الميكروبيدات: جسيمات البلاستيك الدقيقة تشكل خطراً بيئياً
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
يوجد البلاستيك في كل مكان، واستخداماته لا نهائية؛ من المعدات الصناعية المستدامة، الأجهزة المنزلية، المنتجات التي تستخدم مرة واحدة، وحتى الملابس التي نرتديها. هذا النطاق الواسع من الاستخدامات يرجع لقابليته العالية للتشكيل، وانخفاض تكلفته وأنه لا يتحلل أبداً.
ولكن خصائصه تلك تجعل منه مشكلة أيضاً. لأنه لا يتحلل بسهولة، ففترة حياة منتج من البلاستيك أطول بكثير من فترة استخدامه. وهذا يتضح خاصة مع منتجات الاستخدام الواحد مثل شفاطات العصير، الزجاجات، والأكياس. ففترة استخدام كيس بلاستيكي تصل في المتوسط لعشرين دقيقة، بينما تستغرق ألف عام إلى أن تتحلل في الطبيعة.
تشكل هذه المصنوعات البلاستيكية الكبيرة خطراً بيئياً. فهي تعلق بالحيوانات، وتدمر أجهزتهم التنفسية، وتغلق مساراتهم الهضمية ويتسبب هذا في موتهم جوعاً. وبالرغم من أن المنتجات البلاستيكية الكبيرة «الماكروبلاستيك» تعد ملوثاً بيئياً مرئياً وواضحاً، إلا أنها مجرد جزء من المشكلة. أظهر بحث حديث أن «الميكروبلاستيك» تشكل تهديداً بيئياً أكبر بكثير مما ظننا سابقاً.
الميكروبيدات، جسيمات البلاستيك الصغيرة، مثلها مثل الأكياس وزجاجات المياه، شكل آخر من منتجات الاستخدام الواحد. لكن، لأنها غير مرئية لا ننتبه لها عادة. وفي السنوات الأخيرة، اكتشف العلماء وجود الميكروبيدات في أعماق المحيطات، والبحيرات النائية، والمياه الجوفية، وحتى مياه الشرب. وتكمن خطورتها في أن تلك الجزيئات الضئيلة تمتص الكيماويات الضارة من البيئة وعندما تهضم تعمل كحاملات لتلك الملوثات داخل أجسادنا.
تكمن المشكلة في أن التخلص من الميكروبلاستيك صعب لأنها صغيرة جداً وموجودة في كل مكان تقريباً. لذلك فإن أفضل تكتيك لمحاربة هذا الملوث هو تقليل كمية البلاستيك التي تدخل النظام البيئي.
الخطوات المتخذة حتى الآن
للميكروبلاستيكات مصدران. يمكن أن تصنع لتكون في الحجم الذي لا يرى إلا بالميكروسكوب مثل الميكروبيدات الموجودة في مستحضرات التجميل. تلك فقاعات بلاستيكية دائرية ضئيلة، ويتراوح حجمها من واحد على مائة من الملليمتر وحتى واحد ملليمتر، وتستخدمها لفرك الجلد لدقيقة أو اثنتين قبل أن تغسلها فتتسرب للبيئة حيث تظل موجودة حتى عشرة آلاف سنة. لكن معظم الميكروبيدات تنتج عن انحلال أجزاء أكبر من البلاستيك غير معاد التدوير والذي يتحلل نتيجة تعرضه للشمس أو الضغط الفيزيائي.
وقد أدركت العديد من الدول مخاطر الميكروبلاستيك واتخذت إجراءات بصددها. فعدد منها حظر استخدام الميكروبيدات في مستحضرات التجميل، وتضم هذه الدول: كندا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والسويد، وتايوان، وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا. وفي عام 2018، انضمت 57 علامة تجارية لحملة ابحث عن الصفر» التي تتعهد بأنها لن تضيف البلاستيك لأي من منتجاتها.
في أفريقيا، بدأت بعض الدول أيضاً باتخاذ إجرءات مناهضة للتلوث البلاستيكي، مثل: بروندي، بينين، الكاميرون، ساحل العاج، تشاد، المغرب، رواندا وكينيا، وقد وضعوا حظراً على استخدام الأكياس البلاستيكية.
في 2002 فرضت جنوب أفريقيا ضريبة على الأكياس البلاستيكية، لكن بما أن هذا لم ينجح، لأن الأكياس البلاستيكية من أضخم الملوثات البيئية البلاستيكية، فإنها الآن تعتمد حظراً للميكروبيدات. من شأن هذ أن يروج للتحركات ضد التلوث البلاستيكي ويشجع دولاً أخرى أن تحذو حذوها ضد مصدر للتلوث البلاستيكي تسهل إزالته نسبياً. والعديد من شركات مستحضرات التجميل في جنوب أفريقيا قد أعلنت بالفعل التزامها بألا تستخدم الميكروبيدات في منتجاتها.
التحديات
قد تسبب الإجراءات المتخذة لمواجهة أزمة البلاستيك العالمية عبئاً اقتصادياً ثقيلاً على كاهل الدول النامية، بسبب انخفاض تكلفة إنتاج البلاستيك، وفعاليته كمادة للتغليف، ولأن البدائل لمنتجات الاستخدام الواحد البلاستيكية غالباً باهظة الثمن وتسبب ضغطاً بيئياً على مصادر أخرى.
ويمكن للقضاء على الميكروبيدات أن يكون أسهل مهماتنا في المقاومة ضد التلوث العالمي للبلاستيك، فمن الأسهل إزالتهم تماماً واستبدالهم ببدائل صديقة للبيئة مثل حبوب الجوجوبا، أو الشعير، أو قشور اللوز، والقهوة. يجب أن يتوجه التركيز أيضاً على ابتكار طرق لتحلل البلاستيك غير تحلله الفيزيائي، مثل الإنزيمات والتقشير الحمضي.
إن التلوث بالبلاستيك قضية معقدة للغاية وتحتاج كل دولة بتركيبتها الاجتماعية والاقتصادية الفريدة أن تحلها على حسب إمكانياتها.