شهد السباق الدرامي الرمضاني هذا العام 2021 منافسة مختلفة على جميع الأصعدة، من حيث الأداء التمثيلي، والإخراج، والتأليف، والقضايا المناقشة، والتصوير، والأزياء، وتصميم المعارك، والديكورات، والمونتاج، مما يؤكد أن صناعة الدراما في مصر تشهد تطورًا تقنيًّا كبيرًا.

وعلى الرغم من أن الحديث عن أبطال المسلسلات يكثر في رمضان، ويبتارَى النقاد والمشاهدون في تحليل المشاهد والكادرات للحُكم على مدى جودة أداء الممثلين، دون أن يتصوَّر قطاع عريض منَّا أن ذلك الممثل الذي يظهر على الشاشة ينطق بعبارة ما أو يُجسِّد انفعالاً يقف وراءه جيش من الفنيين الذين يجتهدون كثيرًا في الكواليس حتى تخرج اللقطة الواحدة، التي لا تستغرق أكثر من ثانية بلا أخطاء. هذا الجيش جنوده غالبًا مجهولون ولا يظهرون في الصورة التي يستحوذ عليها دائمًا الممثلون، ولهذا حرصنا في “إضاءات” على التركيز عليهم، والتواصل معهم باعتبارهم النجوم الحقيقيين لرمضان.

مدير تصوير مسلسل «موسى»: قدَّمنا الفيضان لأول مرة

نال محمد مختار، مدير تصوير مسلسل موسى، إشادات واسعة سواء من الجماهير العادية من رواد السوشيال ميديا أو النقاد الفنيين بسبب إجادته في تحويل مشاهد المسلسل إلى ما يُشبه «اللوحة الفنية».

وبالرغم من أن مدير التصوير يقف دائمًا خلف الكاميرا ولا يراه المشاهدون، فإن دوره لا يقل أهمية عن بطل العمل، فهو المسؤول عن كل «شوت» يخرج من الكاميرا، وهو الذي يُدير عدسة الكاميرا ويضبط زواياها ويختار ألوان الصورة كي يُحقق الرؤية التي يتمنَّاها المخرج في المشهد.

في بداية حديثه لإضاءات أعرب محمد مختار عن بالغ سعادته بردود الأفعال التي تلقاها على مسلسل موسى، مشيرًا إلى أنه لم يكن يتوقع هذا الصدى الذي حققه.

وأكد محمد مختار أن أهم شيء في مهنة مدير التصوير هو التحضير ودراسة الإسكريبت بشكل جيد جدًّا، بالإضافة إلى السيناريو المكتوب الذي لا يقل أهمية عن الكاميرا، موضحًا أنه إذا كان السيناريو ضعيفًا فلن تكون الإضاءة أو الصورة المقدمة لها أي معنى؛ لافتًا إلى أن الصورة تظهر بشكل جميل ولافت عندما تكون مضبوطة مع الكلام.

ويقول إنه بسبب التحضير الكبير والمذاكرة الجيدة لكل مشهد في العمل، لم يواجه صعوبات كبيرة عند البدء في التصوير، والتي كان يعرف جيدًا قبلها طبيعة المكان الذي سيتواجد فيه الممثلون والزاوية التي سيعتمد عليها، مستدلًّا بالمشهد الذي ظهر فيه محمد رمضان عند الأهرامات ونزل النيل ليصطاد سمكة، قائلًا:

هو لما بيروح يجيب السمكة من النيل ده كان متصور في أسوان، بس لما بيرجع للشجرة ده متصور في دهشور، يعني لقطتين ورا بعض، كل واحدة فيهم متصورة في بلد شكل.

وأضاف مختار أنه اجتهد كثيرًا لاستخراج أفضل الأشكال الجمالية من وحي بيئة التصوير، فعلى سبيل المثال، قرية مصاغة بسوهاج، التي كان يعيش فيها موسى، أعطته الكثير من الأفكار التي استغلها في تكوين الصورة، مثل «لمبة الجاز، الكتاب، المباني الطين»، موضحًا أنهم، بالاتفاق مع المخرج محمد سلامة، اختاروا لكل مرحلة «لونًا» معينًا؛ فالقمر والليل في القرية كان يظهر باللون «الأزرق المخضر»، والنهار أيضًا له حالة خاصة به وهي اللون الـ «Warm» (أحد تدرجات اللون الذهبي).

