عملية عوفرا: الكبار يموتون والصغار يستمرون في المقاومة
صمت رصاص المقاومة في مستعمرة عوفرا بعد أن جدد التأكيد على استمرارية المقاومة وجدد العهد للبندقية، وبدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي عملية بحثٍ واسعة وصلت لأبواب منزل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ولم تكتف بالبحث في محيط المنزل فحسب بل اقتحمت مباني حكومية منها وكالة الأنباء الرسمية.
عمليات البحث الإسرائيلية لم تتوقف للحظة، وترافقت معها اشتباكات مع الشبّان العُزل الذين حاولوا التشويش على سير عمليات البحث الإسرائيلية على المقاومين الذين نفذوا عملية عوفرا البطولية، في وقت اختفت فيه الأجهزة الأمنية الفلسطينية التابعة لرئيس السلطة، حيث تركت الطريق مفتوحًا أمام قوات الاحتلال للبحث عن المقاومين.
في ذلك الوقت كان المقاوم قد عاد يمارس حياته بشكل طبيعي وعاد للعمل على مركبة لنقل الركاب، وظل هذا المقاوم خفيًا في الظل حتى مساء الأربعاء 12 ديسمبر/ كانون أول حين هاجمت وحدة مستعربين خاصة مركبة كان يقودها الشهيد صالح البرغوثي، وأطلقت النار عليه عقب فشلها في اعتقاله ثم اختطفت جثمانه.
وجه الاحتلال الإسرائيلي للشهيد صالح تهمة المسؤولية عن عملية عوفرا البطولية وزعمت اعتقال آخرين. صالح ارتقى شهيدًا سائرًا على طريق أبيه عمر، الذي قضى 30 عامًا في زنازين الاحتلال الإسرائيلي، وعمه الأسير نائل البرغوثي الذي يقبع في سجون الاحتلال منذ عشرات السنوات، وخاله الأسير المُحرر المُبعد لغزة جاسر البرغوثي.
ذات يوم قالت غولدا مائير رئيس وزراء الاحتلال مقولة قبل عشرات الأعوام عن الشعب الفلسطيني: «الكبار سيموتون والصغار ينسون»، صالح داس هذه المقولة الإسرائيلية وطرح معادلة قديمة من جديد وهي أن «طريق الآباء يكمله الأبناء»، المعادلة التي ارتقى فيها الشهيد أحمد جرار.
بات الشعب الفلسطيني على ألمٍ كبير أصابه، فقد رحل الصالح فينا، رحل صالح البرغوثي، حتى ساعات الفجر الأولى، حين أفاق الشعب على جريمة جديدة وعلى مصيبة كبيرة؛ قوات الاحتلال الإسرائيلي تحاصر بيتًا في مدينة نابلس وتشتبك مع أحد المقاومين هناك، ومع بزوغ فجر الخميس كشف الاحتلال أنه اغتال الشهيد العشريني أشرف نعالوة.
شاب دوّخ أجهزة الأمنية الإسرائيلية أكثر من شهرين وفي كل مرة كان يحاول الاحتلال ملاحقته كان يكتب الله له النجاة، شاب وضعت المنظومة الإسرائيلية اسمه على رأس المطلوبين ونشرت مئات الجنود وعشرات المدرعات تبحث عنه وتتتبع خطاه عقب تنفيذه عملية في مستعمرة بركان، التي أسفرت عن مقتل مستوطنين اثنين.
ولد أشرف في عهد «اتفاق أوسلو» لكنه مطلقًا لم يؤمن به يومًا ما، اعتقل الاحتلال أباه وأمه للضغط عليه كي يقوم بتسليم نفسه إلا أنه أصر على إكمال طريقه، ارتقى وهو يقرأ كتاب «صراع الظلال» وهو أحد إصدارات الدراسات الأمنية الفلسطينية التي تتحدث عن أساليب أجهزة المخابرات في استجواب الأسرى الفلسطينيين.
لآخر لحظة استعد أشرف لقوات الاحتلال أسيرًا كان أو حتى شهيدًا، رحيل المقاومين أشرف وصالح آلم الشعب الفلسطيني؛ الذي اتّشح صباح فلسطين بالسواد حزنًا على الشهيدين، حتى دقت الساعة الحادية عشرة والنصف.. سيارة فلسطينية مسرعة فتحت النار على مجموعة من جنود الاحتلال الإسرائيلي قرب مستعمرة جيفعات أوسيف، محيط مدينة رام الله، ثم ترجل منها أحد المقاومين وأطلق النار على جنود الاحتلال من نقطة الصفر، ثم انسحب المقاومان لأحشاء مدينة رام الله.
أطفأت عملية جيفعات أوسيف النار في قلوب الفلسطينيين، وأشعلت الأمل باستمرار المقاومة، وأطلقوا هاشتاغات لحماية ظَهر المقاوم وإزالة كاميرات المراقبة كي لا يصل قوات الاحتلال إليهم. وبعد ساعتين من العملية البطولية أعلنت كتائب القسام أن الشهيدين هما من أبناء الكتائب وأن في جعبتها المزيد من المفاجآت.