الموالي والأمويون: حكايات التهميش والثورة
تشكلتْ طبقة الموالي على إثر الفتوحات الإسلامية، ويشير المفهوم إلى تلك الشرائح الجماهيرية التي اعتنقتْ الإسلام، من غير العرب، وكان العصر الأموي يُعتبر الأسوأ بالنسبة لجماهير الموالي بسبب التمييز العنصري للأمويين الذين فضلوا العنصر العربي، ونظروا للمسلمين من غير العرب نظرة استعلائية؛ فكأنهم مسلمون من الدرجة الثانية.
هذا النهج مخالفٌ لهدي القرآن، والسنة الصحيحة؛ حيث لا يكون هناك أفضلية لعربي على أعجمي، أو العكس؛ إلا بالتقوى والعمل الصالح؛ ونتيجة ما تعرض له الموالي من حيفٍ بيِّن، وظلم ثقيل فكانوا دائما وقوداً للثورات والانتفاضات التي تندلع من آن لآخر في العالم الإسلامي، وخاصة العراق، كما كانوا رافداً أساسياً للمعارضة سواء في شكلها الشيعي أو الخارجي (نسبة للخوارج)، وإنْ كان الميل للتشيع هو الأبرز.
سنناقش كيف تشكلت هذه الفئات الاجتماعية؟ ومصادر فكرها، ونماذج لمقاومتها سلطة الخلافة بشتى الطرق والوسائل؛ ثم نجيب على سؤال مهم: كيف ولماذا تحللت تلك الشرائح الجماهيرية في العصر العباسي؟ من خلال رصد اقتصادي واجتماعي لحركات الموالي، وحركة التاريخ الإسلامي عموماً في العصر الأموي حتى قيام الدولة العباسية.
كيف تشكلتْ طبقة الموالي؟
يشير المفكر المصري والباحث أحمد صادق سعد في كتابه «تاريخ مصر الاجتماعي والاقتصادي» إلى تشكل الموالي كطبقة من خلال اعتناق بعض سكان البلاد التي فتحها المسلمون للإسلام؛ وكان ذلك سبباً في أن هؤلاء السكان (من دخل منهم الإسلام)، كان يبحث عن الحماية من قبل العرب (الغزاة/ الفاتحون) من ظلم الحكام؛ من هنا وحسب سعد انبثق الولاء؛ وعُرف هؤلاء بالموالي.
يقول أحمد صادق سعد»: ولكن أكثريتهم كانت محرومة من العطاء، وَيُنظر إليهم باعتبارهم في مستوى أدنى اجتماعياً».
ووفق رؤية أستاذ التاريخ المصري (الدكتور محمود إسماعيل) في كتابه «الحركات السرية في الإسلام»: إنَّ الظلم الاجتماعي والتمييز العنصري، الذي ساد زمن الأمويين، كان عاملاً ضاغطاً على الفئات الاجتماعية غير العربية، التي اعتنقت الإسلام.
إنَّ وضعية الاقتصاد في العصر الأموي تحديداً، وما صحبه من تغيرات في موازين القوى الاجتماعية؛ كان الحافز الرئيسي لتبلور الموالي كطبقة اجتماعية/ إثنية، لها مطالب ذات بعد اجتماعي (مثل المساواة في الأعطيات والغنائم .. وما إلى ذلك)، فضلاً عن إسقاط الجزية عن من أسلم، وتخفيف غلواء جباية الضرائب.
ويلخص علي إبراهيم حسن في كتابه: التاريخ الإسلامي العام، في حاشية رقم 1 الحقوق التي حُرِمَ منها الموالي من قبل الأمويين وهي: لم يحصلوا على العطاء الذي يستحقونه بعد التحاقهم بالجيش كما الجنود العرب- لم يُسمح لهم بركوب الخيل أثناء القتال- وحُتمَ عليهم أن يكون لهم مساجد خاصة للصلاة، وجبانات خاصة لدفن موتاهم- ولايتزوجوا من العرب!
واعتبر علي إبراهيم حسن أن بين أسباب سقوط الدولة الأموية هو تعصب الأمويين للعرب، مما أعطى فرصة للموالي للتذمر والتمرد والثورة على الحكم الأموي؛ الذي ستحصد ثماره بعد ذلك الدعوة العباسية كما سنعرف لاحقاً.
