قراصنة ألعاب الكمبيوتر: دور الناشرين وحقوق الملكية الفكرية
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
الجزء الأول من المقال «قراصنة ألعاب الكمبيوتر: المعدلات والدوافع»: هنا
سباق أسلحة إدارة حقوق الملكية الرقمية
بالنسبة إلى «أوفر-كل» والقراصنة الآخرين على r/crackstatus فإن لاعبًا جديدًا بدأ يفسد نظامهم. بإطلاقه في 2014، برز برنامج دينوفو لمكافحة التلاعب كأداةٍ جديدة ضد القرصنة لمطوري الألعاب– وموضوعًا للنقاش يهيمن الآن على r/crackstatus. تنتحب الكثير من المنشورات على حصانة دينوفو ضد القرصنة، مع توقع العديد من المعلقين موت القرصنة نفسها. في أعلى الـ subreddit تم إعداد قائمة تضم جميع الألعاب التي تستخدم دينوفو تحت وسم «غير مقرصنة».
«هنا نقطة مهمة: مكافحة التلاعب ليست إدارةً لحقوق الملكية الرقمية – نحن لا ندير أية حقوق، يحدث هذا من قبل منصة اللعبة كتحققٍ معياري لمرة واحدة. تكمن الحصانة في تصعيب التحايل على إدارة حقوق الملكية الرقمية تلك بوجود طبقة الحماية الخارجية الخاصة بنا لمكافحة التلاعب». هكذا يخبرني «رينارد بلوكوفيتش»، المدير التنفيذي وأحد مؤسسي دينوفو بعد أن أشرت عدة مرات إلى المنتج الرئيسي لشركته باعتباره إدارةً لحقوق الملكية الرقمية.
«بالأساس، steam أو Uplay هما إدارة حقوق الملكية الرقمية للألعاب التي يتم شراؤها من هذين المتجرين. حينما تشغل لعبة، فإن تطبيق steam على حاسبك يتواصل مع خوادم steam للتأكد من أنك قمت بالفعل بشراء نسخة من اللعبة. حينما ينجح القراصنة في قرصنة لعبة، فإنهم يقومون بخداع خوادم steam باستخدام دليل شراء مزيف، إنه ذلك التواصل الخادع هو ما يعمل دينوفو على منعه».
رغم أن بلوكوفيتش يخبرني أن دينوفو هو منتجٌ جديد تمامًا يقوم على معماريةٍ جديدة، إلا أن العديد من العقول التي تقف خلفه ساعدت في تطوير «سيكيوروم SecuROM»، أحد أقل نظم إدارة حقوق الملكية الرقمية شعبية. على مر السنوات، تقبل لاعبو الحاسب فكرة أن إدارة حقوق الملكية الرقمية تأتي عادةً مع نوعٍ من العواقب تقع على العملاء المشترين في حين يتجنبها القراصنة بعناية – هذا هو أحد الأسباب وراء اكتساب سي دي بروجكت وجوج للكثير من الرصيد الإيجابى لانحيازهم إلى الإصدارات الخالية من إدارة حقوق الملكية الرقمية. «برامج الحماية مثل دينوفو تؤذي حتى المستخدمين الشرعيين لأنهم يعانون من معدلات إطارات وأخطاء تشغيل عشوائية أقل وأشياء من هذا القبيل»، على حد قول أوفر-كل.
بدا أن الشائعات المبكرة تؤكد هذه المخاوف حينما ادعى مستخدمون أن دينوفو كتب وأعاد كتابة أحجام ضخمة من بيانات التشفير ودمر أقراصًا صلبة. تبين لاحقًا زيف هذه الشائعات بكل المقاييس. أما بالنسبة لمعدلات الإطارات الأقل، فإن بلوكوفيتش يختلف مع ذلك.
