محمد بن زايد رئيسًا: نظام الحكم والسياسة في الإمارات
أعلن المجلس الأعلى دولة الإمارات العربية المتحدة، السبت، انتخاب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيسًا للدولة بعد يوم من وفاة أخيه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، الابن الأكبر للشيخ زايد مؤسس الإمارات والشيخة حصة بنت محمد بن خليفة بن زايد آل نهيان.
وقد وُلد محمد بن زايد في 11 مارس/آذار من عام 1961 في مدينة العين بإمارة أبو ظبي، وتخرج عام 1979 في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في بريطانيا حيث تدرب هناك على سلاح المظلات والطيران والمدرعات، وشغل عدة مناصب في الجيش، بدايةً من عمله ضابطًا بالحرس الأميري، لينضم بعدها إلى قوات النخبة ثم عُين طيارًا حربيًا، وفي عام 2004 تولى منصب ولي عهد أبو ظبي، وفي عام 2005 أصبح نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ونال رتبة فريق.
تنظيم السلطة في الإمارات
ينظم دستور الدولة انتقال الحكم في حالة وفاة رئيس الاتحاد، إذ إنه في حالة شغور منصب الرئاسة لأي سبب كالوفاة، يتولى نائب رئيس الدولة إدارة شؤون البلاد إلى أن ينعقد المجلس الأعلى للاتحاد لاختيار رئيس جديد خلال شهر من تاريخ خلو المنصب.
ويشغل منصب نائب رئيس الدولة، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهو أيضًا رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، ووزير دفاع الدولة، وقد تولَّى حُكم الإمارة في الرابع من يناير/كانون الثاني 2006 خلفًا لأخيه الشيخ مكتوم بن راشد.
ويتكون المجلس الأعلى للاتحاد من سبعة أعضاء، لكل حاكم إمارة صوت واحد، وهو أعلى سلطة دستورية وتشريعية وتنفيذية في البلاد، فهو يضع السياسات العامة وله صلاحية إقرار كل التشريعات.
وعقد المجلس اجتماعًا السبت، في قصر المشرف بأبوظبي برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، وتم اختيار محمد بن زايد بالإجماع خلفًا لأخيه ليصبح ثالث رئيس للبلاد.
ونظام الحكم الإماراتي فيدرالي، حيث يوزع الدستور الصلاحيات ما بين حكومة الاتحاد والحكومات المحلية السبعة، ولدى تأسيس الدولة تنازل حكام هذه الإمارات عن سلطاتهم في الأمور السيادية كشئون الدفاع والخارجية لصالح كيان الاتحاد.
ويأتي ترتيب السلطات الاتحادية في الدستور كالتالي: المجلس الأعلى، ثم رئيس الاتحاد ونائبه، ثم مجلس وزراء الاتحاد، ثم المجلس الوطني الاتحادي، ثم القضاء الاتحادي.
ويتكون مجلس الوزراء من 35 وزيرًا وهو مجلس تنفيذي يخضع لرقابة المجلس الأعلى ورئيس الاتحاد، ويتولى المجلس إدارة الشؤون الداخلية والخارجية للبلاد، ويقترح القوانين ويُعد الميزانية العامة.
ويأتي المجلس الوطني الاتحادي في المرتبة الرابعة، وهو برلمان يلعب دورًا استشاريًا، وفي عام 2008 وافق المجلس الأعلى على إقرار تعديلات دستورية لتوسيع صلاحيات المجلس الوطني لكن صلاحياته ظلت استشارية أيضًا بعد هذه التعديلات.
وطبقًا للمادة 54 من الدستور فإن رئيس الاتحاد هو الذي يدعو المجلس الأعلى للاجتماع ويرأسه، ويفض اجتماعاته، ويوقع القوانين والقرارات التي يصدق عليها المجلس الأعلى، ويعين مجلس الوزراء بكامله (رئيسه ونائبه وجميع الوزراء) والممثلين الدبلوماسيين وكبار الموظفين الاتحاديين المدنيين والعسكريين ويقبل استقالاتهم.
وخلال عهد خليفة بن زايد برز نفوذ أخيه غير الشقيق محمد بن زايد، بخاصة بعدما أصيب في يناير/كانون الثاني من عام 2014 بجلطة دماغية، ومن وقتها تولى أغلب مهامه أخوه ولي عهد أبوظبي.
وخلال عهد الرئيس الراحل أيضًا برز كذلك أشقاء محمد بن زايد من أبناء الشيخة فاطمة بنت مبارك الكتبي (تلقب بـ«أم الإمارات» منذ عام 2005) وهم: عبدالله بن زايد، وزير الخارجية، ومنصور بن زايد، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير شؤون الرئاسة، ورئيس السلطة القضائية في أبوظبي، وحمدان بن زايد، ممثل الحاكم في المنطقة الغربية، وهزاع الذي يتولى منصب مستشار الأمن الوطني والرئيس الفخري لاتحاد الإمارات لكرة القدم، وطحنون بن زايد، عضـو المجلس التنفيذي ورئيس هيئة الطيران الأميري.
كما يجمع سيف ابن الشيخ زايد من زوجته الشيخة فاطمة الخيلي، بين منصبي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية.
كيف تأسست منظومة الحكم في الإمارات؟
يعد إنشاء الإمارات عام 1971 من أنجح التجارب الوحدوية في التاريخ القريب ففي 18 فبراير/شباط 1968 كانت المبادرة الأولى عندما عقد الشيخ زايد اجتماعًا مع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي حيث تم إعلان اتحاد بين الإمارتين، ثم دعيا حكام الإمارات الأخرى في ساحل عمان وقطر والبحرين للانضمام إليهما، حين أعلنت الحكومة البريطانية عزمها على تصفية وجودها في منطقة شرقي قناة السويس في موعد أقصاه نهاية عام 1971.
وفي 27 فبراير/شباط 1968 اجتمع حكام أبو ظبي، ودبي، وأم القيوين، والشارقة، ورأس الخيمة، والفجيرة، وعجمان، والبحرين، وقطر، لبحث إعلان تشكيل اتحاد بينهم، وتشكل مجلس أعلى ومجلس تنفيذي، وأمانة عامة، وعدة لجان فيما عُرف بـ«الاتحاد التُساعي»، وبسبب بعض الخلافات حيال تكوين الكيان الجديد انسحبت إمارتا قطر والبحرين.
وفي 2 ديسمبر/ كانون الأول 1971 م أعلن حكام أبو ظبي، ودبي، وأم القيوين، والشارقة، والفجيرة، وعجمان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي 10 فبراير/شباط 1972 طلبت رأس الخيمة الانضمام إلى الدولة الجديدة، وفي نفس اليوم وافق المجلس الأعلى بالإجماع على قبولها في عضوية الاتحاد.
واعتمدت الامارات منذ نشأتها عام 1971 دستوراً مؤقتاً ينظم شئون البلاد، ثم تحول لاحقاً إلى دائم بعدما استقرت الدولة الاتحادية، وطبقًا للمادة 52 من الدستور فإن رئيس الاتحاد يتولى منصبه لخمس سنوات قابلة للتجديد، وقد ظل الشيخ زايد رئيسًا للدولة حتى وفاته عام 2004، ثم تولى نجله خليفة الحكم عقب اختياره من قِبَل «المجلس الأعلى للاتحاد» في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، وظل في الحكم إلى أن وافته المنية في الثالث عشر من مايو/أيار 2022 عن عمر يناهز 73 عامًا.