محمد أمين راضي: يشغلني الخوف أكثر من الوباء نفسه
هو واحد من أهم كتاب مصر في الفترة الأخيرة، بعد أن خلق لنفسه كوكبة في عالم الدراما وقام بجذب الجمهور إليه، ليأتوا إليه راضين مستمتعين بما يتم تقديمه.
إنه محمد أمين راضي أول من أدخل «الفانتازيا» إلى الدراما في جيله، بما قدمه بداية في مسلسل «نيران صديقة»، الذي تم عرضه عام 2013، ثم مسلسل «السبع وصايا»، الذي أحدث ضجة في عالم الصوفية عام 2014، ثم مسلسل «العهد» الذي حاكى به أوضاعًا سياسية، لتأتي النهاية بمسلسل «مملكة إبليس»، الذي يعد أول مسلسل مصري يتم عرضه أولًا على منصة إلكترونية.
لا يقدم محمد أمين راضي مسلسلاً سنويًا بل يغيب بالأعوام عن الدراما، ولكن كل مرة يعود إلينا يستطيع أن يخطف الأنظار كلها إليه.
أجرينا في إضاءات هذا الحوار مع الكاتب محمد أمين راضي للتعرف على أسباب نجاح أعماله الدرامية ولماذا غاب عن السينما وما المشكلات التي واجهته، كما لم يفُتنا أن نسأله عن رأيه كمؤلف وكاتب عن العالم تحت وباء كورونا.
– هل توقعت نجاح مسلسل «مملكة إبليس»، الذي تم عرضه مؤخرًا على منصة شاهد؟
كان هذا المسلسل ذا طبيعة خاصة من البداية فقد استغرق في كتابته عامين ونصف، وهو العمل الوحيد الذي استغرق هذا الوقت في كتابته.
أما النجاح لم أتوقع أن تصل نسب المشاهدة إلى هذا الحد، مع عرض المسلسل بالأساس على منصة مخصصة لأصحاب الباقات الخاصة بها.
ما سر اختيارك لأسماء أبطال مسلسلاتك التي دائمًا ما تترك صداها مع الجمهور؟
كل اسم أقوم باختياره له دلالة خاصة عندي بالمسلسلات، سواء كان سيد نفسية أو استمنوها أو كسياهم، ولكن بعيدًا عن الدلالة؛ فهذه الأسماء متواجدة بالفعل ومتواجدون بالحياة، لم آتِ بها من الخيال، واختياراتها فقط تتم لاستخدامها في إيصال المعنى الذي أريده.
هل تقصد اختيار الأسماء الغريبة للأشخاص والأماكن لأعمالك حتى لا تُنسى؟
الأسماء دون أفعال ودون شخصيات تؤرخها ستُنسى لا محالة، وبالتالي التركيبة بالكامل تجعل العمل مميزًا.
– تم طرح مسلسل «مملكة إبليس» للمرة الأولى على منصة إلكترونية، كيف ترى هذا؟
كان حلمًا بالنسبة لي أن يتم عرض مسلسل لي على منصة إلكترونية، منذ 2015 التفت إلى مشاهدة المنصات، وتمنيت منذ ذلك الحين أن أقدم عملاً على منصة إلكترونية.
هل توقعت رد الفعل؟
لا.. فطبقًا لدراسات الجدوى وتوقع المشاهدات، كان ما حققه المسلسل من نجاح أعلى من المتوقع.
هل خدمتك شهرة منصة «نتفليكس» في الوطن العربي مؤخرًا بأن ينجح عملك عبر منصة أخرى على الإنترنت؟
خدمني وجود منصات أجنبية في الشرق الأوسط ونجاحها، بأن تقرر منصة عربية أن تأخذ الخطوة وبما أني كنت المسلسل العربي الأول فبالتأكيد خدمني.
هل نجحت في خلق عالمك الخاص في الكتابة؟
خلق عالم خاص بي يجذب الجمهور هو حلم أي كاتب بالعالم، وكون هذا تحقق فهو يسعدني، ولكني لم أقصده مُطلقًا منذ بداية كتابتي لأول عمل، فالأمر توفيق من الله، ومتوالية الأعمال تخدم العالم نفسه الذي جذبت الجمهور به.
لم تقصد هذا ولكنك استمريت فيه؟
بالفعل استثمرت ما وصلت إليه، فأنا لي أعمال سينمائية لم ينفذ أي منها حتى الآن، إذا أتيحت لها فرصة العرض، سيظهر الاختلاف الذي أود تقديمه ولكن الظروف سمحت أكثر للدراما بالظهور عن السينما.
وبالتالي ساعد هذا على إظهار أنني أخلق عالمًا دراميًا معينًا وأعيش فيه.
ماذا عن الإسقاطات السياسية التي تقدمها بالأعمال؟
بالطبع كل عمل به مجموعة من الإسقاطات السياسية المقصودة، فأنا كاتب عائش في لحظة ما من الحياة بها حراك سياسي يختلف رأيي فيه من فترة لأخرى، وهذا ليس عيبًا، فكل فترة يكون لي رأي سياسي على حسب التغير الحادث أُظهره بإسقاط في العمل الذي أقدمه.
بالإضافة إلى أن التأويل الجماهيري الذي ساعد أيضًا في فهم هذه الإسقاطات، بناء على فهم الجمهور للأعمال التي قدمتها من قبل.
هل هذا خدمك في النجاح؟
خدمني في التقدير.. لأنه كلما كانت نسبة التأويل حقيقية كلما كان النص أجود ويؤدي بالتالي إلى تقدير أعلى من الجمهور والنقاد.