«في الوقت الذي نبذل فيه جهدًا كبيرا للتأكد من أن برنامج مكافحة التلاعب لا يتم اختراقه بسهولة، ما هو أهم لدينا هو ألا يتأثر المستخدم الذي دفع أموالًا»، قال بلوكوفيتش. «هناك بعض المفاهيم الخاطئة مفادها أن نسخة الحماية سوف تضيف دائمًا حملًا على أداء الألعاب المحمية. البعض يقول إن هذا من المسلمات لأنك تضيف كود حماية للعبة وهذا بالتأكيد يتسبب في انخفاض الأداء … نحن نقوم فقط بتعديل أجزاء من اللعبة لا تكون فعالة خلال اللعب النشط، كشاشات التحميل أو عند بدء اللعبة. بهذه الطريقة يظل كود اللعب الفعلي كما هو تمامًا … مما لا يتسبب فى أى انخفاضٍ للأداء».
أيا كانت العواقب الواقعة على المستخدمين القانونيين، سواء كانت حقيقية أو متخيلة، يبدو أن دينوفو يقوم بوظيفته على أكمل وجه. تنمو قائمة الألعاب غير المقرصنة التي تستخدم دينوفو على r/crackstatus باطراد. وفي ذلك المكان غير المتوقع أجد منطقة يتفق فيها بلوكوفيتش وأوفر-كل على شيءٍ ما: هيمنة دينوفو لن تستمر إلى الأبد.
«يجتهد القراصنة في اختراق حماية دينوفو وقد حصلوا على نتائج جيدة للغاية ويسعون بقوة نحو هدفهم … يجب أن يفهم الناس أن القرصنة لن تموت أبدًا»، يقول أوفر-كل قرب نهاية حوارنا. «ربما يستغرق الأمر وقتًا لعودة القرصنة، لكنها ستعود أقوى من أي وقتٍ سابق».
«بالرغم من أن هناك حديثًا عن أننا قد نمنع القرصنة كليًا»، يقول بلوكوفيتش، «إلا أن لدينا رؤية أكثر واقعية: ينصب تركيزنا على مساعدة الناشرين فى تأمين نافذة المبيعات الأولية لألعابهم، وبالتالي تأخير القرصنة».
انتهى الأمر بتصريح بلوكوفيتش بأن أصبح تنبؤيًا أكثر مما توقع. فبعد أيامٍ قليلة من لقائنا استطاع مخترق يدعى فوسكى إيجاد ثغرة تجاوزت دينوفو ببساطة، متيحًا للمجموعة نسخًا مقرصنة للعبتي دووم و إنسايد قابلة للعب. خلال يوم أو نحو ذلك، استطاعت دينوفو إصلاح الثغرة.
تزامنًا مع نشر هذه المقالة، تدور الأخبار عن أن دينوفو قد تم اختراقه، هذه المرة في لعبة Rise of the Tomb Raider، والتي تم إصدارها في يناير/كانون الثاني. بعد حوالي عام من الجمود، يعاود صراع التسلح بين دينوفو ومجتمعات القراصنة إلى التسارع. للاحتفال، عمد المشرفون على r/crackstatus إلى تغيير عنوان قائمة ألعاب دينوفو من «غير مقرصنة» إلى «تم قرصنتها»، كما فاض الـsubreddit بروابط جديدة والسعادة بذلك الانتصار الصغير.
على الرغم من ذلك، من زاوية أخرى، فإن حتى سباق التسلح يسير حسب قواعد دينوفو. لا يحاول دينوفو والناشرون القضاء على القرصنة إلى الأبد. إذا كانت دينوفو تستطيع حماية كبار الناشرين من القرصنة خلال نافذة الإصدار الأولية والشهور التالية مباشرةً، فسيكون الناشرون قد نجحوا في جمع إيرادات إطلاق اللعبة. «يمكننا رؤية الكثير من المنشورات في منتديات القرصنة مثل ريديت وغيره لأشخاصٍ يقولون إنهم قاموا بشراء اللعبة لعدم توفر نسخة مقرصنة. نرى مثل هذه المنشورات عن كل لعبة نقوم بحمايتها»، يقول بلوكوفيتش، «هذه ردود فعل مباشرة وإيجابية للغاية بالنسبة لنا وتظهر أننا نقوم بشيءٍ صحيح».