في أدبيات علم الاجتماع، ينبني مفهوم الطبقة وفق عدة معايير، من أهمها أو أولها: الموقع من عملية الإنتاج؛ فالطبقة التي تمتلك وسائل الإنتاج (الأرض- العمل- رأس المال)، تكون هي الطبقة المُستَغِلة، والأخرى التي تعمل وتكدح تكون مستَغَلة. في كتابهما (المادية التاريخية) :عرَّف كل من فلاديسلاف كيلله ماتفي كوفالسون الطبقة نقلاً عن لينين:» الطبقات هي تسمية لفئات كبيرة من الناس، تختلف بالمكان الذي تحتله تاريخياً في نظام معين للإنتاج الاجتماعي، وبعلاقتها التي (تتعزز في أغلب الأحيان وتتشكل في القوانين) بوسائل الإنتاج، وبدورها في التنظيم الاجتماعي للعمل، وبالتالي بطرق الحصول على حصصها من الثروة الاجتماعية».
فيكف كانت علاقات وقوى الإنتاج في العصر الأموي الذي تشكلت في ظله طبقة الموالي؟
الاقتصاد السياسي في العصر الأموي
يرى الباحث أمبارك محمد فرج في رسالته للدكتوراه (تطور ملكية الأرض في الإسلام [1- 132هـ/ 622- 749م]): ملكية الأرض في القرن الأول الهجري؛ تمركزت حول خطين رئيسيين هما: أنصار الملكية العامة، وأنصار الملكية الخاصة، وحسب ما توصل له الباحث من نتائج أهمها: أنَّ الملكية الخاصة زادات أكثر في العصر الأموي؛ لأسباب لا مجال لذكرها هنا، وعلى هذا الأساس تحددتْ القسمات الرئيسية للاقتصاد والاجتماع في العصر الأموي.
فنحن أمام مجتمع منقسم طبقياً بشكل حاد: في قمة هرمه الاجتماعي يقف الخليفة وحاشيته وبيروقراطيته، مع وجود شرائح في الوسط أهمها رجال الدين والعلماء والتجار، وفي أسفل الهرم الاجتماعي يأتي العامة بشرائحهم الفلاحية في الأرياف، والحرفية في المدن، والصعاليك من كل نوع ومن كل حدبٍ وصوب.
برزت في العصر الأموي ظاهرة كانت غير معتادة في الحقبة السابقة (حقبة الخلفاء الأربعة)، ألا وهي: أن يقوم الخليفة بإقطاع مساحات من الأرض سواء للأسرة للأموية، أو الولاة، والموالين للدولة، بل وحتى بعض الشخصيات المتنفذة التي لها تأثير على الرأي العام؛ قام معاوية باستجلاب رضاها إما عن طريق العطايا أو الهبات، أو إقطاعاتها الأراضين والبساتين وما إلى ذلك؛ وإن كانت قليلةً مقارنةً بما تملكته الأسرة الأموية من إقطاعات.
هذه السياسة طرحت إشكالية كبرى في المجتمع الإسلامي حول نظام الملكية، وهو ما جعل هناك خلافات كثيرة بين الفقهاء حول تلك القضية، وهي في حقيقة غير محسومة فقهياً؛ بسبب تقلبات السياسة، والموقف سواء معارضة أو موالاة.
قسم الفقهاء الأرض إلى قسمين (بحسب أبي يوسف في كتابه الخراج كمثال) هما:
الأرض العُشرية (نسبة إلى العشر): وهي أشبه بصبغة الملكية الخاصة، ويتمتع الحائز بمطلق الحرية في التصرف، ويدفع عُشر غلاتها إذا كانت تُروى طبيعياً، ونصف العشر إذا كانت تروى بآلات وما شابه (ري صناعي).
الأرض الخراجية: وهي حسب البلاذري مثالاً (في فتوح البلدان): تشكل القسم الأكبر من مساحة الأراضي في الدولة الإسلامية، وتكون الملكية هنا عامة أو ما يشبه الملكية العامة، ويدفع عنها الحائز (الذي يتمتع بحق انتفاع) خراجاً (تجبى عيناً أو نقداً أو معًا)، وهناك عدة معايير يتحدد من خلالها الخراج مثل: جودة الأرض- طريقة الري- الموقع.
