ميركل عاجزة وألمانيا على شفير فوضى سياسية
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
تواجه المستشارة الألمانية «آنجيلا ميركل» أزمة حقيقية على إثر الفشل الدرامي في مفاوضات تشكيل الحكومة القادمة. ويبدو أن خروج ميركل وألمانيا من هذا المأزق أمرًا بعيد المنال.لكن، لم يكن من المفترض أن تجري الأمور على هذا النحو. فرغم الأداء السيئ للحزب الديمقراطي المسيحي في الانتخابات الفيدرالية في 24 أيلول/سبتمبر الماضي -حصل الحزب على 32.9% فقط من أصوات الناخبين، إلا أن توقعات ما بعد الانتخابات كانت واضحة. ستدعو «ميركل» للمفاوضات نوابًا من حليفها حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، بالإضافة إلى حزبين صغيرين وهما الحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر، وبمرور بعض الوقت سيعملون بجد ويشكلون «تحالف جامايكا» الأول في ألمانيا، وهو الاسم الذي أُطلق على التحالف بسبب تشابه ألوان الأحزاب الثلاثة مع علم دولة «جاميكا».بيد أن هذه التوقعات تلاشت، إذ انسحب «الحزب الديمقراطي الحر» من المفاوضات. وزعم «كريستيان ليندنر»، رئيس الحزب، أنه لم يكن هناك قاعدة مشتركة كافية بين الأحزاب للاتفاق على ائتلاف يُمكن أن يُشارك فيه الجميع. وصاغ موقفه بطريقة درامية قائلًا: «ألا تحكم مطلقًا أفضل من أن تحكم بشكل سيئ».
خيارات صعبة
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل
إلى أين تتجه ألمانيا الآن؟ يواجه السياسيون ثلاثة خيارات.يتعلق الأول بوجود أغلبية أخرى مقبولة داخل البرلمان. إذ يُمكن أن يحكم حزب «ميركل» بالاشتراك مع يسار الوسط ممثلًا في الحزب الديمقراطي الاجتماعي. يحظى الحزبان معًا بالأغلبية داخل البرلمان، ولديهما خبرة في العمل معًا. وقد فعلوا ذلك في الدورة البرلمانية التي امتدت لأربعة أعوام من 2013-2017.لكن الحزب الديمقراطي الاجتماعي عبّر عن موقفه بجلاء رافضًا هذا الخيار. وقد تعثر الحزب في الانتخابات الأخيرة حاصدًا 20.5% من الأصوات وهو ما كان تراجعًا تاريخيًا في نتائجه. ولم يستفد الحزب كثيرًا من الحكم إلى جوار «ميركل» كما يحتاج بشدة إلى تجديد دمائه، وهو ما أكده مؤخرًا نهاية الأسبوع الماضي رئيس الحزب «مارتن شولتز».وبالنظر إلى هذا الوضع، قد تحاول «ميركل» الحكم بدون أغلبية في «البوندستاج». ولا تُعد حكومات الأقلية أمرًا غير مألوف في أوروبا، وقد أظهرت دول شمال أوروبا عادة أنّ مثل هذه الإدارات يمكنها أن تنجح. إذ تسعى الحكومة ببساطة إلى الحصول على دعم الأغلبية لكل مشروع قانون تقدمه، وقد تحُث «ميركل» أحيانًا الحزب الديمقراطي الاجتماعي على دعمها، وفي أحيانٍ أخرى سوف تتوجه إلى حزبٍ أو أكثر من الأحزاب الصغيرة.ولكن هذه الفكرة تمثل لعنة بالنسبة إلى الكثيرين في ألمانيا. إذ أدت حكومات الأقلية الضعيفة المتعاقبة في جمهورية «فايمار»، التي زالت منذ 70 عامًا، إلى انهيار الجمهورية وقادت البلاد نحو التيار اليميني المتطرف والدخول في الحرب العالمية الثانية في نهاية المطاف. ولم تُشكَّل حكومة أقلية في ألمانيا منذ ذلك الحين. ولذلك، فإن تشكيل حكومة استنادًا إلى أغلبية متغيرة باستمرار داخل البرلمان، يتسبب في شعور عميق لدى الكثيرين بعدم الارتياح.