المتاحف .. تلك المؤسسات التي تعنى بجمع القطع الأثرية، وغيرها من الأشياء ذات الأهمية الفنية، والثقافية، والتاريخية، والعلمية. كما يوجد العديد من الأنواع، منها التي تشمل المتاحف الفنية، ومتاحف التاريخ الطبيعي، ومتاحف العلوم، والمتاحف الحربية، ومتاحف الأطفال.

تقع معظم المتاحف الكبيرة في المدن الرئيسية في جميع أنحاء العالم، ومنها المحلية التي توجد في البلدات والمدن الصغيرة، وحتى في الريف. شيدت هذه الصروح العظيمة لأهداف متعددة، بدءًا من الحفاظ على التاريخ الإنساني وعرضه للأجيال المتتابعة، إلى خدمة الباحثين والمتخصصين في مجالاتهم المتنوعة.

المتاحف الطبية هي أحد أنواع المتاحف العلمية، التي تهتم بحفظ وعرض الأشياء ذات الأهمية التاريخية، والعلمية، التي تربطها علاقة بالطب والصحة. تتضمن النماذج المعروضة بها عادةً الأدوات، والكتب، والمخطوطات، وأيضًا الصور الطبية، بالإضافة إلى التقنيات المستخدمة في التقاطها (مثل أجهزة الأشعة السينية).

تعكس بعض المتاحف المجالات الطبية المتخصصة[1] في فروع الطب، مثل طب أمراض النساء والولادة، والطب النفسي، وطب الأسنان، والتمريض، والصيدلة، وقد تتناول تاريخ أحد المستشفيات العريقة. نستعرض في هذا التقرير أبرز هذه المتاحف الرائعة، وما تقدمه لزوارها من عرضٍ فريدٍ لتاريخ الطب، ومراحل تطوره عبر التاريخ.


متحف بول سترادينس- لاتفيا

متحف بول سترادينس- لاتفيا

يقع المتحف في مدينة ريجا بدولة لاتفيا، ويُعدّ من أكبر ثلاثة متاحف عن التاريخ الطبي في العالم. يتمكن زوار المتحف من استكشاف مراحل تطور الممارسات الطبية المتبعة، منذ العصور القديمة.

يظهر في الطابق السفلي من مبنى المتحف المعروضات والموديلات ثلاثية الأبعاد التي توضح الخطوات الأولى لتطور الطب؛ من طرق التعامل مع الجروح والصدمات النفسية، ووسائل العلاج المتبعة في الطب التقليدي. علاوةً على التمائم التي كان يعتقد جلبها لحسن الطالع، وغيرها من ممارسات الدجل والشعوذة التي اعتاد العرافون والسحرة القيام بها لمداواة الأمراض.

يحتوي المتحف كذلك على طابق «العصور الوسطى»، الذي يبين حالة الطب والصيدلة في تلك الفترة التاريخية، والأمراض التي شاعت بها وطرق العلاج التي استخدمت ضدها.

كما يأخذنا المتحف في جولة حول التطور السريع والمتلاحق، في علوم الطب والصحة في القرنين الـ18، 19. تمثل تلك الفترة بداية الاكتشافات والإنجازات العظيمة في الطب؛ حيث اكتشفت الأشعة السينية وبدأ استخدامها في الطب، كما أجريت أول عملية جراحية باستخدام غاز الإيثر كمخدر. هذا بجانب اكتشاف البكتيريا المسببة لمرض السَّل، وتطوير لقاح ضد مرض الجدري.

ينتهي المتحف بطابق يستعرض التطورات والإنجازات، التي قدمها أطباء وباحثو لاتفيا في مجال الطب. يحتوي أيضًا على غرفة خاصة بأبحاث ودراسات الفضاء الخارجي والطب، التي شارك بها علماء لاتفيا في عهد الاتحاد السوفيتي.

يحرص القائمون على المتحف على الاستماع إلى اقتراحات الزوار وتلبية رغباتهم، ويقومون بتنظيم برامج وعروض مسرحية تعليمية متنوعة لمختلف الفئات العمرية، بالإضافة إلى الجولات المصحوبة بالمرشدين السياحيين.


متحف ميغورو المتخصص في علم الطفيليات- طوكيو

متحف ميغورو – طوكيو

يقع المتحف في العاصمة اليابانية طوكيو، قام بتأسيسه الدكتور «ساتورو كاماجاي – Satoru Kamegai» عام 1953. يختص المتحف بـ «علم الطفيليات – parasitology»، ويحتوي على حوالي 1500 نوع من العينات الطفيلية، وأكثر من إجمالي 60 ألف كائن طفيلي.

يستعرض المتحف التنوع الهائل في الكائنات الطفيلية، و يهدف إلى تثقيف الجمهور حول خطورتها والأمراض التي تسببها، كما يجيب عن المخاوف المشتركة لدى معظم الناس نحوها. يُكرَّس الطابق الثاني من المتحف للطفيليات التي تصيب الإنسان تحديدًا، ويوضح دورة حياتها، والأعراض التي تنجم عنها لدى الإنسان المضيف.


