدث بعض الراكورات نتيجة ظروف قهرية. فهناك مشهد يتم تصويره نهارًا في مكان خاص تم تأجيره ليوم واحد بتكلفة باهظة. وبدأت الشمس في الغروب أثناء تسجيل اللقطات، وبالتالي ستظهر بعض اللقطات مضيئة تمامًا وبعض اللقطات خافتة. وحتى لو تم التغاضي عن ذلك الخطأ في تصحيح الألوان فيمكن معرفة الراكور من اتجاه الظلال لمن سيركز في المشهد.

كما ذكرنا، بعض الأخطاء تكون قهرية ويمكن التصالح معها، ولكن أغلب الراكورات تعتبر مؤشرًا سلبيًا على اهتمام فريق العمل بالتفاصيل. وفي الأعمال الكبيرة يكون هناك دائمًا مسؤولون عملهم الوحيد هو ملاحظة الراكورات أثناء التصوير، وبالتالي حدوثه يعتبر خطأً كبيرًا لا يغتفر.


راكورات رمضان

حفلت الحلقات الأولى من مسلسلات رمضان هذا العام بالعديد من الركورات السيئة. والحلقات الأولى هي التي يتم ضبطها أكثر من غيرها، ولذلك نتوقع في الحلقات الأخيرة من مسلسلات رمضان عدد أخطاء غير مقبول على الإطلاق.

راكور التصوير

https://www.youtube.com/watch?v=88XPzuLYNsU

وهو راكور يحدث نتيجة عدم ضبط زاوية جيدة للتصوير تتلافى ظهور أدوات تسجيل الصوت والإضاءة، وعدم خروج الكاميرا عن تركيزها أو حدوث حركة غير طبيعية، ويكون المسؤول الأول عن تلافي هذه الراكورات هو مدير التصوير.

ففي مسلسل «نسر الصعيد» ظهر جهاز تسجيل الصوت أسفل شعر إحدى الممثلات في الحلقة الخامسة، هذا الخطأ كان يستلزم إعادة تصوير اللقطة. فمدير التصوير لم يضبط زاوية الكاميرا بحيث لا يظهر مسجل الصوت، خصوصًا وأن الممثلة ترتدي ملابس قصيرة ومن البديهي أن يكون جهاز الصوت ظاهرًا بوضوح وليس مختفيًا تحت الملابس.

راكور المكياج

محمد رمضان، نسر الصعيد

عندما يحدث خطأ واختلاف بين اللقطات أو بين بعض المشاهد في فترة زمنية واحدة في مكياج إحدى الشخصيات، ويكون المسؤول عنه هو مسؤول المكياج في المسلسل، حيث لم يلتزم بسكريبت وجدول المكياج الموضوع للمشاهد واللقطات، بالإضافة لمساعد المخرج المكلف بكشف الراكوات، والذي لم يلاحظ اختلاف المكياج بين اللقطات.

مثل المشهد الذي ظهرت فيه حسنة فوق شارب محمد رمضان في الحلقة الأولى، ثم اختفت في بقية مشاهد الحلقة. وهذا الخطأ مسؤلية مساعد المخرج، بالإضافة لمسؤول المكياج في المسلسل الذي نسي سريعًا المواصفات الشكلية للشخصية.

راكور ملابس

أما راكور الملابس وهو يعني حدوث خطأ في ملابس إحدى الشخصيات أو أكثر، ويحدث هذا الخطأ نتيجة تغيير في ملابس الشخصية بين لقطة وأخرى أو مشهد وآخر في نفس الفترة الزمنية. أو عدم مناسبة الملابس للشخصية كأن يرتدي لواء في الجيش بدلة عقيد. ويكون المسؤول عن هذا الخطأ سكريبت الملابس وهو الشخص المسئول عن تطابق الملابس في اللقطات المختلفة.

في مسلسل «أبو عمر المصري» ظهرت في إحدى اللقطات شخصية «فخر» والتي يجسدها «أحمد عز» بتيشرت متسخ، وفي المشهد الذي يليه ظهر التيشيرت ناصع البياض.