هل ترى أن اسمك هو من يبيع المسلسل؟
أصبح كرمًا من الله أن اسم المؤلف يوضع ضمن الملف التسويقي للمسلسل، وهذا إنجاز، أما عن بيع السيناريو باسم المؤلف أو اتجاه الجمهور لمشاهدة العمل لأن شخصًا ما هو المؤلف فشيء خطير جدًا.
لأن هذا يؤدي إلى (وقوع) الفنان المصري أيًا كان دوره لاعتقاده أن اسمه أهم من المحتوى الذي يقدمه، وكثير من الناس المُهمين وقعوا في هذا الخطأ وأعمالهم كانت سيئة بعدها، وأنا لا أريد أن أقع في هذا الخطأ.
لماذا يأتي اهتمامك بالتليفزيون على حساب السينما؟
لأن مشكلاتي التي كنت أواجهها مع السينما منذ بدايتي ما زالت كما هي حتى الآن، أواجهها بصعوبة أكثر في السينما، لأن ما أريد تقديمه هو أكثر جرأة وجنونًا من اللحظة التي نمر بها سينمائيًا.
بالإضافة إلى أنني مقصر في حق الحرب التي يجب أن أخوضها لكي أحقق ما أريد، وفي الفترة القادمة سأتفرغ لهذه الحرب.
– هل كانت لديك مشكلات مع الرقابة؟ وكيف تعاملت مع تلك المشكلات؟
قبل ثورة يناير كان لدي الكثير من المشاكل مع الرقابة، بعد الثورة اختفت تلك المشاكل، وحاليًا عُدت مرة أخرى لما كنت عليه من قبل 2011.
فقبل الثورة لي أعمال مُنعت تمامًا لوجهات نظر سياسية،أما حاليًا فهناك نقاشات وسجالات ومحاولة للفهم والاستيعاب أكبر، للوصول لنقطة.
هل وجود اسمك على السيناريو كفيل لعمل مشكلة مع الرقابة؟
نعم، ولكن ليس لدرجة المنع التام، ولكنها (لا.. خدوا بالكوا)، فهناك رقباء معينون يتم تخصيصهم لقراءة السيناريوهات الخاصة بي.
هل تتعمد التعاون مع فريق عمل خاص يقوم بتقديم أعمالك؟
في العالم كله يعمل الناس مع من يحبون طالما هم موهوبون، هذا ليس عيبًا، وكل شخص له فريق العمل الخاص به، طالما موهوبون لأنها دون ذلك تسمى (شللية).
أما في مسلسل «مملكة إبليس»، لم يكن شخص بخيالي منذ الكتابة سوى صبري فواز.
ما رأيك في ورش الكتابة الحالية، كونك من أوائل من قاموا بها في مصر؟
غير راضٍ عنها حاليًا، وسأوقف العمل عليها وسنقوم بتقديم مسلسل (حكايات بنات) كآخر صورة للورشة بشكلها القديم، لنكوّن شكلاً جديدًا لها من خلال وجود شخص يكتب وآخر يشرف فقط.
لم أنت غير راضٍ عن الشكل الحالي للورش الكتابية؟
لأنه نتج عنها تجارب سلبية، ومستنسخة جدًا، فأريد أن أعود للشكل المتعارف عليه للكتابة.
فأنا أرى أن الأعمال الفردية هي أكثر جودة، بالإضافة لوجود مشرف وهذا يكفي.
من وجهة نظرك لماذا لا يوجد أفلام مصرية في المهرجانات العالمية مع انتعاش أفلام عربية من دول أخرى؟
لأننا مهتمون بأعمال تأتي بإيرادات ضخمة جدًا، أما فيلم محدود إنتاجيًا فلا يتم الإنفاق عليه بشكل جيد يهيئه للخروج لمهرجانات عالمية.
لماذا لا تقدم أعمالًا كوميدية؟
نصحني المخرج محمد ياسين بكتابة الكوميديا، لكن خفت ذلك كثيرًا، ومع ذلك أكتب حاليًا سيناريو لفيلم كوميدي، يندرج تحت نوعية الكوميديا السوداء، وإن كنت لا أعرف إن كان سيجري تنفيذه أم لا.
تُتهم بالغرور وتأثرك بالعالمي نجيب محفوظ، ما ردك على ذلك؟
تشبيه أعمالي بالكاتب الكبير نجيب محفوظ شرف كبير لأنه كاتبي المفضل، ولا أنكر تأثري به في معظم كتاباتي، لكني لا أعتقد أن هناك تشابهًا بين أعماله وأعمالي، ولا أرى الربط الذي يحاول البعض أن يجريه بين «أولاد حارتنا» و«مملكة إبليس»، خاصة أن روايتي اجتماعية لا تهدف للترميز، على عكس أعمالي السابقة مثل «أفراح القبة» و«العهد» و«نيران صديقة».
وعلى الغرور فأنا مغرور بالفعل.
مع ما يدور بالعالم من أحداث جارية، كيف يمكن لك ككاتب أن تتخيل نهاية العالم؟
أنا بالفعل أعمل حاليًا على الرواية العالمية «الطاعون»، ولكن ما يشغلني حاليًا أكثر من أي شيء هو الخوف من الوباء أكثر من تأثير الوباء وهو ما يُصيب الناس بالرعب حاليًا، ولكن كنهاية للعالم لم أحددها بشكل نهائي بعد.