5 ملايين دروس خصوصية: تسوية الطلاق «الأعلى تاريخيًا»

أمرت المحكمة العليا في بريطانيا، حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، بدفع تسوية طلاق قد تتجاوز نصف مليار جنيه إسترليني، لزوجته السابقة، الأميرة هيا بنت الحسين، ابنة الملك الأردني الراحل، 47 عامًا، وطفليهما، جليلة، 14 عامًا، وزايد، 9 أعوام، فيما وصفته الجارديان بـ «أعلى تسوية طلاق تمنحها محكمة بريطانية في التاريخ». والسبب ما قالت إنه «حمايتهم من التهديد الفريد الذي يشكله عليهم»، و«مستوى البذخ الذي عاشوه خلال سنوات الزواج».

ووفقًا لشبكة سي إن إن، فإن القيمة الإجمالية للتسوية ليست نهائية؛ باعتبار أن المحكمة تركت بعض البنود مفتوحة لتدفع طوال سنوات حياة الطفلين.

قضية مفتوحة من 2019

هربت الأميرة هيا مع طفليها إلى بريطانيا في أبريل 2019. ومن ذلك الحين، بدأت سلسلة جلسات قضائية تتعلق بالحضانة والدعم المالي، كلفت رسومًا قانونية تجاوزت حتى الآن 70 مليون جنيه إسترليني.

وخلال إجراءات القضية، لم تطلب الأميرة هيا أي أموال لنفسها، بخلاف التعويض عن أشياء تشمل المجوهرات والملابس التي فقدتها نتيجة الانفصال عن حاكم دبي.

وتضمن ميزان الاحتمالات الذي أصدر قضاة المحكمة العليا البريطانية، الحكم على أساسه:

1- اتهام الشيخ محمد بتدبير عمليات اختطاف لطفلتين أخريين من بناته، هما الأميرة لطيفة والأميرة شمسة. والأخيرة تحديدًا حدثت في شوارع كامبريدج البريطانية.

2- استهداف الأميرة هيا بـ «حملة ترهيب»: فباستخدام برنامج التجسس الإسرائيلي، تعرضت هواتف الأميرة هيا وخمسة من شركائها، بما في ذلك اثنان من محامييها، لعمليات اختراق، أثناء إجراءات المحكمة.

3- شراء وكلاء حاكم دبي لعقار بقيمة 30 مليون جنيه إسترليني، يجاور منزل الأميرة هيا، في بيركشاير، فيما اعتبرته المحكمة «تهديدًا كبيرًا جدًا لأمنها».

بناءً على تلك المعطيات، قالت المحكمة إن الأميرة هيا وطفليها سيحتاجون لتوفير فرق تأمين خاصة؛ باعتبارهم معرضين للخطر بشكل خاص. واعتبر القاضي أن «التهديد الرئيسي الذي يواجهونه يأتي من (سمو الشيخ نفسه) وليس من مصادر خارجية. ومما يزيد من تعقيد ذلك، الوزن الكامل لدولته من خلال قدرتها على الاستفادة من برنامج بيجاسوس المتاح فقط للحكومات».

 لذلك، أمرت المحكمة العليا حاكم دبي بدفع أكثر من 250 مليون جنيه إسترليني، بجانب ضمان مصرفي بقيمة 290 مليون جنيه إسترليني للدفعات السنوية.

تفاصيل التسوية

تشمل تسوية الطلاق 210 ملايين جنيه إسترليني، يجب على حاكم دبي دفعها في غضون ثلاثة أشهر، لتغطية تكاليف تأمين الأميرة هيا طوال سنوات حياتها المتوقعة، وأطفالها حتى إنهاء تعليمهم الجامعي.

كذلك، ألزمت المحكمة حاكم دبي بدفع 41.5 مليون جنيه إسترليني مقدمًا لزوجته السابقة، مقابل نفقة المتعة ومتأخرات التعليم والإعالة، و5.6 مليون جنيه إسترليني سنويًا لكل طفل من أجل النفقة حتى يكملوا تعليمهم العالي. وعندها، سيتعين عليه دفع نفس المبلغ، لكن لطفليه مباشرة.

ويعني استخدام الضمان المصرفي بالكامل، وصول التسوية إلى 554 مليون جنيه إسترليني. لكن المبلغ الكلي يتوقف على المدة التي تستغرقها المدفوعات السنوية؛ اعتمادًا على سنوات حياة الأميرة هيا وطفليها.

كذلك، قد يتغير المبلغ، وفق قرار المحكمة، التي فتحت الباب أمام ما يمكن إعادة النظر في المدفوعات إذا تغير الوضع الأمني للطفلين بعد وصولهما لمرحلة البلوغ؛ إذا توفي والدهما، أو تصالحتا معه.

وشكلت الإجازات جزءًا كبيرًا من نفقة الطفلين، حيث خصصت لهما 5.1 مليون جنيه إسترليني مقابل تسعة أسابيع من الإجازات الخارجية في السنة، وأسبوعين في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى ثلاث عطلات نهاية أسبوع طويلة في الأردن، وثلاث عطلات نهاية الأسبوع في المملكة المتحدة.

كما شمل بند الترفيه جانبًا مهمًا من التسوية، حيث خصص القاضي 277,050 جنيهًَا إسترلينيًا سنويًا للحيوانات، بما في ذلك اثنان من المهور والخيول التي يركبها الأطفال. وبينما قدرت الأميرة هيا تكاليف الدروس الخصوصية بربع مليون جنيه إسترليني سنويًا، خصص القاضي لهذا البند 100,000 جنيه إسترليني سنويًا.