راكور الإضاءة

أما الإضاءة فهي من أهم وأصعب العناصر في المسلسل، والتي يصعب ضبطها نظرًا لكبر حجم كشافات الإضاءة، وهي أكثر الأدوات صعوبة في النقل والتركيب. ولكن لحسن الحظ أن راكورات الإضاءة هي الأسهل في المعالجة ببرامج المونتاج وتصحيح الألوان، ولذلك من الصعب كشفها في مسلسلات رمضان خصوصًا وأن متخصصي الإضاءة في مصر على درجة عالية من الجودة التقنية.

راكور حركة

وهو ضبط الحركة بين اللقطات سواء في تناسقها واستمراريتها overlapping بين اللقطات المختلفة بحيث لا يحدث قفزة في الزمن jumping أو منطقيتها. ففي مسلسل «رحيم» يقفز «ياسر جلال» من عمارة لأخرى ويظهر في اللقطة كأنه يطير ليصل للعمارة الأخرى. هذه اللقطة تم وضعها في المسلسل رغم عدم منطقيتها الواضحة، فرحيم ليس سوبر مان ليطير. وكان من الأفضل إلغاء اللقطة ولن تحدث مشكلة كبيرة في استمرارية زمن المسلسل. ويعود هذا الخطأ بشكل رئيسي إلى المخرج الذي قرر وضع اللقطة في المونتاج.

راكورات أخرى

ياسر جلال، رحيم، دراما رمضان

ومن الراكورات التي يمكن وصفها بالصعبة، والتي يمكن التغاضي عنها رغم ظهورها بشكل فج، هو مشهد قفز محمد رمضان من أعلى الجسر لإنقاذ أحد الغارقين. ففي إحدى اللقطات يظهر الجمهور المتفرج في أول الجسر، كما تظهر سيارات تمر عبره، ولكن في اللقطة التي تليها تختفي السيارات تمامًا. هذا المشهد يعتبر من المشاهد الخطرة بالإضافة لتصويره في مكان عام. وبالتالي يكون التركيز الأكبر على الحركة الأخطر وليس على بقية التفاصيل. كما يستلزم تصحيح هذا الخطأ مبالغ باهظة إما بإعادة تصوير المشهد أو تصحيح المشهد بالمؤثرات البصرية.

يحيى الفخراني من مسلسل بالحجم العائلي

ربما نسر الصعيد من أكثر المسلسلات التي احتوت على راكورات، ولكن بقية المسلسلات لم تسلم. ففي مسلسل بالحجم العائلي حدث أحد الراكورات التي تندرج تحت بند الخطايا، وليس مجرد راكور سيئ حتى. ففي إحدى اللقطات يظهر يحيى الفخراني بلحية وشارب وفي اللقطة التي تليها يظهر دون لحية وشارب. وهذا الخطأ يعود بشكل رئيسي إلى المخرجة هالة خليل ثم إلى مساعديها. فحلاقة اللحية أو تطويلها يتم أثناء فترة التصوير بتنسيق مع مخرجة المسلسل لضمان عدم حدوث أخطاء في الشكل، وبالتالي في هذا المشهد لم يتم توفير أدنى معايير التنسيق بين المخرجة والممثل.

بالإضافة لمشهد سليم الأنصاري في مسلسل كلبش حيث يمسك السلاح من خزنته، وهذا سيؤدي لاحتراق يده ووجهه، وهذه المعلومة يعرفها كل من لديه خبرة ولو بسيطة بالأسلحة. وفي مشهد آخر يحتمي سليم في باب سيارة ويُطلق عليه طلقة جرانوف. ومن المنطقي أن تهشم الطلقة الباب بالسيارة بسليم ولكن لم يحدث ذلك. وهذه الأخطاء تعود بشكل صريح إلى المخرج الذي ربما لم يختر متخصصًا لضبط التفاصيل العسكرية التي تملأ المسلسل.

هذه أمثلة بسيطة من الأخطاء الكارثية التي شهدتها مسلسلات رمضان ويوجد الكثير من الأمثلة الأخرى والتي لا تكفيها مقالة لعرضها، ومن خلالها شرحت معنى الراكور وكيف يتم تلافيه، وقلة الراكورات هي التي تفرق بين مخرج وآخر. وبذلك نرى أن مسلسلات رمضان هذا العام تم تصويرها دون عناية بالتفاصيل والأخطاء.