وأكد أنه عند التحضير لأي عمل يقرأ السيناريو مع المخرج، ويدرسان العمل جيدًا، وطرق تنفيذه، وكيف سيظهر على الكاميرا، وهو ما يتطلَّب تعاونًا لاحقًا مع مهندسي الديكور، والمصورين، والإضاءة. معتبرًا أن هذه العناصر الثلاثة لا بد أن تتعاوَن معًا بشكلٍ فعَّال حتى يُنتجوا صورة مُبهرة.

وعن أصعب المشاهد التي واجهته في المسلسل، أكد أنه مشهد «الفيضان»، الذي تطلَّب تصويرًا تحت المياه؛ لأنه استهلك منهم مجهودًا وتجهيزات كبيرة جدًّا، من حيث إعداد الكاميرات ومعدات الإضاءة. يشرح أنهم استمروا في تصوير هذا المشهد لمدة 5 أيام كاملة بِاستخدام 5 كاميرات، في ظل برد قارس بدرجة حرارة لم تتجاوز 5 درجات مئوية، وطوال هذه الفترة وقف جميع صنَّاع العمل في المياه داخل بحيرة وحمام سباحة بمدينة الإنتاج الإعلامي.

ولفت إلى أن مشهد «الفيضان» لم يقدم قبل ذلك في أي عمل فني، إلا مرة واحدة في فيلم «ابن النيل»  عام 1951 للمخرج يوسف شاهين، وكان نهارًا، واستخدم فيه بعض المقاطع من الأعمال الوثائقية، أما هُم فقدَّموا مشهدًا فيضانيًّا متكاملاً، وفيما يخص مشاهد الأهرامات مع نهر النيل، أوضح أن الأهرامات ليست حقيقية فهي «جرافيكس»، وتم تصوير هذه المشاهد في منطقة دهشور باستخدام الكروما.

وفي نهاية حديثه معنا أكد مختار أن هناك مئات من الجنود المجهولين في هذا العمل الذين اجتهدوا كثيرًا حتى يخرج إلى النور، معبرًا عن استيائه من عدم إعطائهم حقهم، قائلًا:

دايمًا محدش بيهتم بشكر بتوع البوفيه والإضاءة والمصورين والخدمات والديكور ومش بياخدوا حقهم.

مهندس ديكور نسل الأغراب: قصر «السقا» عكَس وحشية شخصيته

لم يكن مدير التصوير محمد مختار هو الوحيد الذي لفت إليه الأنظار في السباق الرمضاني الحالي 2021، من نجوم خلف الكاميرا، فجاء أيضًا مهندس ديكور مسلسل «نسل الأغراب» أمير عبد العاطي في القائمة، وذلك لما يقدمه من ديكورات مبهرة، تحديدًا في منزلي أحمد السقا «عساف الغريب»، وأمير كرارة «غفران الغريب».

فمهندس الديكور وظيفته تولي مسؤولية الرسم الهندسي والمعماري والمناظر ونظريات الألوان والطراز في العصور المختلفة، بالإضافة إلى تفاصيل الأثاث بشكل كبير، واختيار الخامات وتوظيفها، بجانب الحس الفني الذي يمتلكه في تناسق الأشياء.

في حديثه لإضاءات أكد أمير عبد العاطي، مهندس ديكور مسلسل نسل الأغراب، أن عناصر البذخ في ديكور قصري عساف وغفران كانت مقصودة ليصل بالمشاهد إلى أقصى درجة ممكنة من الإبهار، مع استخدام جميع العناصر التي تعكس الروح المصرية والصعيدية.

وتابع عبد المعطي: إن بعض الانتقادات وصلته بأن ديكور القصور مُبالغ فيها، لكن هذه المنازل تعكس شخصيات أصحابها، وهم يتمتعون بنفوذٍ كبير في الصعيد يجعلهم أقرب إلى الآلهة من فرط تقديس الناس لهم وانبهارهم بهم.

وأكد أمير أن الديكور الأصعب والأقوى بالنسبة له هو قصر عساف الغريب؛ لأن له طابعًا مختلفًا، بسبب طبيعة الحبكة التي تفترض أن البيت مهجور مرَّ عليه 20 عامًا مغلقًا، وهو ما كان يجب أن تظهره الكاميرات بكل دقة.

