محمد إيهاب: هكذا تجلب لك المحنة ذهبية بطولة العالم

كانت هذه الكلمات آخر منشورات البطل الأوليمبي «محمد إيهاب»، لاعب رفع الأثقال المصري، عبر صفحته الشخصية قبل ساعات من مباراته التاريخية في بطولة العالم الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية. لم يمر أكثر من 24 ساعة حتى أوفى «البوب» _كما يحب أن يُطلق عليه_ بوعده للجماهير المصرية محققًا ثلاث ذهبيات في منافسات الخطف، والكلين والنتر، وكذلك في المجموع لوزن 77 كجم؛ ليصبح أول لاعب عربي وأفريقي يحصل على هذا الإنجاز.

إيهاب الذي قالت عنه والدته إنه لا يقل عن نجم كرة القدم المصرية «محمد صلاح»، لاعب نادي ليفربول الإنجليزي، اعتاد على مثل هذه الوعود، ودائمًا ما كان في الموعد. بداية من بطولة العالم 2014، مرورًا بأولمبياد ريو 2016، حيث حصل على برونزية تاريخية وقتها، وصولًا إلى بطولة العالم بأمريكا 2017؛ ليبقى الحلم الأكبر الذي يراوده الآن هو ذهبية طوكيو 2020.

رب ضارة نافعة

بالعودة للوراء قليلًا قبيل دورة الألعاب الأولمبية في لندن 2012، حينما تعرض «البوب» للإيقاف بقرار من الاتحاد الدولي لرفع الأثقال؛ بسبب عينة كشف المنشطات الخاصة به؛ لتقضي على آماله في الحصول على ميدالية أولمبية في لندن.

هكذا استقبلت والدته قرار الإيقاف، محاولة أن تشد من أزر ابنها، ونصحته باستكمال دراسته؛ معللة بأن هذا هو الوقت المناسب لذلك، ويقول «إيهاب» عن تلك الفترة إنها بالطبع كانت صعبة، ولكنني قررت الابتعاد عن ممارسة اللعبة؛ حتى أستطيع استكمال دراستي، وتخرجت في كلية التربية الرياضية قسم تدريب رفع أثقال، ثم أديت الخدمة العسكرية، وعدت مرة أخرى للمنتخب بعد عامين.

رجل لا يعرف المستحيل

في مكان يحتاج للتنكيس، وغير مؤهل لصناعة لاعب هاو، وليس بطلًا أولمبيًا، كان «محمد إيهاب» يتدرب في مركز شباب الجيزة أثناء فترة دراسته بالقاهرة، حيث أخبره المسئولون آنذاك بضرورة رمي الثقل برفق حتى لا يؤثر على المبنى الذي يحتاج للتنكيس، ولم يعترض «إيهاب» وقتها وكان يقوم برفع الثقل ثم يقوم بمجهود إضافي لإنزاله برفق مرددًا «مفيش مستحيل».

أما في نادي الفيوم الرياضي فالأمر لم يكن أفضل حالًا؛فيقول «إيهاب»، رغم أن الفيوم تعد محافظة رائدة رياضيًا في صعيد مصر؛ إذ أخرجت ثلاثة أبطال أولمبيين، وأبطال عالم فإننا لا نجد غرفة لتغيير الملابس في النادي، كما أن الأجهزة التي نتدرب عليها كما هي منذ عشرات السنين.

كأنه يفرح وحيدًا

هكذا علق «إيهاب» على فرحته الهيستيرية عقب رفعه ثقل 201 كجم في مرحلة الكلين والنتر في بطولة العالم 2014، واستطاع من خلالها الفوز بفضية الكلين، والنتر، وكذلك برونزية المجموع؛ ليعود لمنصات التتويج مرة أخرى بعد فترة الإيقاف في 2012. المثير في الأمر أنه استطاع تحطيم رقمه الشخصي آنذاك، حيث قام برفع هذا الثقل أثناء المباراة؛ مما تسبب في فرحته الهيستيرية.

