10 لوحات توضح مفهوم العزلة بعين إدوارد هوبر

إدوارد هوبر هو رسام أمريكي واقعي يصور المشاهد العادية من حياة المدن، حيث استطاع أن يلتقط عبر الرسم لحظات الاغتراب والتيه والعزلة التي تواجه حياة الإنسان في المدن الحديثة، وتأثر بأستاذه «روبرت هنري»، عندما كان يدرس في مدرسة نيويورك للفنون.

العزلة، والوحدة، والغربة، يشكلون ثلاثة أضلاع المثلث الذي يعتمد عليه هوبر في لوحاته. عاصر إدوارد هوبر التحول الكبير لأمريكا في القرن العشرين، فأصبحت لوحاته كنقطة مقابلة لفكرة الحلم الأمريكي كانتقاد للمجتمع الأمريكي. رغم رفضه أن يقال عنه إنه يصور أمريكا، وتأكيده أنه يرسم عن ذاته الداخلية، تبدو شخصياته وكأنها بعيدة عن الوطن، وكأن لوحاته ملاذ للذين فشلوا لأسباب نبيلة في العثور على مكان خاص بهم في العالم العادي.

إدوارد هوبر فنان غزير الإنتاج، هذه 10 لوحات من بعض أبرز أعماله توضح مفهوم العزلة بعينه.

1. صقور الليل (1942Nighthawks)

لوحة «صقور الليل» هي واحدة من أشهر لوحات هوبر، وأكثر الأعمال شهرة في الفن الأمريكي، يقال إنه رسمها بعد قراءته لرواية «القتلة» لـ«أرنست همنجواي»، واستوحى هوبر المطعم من مطعم حقيقي في قرية جرينتش بنيويورك. إن عدم التفاعل بين الشخصيات هو توقيع هوبر على اللوحة.

2. شمس الصباح (Morningsun, 1952)

في صباح أحد الأيام، تجلس امرأة على السرير مواجهة الشمس بوحشية، مرتدية فستانًا برتقاليًا، وتثني يديها حول ساقيها، بينما راحت تحدّق خارج النافذة، التي تتسلّل عبرها خيوط الضوء، لتطبع وجهها ويديها باللون الأرجواني. تنظر من النافذة لكنها تبدو كأنها تحدق في اللا شيء، تضم ساقيها بيديها علامة على شعورها بالاغتراب والوحدة، غارقة في أفكارها. يشير الجدار العاري وارتفاع مستوى الغرفة فوق الشارع إلى قلة وعزل الحياة الحضرية.

3. حجرة في نيويورك (Room in New York, 1932)

في لوحة «حجرة في نيويورك» نرى زوجين من خلال النافذة، الزوج يقرأ الجريدة، بينما الزوجة تحاول لفت الانتباه في محاولة يائسة بإمرار أصابعها على البيانو، نلاحظ أن رجلها تميل إلى الزوج دلالة على رغبتها في الحديث معه، تبدو مسافة الطاولة الدائرية القصيرة التي تبعد بين الزوجين كالمسافة بين شاطئين.

4. المطعم الآلي (Automat, 1927)

عُرِضَت لوحة «المطعم الآلي» لأول مرة في يوم عيد الحب عام 1927 عند افتتاح المعرض الفردي الثاني لـ«إدوارد هوبر». تصور اللوحة امرأة وحيدة تحدق في فنجان القهوة، مرتدية ملابس أنيقة كأنها ذاهبة إلى العمل أو تنتظر أحدًا ما، خلعت قفازها دلالة على أنها مشتتة.

5. فيلم نيويورك (New York Movie, 1939)

عبر هوبر عن تجربة السينما في لوحة «فيلم بنيويورك» نرى فتاة تقف في ردهة الصالة، بينما ما زال الفيلم في منتصفه، نشعر من خلال وقفتها بعدم ارتياحها، وشعورها بالاغتراب، رغم جمال قاعة السينما وأناقتها التي صورها هوبر ببراعة.