قصر عساف الغريب من مسلسل نسل الأغراب

أما قصر غفران فلقد عكس الثراء الفاحش وشخصية الطاغوت، موضحًا أن هذا هو سبب طلاء القصر باللون الأسود، وهو ما تناسب مع شخصية غفران العاشقة للأسود، لأنه شخصية شرسة ومفترسة، يعتمد في لبسه ومنزله وسياراته على اللون الأسود.

قصر غفران الغريب من مسلسل نسل الأغراب

أما عساف، فقصره مهجور؛ لأنه سُجن 20 عامًا، ولن يتم تطويره حتى آخر المسلسل فيظل على حاله؛ وذلك لأنه خرج من السجن ولديه اهتمامات أخرى مثل الانتقام، فبالتالي لن يفكر في تجديد منزله.

وأوضح «عبد المعطي» أنه اعتمد في بناء قصري عساف وغفران، على قصور الفرنسيين والإنجليز في الصعيد، الذين بنوا هناك مجموعة من القصور الفخمة المترفة، ولا يزال بعضها قائمًا حتى الآن.

ويشرح مهندس ديكور نسل الأغراب أنه يعتمد في عمله على قراءة السيناريو في البداية، والبدء في دراسة الشخصيات والفترات الزمنية التي يدور حولها العمل، ثم يبدأ المساعدون في تفريغ الأماكن التي تدور حولها الأحداث، كل مكان وحده، ثم يعودون لتحديد رسم وتصميمات الديكورات بالكامل، لافتًا إلى أنه يفضل أن ينتهي من تصميم كل ديكورات العمل قبل بدء التصوير.

وأكد أن قصري البطلين بُنيا في أراضٍ فارغة داخل مدينة الإنتاج الإعلامي، مضيفًا أن القصرين فقط استلزما 60 يومًا متواصلًا للبناء، بمتوسط عمالة يوميًّا من 300 لـ 350 عاملاً، وهو رقم كبير بالنسبة لبناء ديكور عمل درامي، ومنطقة الغجر تم تنفيذها في 4 أيام، بالإضافة إلى بناء مناطق مخدرات، ومدن كاملة في أماكن نائية، لافتًا إلى أنه بدأ في بناء الديكورات قبل التصوير بشهرين كاملين.

أعمال ديكورات القصور من مسلسل نسل الأغراب

وتابع أنه والمخرج محمد سامي، منذ أول دقيقة في المسلسل، كانا متفقين على رسم الديكورات، وكان تفكيرهما متشابهًا جدًّا، فلذلك لم يحدث أي سوء فهم، وبناءً عليه لم يحدث أي تغيير في شكل الديكورات.

أعمال ديكورات القصور من مسلسل نسل الأغراب

مصممة أزياء مسلسل «قصر النيل»: الأزياء الرجالي هي الأصعب

من بين من لفتوا الأنظار إليهم أيضًا هذا العام، من نجوم خلف الكاميرا، مصممة أزياء مسلسل قصر النيل دينا نديم، التي نالت تصميماتها للأزياء نجاحًا كبيرًا، واستطاعت أن تعيد المشاهدين إلى موضة أزياء وإكسسوارات فترتي الخمسينيات والستينيات بجمالها ورقيها.

فمصمم الأزياء لا يقتصر عمله على تصميم ملابس الفنانين فقط، بل يقوم بتصميم الملابس والإكسسوارات والأحذية، كما يرسم التصميمات قبل البدء بتصميمها، وتحديد أنواع الأقمشة المناسبة لكل تصميم وألوانها، فهو المسؤول عن طريقة تعبير أي شخصية عن نفسها من خلال ملابسها.

قالت دينا نديم في حديثها لإضاءات إنها سعيدة جدًّا بردود الأفعال على مسلسل قصر النيل ولفت انتباه الجميع لإطلالات الفنانين، مشيرة إلى أنها تعتمد في عملها أول شيء على معرفة الفترة الزمنية التي تدور حولها أحداث المسلسل ودراستها، بعدها ترسم الخطوط العريضة التي تخص هذه الفترة بتصميماتها بخامتها وألوانها، ثم تبني الخيال أو الرؤية الخاصة بها، من خلال اجتماع لكل صناع العمل، من مهندسي ديكور أو مشرف فني أو إضاءة أو مدير تصوير، حتى يكون كل شيء متناسقًا.

