نيمار وميسي: الحيلة الأمثل لجذب اهتمام الأندية المصرية
أين «خليل نيمار»؟
استدعت الإجابة على هذاالسؤال أن يقتطع «أحمد عبد الحليم»، رئيس قطاع الناشئين الأسبق بنادي الزمالك، نحو 10 دقائق من وقته لإيضاح حقيقة هروب الناشئ «خليل حجاجي خليل» صاحب الـ16 عامًا آنذاك، دون علم ناديه من أجل الالتحاق بأحد الأندية الأوروبية، تحديدًا زيورخ السويسري.
كان «نيمار» المصري أحد أبرز مواهب الشابة عام 2016 في نادي الزمالك حسب بعض الروايات. ومن مجرّد ذكر لقبه ريما يمكننا توقُّع خصائصه كلاعب كرة؛ جناح يستخدم قدمه اليُمنى، خفيف الحركة، يمتلك قدرًا لا بأس به من المهارات الاستعراضية.
للأسف، لجأنا لذلك الاستنتاج الساذج مُرغمين؛ لأن اللاعب الذي سبق وأنّ وقَّع لأندية: «زيورخ السويسري»، «النجم الساحلي التونسي»، «الإسماعيلي المصري» لم يحظ بدقيقة لعب رسمية واحدة في أيٍ من تلك الأندية. في حين تقتصر سيرته الذاتية على مجموعة من المقاطع المقتضبة على «يوتيوب».
في الواقع، لا نعلم من أطلق لقب «نيمار» على «خليل»، لكن الأكيد أن اللاعب استفاد بشكل ما من هذا اللقب، لأن خبر هروب لاعب يدعى «خليل حجاجي خليل» عن نادي الزمالك لم يكن ليسترعي انتباه الكثيرين، أو هكذا نعتقد.
تيمنًا بـ«فلان»
نحّ القصة أعلاه جانبًا، مع وعدٍ أن نعود إليها مجددًا.
بمطلع القرن الـ20، نما مفهوم الفردانية، وقتئذٍ، بدأ الآباء في التخلُّص من القيود التي تفرض تسمية الأبناء بأسماء محددة. فمثلًا؛ بعام 1610، كان 44% من المواليد الذكور بإنجلترا يُطلق عليهم أسماء «جون»، «ويليام» أو «توماس». مع هذه الموجة من التحرُّر- إن صح التعبير- باتت تسمية الأطفال بأسماء الشخصيات العامة والمشاهير ظاهرة عادية. وبما أن بعض الآباء مولعين بكرة القدم، لجأ بعضهم إلى تسمية أبنائهم بأسماء لاعبيهم المفضلين.
عند هذه اللحظة، وجَد العالم نفسه أمام حالة فريدة من نوعها، حيث يمكن أن يطلق نحو 600 برازيلي اسم «لينكر» الإنجليزي على أبنائهم في الثمانينيات، أو ظهور ما عُرف لاحقًا بظاهرة اسم «كيفين الألماني» تأثرًا بنجاح النجم الإنجليزي «كيفين كيجان» مع نادي «هامبورج» الألماني بأواخر السبعينيات.
يرى «هاو ديفيس»، محرر مجلة «فور فور تو» العالمية، أنّه من الصعب جدًا توقُّع إذا ما كان الآباء يُقدمون على تسمية أبنائهم بأسماء مشاهير كرة القدم بدافع الحب وحسب، أم لأنهم يرغبون -وإن لم يصرحوا- في أن يحظى أبناؤهم بمسيرة كروية تشبه الخاصة بهؤلاء النجوم في المستقبل.
لكل امرئ من اسمه نصيب؟
طبقًا لـ«مارتن فورد»، عالم النفس التنموي في جامعة «جورج ميسون» الأمريكية، يمكن للأسماء أن تُشكِّل انطباعًا مبدئيًا عن صاحبها، لكن تأثير الأسماء على هذا الانطباع يتقلص تدريجيًا مع كُل معلومة جديدة عنه مثل: صورته، سماته الشخصية وقدراته ..إلخ.
من هذا المُنطلق، يمكن بكل سهولة أن تتلاعب معلومة سطحية مثل اسم اللاعب بمسيرته الكروية، لكن كيف؟
في تقرير بعنوان: «موت الكشف التقليدي عن المواهب»، تطرَّق «تيد ناتسن»، مؤسس شركة «ستاتس بومب»، إلى حقيقة تعرُّض بعض كشافي المواهب للانحياز العاطفي مع أو ضد بعض المواهب. هذا الانحياز يرتبط بعدة عوامل متعلّقةً بالخلفية الاجتماعية والعملية الخاصة بالكشَّاف.