تكرر المشهد في أولمبياد ريو 2016، عقب نجاحه في رفع ثقل 196 كجم، وضمان ميدالية أولمبية هي الأولى له؛ الميدالية جاءت بعد إصابة للاعب الأرميني الذي أصيب خلال المباراة، والمنافس المباشر لـ «إيهاب» على الميدالية البرونزية آنذاك.

https://www.youtube.com/watch?v=HWL7lr0BMWg

حياته لم تخلُ من الصدمات

هكذا تنبأ «حسين إيهاب» – طبيب صيدلي – والشقيق الأكبر لـ «محمد إيهاب»، بحصول أخيه على ميداليات أولمبية وعالمية؛ ويكون سببًا في فرحة عارمة لمصر كلها، وعلى الرغم من تحقق نبوءته إلا أن القدر شاء ألا يكون شاهدًا على تلك الفرحة؛ حيث وافته المنية في حادث عام 2014.

يقول إيهاب إن وفاة أخيه كانت بمثابة الصدمة التي لم أستطع تجاوزها، فأخي وقف بجانبي عقب أزمة المنشطات في حياته، وكذلك عندما رحل؛ قررت أمي وأخواتي إعطائي الأموال الخاصة بزواجه – حيث توفي قبل الزواج بـ3 أيام فقط – من أجل الاستعداد للبطولات القادمة؛ لاسيما وأني كنت أريد العودة في تلك الفترة بعد الحصول على فضية بطولة العالم في «كازاخستان»، رغم الاستعداد لها بأقل الإمكانيات الممكنة.

ولم تكن هذه المرة الأولى الذي يفقد فيها «إيهاب»، أحد أفراد عائلته، ومصدر من مصادر قوته في طريقه برفع الأثقال، حيث فقد والده في عام 2007، حيث تزامنت وفاته مع أول مشاركة دولية له في بطولة دولية بـ «سوريا»؛ فلم يستطع حضور لحظة دفن والده، وتشييع جثمانه، حيث أخبروه بعد عودته من البطولة بوفاته منذ 10 أيام.

الفيوم، هل يرد «إيهاب» الجميل ؟

مؤخرًا قام «إيهاب» بنشر مقاطع فيديو عبر حسابه الشخصي على «الانستجرام»، وهو يقوم بمساعدة طفلين يمارسان لعبة رفع الأثقال؛ حيث يقوم بتعليمهم بعض الحركات، وكيفية الوقوف، ورفع الثقل، وغيرها من فنيات اللعبة.

وفي هذا الصدد يقول إيهاب، إن الفيوم بلده مليء بالمواهب التي تحتاج للمساعدة والاهتمام؛ لذا حاولت مساعدة بعض اللاعبين الصغار، والأمر لا يتعلق بأكاديمية تدريبية، أو غيره، مؤكدًا، أنه ما زال لاعبًا، ولا مجال للحديث عن التدريب في الوقت الحالي.

وكان إيهاب قد صرح سابقًا، برغبته بأن يكون خبيرًا في لعبة رفع الأثقال؛ لاسيما وهو خريج كلية التربية الرياضية، قسم رفع أثقال، ويسعى حاليًا للحصول على الماجستير.

ذهبية طوكيو لأنه يعلم ما يريده جيدًا

إذا ذهبت لموقع البحث الشهير «جوجل»، وكتبت «محمد إيهاب، طوكيو» ستجد عشرات التصريحات في عشرات المواقع التي يعد فيها «البوب» بالميدالية الذهبية في أولمبياد «طوكيو 2020»، الأمر لم يتوقف عند الوعد فقط، حيث قال: «الميدالية الذهبية بالنسبة لي أمر منتهٍ، سأحصل عليها حتمًا، أعلم الطريق جيدًا، وأعرف المطلوب مني».

يؤمن «إيهاب» في قدرته على تحقيق إنجاز استثنائي بتحطيم الرقم العالمي والأوليمبي؛ موضحًا أنه يجب التفكير الآن في هذا الأمر، خصوصًا بعد تصدره التصنيف العالمي لهذا العام، كما يثق بأن عام 2020 سيحمل إنجازًا لن تتحدث عنه الصحف والمجلات العريبة فقط، بل والعالمية أيضًا. الجدير بالذكر أنه استطاع إحراز 11 ميدالية ذهبية دولية خلال عام 2017، فهل يا تُرى سيستطيع إقتناص الذهب، ومواصلة كتابة صفحات جديدة في تاريخ لعبة رفع الأثقال؟