دينا الشربيني من مسلسل قصر النيل

وأضافت أنها تمتلك مكتبة كبيرة تذاكر من خلالها الفترات الزمنية، بجانب الكثير من الأبحاث التي تقوم بها، موضحة أن كل ما يهمها هو أن تستطيع كل شخصية أن تعبر عن نفسها وطباعها من خلال طريقة ملابسها، مؤكدة أن مظهر شخصية الممثل يكمل الأداء، ويساعد في قدرة المشاهدين على استيعاب الدور والتركيبة النفسية للشخصيات، لذلك الأمرُ أكبر من أن يكون مجرد تصميمات وملابس يظهر بها الفنانون على الشاشة.  

وفيما يخص الأصعب في التصميم، ملابس الفنانين أم الفنانات، قالت إن ملابس الرجال أصعب؛ لأن السيدات يمتلكن أدوات كثيرة يستعنَّ بها في أزيائهن، يستطعن من خلالها توصيل الإحساس الذي يردنه، مثل المجوهرات والإكسسوارات والمكياج والتنوع الكبير في مكملات الأزياء النسائية، لكن الرجال ليس لديهم أي شيء.

صبري فواز من مسلسل قصر النيل

وضربت على ذلك مثالاً بعملها الحالي مسلسل قصر النيل، مشيرة إلى أن أكثر شيء استلزم منها مجهودًا وتفكيرًا، الثلاثة الإخوة الرجال «جميل ورمزي وحسين»؛ لأن خلفيات شخصياتهم واحدة، نشؤوا في مستوى اجتماعي ومستوى ثقافي واحد، ولكن كلًّا منهم له شخصيته التي يجب توضيحها وإظهارها ليستطيع المشاهد الوصول إلى تركيبة كل شخصية. 

وأضافت أنها تأخذ العمل على أكثر من مرحلة، ففي البداية تقرأ السيناريو وتعرف الشخصيات والفترات الزمنية، ثم تدخل مرحلة البحث والإسكتشات والرسم والتخيل، وهذه تقوم بها بمفردها، ثم تدخل الاجتماع الذي سبق ذكره مع باقي فريق العمل، ثم تدخل مع فريقها ويبدؤون التنفيذ من خلال الورش والأتيليهات، وينزلون جميعهم في مرحلة ما قبل التنفيذ لشراء الأقمشة واختيار ألوانها، ثم المرحلة المباشرة في التنفيذ من خلال الورش، ثم بروفات الممثلين، مشيرة إلى أن 99% من الشغل تم تفصيله من الألف للياء، وهذا تطلب العثور على قماش وألوان قريبة من هذه الفترة، بجانب النقشات والإكسسوارات، متابعة:

حتى الزراير بقعد أدور على كل زرار، وكل توكة شعر، علشان نحاول نقرب من الفترة بأكبر قدر ممكن.

وفيما يخص طلبات الفنانين أو الفنانات لملابس أو إكسسوارات معينة، أشارت إلى أنها لم تواجه أي شيء من هذا القبيل خلال المسلسل؛ معبرة عن استمتاعها بالعمل في قصر النيل؛ لأنه كان هناك توافق كبير بين أفكارها وأفكار الجميع من الفنانين والمخرج، ولم يختلفوا في الرأي أو يطلبوا منها شيئًا محددًا، فكانوا سعداء جدًّا بما قدمته لهم.

ريهام عبد الغفور من مسلسل قصر النيل

ولفتت دينا نديم إلى أن الستينيات ما يميزها أنها ليست بعيدة، ولها مراجع فوتوغرافية وأفلام وكتب كثيرة، كما أن السيدات في هذه الفترة كنَّ يهتممن بالموضة كثيرًا، وهو ما نتج عنه انتشار مجلات الموضة، وهو ما ساعدها كثيرًا على بناء خلفية معرفية كافية عن هذه الفترة.

واختتمت دينا برسالتها التي شددت فيها على أن مهنة مصمم الأزياء ليست فقط التنسيق وتنفيذ أزياء جميلة ومناسبة للفترات الزمنية، فمصمم الأزياء يرسم الشخصيات بصريًّا، حتى يستطيع المشاهد أن يرى هذه الشخصيات في ملابس وأزياء تناسبها، ولذلك هي من الأدوات القوية جدًّا، وتساعد المشاهد في أن يصل له إحساس أو تجعله يتعاطف مع أداء الممثل، فلذلك هي عامل وظيفي مهم وليس شكليًّا فقط.

