ممنوع الاقتراب أو التصوير: لكن ماذا عن «جوجل إيرث»؟
الكثير منّا يستخدمون برنامج «جوجل إيرث – Google Earth» أو توأمه الخفيف «جوجل ماب – Google Map» للوصول إلى وجهته حينما يضلون الطريق، أو حينما يذهبون إلى مَكان لأول مرة، أو حتّى لمعرفة أفضل الطرق ونقاط الازدحام المروري.
لكنّ لجوجل إيرث وجهًا آخر لا يلتفت أغلبنا إليه، فبينما تسير بسيارتك وتفتح البرنامج المُثبت على هاتفك النقال، تجد يسارك أو يمينك موقع عسكري أو قاعدة جوية مُخصصة للطيران العسكري، موضوعٌ على سورها الشاهق أسلاك شائكة وكاميرات مُراقبة ولافتات جميعها تُحذِّرك من الاقتراب أو التصوير.
هل جربت أن تنقر على الموقع الظاهر على الشاشة وتضغط «تكبير – zoom»، ستُدهش، المطار العسكري الّذي لا تقدر على الاقتراب منه كاملاً أمام عينيك، تتجول داخله، ترى المدارج وحظائر الطائرات والمباني والطُرق الداخلية، وإحداثيات كلّ نقطة داخل الموقع، وكلّ شيء. ليس هذا وحسب، بل تستطيع أيضاً رؤية الماضي، تُأخذك مسطرة الزمن في جوجل إيرث لرؤية القاعدة العسكرية في أي عام تُريد، يُساعد ذلك الباحثون والمُتطفلون وأجهزة الاستخبارات في دراسة التغييرات التي طرأت على القاعدة العسكرية خلال السنوات الأخيرة، ودراسة النوايا العسكرية للدولة المالكة.
حتى القواعد العسكرية الإيرانية المخفية تحت الأرض لم تسلم، ففي العام الماضي ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية أن لدى الجيش الإيراني 100 طائرة مُسيّرة في قاعدة عسكرية تحت الأرض، في قلب جبال زاغروس.
المُثير أنّه بالبحث في جوجل إيرث ستجد إشارة إلى القاعدة العسكرية بالقرب من جبال زاغروس، بالطبع لا يستطيع المرء التأكد من صحة الموقع، ولن ترى شيئًا، فقاعدة المُسيّرات أسفل الأرض، لكن اللعبة مُثيرة.
جيش تايوان على الخريطة
في عام 2019 أدى تحديث نظام جوجل إيرث عبر الإنترنت إلى كشف مواقع عسكرية تايوانية سرية، عن طريق الخطأ.
كانت القاعدة العسكرية التي يُقال إنّها منشأة لصواريخ باتريوت واضحة وضوح الشمس، ولم يتم تنفيذ أي ضبابية لمنع الجمهور من مشاهدة الموقع في أوقات الفراغ. من الممكن رؤية الموقع الدقيق وتخطيط القاعدة العسكرية وهياكل البناء ومواقع قاذفات الصواريخ. وكذلك مكتب الأمن القومي التايواني ومكتب المخابرات العسكرية أصبحا مرئيين.
قال وزير الدفاع التايواني، إنّه تم تشكيل فريق عمل للعمل مع جوجل لصالح الأمن القومي. سيُطلب من جوجل طمس المواقع بينما يعمل الجيش على تحسين تمويه المواقع على الأرض.
صور ضبابية
في الولايات المتحدة، منعت وزارة الدفاع جوجل إيرث من عمل وعرض خرائط تفصيلية على مستوى الشارع (التجوّل الافتراضي) للقواعد العسكرية الأمريكية، التي ربمّا توضح مكان وجود الحُراس، وكيف ترتفع الحواجز وتنخفض، وكيفية الدخول إلى المباني والخروج منها.
الآن، (بشكل افتراضي) تعمل جوجل ومقدمو خدمات رسم الخرائط الآخرون مع الحكومات في جميع أنحاء العالم لطمس موقع المواقع السرية، بما في ذلك المواقع العسكرية. التي تظهر ضبابية في صور الأقمار الصناعية، أو يتم عرضها أحياناً بجودة أقل على خرائط جوجل إذا كان لديها وضع سري.
وبرغم ذلك هناك كثير من المنشآت العسكرية حول العالم يمكن مشاهدتها علناً على خرائط جوجل، مثل قاعدة نيليس الجوية الأمريكية.