القرصنة كدعاية
تكتسب دينوفو والبرامج المشابهة شعبيةً في أوساط ناشري الألعاب الحريصين على حماية استثماراتهم الضخمة. ولكن منذ أن أعاد التوزيع الرقمي هيكلة عالم تطوير الألعاب، لم يعد الناشرون الكبار يشكلون الصورة الكاملة. فالألعاب المستقلة والاستديوهات الصغيرة مسؤولة عن انفجارٍ ضخم للأفكار والإبداع في الألعاب. يتم إصدار بعض هذه الألعاب مجانًا أو بمقابل رمزي، ويمكن أن يكون النجاح المتوقع للألعاب المستقلة المميزة هائلًا. لدى صانعي الألعاب المستقلة دافع أكبر لحماية أعمالهم.
على الرغم من ذلك فإن معظم صانعي الألعاب المستقلة ليست لديهم رفاهية التفكير بإدارة حقوق الملكية الرقمية، حسب «رامى إسماعيل»، أحد الأعضاء المؤسسين لفريق التطوير المستقل فلامبير Vlambeer. لا ترغب فرق التطوير المكونة من شخص أو اثنين في توفير دعمٍ فني لنسخٍ مسروقة، ولا يريدون إضاعة أي قدر من وقتهم الثمين في ابتكار نظاٍمٍ جديد إدارة حقوق الملكية الرقمية. بدلاً من ذلك فإنهم يلجأون للخيار المعتاد: إصدار ألعابهم في متجرٍ إلكتروني يأتي عادةً مع حماية إدارة حقوق الملكية الرقمية لذلك المتجر.
تعد نظم إدارة حقوق الملكية الرقمية المزودة من قِبل طرف ثالث مثل دينوفو باهظة التكلفة بالنسبة للفرق المستقلة، حسبما يخبرنى إسماعيل. «بشكلٍ عام توجد إدارة حقوق الملكية الرقمية لإقناع الناس بألا ينتظروا القرصنة وليس إيقاف القرصنة». «إنه شيء يغير عرض القيمة: هل تريد أن تلعب الآن، أم تريد أن تلعب مجانًا؟. بالنسبة للألعاب ذات الميزانيات الضخمة، فيوم الإصدار هو حدثٌ ضخم. وبالنسبة للألعاب المستقلة، فيوم الإطلاق هو أحد الدفعات الطفيفة التي يتلقونها من الإصدار، والمبيعات، ومحتوى الفيديوهات، والمجتمعات الأونلاين وسواها. ببساطة إدارة حقوق الملكية الرقمية لم تبنى لذلك». يقول رامي إسماعيل
لو أنك أنفقت ملايين الدولارات لتطوير لعبة، فإن حصول آلاف الأشخاص مجانًا على لعبتك ذات الـ 60 دولارًا هو كابوسٌ بالنسبة للأرباح. في الواقع فإن ميزانيات الدعاية الضخمة بما يكفي لإجبار «ليام نيسون» على الظهور متذمرًا في محاكاةٍ نصف متقنة لحديثه في فيلم تيكن Taken لصالح لعبة تجارية شعبية تصل إلى الجميع، حتى هؤلاء الذين لا يلعبون أو لا يبالون بلعبتك تحديدًا.
لكن مطوري الألعاب المستقلة لا يعيشون في ذلك العالم. بالنسبة إلى المطورين الصغار، فإن حصول الآلاف على لعبتك ولعبها والحديث عنها ليس كابوسًا، إنه الدعاية التي يحلمون بها ولا تستطيع ميزانية الدعاية شراءها. من هذا المنظور، تبدو مواقع التورنت كأكثر منافذ التسويق فعالية وجدت على الإطلاق.
«مع صعوبة جذب الانتباه، يجادل البعض بأن القرصنة لها تأثيرٌ إيجابي. لم أعرف أبدًا كيف أشعر تجاه تلك الفكرة»، يقول إسماعيل. «أعتقد أن الامر متروك للمطور لاكتشاف ما هو شعوره تجاه الفرصنة. بالنسبة إلينا، نحن ندرك أننا نصنع ألعابًا في سوقٍ عالمي يحتوي على اقتصادات مختلفة بشدة ولأشخاصٍ مختلفين– إذا كان شخصٌ ما لا يستطيع تحمل كلفة ألعابنا، فلا نريد أن نقف في طريقه».
