«بروكسيما سنتوري» أصبح للتو بوابتنا إلى الكون
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
في العصر الذهبي لعلم كواكب خارج المجموعة الشمسية، عادة ما يثير الإعلان عن كوكب أكبر من الأرض بنسبة 30 بالمئة، في مدار 11,2 يوم حول نجمٍ منخفض الكتلة يساوي لمعانه 0,15 بالمئة من لمعان الشمس، أكثر من حاجبٍ مرفوع.
باستثناء حقيقة أن هذا العالم يدور حول أقرب نجم إلى عالمنا؛ إنه «بروكسيما سنتوري» (قنطور الأقرب).
يعني ذلك أنه على بعد مسافة ضئيلة على المقياس الكوني، 24 تريليون ميل (4,243 سنة ضوئية) من موقعك في هذه اللحظة هناك نظام فضائي به كوكب يمكنه ربما إيواء الحياة كما نعرفها. يقدر أن عمر هذا الكوكب يقارب 4,9 مليار سنة، ويستقبل حوالي 65 بالمئة من إشعاع النجوم الذي تستقبله الأرض، وسمائه – أيًا كان الشيء الآخر الذي يوجد بها – مغمورة بالأشعة حمراء اللون المنبعثة من نجم مصغر تبلغ كتلته 12 بالمئة من كتلة شمسنا.
رحبوا بالعالم الفضائي حقًا الأقرب لنا.
كانت الكواكب تقلّب أفكارنا المسبقة عن طبيعة الكون لفترة طويلة. على مر العقود، مع توصل العلوم والثقافة الغربية إلى قبول فكرة النظام الشمسي المَركز المحكوم بالفيزياء بشكل منفرد، قبلنا أيضًا (في الأغلب) نسخة أكبر وأكبر من الواقع – التي نعتبر نحن جزءً أصغر وأصغر منها.
رغم أن هذه الرؤية المتمددة عن الكون المتمدد قد أدت إلى مضاربات حول من أو ماذا قد يوجد أيضًا هناك بالكون المحيط، معظمنا كان أيضًا جيدًا بشكل ملحوظ في تهميش هذه الأسئلة. فنحن، كجنس بشري، كان لدينا الكثير من الأمور الأخرى الملحة لنقلق بشأنها. كما أننا لا نزال كائناتٍ أناسية تبحث عن الثمرة الأقرب – سواءٌ أكانت صالحة للأكل أو متعلقة بالفكر. تعد حقيقة أننا لم نؤكد حتى التسعينيات على وجود كواكب أخرى حول نجومٍ أخرى دليل على هذه النزعة (أو على الأقل دليل على أن معظم العلماء يدعمون الآراء السادة بمجرد تداولها بشكل مريح).
رغم بدايته البطيئة، كان علم الكواكب الخارجية متفجرًا بشكل إيجابي في اكتشافاته. أخبرتنا الحملات الفلكية بالفعل أنه إلى حد كبير كل نجم في مجرة درب التبانة لديه احتمالية عالية لإيواء أجساد كوكبية. قبل اكتشاف بروكسيما سنتوري كنا قد وضعنا احتمالاتٍ تقارب 1 إلى 5 لأن يكون لأي نجم بارد كوكبٌ بحجم الأرض يدور حوله على مسافة يمكن أن تتوافق مع بيئة سطح معتدلة. بعبارة أخرى، كانت احتمالية إيجاد عالَم مرشح صالح للسكن حول أقرب نجم من الشمس تساوي حوالي نفس احتمالية الفوز بمنحة بحثية فيدرالية أمريكية.
لذلك فإنه في وقت لاحق، لا يعد اكتشاف بروكسيما مفاجئًا إلى حد كبير. لكنه يبدو هامًا بشكلٍ عميق.
في علم الفلك، تعد المسافة أمرًا هامًا. فكلما كانت الأشياء أقرب لنا، كانت فرص تمكننا من بحث تفاصيلها أفضل. ويمثل كوكبٌ حول نجم على بعد 4,243 سنة ضوئية هدفًا ممتازًا. رغم أن بروكسيما يمثل وحشًا منخفض اللمعان، فإنه قريب جدًا لدرجة أنه لا يزال يعتبر في المرتبة 11 على ترتيب الحجم في سماوات الأرض. يعني ذلك أننا نستقبل ضوءً أكبر بمقدار 400,000 مرة من بروكسيما مقارنة بأضعف النجوم التي يمكن لتلسكوباتنا العملاقة أن تكتشفها بسهولة. ورغم أن هذا الكوكب يحتضن بروكسيما على بعد مداري يبلغ حوالي 0,05 وحدة فلكية، يشير علم المثلثات البسيط إلى أننا يمككنا فصل توهجه الكوكبي عن ذلك الخاص بنجمته الأم، ما يتيح خيارات استكشاف خصائصه.
لا ينتفع علم فلك الكواكب البحت فقط من المسافات القصيرة، بل والبحث عن الكائنات الذكية خارج الأرض. بالإضافة إلى أي جهودٍ لإطلاق مسبار بين النجوم. القرب الكوني لبروكسيما مقنع على جميع المستويات بشكل لا يصدق، ويثير العديد من الأسئلة: هل يؤوي هذا النظام حياةً؟ هل نحن مستعدون للمخاطرة بكل شيء لنذهب ونكتشف؟
لا يزال هناك عوائق محتملة. حيث سيشير علماء الأحياء الفلكية سريعًا إلى أن بروكسيما سنتوري هو نجم صغير مضطرب: إنه حملي حراري، له مجال مغناطيسي قوي، له توهجات منتظمة ربما ساعدت في تآكل غلافه الجوي على مر الدهور. كما أننا لا نعرف حقًا ما إذا كان عالم مثل هذا – على الأرجح محبوس مديًا بفترة يوم-عام متساوية – يمكنه الحفاظ على مناخ معتدل ورطب.
لكن مثل هذه المحاذير موجود بالنسبة لأي كوكب خارج المجموعة الشمسية تناظري للأرض اكتشفناه في الحاضر (في ضوء بياناتنا المحدودة لدرجة يرثى لها)، كما أن هذه العوالم أبعد جدًا. وبالمقارنة، يعد اكتشاف بروكسيما سنتوري شبيهًا بالتعرف على جيرانك المباشرين لأول مرة واكتشاف أنهم على الأقل ليسوا مجرمين على نحو واضح، وأنهم قد يدعونك لتناول الشاي.
ربما الأهم من كل شيء هو أن ظروفنا الكونية ليس من الضروري أن تكون هكذا. فلم يكن ينبغي على أقرب نظام خارج المجموعة الشمسية مثير للاهتمام أن يكون الأقرب فعلًا لنا. لقد وصلنا إليه بشكل محظوظ جدًا – هناك حجر رصيف بين النجوم ربما ننجح في الوصول إليها.
إذن، فماذا سنفعل بشأنه الآن؟
بشكل شخصي أعتقد أن ذلك يمكن (ويجب) أن يمثل نقطة تحول في نظرتنا الكونية. تحويل نظرتنا للكون لن يحدث بين عشية وضحاها، واتخاذ إجراء بشأن هذا المنظور الجديد قد يستغرق وقتًا أطول. لكنه لا بد أن يحدث.
ربما يتضح أن عالم بروكسيما سنتوري غير صالح للسكن تمامًا، لكن تأكيد تلك الحقيقة سوف يكون له تأثير علمي غير محدود. وربما هذا الكوكب المكتشف حديثًا معتدل، صالح للسكن وآهل بالسكان. لن يكون لذلك مجرد تأثير علمي، بل سوف يفتح الكون لنا حرفيًا.