في الأراضي المُحتلة؛ تظهر صور مفاعل ديمونة وقواعد عسكرية بدقة كبيرة، ويُمكن رؤية بعض التفاصيل.
جوجل تنتقم
في 18 أبريل/نيسان 2022، ظهرت آلاف المنشورات عبر موقع تويتر تزعم أن خرائط جوجل سمحت للمستخدمين برؤية المواقع العسكرية والاستراتيجية الروسية بما في ذلك مخازن الأسلحة النووية في كورسك، والمواقع شديدة السرية، ومراكز اختبار الطيران ومواقع إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والقواعد الجوية، كل ذلك بات معروضاً على خرائط جوجل بدقة تبلغ حوالي 0.5 متر لكل بكسل.
بدأت الزوبعة بتويتة من حساب ArmedForcesUkr (لم يتم التحقق منه ولكن تم الاستشهاد به عدة مرات من قبل الحساب الرسمي لوزارة الدفاع الأوكرانية).
اعتبر ذلك وقوفاً من جوجل بجانب أوكرانيا في حربها مع روسيا، لكنّ جوجل تصر أنها كانت دائماً متاحة مجاناً للجمهور، وأن الصور لا تمثل تغييراً في السياسة، وقال مُتحدث باسم جوجل: «إن الشركة لم تغير أي شيء في ؛ما يتعلق بطمس المواقع الحساسة في روسيا».
هل( يُساعد ذلك الجيش الأوكراني؟
الموضوع مُعقد، وأي افتراض سيكون تخمينًا. يُعتقد أن أوكرانيا تمتلك مثل هذه المعلومات، سواء تم جمعها باستخدام أنظمتها الخاصة أو أهدتها إليها دول أخرى، وتُركز أوكرانيا حاليًا على الحرب داخل حدودها، ولا يساعد مَعرفة مواقع القواعد الروسية كثيرًا على أي حال.
فتحت جوجل كنزاً للذين يجمعون المعلومات الاستخباراتية من تتبع المصادر المفتوحة، ففي أواخر فبراير/شباط 2022، قام مجتمع OSINT على تويتر بتصنيف الخسائر الروسية من خلال تحديد الموقع الجغرافية لصور الدبابات المدمرة والمركبات القتالية والطائرات.
«جوجل إيرث» للمباني من الداخل
يهدف الجيش الأمريكي من خلال مشروع (Google Earth on steroids) لإعادة خلق العالم بدقة عالية. وكشف أحد الباحثين العاملين في المشروع أنّه سيكون دقيقًا بما يكفي لرسم خرائط داخل المباني، وفي النهاية مدن بأكملها، التي يمكن استخدامها فيما بعد في التدريبات العسكرية الّتي تعتمد على المُحاكاة.
في حين أنّ المشروع قد يبدو للمطورين وكأنه كابوس، فإن التطورات الأخيرة في قواعد البيانات لصور الأقمار الصناعية وتكنولوجيا الطائرات من دون طيار التي يُمكنها مسح المُدن المُستهدفة جعلت المشروع حقيقة واقعة. في السابق كان بناء مدينة بحجم سان فرانسيسكو من الممكن أن يستغرق عامًا كاملاً ويُكلِّف الجيش أكثر من 1.7 مليون دولار وفقاً لتقرير Defense One، لكن باستخدام الأدوات والمعلومات الجديدة، في حوالي ثماني ساعات فقط استطاع الفريق إعادة بناء المدينة والتي يبلغ يقترب عدد سكانها من 900 ألف إنسان.
وسيكون النظام قادرًا على محاكاة الخصائص الأساسية للجدران، مثل ما إن كان يمكن اختراقها بواسطة متفجرة أو ذخيرة أو مركبة أم لا.
المصادر المفتوحة
الآن؛ بفضل التكنولوجيا يقدر المُهتمون والصحفيون على الوصول إلى معلومات (تبدو) سرية، أو استخدام المصادر المفتوحة والمتاحة للجميع للوصول إليها، وتتبع مسارات السُفن والطائرات المدنية والعسكرية.
- بعض أدوات تتبع الطائرات: (ADS-B.NL، Scramble، Radarbox).
- بعض أدوات تتبع السفن: (Marinetraffic، cruisin، Maritime-Database).
- صور الأقمار الصناعية: (Zoom Earth، NOAA Data Access Viewer، EOSDA LandViewer).