ليس ليفربول وحده: هؤلاء أيضًا قد يدمر كورونا أحلامهم
العالم في موقف صعب للغاية، وما يحتاجه الآن هو مصل يقضي على الكورونا، وليس مباراة كرة قدم بالطبع. المشكلة أن هناك مئات الآلاف من الجماهير حول العالم تشتاق بشدة للمباريات، بل إن الصحفي «ماكس روشدان» كتب أنه يحلم بمشاهدة أي جولة من جولات البريميرليج، حتى لو كان طرفيها هما إيفرتون وويستهام. ما لا يعرفه أن هناك من يتمنى أي مباراة، حتى لو جمعت وادي دجلة بالداخلية.
بدون شك، تأثر الجمهور والمتابعون سلبيًّا جراء هذا التوقف، لكن في الحقيقة هذا الأثر السلبي لا يقع بأكمله عليهم. فهناك فرق ولاعبون كانوا يقدمون موسمًا رائعًا، وبعضهم يعيش أحلامًا تأجلت لسنوات طويلة، ثم عرقل هذا الكائن اللعين كل شيء، وهو الآن يهددهم بسرقة تلك الأحلام.
طبعًا ليفربول أول هؤلاء المهدَّدين في حالة إلغاء موسم البريميرليج، لكن كتيبة «يورجن كلوب» ليست وحدها من تلعن الحظ في تلك الأيام، هناك آخرون لم يتصوروا هذا السيناريو في أكثر خيالاتهم تشاؤمًا، دعنا نتعرف عليهم.
تشيرو إيموبيلي: الفرصة التي لن تتكرر
يخلط البعض أحيانًا بين جائزتي الكرة الذهبية والحذاء الذهبي. الأولى تخضع لتصويت لجنة مكونة من المدربين والصحفيين، ويحصل الفائز بها على لقب اللاعب الأفضل خلال الموسم. أما الثانية، فلا مجال فيها للتصويت، ويحصل عليها اللاعب الذي سجل العدد الأكثر من الأهداف بالدوريات الأوروبية الكبرى.
أحد أسباب هذا الالتباس هو سيطرة الثنائي: ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو على كليهما، لكن هذا الموسم زاحمهما لاعب آخر على الجائزة الثانية على الأقل، اسمه تشيرو إيموبيلي، وهو يمثل نصف القوة التهديفية لفريقه لاتسيو.
قبيل توقف الدوريات، كان الدون قد سجل 21 هدفًا خلال 22 مباراة بالكالتشيو، أما ميسي فهز الشباك 19 مرة في 21 لقاء بالليجا، فيما إيموبيلي يتجاوزهما برصيد 29 هدفًا في 25 مباراة. المفاجأة أنهما ليسا أكثر من يلاحقه في هذا السباق، بل هو روبرت ليفاندوفسكي بـ25 هدفًا، لكن ليفا تعرض مؤخرًا لإصابة قد تبعده شهرًا عن الملاعب، مما حسَّن فرص مهاجم لاتسيو.
تشيرو يقدم أفضل مواسمه على الإطلاق، يظهر ذلك من خلال قدرته على تحويل الهجمات لأهداف سواء برأسه أو كلتا قدميه، إذ يمتلك دقة تصويبات استثنائية تتجاوز 82%، وتفوق تلك الخاصة بكرستيانو وليونيل هذا الموسم. كانت هذه فرصة لا تعوض لتشيرو كي يصنع لاسمه تاريخًا، لكن الكورونا وقف في طريقه.
باريس سان جيرمان: الآن؟ حقًّا؟
أنت على الأرجح تعرف أزمة باريس سان جيرمان جيدًا، هذا الفريق الذي سعى ملاكه نحو النجاح الأوروبي طويلًا، لكنه تعرض للإقصاء من دور الـ 16 خلال السنوات الأربعة الماضية، متلقيًا هزائم بعضها مذل ومهين للغاية.
وكلما خسر الباريسيون، هرول الملاك للتعاقد مع المواهب، وتكديس قائمة الفريق بأكثر النجوم بريقًا، ثم منحهم رواتب جنونية لا يتحملها أكبر أندية العالم. اشترى الملاك كل شيء تقريبًا، عدا الشخصية القوية، لذلك انهار فريقهم أمام الضغط، ودائمًا ما فقد اللاعبون التركيز خارج ملعبهم.