ذهب بعض المطورين إلى حد إعطاء نظام القرصنة دفعة صغيرة، فقط لتستمر العجلة بالدوران كما كانت. «إنه ليس خارجًا عن المألوف»، يجيب إسماعيل عند سؤاله عن مطوري الألعاب الذين يقومون بتحميل ألعابهم على مواقع القرصنة أو برامج التورنت .«هوت لاين ميامى و ماك بيكسل قاما بذلك، الكثير من مطوري الألعاب المستقلين يدركون قوة القرصنة. لقد سمعت أشخاصًا يجادلون بأن اللعبة لا تعد ناجحةً حتى تتواجد على التورنت، وهناك طريقة واحدة شديدة السهولة لضمان تواجدها هناك».
ساعد الدعاية المتنامية بواسطة اللاعبين أنفسهم وإشارة كبيرة تعبيرًا عن النية الحسنة صغار مطوري الألعاب هؤلاء في أن يصبحوا مطورين كبار. شهدت سي دي بروجكت ارتفاع مبيعاتها باطراد مع كل إصدارٍ جديد من سلسلة ذا ويتشر، وهو ما يعزوه لوينسكي إلى النية الطيبة للمعجبين. «هل تزيد حقيقية أنه من الأسهل قرصنة ألعابنا جمهورنا؟، لا أعلم»، يقول لوينسكي، «لكنني أعلم يقينًا أن صناعة ألعاب غنية بالمحتوى وسهلة التثبيت والتحديث وتعمل بدون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت قد حقق ذلك بالتاكيد. تم ترسيخ الكثير من الثقة بفضل انحيازنا لنهجٍ خالٍ من إدارة حقوق الملكية الرقمية ودعمٍ فني قوي لكلٍ من ذا ويتشر 2 وذا ويتشر 3 بعد الإصدار. لقد بعنا ستة ملايين وحدة من ذا ويتشر 3 في الأسابيع الستة الأولى، هذا عددٌ كبير من اللاعبين بالخارج يثقون بنا ويدعموننا بأموالهم».
التفاعل مع العملاء بتلك الطريقة وبناء ثقة عبر السنوات هو أبطأ وأصعب في شرحه لمجلس إدارة، يقول لوينسكي، ولكن النتائج على المدى الطويل بالنسبة إلى سي دي بروجكت تستحق المحاولة. «التفاعل هو ضمانٌ للمستقبل وهناك المزيد والمزيد من الشركات التي تنتهج ذلك النهج – الجزرة،لا العصا، سوف نختار الجزرة دومًا».
بالطبع، لا يختار جميع صغار المطورين دعم القرصنة، ودعمك للعبة ما بحد ذاته لا يجعل القرصنة العلنية أكثر تقبلًا من القرصنة الصامتة. يحتاج المطورون المستقلون إلى أنصار، لكن تسليط الضوء لا يسدد تلقائيًا الإيجار من خلال المزيد من المبيعات الشرعية. ترتبط القرصنة في 2016 حاليًا بقضيةٍ أخرى:إعادة بيع كلمات التفعيل، والتي تتضمن عادة بيع كلمات سر «مسروقة» تم الحصول عليها من خلال بطاقات ائتمان تم الحصول عليها بطرقٍ احتيالية. كلمات التفعيل التي يتم إعادة بيعها من خلال أسواقٍ مثل G2A و kinguin هي مدفوعة الثمن، ولكن إذا كانت عملية الشراء الأصلية احتيالية، فإن النتيجة النهائية بالنسبة لمطوري الألعاب مماثلة تقريبًا للقرصنة.
إن الحاجة إلى مبيعاتٍ قانونية للألعاب تستطيع دفع الرواتب هي صلب الأمر. بالرغم من أن القرصنة في 2016 تبدو مختلفة عما كانت عليه عام 1999، إلا أن الأزمة الرئيسية قد ظلت كما هي: من أجل تطوير ألعاب ٍعظيمة، يجب أن يُدفع للأشخاص الذين يقومون بتطويرها كي يكرسوا وقتهم لصناعتها. أيًا كانت ماهية التكنولوجيا التي ستهزم أو تستبدل دينوفو في المستقبل، فإن هذه الحقيقة سوف تظل قائمة.