مونتير مسلسل «الاختيار 2»: الجزء الثاني أصعب من الأول

ومن ناحية أخرى كان المونتير أحمد حمدي من بين النجوم الذين لفتوا إليهم الأنظار في مسلسل الاختيار 2، بعد أن استطاع أن يجمع بين الدراما وما يحتويها من خيال والمشاهد الوثائقية التي شهدتها الأحداث، خصوصًا أن الأمر كان به مخاطرة كبيرة بالنسبة لعمل مهم عن أحداث مهمة مرت بها مصر.

ووظيفة المونتير عبارة عن تقطيع وتركيب «الفيديو أو الفيلم أو المادة المرئية» على هيئة قصصية متناسقة وفقًا لنص أو سكربت متفق عليه أو غير متفق عليه، وذلك لإنشاء سرد شامل للقصة على الشاشة، ولهذا لا بد أن يطَّلع بشكل مفصل على أساسيات التصوير والإخراج، ليتجنب أي قطع قد يسبب تغيير المعنى المراد من المشهد.

ومن جانبه قال المونتير أحمد حمدي إنه درس مع مخرج مسلسل الاختيار 2 بيتر ميمي الفترة الزمنية التي تدور فيها أحداث المسلسل، والقضايا المطروحة، وناقشا معًا فكرته وكيف يتم تنفيذها، وتقسيم الأدوار، حتى إنهم كفريق مونتاج يعملون من البداية حتى النهاية، وليس كعادة المونتير أن يبدأ عمله بعد تسلمه للحلقات.

وأضاف حمدي في حوار لإضاءات أنه كمونتير لا يحتاج أن يحضر كل تصوير المسلسل، ولكنه من الممكن أن يحضر إذا كانت هناك مشاهد أكشن معقدة قليلًا، حتى يرى طريقة تنفيذها والديكور وكل تفاصيلها، ليتخيل كيف سيتم إخراجها في صورتها النهائية. 

ولفت حمدي إلى أن الجزء الثاني من مسلسل الاختيار أصعب بكثير من الجزء الأول؛ لأن البطل فيه الأحداث التي حدثت في البلد، وليست شخصية محددة مثل الشهيد أحمد المنسي.

وعن الدمج بين المشاهد الدرامية والحقيقية أشار مونتير الاختيار 2 إلى أن مهمة المونتاج تكون أصعب كثيرًا؛ لأنه لا بد أن يشاهد عددًا كبيرًا جدًّا من الوثائقيات لاختيار الأنسب منها، سواء ما يناسبها للدمج بينها وسط المشاهد، أو الجودة الملائمة للصورة التي تم تصوير المشاهد بها، موضحًا أن الجزء الأول من العمل ضم عددًا من المشاهد الحقيقية، ولكن كانت قليلة؛ لأن أحداث سيناء غير متاحة كما يوجد في الجزء الثاني الذي تم تسجيل الكثير من أحداثه وتوثيقها، خصوصًا أنه يدور حول اعتصام رابعة في القاهرة، ومظاهرات في شوارع، وعمليات اغتيال كبيرة، والقبض على عناصر إرهابية خطرة، ولذلك جاء قرارهم بالدمج بينها وبين الدراما خلال الأحداث.

وأكد حمدي أن دمج الأحداث الحقيقية جاء لتكون مكملة للأحداث الدرامية في الأحداث، ولتؤكد مصداقية العمل والأحداث، وليس لتحويله إلى عمل وثائقي، وجاءت إضافة الأجزاء الوثائقية لربطهم المشاهد بالأحداث، والربط بين المشاهد الدرامية بشكل أكبر، معطيًا مثالًا بمشهد فتح أسماء أبو اليزيد للشباك، ومشاهدتها لتجمع القوات أسفله، موضحًا أنه كان أحد الفيديوهات التي جمعوها قبل التصوير، وطلب بيتر من مهندس الديكور القيام بنفس ديكور الفيديو، والذي راعى أدق التفاصيل خلال التنفيذ وفيها «الدبدوب» المتواجد في التصوير؛ لإخراج الصورة النهائية بشكل أقرب ما يكون للحقيقة.