لكن ما لم يذكره «تيد»، هو التقييم بناءً على السُمعة، حيث يُصدر بعض كشافي المواهب أحكامًا مبدئية، -إيجابية أو سلبية- بناءً على سُمعة الموهبة التي هُم بصدد اكتشافها. وهذا ما قد يمنح الموهبة المرتبطة باسم لاعب كبير مثل «ميسي»، «رونالدو» أو حتى «نيمار» أفضلية على أقرانه قبل نزول أرض الملعب من الأساس.
يرى اللاعب الفنزويلي «أوفيراث بريتنر دا سيلفا ميدينا»، لاعب «سانتوس» البرازيلي الأسبق، والذي تمت تسميته تيمنًا باسم اثنين من نجوم منتخب ألمانيا الغربية الفائز بكأس العالم 1974، وهما «وولفجانج أوفيراث» و«بول بريتنر»، أن اسمه لم يضع ضغطًا عليه، بل على العكس تمامًا، حيث ساعده هذا الاسم المميز في أن يحصل على شهرة مضاعفة لم يكن ليحصل عليها بفضل موهبته وحسب.
بنفس الصدد، رأى والد اللاعب الدولي الأمريكي «إيدسون بادل» أن تسمية ابنه بالاسم الأول للبرزيلي «بيليه» -إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو- قد يجلب له حظًا سعيدًا مع كرة القدم، في حين فضّل ألا يُطلق عليه «بيليه» صراحةً كي يتجنب تعرضه للسخرية في حال فشل.
ميسي «الغلابة»
لأسباب مجتمعية، من الصعب أن يُسمي الآباء المصريون أبناءهم على أسماء نجوم كرة القدم العالميين، حرمت كمثال أحمد نبيل «مانجا»، لاعب الأهلي السابق، من أن يطلق اسم «أوزيل» على نجله تيمنًا باسم لاعب «أرسنال» السابق.
عوضًا عن ذلك، لجأ المقربون من لاعبي كرة القدم المصريين مؤخرًا إلى تلقيب المواهب الجيدة بأسماء النجوم العالميين. ومع انتشار هذه الظاهرة التي بدأها «بدر رجب»، مدرب شباب الأهلي، مع أسماء مثل «كريم وليد» المعروف بـ«نيدفيد»، و«محمود حسن» الشهير بـ«تريزيجيه». أصبح الدروي المصري يعج بأصحاب الألقاب المماثلة. حاليًا يضم الدوري المصري ثلاثة لاعبين يحملون لقب «ميسي» إضافة لآخرين يلقبون بـ«بيكهام»، «دي ماريا»، «أجويرو» و«نيمار».
في مايو/أيار 2022، حاول الصحفي البولندي «رافال هيدزيك»، المهتم بالرياضة وعلم النفس الاجتماعي، تحليل التوجُّه الإعلامي القائم على البحث عن «ميسي» أو «رونالدو» الجدد. في تحليله، أشار «هيدزيك»، الذي حصر نحو 256 اسمًا حول العالم، توقّعت الصحافة أن يصبحوا «ميسي» أو «رونالدو» القادم إلى أن هذه الظاهرة عالميةً، ليست مرتبطةً بمساحة جغرافية محددة. لكن الأهَم أن الدافع خلف خلف وصف أي موهبةً بأنّها أحد هذين النجمين تحديدًا تعود بالأساس للرغبة في تسويق هذه الموهبة.
من وجهة نظر تسويقية، إذا ما اعتبرنا كرة القدم علامة تجارية بشكل عام، فـ«ميسي» و«رونالدو» دون شك هما أحد أعظم منتجاتها؛ أي السقف الذي يتمنّى أي لاعب كرة قدم أن يصل له. بالتالي، أسهل ما قد يقوم به الإعلام لتسويق أي موهبة جديدة هو إلحاق اسم أحد النجمين باسم باللاعب، بغض النظر عن ما سوف تؤول إليه الأمور لاحقًا.
وعلى الرغم من أنّ لقب اللاعب قد يمثّل دافعًا للتألق، أو شهرة تمنحه أفضلية خصوصًا بالبدايات، يعتقد «رامي بركات»، المُعد الذهني الأسبق لمنتخب مصر، أن مثل تلك الألقاب قد تضُر اللاعبين على المدى البعيد، حيث قد يعتقد بعضهم أنّهم حققوا النجومية بالفعل لمجرّد حصولهم على تلك الألقاب. في حين أن الحقيقة أن هذه الأسماء المُستعارة تصبح خالية تمامًا من المعنى دون اجتهاد اللاعب ومحاولته الوصول إلى أقصى حدود إمكانياته.
وفي حال نسيت، يمكننا أن نُخبرك أن «نيمار» المصري الذي افتتحنا حديثنا به، والذي منحه لقبه فرصةً مثالية لتصدُّر عناوين الصحافة المصرية لفترة، وقّع أخيرًا عقدًا جديدًا مع نادي «أبو قير للأسمدة»، الذي ينشط في دوري الدرجة الثانية المصري.