حصاد 2017: تعرف على شخصيات العام في مصر
في نهاية كل عام نبحث في أوراقنا وأخبارنا عن شخصيات بارزة؛ لنعرف أسباب بروزها، ولا يتوقف البحث عند الناجحين الملهمين، فقد يكون الفشل مُلهِمًا أكثر من النجاح، وليس التميز بأن تكون ناجحًا فقط، فقد تكون متميزًا في الفشل أيضًا.
وعلى مدى 2017 برز العديد من الشخصيات كقدوة للنجاح أو الفشل. ومن الشخصيات البارزة في هذا العام، نعرض لك 5 منهم في مجالات الرياضة، والسياسة، والفن، والاقتصاد، والتعليم.
محمد صلاح: طريق العالمية يبدأ بـ 25 جنيهًا
في 2017 حصل العالمي محمد صلاح على الأفضل في أفريقيا في استفتاء BBC، وارتفعت قيمته في بورصة اللاعبين إلى 40 مليون يورو بحسب موقع «ترانسفير ماركت»، كما قاد صلاح الفراعنة للتأهل لكأس العالم محرزًا 5 أهداف من أصل 7 سجلها المنتخب في تصفيات المونديال، وكان الهدفان الآخران من صناعته.
وشهد 2017 تألق صلاح مع فريقه ليفربول بشكل كبير، محققًا ما لم يحققه لاعبو الفريق منذ 31 عامًا، فبعد هدفه في مرمى بورتسموث، رفع صلاح رصيده إلى 20 هدفًا مع ليفربول في كل البطولات هذا الموسم، وأصبح أول لاعب في تاريخ النادي يسجل 20 هدفًا في الموسم قبل بداية العام الجديد،منذ فعلها إيان راش الهداف التاريخي لليفربول، في موسم 1986-1987.
ويمكن أن نلخص مسيرة صلاح في 2017 في هذا المقطع الذي يرصد رد فعله في مباراة مصر والكونغو، والتي أهلت المنتخب المصري إلى كأس العالم بعد غياب 28 عامًا، فقد سقط صلاح أرضًا بعد تعادل الكونغو، لكنه سريعًا ما نهض وحث زملاءه على الفوز، وانتهى حماسه بتسجيله هدف الصعود الغالي، من ركلة جزاء لم يكن هناك من هو أفضل منه للتصدي لها.
أصبح صلاح قصة كفاح شبابية استفاد منها الجميع؛ فالدولة تروج لنموذج شبابي رياضي يُنسي الناس تعلقهم بالماجيكو أبو تريكة، الذي لا يمل النظام من تشويه صورته، حتى أنقذها صلاح وأوجد لها البديل، واللاعبون يتخذون من مسيرته قصة ملهمة يصلون بها إلى العالمية، والشباب يرون فيه قدوة تستحق الاقتداء، وسببًا لمتابعة الدوري الإنجليزي، كما صار صلاح أملًا للذين يريدون الخلاص من هدف مجدي عبد الغني. وكل ذلك بدأ في نادي المقاولين العرب بـ 25 جنيهًا مكافأة فقط.
عبد الرحيم المسماري: نجم الإرهاب الكلاسيكي
عندما يعلن السيسي عنه في منتدى مصري دولي، ثم يحاوره إعلامي مخضرم حاور رؤساء وزعماء قبله، ويحظى حواره بالضجة الإعلامية والأمنية والمجتمعية، فلا بد حينها أن يصبح عام 2017 هو عام التألق لليبي عبد الرحيم المسماري، أحد العناصر الإرهابية التي نفذت عملية الواحات.
الإرهابي المعروف باسم «رحيمو» كان من العناصر البارزة بتنظيم أنصار الشريعة الذي شارك في العديد من المواجهات المسلحة ضد قوات الجيش الليبي، وفي 2013 انضم لتنظيم «المرابطون»، الذي أسسه القيادي المصري هشام العشماوي، ليشاركه في تنفيذ عدة عمليات إرهابية، ومنها عملية دير الأنبا صموئيل، التي راح ضحيتها 28 قبطيًا في رمضان الماضي.
لم يكن الملفت في تصريحات «رحيمو» هو كيفية تنفيذ العملية الإرهابية، وخطف الضابط محمد الحايس، إنما بساطة حديثه، الذي بدا وكأنه حديث شخصية إرهابية كلاسيكية، يعرضها فيلم سينمائي، بطله شخص ساذج يقول كلامًا غير متناسق عن الكفار، والجهاد، وتطبيق الشريعة، ودولة الخلافة، والتمويل من الصدقات والغنائم، بهيئة ذات ذقن وجلباب، ونبرة عربية متكسرة، وكأن السلطات المصرية أرادت عرضه للتباهي بقدراتها كما تباهت العناصر الإرهابية بعد خطف الحايس.
