لاعبو قوس قزح: هؤلاء رفعوا علم الرينبو في ملاعب الكرة
أثناء الاحتفال بفوز فريق إشبيلية ببطولة الدوي الأوروبي عام 2014، التقطت الكاميرات صورة خارجة عن المألوف تمامًا، وقع فيها كُل من لاعب إشبيلية الحالي، دانيال كاريكو، وزميله السابق، إيفان راكيتيتش. جمع اسمي هذا الثنائي في محرك البحث لن ينتج لك إلا هذه الصوة فقط ولا غير، فقط لولا تاريخ إيفان الذي صنعه مع برشلونة فيما بعد لكنا سنؤكد لك أن كل محركات البحث لا تعرف عن هذا الثنائي إلا هذه الصورة من ذاك اليوم.
بعد الظفر بهذا اللقب، انتقل إيفان راكيتيتش إلى صفوف برشلونة الإسباني، حينها خرجت العديد من التعليقات الغاضبة من انتقال اللاعب إلى الفريق، لا لمستواه الفني الذي كان لا يعرفه أغلب الغاضبين آنذاك، لكن فقط لما قد توحيه هذه اللقطة الشهيرة وما وراءها. كان طبيعي وجود هذه التعليقات في المجتمعات العربية التي ترفض وجود مثل هذه الأحداث –خاصة في العلن– وفقًا لمعايير دينية ومبادئ عرقية متبعة منذ قديم الأزل، لكن ما لم يكن طبيعيًا هو وجودها في الأوساط الأوروبية بنفس الحدة تقريبًا.
وفي غضون الأيام الماضية، احتضنت الجمهورية المصرية أحد الحفلات الكبرى، والتي جمعت ثلاث فرق غنائية من المعروفين جدًا في أوساطهم الفنية، لكن 6 ساعات متواصلة من الغناء تقريبًا، لم تنل الاهتمام بالمرة من عموم المتابعين، أكثر من دقائق معدودة تم رفع فيها علمًا ينادي بحرية المثلية الجنسية، أو علم الرينبو، كان قد أشهره أحد الصبية، وهو علم يحتوي على ألوان قوس قزح كان قد اتخذ بواسطة المتحولين جنسيًا في حراكهم الأخير مناديين بحريتهم في التعبير عن ميولهم الجنسية دون مضايقات.
الحديث في الشوارع العربية لم يخلُ –بين العامة– من التطرق لتلك النقطة الخاصة بالعلم متعدد الألوان، بين مؤيدٍ ومعارضٍ، بين متناولٍ برؤى متحررة تقبل كل الأطراف، حتى الغرباء منهم، وبين رافض كل ما قد يتطرق لتلك النقطة بلا هوادة. لكن ذاك وهذا، ليس بيد أي منهم منع وجود هذه الظاهرة في الواقع العام، أو واقع كرة القدم والرياضة الخاص.
راكيتيتش الفقاعة الكبرى
من بين أكثر من نصف مليون لاعب كرة قدم معروف وغير معروف، وقع قليل منهم في فخ الاتهام بالمثلية الجنسية أو ازدواجية الميل الجنسي، بينهم من اعترف حقًا دون امتعاض بميوله الجنسي، وبينهم من لم يكن له أدنى صلة بذلك لكنه لم يتمكن من الهرب حتى بعد الإثباتات.
القبلة الشهيرة التي سبق التنويه عنها، والتي جمعت بين راكيتيتش وزميله السابق بالفريق، قد نالت من التعليقات الكثير، وحتى أوقات قريبة جدًا، كان يظن عدد ليس بالقليل من جماهير الكرة أن إيفان راكيتيتش مثلي الجنس، بل إن البعض كان يعامله –خاصة العرب- بقسوة في الرأي والنقد، فقط من أجل تلك الشائعة التي ضربته قبل أعوام. بالفعل شائعة لأنها خالية تمامًا من كل الصحة.
المطلعون بكثرة على الشئون الكروية لم يتوقفوا عن البحث بعد إثارة قضية راكيتيتش، لكنهم الحقيقة لم يعانوا كثيرًا في البحث حول حقيقة الميول الجنسي للاعب الإسباني المتزوج من صديقته «ريكيل ماوري»، ببحث بسيط في أي جهة ستجد صورًا تجمع بين إيفان وزوجته، بل ابنته الصغيرة أيضًا. ماوري صديقة لراكيتيتش قبل تلك الواقعة بوقتٍ وفير، وهو ما كان يفترض أن ينهي الجدل في تلك النقطة تمامًا، لكن لم يكن ذلك شفيعًا له عند إظهار تلك اللقطة، حتى أنه بعد العديد من الأحاديث حول نفي مثلية اللاعب الجنسية وأنه غير متحول بالمرة، لكن هنالك البعض القليل الذي لا يزال يؤمن في داخله بأن اللاعب مثلي الجنس، لأن ما سبق قد ثبت.
غياب الشهرة لم ينقذ المعترفين
يظن بالبعض أن مثل هذه الشائعات لا توجد بذات الكثافة في الأوساط الأوروبية، أو أنها تأخذ صدى أقل قليلًا من الذي تأخذه داخل مجتمعاتنا العربية، بمعنى أنه يمكن التعامل مع اللاعب مع الأخذ في الاعتبار بأنه مثلي الجنس دون أي غضاضة، لكن مثل هذه الأمور لا تدور بهذا الشكل داخل أي مجتمع على الإطلاق.