وأنهى أحمد حمدي حديثه في هذه الجزئية بأنه وفريقه بدؤوا العمل منذ شهر 8 العام الماضي، وعن طريقة عمل المونتير على أي عمل، قال “حمدي” إن أهم شيء هو التحضير الجيد والمذاكرة، وليس من جانبه فقط، بل كل فريق العمل، سواء كان الديكور، أو الصوت، أو الإضاءة، أو التصوير، أو الإخراج، مشيرًا إلى أن كل هذه العناصر إذا وصلت إليه وتم تنفيذها بشكل صحيح، فستساعده كثيرًا في رسم الطريقة النهائية التي يخرج بها العمل ورسالته التي يريد إيصالها للمشاهدين، متوجهًا بالشكر لفريق عمله المكون من 5 أشخاص غيره، ومن بينم: نهاد سامي، ومصطفى عبد المحسن، وخالد معروف، مونتير مساعد.

وأضاف أن مثل هذه الأعمال تكون على المونتير صعبة وخطرة جدًّا، حتى لا يتعاطف المشاهد مع الجهة الخطأ، متابعًا: «حتى السلاح الذي يتم استخدامه، وصوت طلقاته يجب التركيز فيه ليكون خاصة به، وليس لسلاح آخر»، مشيرًا إلى أنه وفريقه أصبح لديهم خبرة عسكرية كبيرة، بمذاكرتهم لهذه الأمور، بجانب الفترات الزمنية، حتى يعرفوا السيارات التي كانت تسير وقتها، والإعلانات، والحياة، مؤكدًا أن كل هذه الأشياء تكون مسؤولية كبيرة على المونتير. 

مصمم معارك مسلسل «اللي ملوش كبير»: العوضي مجنون أكشن

وأخيرًا، مصمم معارك مسلسل اللي ملوش كبير محمود طاحون، الذي حقق بدوره نجاحًا كبيرًا من خلال مشاهد الأكشن، التي أكد الجميع على المجهود الكبير المبذول فيها وتطورها.

وعن وظيفة مصمم الأكشن، فهي من اسمها، تصميم وتأليف المعارك والأكشن المقدم في الأعمال الفنية، بطرق متطورة ومبتكرة، حتى يبدو حقيقيًّا، وهي من أخطر الوظائف في الصناعة، ومن جانبه عبَّر طاحون عن سعادته الكبيرة بنجاح مسلسل اللي ملوش كبير، مشيرًا إلى أنه لم يكن متصورًا كل هذا النجاح.

الممثل أحمد العوضي والممثلة ياسمين عبد العزيز مع مصمم المعارك محمود طاحون

وأعرب محمود طاحون عن استيائه من حذف بعض مشاهد الأكشن في مسلسل اللي ملوش كبير خلال عرضها على منصة «واتش إت»، مثل مشهد «الإزازة في البار» في الحلقات الأولى، ومشاهد من خناقة حسن أبو خاطر؛ وذلك بحجة أن ذلك عنيف على المشاهدين.

وأضاف محمود طاحون في حوار لإضاءات أنه في البداية يدرس السيناريو المعروض عليه، ثم خلفية الشخصيات والبيئة التي يخرجون منها، ثم خلفيات الأشخاص الذين يتشاجر معهم، وأسباب المشاكل بينهم، لافتًا إلى أن مصمم المعارك لا بد أن يسأل 7 أسئلة في أي عمل، وهي:

1. مين بيتخانق؟
2. الخلفية بتاعته إيه؟
3. بيتخانق مع مين؟
4. الخلفيات بتاعتهم إيه؟
5. بيتخانقوا أصلًا ليه؟
6. بيتخانقوا فين؟
7. معاهم أسلحة ولا لأ؟

كلها من المهم أن يعرف مصمم المعارك إجاباتها بجانب دراسة الأماكن التي تحدث فيها مشاهد الأكشن، حتى تحدث بشكل جيد ويصدقها المشاهدون.

ولفت إلى أنه في الخارج يحترمون جدًّا مشاهد الأكشن التي يقومون بها، وهو ما يميزهم عن مصر، فلا بد أن يتم تدريب الجميع لفترات طويلة على المشاهد القتالية، مثل فيلم «جون ويك» فبطله «كيانو ريفز» ظل لأكثر من 8 أشهر يتدرب على مشاهده القتالية.