متحفجلوري للطب النفسي- الولايات المتحدة الأمريكية

https://www.youtube.com/watch?time_continue=22&v=kYdUZCXxyhc

متحف جلوري الشهير للطب النفسي بولاية ميزوري الأمريكية، يروي تاريخ تطور الطب النفسي، وعلاج الأمراض العقلية. يضم المتحف مجموعة من الأدوات، والوثائق، والمعدات الجراحية، وأجهزة التدويس الخشبية، والكرسي المهدئ للأعصاب، الذي صممه بنيامين راش أحد الموقعين على وثيقة إعلان الاستقلال.

يضم المتحف كذلك تشكيلةً من الفنون، التي مارسها المرضى، مثل الرسم والطلاء. كما يروي قصصًا حول بعض المرضى، الذين تناول أحدهم عددًا من الأظافر يبلغ 453. تم تأسيسه بشكلٍ خاص؛ بهدف نشر الوعي الصحي النفسي للجمهور.


متحف بالازو بوجي لطب الولادة والتشريح- إيطاليا

متحف بالازو بوجي لطب الولادة والتشريح- إيطاليا

يحتوي المتحف على معروضاتٍ من أندر وأجمل منحوتات وتماثيل الشمع التشريحية في العالم، التي توضح تركيب جسم الإنسان. تعود هذه التشكيلات إلى القرن الـ18، وتحمل بصمات أمهر وأبرز خبراء التشريح والفنانين في ذلك العصر.

يحتفظ المتحف كذلك بمجموعة غنية تغطي جوانب عديدة من العلوم، التي تشمل طب الولادة، والتاريخ الطبيعي، وعلم التشريح، والفيزياء، والكيمياء، والجغرافيا، والعمارة العسكرية، بالإضافة إلى مكتبة معهد العلوم، وأخيرًا وليس آخرًا، معرض للسفن.


متحف وسائل منع الحمل والإجهاض- النمسا

على الرغم من التحديات الرهيبة التي تواجه جمع المعلومات، والقطع الأثرية المتعلقة بواحدة من أكثر القضايا الشائكة، التي يتم التستر عليها في العديد من الثقافات؛ تمكن متحف في فيينا من جمع مجموعة رائعة من التحف، التي تروي الحكاية المأساوية غالبًا لعمليات الإجهاض، وتاريخ وسائل منع الحمل وإنهائه.

تأسس المتحف عام 2003 في مدينة فيينا بالنمسا من قبل الدكتور «كريستيان فيالا»، وهو أخصائي أمراض النساء والإجهاض. أثار جدلًا واسعًا حينها، وتم استقباله بالثناء والمعارضة على حدٍ سواء.

ينقسم المتحف إلى جناحين متميزين. الأول مخصص لوسائل منع الحمل، والآخر مخصص للإجهاض. لدى دخول الزوار المتحف، يجب أن يمروا أولًا بجناح وسائل منع الحمل. يجمع هذا القسم عددًا من الأشكال التاريخية لطرق تحديد النسل، التي تتراوح بين الضارة إلى اللامعقولة بشكلٍ جنوني؛ فنجد هناك الصابون، والإسفنج، والمقابس، وغيرها من العوامل الضارة، إن لم تكن قاتلة.

بعد الانتهاء ينتقل الزائر إلى جناح الإجهاض، حيث يُظهِر هذا النصف من المتحف الطرق المتنوعة، التي حاولت من خلالها السيدات إنهاء الحمل غير المرغوب فيه؛ سواء من أنفسهن أو تلبيةً لتعليماتٍ أصدرت إليهن للقيام بذلك. يستعرض أيضًا الأدوات المختلفة التي استُعمِلت كالدبابيس، والشماعات، وغيرها من الأدوات المأساوية الأخرى، المستخدمة في الحث على الإجهاض.

تملك النمسا معدلًا من أعلى معدلات الإجهاض في أوروبا، الأمر الذي دفع الدكتور «فيالا» لإنشاء المتحف بها دون الخشية من النقاد والرافضين؛ بهدفٍ واضح هو تثقيف الزوار حول الطرق الصحية السليمة لتجنب الحمل وإجراء عملية الإجهاض.


متحف العلوم الطبية- إيران

متحف وسائل منع الحمل والإجهاض، النمسا
متحف العلوم الطبية – إيران

تأسس المتحف الوطني الإيراني للعلوم الطبية عام 1997، ويقع مكان مبنى تاريخي تم ترميمه تمهيدًا لافتتاح المتحف. شارك العديد من مسئولي الصحة البارزين بإيران في تأسيسه، ولا تزال تُجري الأنشطة البحثية به إلى الآن.

يحتوي المتحف على كوكبة من الأدوات التاريخية، والمخطوطات الطبية، ومعلومات عن علم التمريض، وعلم الأجنة، وطب الأعشاب، وطب الأسنان والطب البيطري والكثير غير ذلك.

يضم المتحف الوطني الإيراني للعلوم الطبية كذلك بعض القطع الأثرية التاريخية الفريدة؛ لما تحمله هذه المنطقة من العالم من أهمية كبيرة للتاريخ البشري، حتى أنه يحتفظ بجمجمة طفلة تبلغ من العمر 13 عامًا، يعود تاريخها إلى عام 5000 قبل الميلاد.

المراجع
  1. A history of Edinburgh’s medical museums