والحقيقة أن شخصية الأندية لا تشترى، ولكن تبنى على مدى السنوات والمواقف. كيف؟ حين يتعرض الفريق لخسارة، ثم ينجح في قلبها لفوز، وحين يتمكن من تعويض النجوم الغائبين والمصابين، وحين يواجه خصومًا أقوى ويصمد أمامهم. بتلك المواقف، يكتسب النادي شخصيته، ويراكم الخبرة.
هذا ليس كلامًا نظريًّا، والدليل على ذلك هو التطور الذي ظهر في شخصية باريس رفقة توماس توخيل. المدرب الألماني أراد الحصول على عقد طويل، ليعد فريقًا متماسكًا وقويًّا وليس لامعًا وحسب، ونجح بفضل أفكاره التكتيكية في خلق حالة توازن بين الدفاع والهجوم غابت كثيرًا عن باريس.
أصبح الفريق مع توخيل قادرًا على تعويض نجومه الأبرز في الخط الأمامي، ويحظى بصلابة في وسط الملعب بعد انتداب السنغالي القوي إدريسا جايا، مع وجود كايلور نافاس الذي يتفوق على حرَّاس مرمى النادي العاصمي.
في الموسم الماضي، نجحوا في الفوز على ليفربول، والصمود أمام نابولي بإيطاليا، وهزيمة مانشستر يونايتد عن جدارة في أولد ترافورد. أما هذا الموسم، فهزموا ريال مدريد بنتيجة ثقيلة: 3/0، ثم خرجوا بتعادل من قلب ملعب سانتياجو برنابيو ليحتلوا صدارة مجموعتهم.
قرعة دور الـ 16 أوقعتهم بمواجهة بوروسيا دورتموند، ليشرع المتابعون في التساؤل عن جاهزية باريس في العبور لربع النهائي. خصوصًا مع حالة الجدية التي بدت سمة في أداء رفاق نيمار مؤخرًا، وكأنهم أدركوا حقيقة أن هذا الجيل سيتفكك قريبًا بسبب التقدم في العمر أو الرغبة في خوض تجارب مختلفة.
بعد الهزيمة في ألمانيا صرح توخيل قائلًا: إنه لا داعي للقلق، وإن الوقت قد حان ليتحلى لاعبوه بالثقة. هذه المرة لم يخيبوا ظنه، وفازوا في لقاء العودة بنتيجة 2/0. كانت هذه لحظة مهمة جدًّا لباريس، وآخر شيء كان يتمناه ملاك النادي هو توقف كرة القدم. أتخيلهم الآن يتساءلون: «حقًّا؟! الآن سيتوقف العالم ؟! لماذا لم يفعل قبل هزيمة 7/1؟!»
طرابزون سبور: أكثر نحسًا من ليفربول
في الرابع عشر من مارس/آذار الجاري، كتب قائد منتخب نيجيريا، جون أوبي ميكيل، على حساب انستجرام أنه لا يريد لعب كرة القدم حاليًّا. وإن كنت لا تعرف، فميكيل كان يلعب لنادي طرابزون سبور التركي حتى فسخ عقده الأسبوع الماضي، والسبب؟ فيروس كورونا.
ربما لا تعلم عن طرابزون سبور سوى أن الثنائي المصري: أيمن عبد العزيز، وسيد معوض سبق أن لعبا له، لكن عليك أن تعرف الآن معلومة أخرى هامة لتفسير لماذا فسخ جون عقده، وهو أن النادي التركي لم يفز ببطولة الدوري المحلية منذ عام 1984، أي قبل 36 عامًا كاملة من الآن.
وخلال كل تلك الفترة، تراجعت قوة طرابزون لصالح المنافسين الأبرز: جالاتاسراي، فناربخشة، وبشكتاش، حتى يعود تاريخ آخر بطولة توج بها النادي لعام 2010، مكتفيًا بالتأرجح في الدوري بين المقدمة والوسط، حتى تم إيكال مهمة تدريب الفريق للاعب الفريق السابق حسين جمشير.
تولى حسين المسئولية مطلع هذا العام، واستغل الحالة الفنية الجيدة للفريق منذ بداية الموسم، ليقودهم في 13 مباراة بدون أي هزيمة، بل يحقق الفوز مرتين على فناربخشة، بمعدل نقاط يفوق 2.3 من أصل 3. ليجد أنصار طرابزون فريقهم يتربع على صدارة الدوري، ويبتعد بالنقاط عن المنافسين التقليديين الذين لا يعيشون أفضل أوقاتهم، ويشعر البعض أن الوقت قد حان لبطولة طال انتظارها.