الجماهير في الغالب ثابتة على حالها، توجه نقدا شبه دائم للمتبقي من هؤلاء اللاعبين –أو غير المعترفين منهم وتطوله الشائعات فقط- ربما نقد ليس قائما على أداءٍ يقدمه بالفعل، لكنه قائم على تلك الشائعة التي تخص ميوله الجنسي التي لم تثبت صحتها حتى.
لكن خلال التاريخ الحديث لكرة القدم، هناك بعض الأسماء لم تجد غضاضة من إعلان ميولها الجنسي على الملأ أو في مؤتمرات صحفية. هؤلاء الأسماء لم تكن بالمعرفة الكبيرة التي تجعل اعترافا كهذا يحدث ضجة، سواء سلبية رافضة، أو إيجابية مؤيدة، أو على الأقل متقبلة. لكن هذا لم يجعل ناديهم يتقبل الأمر بصدرٍ رحب على الإطلاق.
توماس هيتزلسبيرغ
على رأس هؤلاء المعترفين كان لاعب شتوتجارت وبايرن ميونيخ السابق «توماس هيتزلسبيرغ»، الذي قد تحدث منذ سنوات عن ميوله الجنسية المثلية. توماس كان عنيفًا بعض الشيء نحو من ينتقدون ذويه، بالرغم من أنه شخصيًا قد ردد مسبقًا بأن عملية الاعتراف بميوله الجنسية قد وجدت صعوبة في داخله، وتعرف عليها منذ سنين قليلة فقط.الاعتراف، الاعتزال والانتحار
ربما عندما تسمع اسم «جاستن فاشانو» لن تتكون صورة في ذهنك عن أي لاعب بالمرة، شهرة تكاد تكون معدومة بالرغم من أنه يستحق ذلك جدًا. فاشانو كان أول لاعب صاحب بشرة سمراء ينتقل من نادٍ إلى آخر بقيمة تصل إلى مليون جنيه إسترليني، كان ذلك وقت انتقاله من نوريتش سيتي إلى نوتنجهام فوريست.
بعد انتقال جاستن إلى ناديه الجديد قام اللاعب بالاعتراف بأنه مثلي الجنس، كان ذلك في عام 1990، ولسوء حظه أنه لم يواجه نفس التقبل والودادة التي وجدها توماس، والتي جعلته يتحدث بحدة عن الرافضين. جاستن فاشانو قوبل بهجوم شديد جدًا طوال ثماني سنوات عاشها في كرة القدم، ليعلن بعدها اللاعب انسحابه من الحياة وأقدم على الانتحار في 1998.
اللاعب الأمريكي «روبي رودجرز» لاعب فريق لوس أنجلوس جالاكسي الحالي و لاعب فريق ليدز يونايتد السابق.
العديد من اللاعبين بعد ذلك فضلوا كتم هذه الأمور عن العامة، خوفًا من مواجهة نفس المصير الذي واجهه فاشانو، لكن«روبي رودجرز» قد قرر في عام 2013 أن يسلك مسلكا آخر في هذا الصدد، فقد قرر أن يصبح ثاني لاعب في تاريخ الدوري الإنجليزي اعترافًا بمثليته الجنسية، لكنه حاول أن يحمي نفسه من مصير سابقه وقرر أن يعلن اعتزاله في ذات المؤتمر الذي أعلن فيه عن ميوله الجنسية قبل أن يعود بعد فترة ويقرر اللعب مرة أُخرى لفريق لوس أنجلوس جالاكسي الأمريكي.
معاناة رونالدو في المغرب العربي
كل اللاعبين الذين طالتهم هذه الشائعة أو اعترفوا هم بها لقطع الشكوك حولهم قد واجهوا مصائر صعبة، إما الاعتزال أو الانتحار أو حتى الانتهاء من مسيراتهم الرياضية مبكرًا، ليسوا جميعًا بالحظ الذي حصل عليه الألماني توماس، أو حتى ليسوا جميعًا كريستيانو رونالدو.
منذ عامين صدر العديد من الشائعات التي طالت النجم البرتغالي المخضرم، كريستيانو رونالدو. رونالدو في ذلك الوقت كان قد ترك صديقته الشهيرة «إيرينا شايك»، بعدها زادت زيارات رونالدو إلى دولة المغرب لملاقاة صديقه الملاكم «بدر هاري».
كانت هذه الأخبار هي حديث الصباح والمساء في الصحف العالمية، رونالدو يتمتع بشعبية جارفة، وقوعه في هذه المنطقة عند الجماهير كان من شأنه أن يقلب الموازين على عقبها بشكلٍ قد لا يمكن السيطرة عليه. كل هذا بالرغم من أن الكافة يعلمون أن رونالدو كان ولازال لديه علاقات نسائية عديدة، بل لديه ولدان الآن من زوجتين مختلفتين.
لكن في الواقع مجرد الولوج إلى هذه المنطقة من الحديث يعد شائكًا للغاية، لكن كما تم الإشارة إليه مسبقًا، صعوبة الحديث في هذا الأمر لا تنفي أبدًا وجوده في الواقع الحقيقي.