صمم هوبر ديكور القاعة بدقة متناهية، حيث رسم السجاد والسلالم والصالة مرارًا وتكرارًا حتى يجعلها خلابة مثل العالم الحديث.

6. مقطورة سي (Compartment C Car, 1938)

فتاة جميلة تنظر في كتاب ما بين يديها، وهي جالسة في مقطورة قطار يشق طريقه عبر المناظر الطبيعية، يسود الصمت في داخل المقطورة، بينما تضرب العجلات في إيقاع منتظم ضد القضبان في الخارج، تبدو الفتاة منشغلة بأفكارها أو ذكرياتها الخاصة، ولكنها تقلب في الكتاب في محاولة منها لتشتيت أفكارها، كأنها متورطة في نفسها!

أعتقد أن هوبر وفق في اختيار القطار كوسيلة نقل، فمن بين جميع وسائل النقل ربما يكون القطار هو أفضل وسيلة للتفكير.

7. ناس في الشمس (People in the sun, 1960)

نزلاء فندق أغرتهم أشعة الشمس وجمال الطبيعة بالجلوس في الفناء، كل واحد منهم يجلس مع أفكاره وعالمه حتى أنهم ما عادوا يلاحظون المشهد من حولهم، مرتدين ملابس أنيقة، كعادة نزلاء الفنادق والطبقة الراقية لإثارة إعجاب بعضهم البعض، لكن الآن لا يبدو أن هناك من يلاحظ أو يهتم، يبدون كمن فقد الشعور بالزمن وما حولهم، جالسون بملابسهم الثقيلة تحت أشعة الشمس الدافئة، كمن يريد تسليم نفسه للشمس، يكشف ضوء الشمس كل شيء. وجههم المتجهم، حياتهم العاطفية حتى مشاكلهم الذهنية. ما عدا رجل ينفرد عنهم، يجلس وراءهم بقليل، يقرأ كتابه بكل ذهنه.

8. منزل بجانب السكك الحديدية (House by The Railroad, 1925)

حتى المنازل لم تخلُ من الشعور بالاغتراب لدى هوبر، يصور هوبر منزلًا وحيدًا في عزلة، فباستثناء السكك الحديدية هو وحيد، لا يحيطه بيوت ولا معمار، تشرق الشمس، وتلقي أشعتها عليه فيبدو كأنه يغرق في الظلام أكثر.

9. رحلة في الفلسفة (Excursion Into Philosophy, 1959)

لوحة رحلة في الفلسفة لـ«إدوارد هوبر».

دائمًا ما كان الضوء يلعب دورًا مثيرًا في لوحات هوبر بداية من لوحة «شمس الصباح» و«ناس في الشمس»، وليس انتهاء بـ«رحلة في الفلسفة». اعتبر هوبر الضوء كعنصر مهم، فهو يرسم أشخاصًا يجلسون، يقفون، وينتظرون في ضوء الشمس أو في غرف تكون فيها الأشكال المجردة للضوء مرئية على الجدران.

في هذه اللوحة رسم رجلًا يجلس على سرير، بينما ترتاح امرأة نصف عارية خلفه، بجانبه كتاب مفتوح لـ«أفلاطون»، ويبدو على وجهه التجهم، والذي يجعلنا نتساءل: هل يفكر في الفلسفة التي قرأها في الكتاب أم يفكر في حقيقته هو؟

10. نوافذ الليل (Night Windows, 1928)

في لوحة «نوافذ الليل» يشعر المشاهد بأنه يتلصص على المرأة، من نقطة بالخارج، وهي تقوم بشئونها الخاصة وأمور حياتها اليومية المملة، كمحاولة منه للشعور بالأنس. يعرض في اللوحة التغيرات في المدينة الأمريكية الحديثة، كالتجسس على الحياة الحميمة للغرباء، للتغلب على الشعور بالوحدة والعزلة.

على الرغم مما في عالمه من غرابة وعزلة، فإنه حاول أن يستكشف الجمال المخفي عنا في الحياة اليومية، كالأمل الضعيف مثل ضوء الشمس الذي يغمر لوحاته، رغم عدم التفاعل بين الشخصيات فيها.