ناهض حتر: السياسي الذي قتله كاريكاتير
الكاتب الأردني «ناهض حتر» توضيحًا للرسم الكاريكاتوري الذي نشره
بدأ الأردنيون يومهم بخبر اغتيال «ناهض حتر»، الكاتب الصحفي والسياسي اليساري الأردني، أمام مقر قصر العدل بالعاصمة الأردنية عمان. ترجع حادثة الاغتيال تلك إلى الرسم الكاريكاتوري الذي نشره حتر على صفحته الشخصية على موقع التواصل الإجتماعي «Facebook» الذي أدى إلى اتهامه بالإساءة إلى الذات الإلهية. وتم تقديمه للمحاكمة في 13 أغسطس/آب الماضي بتهمة «إثارة النعرات المذهبية والعنصرية».
إلا أن حتر دافع عن نفسه بأن ذلك الكاريكاتور لا يسيء للذات الإلهية، وإنما يسخر من الإرهابيين والمنتمين إلى تنظيم الدولة الإسلامية بالشام والعراق «داعش»، وتصورهم لله والجنة. بل أضاف أن ذلك الرسم ينزه الذات الإلهية عن ادعاءات الإرهابيين، مما أدى إلى الإفراج عنه بكفالة مالية وتبرأته من القضية.
حتر والحياة السياسية
التحق ناهض حتر بقسم «علم الاجتماع والفلسفة» بالجامعة الأردنية، كما حصل على درجة الماجستير في «فلسفة الفكر العربي المعاصر»، وبدأ الممارسة السياسية منذ ذلك الوقت من خلال التحاقه بالحزب «الشيوعي الأردني». تعرض على إثر نشاطه السياسي إلى الاعتقال عدة مرات كان أبرزها أعوام 1977 و1979 و1996م.
وبعد تلك المحاولة، اضطر إلى أن يغادر الأردن ويستقر بلبنان، حيث أكمل علاجه هناك. تم إيقاف حتر عن الكتابة بالصحافة الأردنية منذ عام 2008م، لذا توجه للكتابة بجريدة «الأخبار اللبنانية». ولحتر العديد العديد من المؤلفات النقدية التي ينتقد من خلالها أفكار الإسلام السياسي والفكر القومي، والتجربة الماركسية العربية.
تعرض حتر عام 1998م إلى محاولة اغتيال فاشلة كادت أن تودي بحياته. فحينها كان يكتب سلسلة من المقالات عن تاريخ الحركة الوطنية الأردنية بجريدة «الميثاق الأسبوعية»، وهو الأمر الذي لم ينل إعجاب بعض الأطياف السياسية، مما أدى لتعرضه إلى تلك المحاولة التي على إثرها خضع لعدد كبير من العمليات الجراحية حتى استعاد عافيته.
ومن أبرز أعمال حتر: «دراسات في فلسفة حركة التحرر الوطني»، «في نقد الليبرالية الجديدة: الليبرالية ضد الديمقراطية»، «وقائع الصراع الاجتماعي في الأردن في التسعينات».
المواقف الجدلية في حياة حتر
لم يكن الكاريكاتور الأخير الذي نشره حتر هو الموقف الوحيد المثير للجدل في مسيرة حياته، فلحتر العديد من الآراء المثيرة للجدل، مثل رأيه إزاء المواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني. فمن المعروف أنه عقب نكبة 1948، أصبحت الضفة الغربية تابعة لإدارة الأردن، وتم منح المواطنين الفلسطينيين الجنسية الأردنية. وعلى الرغم من الظروف المعيشية السيئة لهؤلاء الأردنيين، فإن حتر تبنى العديد من الآراء التي ترفض منحهم حقوق المواطنة الكاملة.
برّر حتر موقفه بأن إلغاء الهويتين الفلسطنية والأردنية من أجل إدماج فلسطنيي الضفة بالأردن، هو أمر لا يصب، من وجهة نظره، في مصلحة القضية الفلسطنية؛ بل يدعم فكرة إقامة الدولة الصهيونية من خلال إعادة توطين الفلسطنين في أوطان جديدة، وترك وطنهم الأم لصالح إسرائيل. ويمكن مراجعة وجهة نظره تلك في مقالتيه بعنوان «فلسطنيو الأردن: صمتكم الذي يوجعنا» و«فلسطنيو الأردن: مشكلات الاندماج والحقوق».
إلا أن حتر له موقف مثير للجدل أيضًا من القضية السورية، حيث يدعم النظام السوري ويعلن تأييده لنظام الرئيس بشار الأسد، خاصة بسبب ظهور تنظيم الدولة الإسلامية بالشام والعراق «داعش». كما قام بشتم اللاجئين السوريين في إحدى مقالاته بجريدة الأخبار اللبنانية حيث قال: «فإنه يمكننا القول: إن معظم اللاجئين السوريين خارج وطنهم هم من الفئات غير القادرة على التعايش مع التعددية والنمط الحضاري الخاص بسوريا. وهكذا، فإن خساراتهم لا تعد نزفًا ديموغرافيًا، فيما ينبغي إيقاف نزف الكتلة الوطنية المدنية، التي تئن من الهاونات وانقطاع الكهرباء والماء والغلاء وانخفاض المستوى المعيشي حتى اليأس».
ولكن بفعل الضغط الإعلامي، قامت الصحيفة بحذف المقال ونشر اعتذار للشعب السوري. وقالت فيه: «مقال الزميل ناهض حتر في عدد الأربعاء 9 سبتمبر/أيلول 2015م تعدّى على مبادئ الصحيفة، ولم يكن ليُنشر في الأخبار لولا خطأ تحريري فادح. الأخبار تعتذر إلى قرائها، وإلى الذين مسّهم محتوى المادة وأهانهم، لنشرها كلامًا ليس مكانه صفحاتها. وقد أزالت من على موقعها المقال الذي يتعارض مع مبادئها وروحها».
ردود الأفعال المتباينة
أثار اغتيال ناهض حتر اليوم مواقع التواصل الاجتماعي. فمنهم من رأى أن اغتياله عائد لما قاله قبل يومين من اغتياله، عن فقدان الملك لشرعيته.
اغتيال كاتب اردني #ناهض_حتر بعد يومين فقط من قوله ان ملك الاردن فقد شرعيته ..!
— كـــويتيــه أصيــــلــه 🇰🇼 (@KUWTIYA) September 25, 2016
https://t.co/93kfIqmETA
كما يرى آخرون أن المتشددين والإرهابيين وراء اغتياله اليوم بسبب الكاريكاتور الذي نشره وتبرئة القضاء له، خاصة بعدما أفادت شقيقته تلقية تهديدات بالقتل داخل السجن أثناء فترة التحقيق معه، وأنه فقد حياته بسبب آرائه المخالفة والمعارضة للإسلام السياسي.
للاسف الواحد مضطر ياكد ادانته لاغتيال ناهض حتر لانها واضح مش بديهية..
— Wael Khalil (@wael) September 25, 2016
الاخوة في الوطن من المتدينين ال قلبهم خفيف يعفوني من ارائهم في الفقيد
وما بين احتمالية اغتياله لمعارضة الملك أو معارضة الإسلام السياسي، تقف الأردن في موقف حرج تجاه قضايا حرية الرأي والتعبير واحترامها له، خاصة بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية هناك، وتسويق النظام لها على أنها خطوة جديدة في الديمقراطية وتعددية الآراء واحترامها.