فجأة، تعلن تركيا في الحادي عشر من مارس/آذار عن الحالة الأولى المصابة بالكورونا. تتوقف الدوريات من حولهم، وتنقسم الصحافة حول استكمال وإيقاف المسابقة المحلية، ليفقد رئيس نادي طرابزون سبور، أحمد أغاوغلو، أعصابه ويشرع في الحث على استكمال المسابقة بأي وسيلة.
أطلق أغاوغلو تصريحات عديدة، ربما يكون أبرزها هذا التصريح، لكن جون ميكيل لم يتفق معه ونشر على حسابه ما يفيد رغبته في إيقاف الدوري خوفًا على حياة اللاعبين وأسرهم، هذا المنشور سيتسبب في خلاف حاد بين اللاعب ورئيس ناديه وسينتهي بفسخ النيجيري تعاقده.
حاول الرئيس إقناع اتحاد كرة القدم بفكرة استكمال المباريات بدون جمهور، لكن طلبه قوبِل بالرفض، وتم تأجيل الدوري كله لأجل غير مسمى. حتى الآن لم تلغَ المسابقة، لكن لو صدر قرار بالإلغاء فإن أغاوغلو وأنصار طرابزون سيصابون بخيبة أمل لا تتخيل، وسيتفوق ناديهم على ليفربول في سوء الطالع.
أتالانتا: إلى برجامو لا استسلام أبدًا
نكتب تلك السطور في الوقت الذي تعلن فيه إيطاليا عن وفيات اليوم، يقول تقرير الحماية المدنية إن 919 حالة لقيت مصرعها جراء الإصابة بالكورونا، هذا الخبر الحزين والرقم المرعب دفعنا لنتذكر نادي أتالانتا.
لماذا أتالانتا دون غيره؟ ﻷنه النادي الذي يمثل مدينة برجامو، وهي إحدى أكبر بؤر العدوى داخل إيطاليا، لذلك يشكل سكان المدينة نصيبًا كبيرًا من أعداد المصابين الهائلة، وللأسف هناك احتمالية كبرى لأن يكون من بينهم كثير من جمهور نادي أتالانتا.
هذا ما اعترف به صراحة السيد جورجيو جوري، عمدة برجامو، بعد أسبوع كامل من مباراة فريقهم أمام فالنسيا بذهاب دور الـ 16 في دوري الأبطال، بل إنه وصف المباراة بالقنبلة البيولوجية التي ربما تؤدي لإصابة ما يزيد عن 40 ألف من جمهور أتالانتا بالكورونا.
المفارقة التراجيدية أن هذه كانت واحدة من أهم المباريات في تاريخ الفريق الإيطالي، إذ كانت بوابته لوضع قدمه بربع نهائي دوري الأبطال لأول مرة، ومزاحمة كبار القارة الأوروبية، رغم أن كثيرين لم يتوقعوا له أن يتأهل أصلًا من دور المجموعات، لكن نجح أبناء المدرب جيان بييرو جاسبيريني في إثبات العكس.
في الحقيقة معجزة جاسبيريني مع أتالانتا لم تبدأ هذا الموسم، بل حين أنهى الموسم الماضي ضمن الفرق المؤهلة لدوري الأبطال، ثم لم يستسلم حين أوقعته القرعة مع فرق تحظى بإمكانيات أفضل وتاريخ أكبر كمانشستر سيتي وشاختار دونتسك.
بدأ الفريق الإيطالي البطولة الأوروبية بثلاثة هزائم متتالية، ليظن الجميع أن فرصتهم في الصعود مستحيلة، لكن المستحيل تحول لواقع حين أمطر رفاق أليخاندرو جوميز شباك شاختار بثلاثة أهداف نظيفة في قلب رومانيا، ليخطفوا بذلك بطاقة التأهل بعد فوزين وتعادل أحرجوا فيه كتيبة جوارديولا.
منحهم القدر مواجهة تكاد تكون متكافئة مع فالنسيا، لكنهم قسوا على ضيوفهم بأربعة أهداف مقابل هدف تحت أنظار واحتفالات هذه الجماهير التي عادت لمنازلها في سعادة غامرة، قبل أن يطلق العمدة هذا التصريح المفجع.
على كل حال، أرسل لاعبو أتالانتا لهم رسالة بعد أن ضمنوا التأهل بعد مباراة العودة، قالوا فيها: «بيرجامو، لا استسلام أبدًا، هذا من أجلك». نتمنى فعلًا ألا تستلم برجامو، وتعود الجماهير في أسرع وقت للمدرجات.