اتضح ذلك من كلامه الذي بدا وكأنه محفوظ أو ملقن، فلم يجسد بحديثه وحش الإرهاب الذي تحاربه الدولة ليلًا ونهارًا، ولم يُدلِل على صعوبة التعامل مع الإرهابيين، إنما أبرز ضعف الجهات الأمنية باعترافاته التي أكدت امتلاك الإرهابيين أسلحة ثقيلة ومدفعية، وقدرة على الفتك بقوات الأمن التي ذهبت مستعدة لعملية الواحات، وانتهى استعدادها بمقتل 16 ضابطًا، كما طرحت علامات استفهام عديدة بسبب أن قائده كان ضابطًا بالجيش المصري يدعى «عماد الدين عبد الحميد».
طارق عامر: أقول لك نكتة «الدولار بـ 4 جنيه»
في تقييم مجلة «جلوبال فاينانس» لمحافظي البنوك المركزية عام 2016 حصل طارق عامر على درجة (C)، بفارق درجتين فقط عن أدنى درجات التقييم.
وفي 2017 نال جائزة أفضل محافظ بنك مركزي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي جائزة تحمل صبغة سياسية واضحة، لاسيما وأنها من صحيفة «جلوبال ماركتس»، الصادرة عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مما يوضح أنها مُنحت وفق معايير سياسية لا اقتصادية، وذلك إثر قيام عامر بتنفيذ اشتراطات قرض الصندوق الحرفية فيما يتعلق برفع أسعار الفائدة، وخفض قيمة الجنيه، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة.
وفي 2017 ترددت أنباء حول شراء بنوك مصرية وأخرى عاملة في مصر، سندات من الحكومة الإثيوبية بفائدة 36%، لتمويل بناء سد النهضة، فعلق عامر على ذلك بأنه «هلاوس وتخاريف»، رغم أن البنك المركزي الإثيوبي نشر دليلًا بالبنوك التي يمكن للإثيوبيين أن يكتتبوا من خلالها في سندات تمويل سد النهضة، وتضمن الدليل بنوكًا مصرية.
وأنهى عامر العام بحديث عن «عملة إفريقية موحدة»، رغم صعوبة تحقيق الاشتراطات الاقتصادية والسياسية اللازمة لتوحيد العملة؛ بسبب انعدام التقارب الاقتصادي وضعف حجم التبادل التجاري والتجارة البينية بين دول القارة.
وطوال العام سعى عامر في تصريحاته إلى مدح خطوات السيسي الإصلاحية، وذم القطاع الخاص والإجراءات الحكومية التي لا تساعده، وكثيرا ما تحدث عن الإصلاح، والتنمية، وتنافسية الصادرات المصرية، والقرارات التاريخية التي أنعشت الاقتصاد، والتي لا يرى إيجابياتها سواه، في ظل معاناة الشركات والمصانع والمستثمرين والمواطنين من الأزمات الاقتصادية.
ودائما ما حاول إقناعنا بأن التدهور الاقتصادي ليس فشلا في إدارة الاقتصاد، وإنما سببه سياسات خاطئة سابقة يسعى جاهدا لإصلاحها، لكن الواقع يؤكد عكس ذلك، فتعويم الجنيه لم يكن إجراءً إصلاحيًا، بل كان انهيارًا للعملة، هذا فضلًا عن مشكلات السياسة النقدية، وارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض قيمة الجنيه، وقلة احتياطيات النقد الأجنبي، وضعف النمو الاقتصادي، وسوء إدارة المساعدات والمنح الخليجية، واستمرار أزمة نقص الدولار، وارتفاع الدين الخارجي والداخلي، وكل ذلك يدل على عدم نجاح السياسات المتبعة، وينعكس على أحوال المواطنين بالتدهور بسبب الارتفاع المستمر لأسعار السلع والخدمات، والذي يراه عامر مجرد دواء مر للإصلاح.
محمد صبحي: عندما تحول الفنان إلى «بيزنس مان»
لم يكن 2017 مميزًا للفنان محمد صبحي بسبب عودته بمسرحية «غزل البنات»، بعد غياب 17 عامًا عن خشبة المسرح، بل كان المميز لصبحي في 2017 هو استحواذ رجل الأعمال حسن راتب على 80% من «مدينة سنبل للفنون» التي يمتلكها صبحي؛ لتحويلها إلى «أكاديمية سما سنبل» لاكتشاف المواهب والمبدعين في مختلف مجالات الإبداع (موسيقى– غناء– تمثيل– إخراج– تصوير- تأليف)، فيما يشبه أكاديمية الفنون المصرية.
بدافع استصلاح الصحراء جاءت فكرة مدينة سنبل تنفيذًا لحلم بطل مسلسل «سنبل بعد المليون»، الذي قدمه صبحي عام 1987، حيث بدأ صبحي بناء «مدينة سنبل للفنون والزهور» عام 1994، بعدما حصل على تسهيلات لشراء أراضٍ في الصحراء لزراعتها وإنشاء مدينة فنية لاكتشاف الموهوبين ورعايتهم فنيًا.