وعن تأهيل الفنان أحمد العوضي أوضح أنه المسؤول عن تدريبه منذ عام 2015، فلذلك هو جاهز دائمًا على أن يأتي في وقت التصوير ويقوم بأي مشاهد معارك وحركات يطلبها منه، لافتًا إلى أن مشكلته كانت في الفنانين الآخرين، مثل محمود حافظ الذي يقدم شخصية «مينا»، وتفاجأ بأنه من الأشخاص الذين يتعلمون بسرعة، وإذا شاهدك مرة وأنت تقوم بشيء، يستطيع القيام به بعد ذلك بسهولة، وياسمين عبد العزيز، التي تفاجأ بردود أفعالها عندما يتم ضربها، حتى إنه قال لها ساخرًا: «انتي لازم تعملي مشاهد أكشن وتضربي بس».

الممثل أحمد العوضي مع مصمم المعارك محمود طاحون

وأشار إلى أنه لم يستعن بأي دوبلير خلال أحداث المسلسل، وذلك لتصميم أحمد العوضي، والفنانين على قيامهم بكل المشاهد بأنفسهم، وهو ما يحسب لهم، قائلًا: «هناك بعض المشاهد التي من الضروري أن يتواجد فيها دوبلير، ولكن أيضًا من حق الفنان أن يعترض ويطلب أن يقدم المشاهد بنفسه، خصوصًا إذا كان مثل أحمد العوضي وأحمد السقا مجانين أكشن».

ونوه بأنه ما زال هناك الكثير من المشاهد التي لم تعرض بعد وستشهدها الأحداث المقبلة، ومن بين مشاهد الأكشن المفضلة له في العمل مشهد خطف حسن أبو خاطر من منزله، وخناقة الخديوي مع رفعت الدهبي، والتي سيتم عرضها خلال الأحداث المقبلة.

وأوضح محمود طاحون أنه يعمل كـ «action director»، وليس مصمم معارك فقط؛ وذلك لأنه يقوم ببروفة المشاهد الأكشن في مكان خاص به، ويقوم بتصويرها من الأماكن والزوايا الصحيحة لها، ثم يعطيها للمخرج، مشيرًا إلى أنه بنسبة 98% يأخذها كما هي، و2% فقط يتم تعديلها، مؤكدًا أن هذا ما يميز الـ«action director»، فهو يفهم جيدًا في الأكشن ويعرف الزوايا الصحيحة التي يتم تصوير كل حركة منها.

https://www.youtube.com/watch?v=DgFJQt_dIgk

وقال طاحون إن مهنة مصمم المعارك في مصر تحتاج إلى أشخاص يعرفون «ازاي يعملوا أكشن صح»، ولديهم خلفيات في الألعاب القتالية مثل «MMA – Mixed martial arts»، و«Martial arts»، مشيرًا إلى أن 95% من مصممي المعارك في العالم مروا على هذه الألعاب، وأيضًا لا بد من دراسة ومعرفة كيف أوجه الضربة وكيف أتلقى الضربة، وكيفية التدريب على كل هذا، وفهم أسلوب الكاميرا والديكورات، مؤكدًا أن كل هذه الصفات لا بد من أن تتوافر في أي مصمم معارك جيد.

https://www.youtube.com/watch?v=7xakNbmUb_k

وفيما يخص خطورة مهنة مصمم المعارك، أوضح أنه إذا كان يقوم بعمله بطريقة صحيحة فستكون بنسبة 0%، ولا يترك الأمر للصدفة والقضاء والقدر.

وأنهى محمود طاحون الـaction director حديثه قائلًا إنه يريد توجيه رسالة ليس فقط للجمهور، ولكن للإعلاميين أيضًا، وهي أن مهنة مصمم المعارك أهميتها في القيام بتنفيذ معارك عالية الجودة، وهي تعد من أخطر المهن السينمائية، معبرًا عن استنكاره من عدم تسليط الضوء على صناعها، سواء في التترات الخاصة بالأعمال، أو القيام بجوائز خاصة بها حتى «الأوسكار»، الذي يصمم جوائز لكل العناصر المهنية في السينما ما عدا مصمم المعارك، مشيرًا إلى أنه حتى الآن يوجد بعض الأشخاص لا يعرفون بهذه المهنة ويعتقدون أن الفنان هو من يقوم بكل هذه الأمور من تلقاء نفسه.