وطلبت الأميرة هيا استعادة ملابس راقية بقيمة 63 مليون جنيه إسترليني، ومجوهرات بقيمة 20 مليون جنيه إسترليني، رفض الشيخ محمد إعادته إليها بعد الانفصال، ليأمر القاضي بتعويض قدره 13.7 مليون جنيه إسترليني عن المجوهرات، ومليون جنيه إسترليني مقابل الملابس الراقية، وخمسة ملايين جنيه إسترليني «لشراء بعض الخيول».

تسوية ضخمة.. بضخامة الإنفاق

برر القاضي الرقم القياسي لتسوية الطلاق لما أسماه «مستوى المعيشة الفخم وغير المسبوق الذي تتمتع به أطراف القضية» خلال زواجهما.

استمعت المحكمة إلى تفاصيل إنفاق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وزوجته هيا، قبل انفصالهما في عام 2019. وتضمنت التفاصيل أنه خصص لها 83 مليون جنيه إسترليني سنويًا لإنفاق الأسرة، بالإضافة إلى مبلغ خاص 9 ملايين جنيه إسترليني سنويًا لنفقاتها الخاصة، بخلاف مدفوعات مخصصة مختلفة.

بجانب ذلك، وصلت مخصصات إنفاق الطفلين، جليلة وزايد، السنوية إلى حوالي 10 ملايين جنيه إسترليني لكل منهما، بالإضافة إلى إتاحة الوصول إلى أسطول الطائرات التي يملكها الشيخ محمد، بما في ذلك طائرة بوينج 747 التي يحب الطفلان السفر عليها، وطائرات هليكوبتر، ويخت فاخر بقيمة 303 ملايين جنيه إسترليني، وممتلكات فاخرة تبلغ قيمتها مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية، بجانب قيام نحو 80 موظفًا على رعاية الطفلين وأمهما.

واستمعت المحكمة إلى أنه في أحد فصول الصيف عندما كانا متزوجين، أنفقت الأميرة هيا والشيخ محمد مليوني جنيه إسترليني، فقط لشراء الفراولة.

وقال محامو الأميرة هيا إنه بينما سيكون الشيخ محمد قادرًا على تحمل أي مبلغ تحدده المحكمة، «لا تتجاوز موارد الأميرة هيا، 100 مليون جنيه إسترليني، مقيدة إلى حد كبير في عقارين، وأنها اضطرت لبيع أصول بقيمة 15.6 مليون جنيه إسترليني منذ وصولها إلى بريطانيا».

«نثريات» لم يلتفت إليها القاضي

خلال نظر القضية، قال القاضي إنه «بذل قصارى جهده لتحديد «ما هو معقول» ليدفعه الشيخ محمد كجزء من تسوية الطلاق، دون أن ينسى أن الثروة الاستثنائية ومستوى المعيشة الرائع الذي تمتع به الطفلان أثناء الزواج يجعل هذه الحالة خارجة عن المألوف تمامًا».

كجزء من النثريات التي فضل القاضي عدم إضافتها للتسوية، رغم أنه اعتبرها «طلبات مشروعة»، طلبت الأميرة هيا شراء ثلاث سيارات للأمير الصغير، زايد. لكن القاضي اعتبر تخصيص سيارات بالتفاصيل المطلوبة لأطفال في عمر الأمراء الصغر «ترفًا مبالغًا فيه». وإن كان أمر بإعادة سيارة زايد الثمينة إليه.

قصيدة عقدت الموقف

استندت الأميرة هيا في إثبات مدى الخطر الذي يهدد حياتها على قصيدة منسوبة لطليقها، الأمير محمد، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في 2016، مع مستخدمين زعموا أن كاتبها كان حاكم دبي نفسه، المعروف بكتابة الشعر النبطي.

ورغم وصفها بـ «المفبركة» في أكثر من مصدر؛ باعتبارها مبنية بشكل سيئ لا يناسب مستوى اللغة التي يتمتع بها الأمير محمد، فإن نشر القصيدة لأول مرة من حسابات يعتقد أنها تابعة لمعجبي ولي عهد دبي، الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، زادت تعقيد الموقف، خصوصًا أنها نشرت مع أنباء هروب الأميرة هيا حينها إلى ألمانيا.

في القصيدة المفترضة، يوبخ الشيخ محمد امرأة تركها أهلها ومنزلها ويتهمها بالخيانة والكذب.

ومن بين أوراق القضية، كشفت المحكمة عن دفع الأميرة هيا تضمنت مبلغ 6.7 مليون جنيه إسترليني لأربعة من أفراد فريق تأمينها الشخصي السابق، أثناء زواجها من الشيخ محمد، بعد أن زُعم أنهم ابتزوها بسبب علاقة غرامية يفترض أنها أقامتها مع حارسها البريطاني.

واستمعت المحكمة إلى مكالمة هاتفية أجراها معها حاكم دبي حول الأمر، والتي تركتها «مرعوبة»؛ إذ انتقد زوجها السابق استخدامها لبعض الأموال من حسابات الأطفال لدفع أموال للمبتزين المزعومين. وقال القاضي: «بينما كان من الأفضل لو استخدمت هيا نقودها الخاصة، فإنها كانت في وضع صعب للغاية بالفعل؛ لأنها كانت في أمس الحاجة ألا تتكشف المسألة علنًا».

وأضاف القاضي أنه اعتمد في حكمه على تلك النقطة لأنه وجد الأميرة هيا «شاهدًا يمكن تصديقه»، بينما لم يدلِ الشيخ محمد بشهادته أمام المحكمة.