إلا أن صبحي قام بتحويل النشاط من زراعي إلى استثماري، ليتحول حلم «سنبل» من أرض صحراء تتم زراعتها إلى أرض فضاء يتم استثمارها، فقد تحولت المدينة إلى مشروع سياحي ترفيهي، يضم مسرحًا وفندقًا ومتحفًا ومنطقة استوديوهات وبحيرات صناعية ومولًا تجاريًا ومخازن وكافيتريا وناديًا رياضيًا وملاعب وحمام سباحة وإسطبلات خيول وأوبرا ودار مسنين.
وكانت صفقة البيع رابحة جدًا بسبب الفارق الكبير بين سعر شراء الأرض وسعر بيعها، هذا فضلًا عن احتفاظ صبحي بنسبة 20% من المدينة وبقاء اسمه عليها.
طارق شوقي: وزير «الشو التعليمي»
منذ تولي طارق شوقي وزارة التعليم وهو يتحدث عن فلسفة جديدة للتعليم تواكب التطور العالمي، ويَعِد بنظام متكامل بأهداف جديدة للتربية وبناء الشخصية، والتركيز على القيم والأخلاق والهوية، مع بناء مناهج بمعايير عالمية تُكسب الطالب مهارات حياتية وفكرية وعلمية، ولا يمل من الإعلان عن نظام جديد للثانوية العامة يعتمد على اختبارات لقياس المهارات والقدرات، ويقضي على الدروس الخصوصية، ليحصل الطالب على شهادة عالمية، ويتقن لغتين على الأقل، إلا أن هذه التصريحات لا تتعدى الـ «شو إعلامي».
فقد انتهى الفصل الدراسي الأول دون تسليم كامل الكتب الدراسية رغم دفع المصاريف، كما لم تلتزم معظم المدارس الخاصة والدولية بالمصاريف التي أقرتها الوزارة، هذا فضلا عن وجود إهمال جسيم بالمدارس، حيث تعرض العديد من التلاميذ للضرب والإصابات الخطيرة والتحرش من جانب المدرسين والمديرين، وقام أولياء أمور بسحل وضرب مدرسين.
كما أن إلغاء امتحان «الميد ترم» جعل بعض المدرسين يجبرون الطلاب على الدروس الخصوصية؛ لمنحهم درجات التقييم الشهري البديلة للامتحان، وفي نفس الصدد قامت الوزارة بإغلاق مئات من مراكز الدروس الخصوصية دون أن توجد للطلاب البديل الجيد من مدارس ومعلمين قادرين على شرح المناهج، وكأن الوزارة تعاقبهم على أنهم وجدوا البديل.
إلى جانب ذلك قام الوزير بإلغاء «اعتبار الصف السادس الابتدائي شهادة»، مع استمرار تصحيح أوراق الامتحانات خارج المدارس، مما يدلل على أن السيد الوزير لم يرد إلا تغيير الشكل والاسم فقط دون المحتوى، فالمناهج التعليمية لم تتغير، وكفاءة المدارس والمدرسين لم تتحسن، وإنما أرادت الوزارة التخلص من عبء امتلاك طالب الابتدائية لشهادة تعني اعتراف الدولة بتمتعه بمهارات معينة، في حين أن الطالب لا يتمتع بهذه المهارات حقيقة.
الأبرز في 2017 للسيد الوزير هو «هوجة» المدارس اليابانية، فبعد أسبوع من بدء الدراسة بها، أعلن الوزير أن من تم قبوله من طلاب ومعلمين وكل إجراءات تشكيل المدارس المصرية اليابانية تعتبر ملغية «كأنها لم تكن»، وقرر تأجيل الدراسة بهذه المدارس لأجل غير مسمى، مُعللاً ذلك بأنه جاء انتظارًا لتحقيق نتيجة أفضل واختيار معلمين أكثر كفاءة، بعد تعليمات السيسى لشوقي بضرورة تشكيل لجنة لاختيار الطلاب والمعلمين لهذه المدارس، والاستعداد للدراسة بجودة 100%، رغم أن هذه اللجنة كانت قد شُكلت من قبل واختارت المعلمين والطلاب.
بسبب ذلك كثر الحديث عن اختلاف بين الجانبين المصري والياباني؛ لرغبة المصريين في زيادة مصروفات المدارس على غير رضا من اليابانيين، فأسرع الوزير لنفي هذا الأمر،موضحًا أن الوزارة لم تتلق منحة من الجانب الياباني، بل كان قرضًا ميسرًا يُسدد على 30 عامًا للدعم الفني وتدريب المعلمين فقط، بينما تكفلت الدولة ببناء المدارس وتجهيزها، ودفع رواتب المعلمين ومكافآتهم، وتكلفة التشغيل والصيانة والأدوات المدرسية، لتصل تكلفة الطالب بهذه المدارس إلى حوالي 16 ألف جنيه، لذا من الصعب أن تكون مجانية وإلا فستفشل فى السنة المقبلة لعدم وجود موازنة لها، كما أنها لا تتماشى مع رؤية السيسي، «ولازم نستنى على الطبخة لحد ما تستوي ومنستعجلش». على حد تصريحه.