وقد رأى الباحث أمبارك محمد فرج: أن العصر الأموي قد شهد التوسع في النوع الأول من الأرض، حيث توسعت الملكية الخاصة كثيراً على حساب الملكية العامة، ويرجع ذلك إلى: أرض الموات- الأرض التي جلى عنها أهلها- والأرض التي أصبح لا مالك لها بعد وفاة أهلها- أرض الإقطاع والصوافي.
يقول الباحث:» ونتيجة لذلك فقد ظهرت بعض الظواهر الاقتصادية، التي دعت إليها الضرورة والظروف السياسية والاقتصادية التي مرت بها الخلافة، إلى تعميم هذا النظام؛ لتأمين الموارد المالية -أي الملكية الخاصة- لنفقات الدولة المتزايدة…».
وهذا أدى إلى ظهور الإلجاء والإيغار، والتقبيل، والطعمة، كآليات اقتصادية للنهب؛ مما فاقم الفجوات الاجتماعية بين الطبقات وبعضها.
فالإلجاء يعني: أن يقوم صاحب أرض، باللجوء إلى أمير قوي لحمايته من أصحاب القوة والنفوذ وتعسف الجباة، وتكون الأرض لهذا الأمير، وفي الغالب تؤول إليه. أما الإيغار: فيعني أن تُعفى الأرض من الخراج ولا يدخلها عامل من عمال الخراج، أو يدفع عنها الخراج مرة واحدة، وهو نوع من الامتياز يُعطى لصاحب الحظوة. والتقبيل معناه: الضمان بمعنى أن يقوم شخص ما بدفع الخراج عن الأرض، ثم تحصيله بطريقته من الفلاحين بعد ذلك.
والطعمة: بمعنى أن تكون الضيعة في حوزة رجل طوال حياته؛ فإن مات ليس لورثته الحق في الانتفاع بها، وكانت الطعمة تشمل أراضي واسعة وتضم قرى ووكورًا بكاملها. هذه الآليات المذكورة ساهمت في تكديس ملكية الأرض لدى أقليات مرتبطة بالحكم والبيروقراطية على حسب القطاع الكبير من المجتمع الإسلامي، وكان الموالي على رأس هذا القطاع.
من خلال عرضنا للخطوط العامة للاقتصاد السياسي للعصر الأموي، في علاقته بما نتحدث عنه: إنَّ الطريقة التي نظم بها الأمويون الاقتصاد، من خلال دولة إمبراطورية تعتمد في مداخيلها على: الخراج والجزية، فضلاً عن غنائم الحروب والفتوحات؛ هذه الطريقة أفضت إلى تشكل مجتمع رأسي، كان الموالي فيه ضمن الفئات الأضعف، والفئات الأكثر تهميشاً؛ فهم لم يستفيدوا من الإقطاعيات التي كان يمنحها الخلفاء الأمويون لذويهم ومؤيديهم.
وساعد هذا المركَّب السسيو-اقتصادي على بروز الموالي كطبقة مؤثرة؛ نتيجة إفقارها وشعورها بالظلم وعدم الرضا. فهي لم تتملك أراضي مثلاً، وكانت تكدح وتنتج الفائض الاقتصادي الذي تنبه السلطة الأموية، وتوزعه على بيروقراطينها ومناصريها.
وضعية الموالي (صراع إثنطبقي)
نقصد بإثنطبقي: أي صراعاً طبقياً اتخذ شكلاً إثنياً (عرقياً). لا يخفى على المطلع على التاريخ الأموي، سواء كتب التاريخ الكلاسيكية (الحوليات)، والتراجم والسير، أو الكتب الحديثة؛ أنَّ سياسة الأمويين كانت ممالئة للجنس العربي على غير العرب من الموالي وبخاصة الفرس رغم أنهم دخلوا في دين الله أفواجاً؛ ولكن كان للسياسة والمصالح رأي آخر.
من هذه الوضعية شعر الموالي بالغبن على مستويين: الأول: الوضع الاجتماعي، وهو يرتبط بالعِرق أو الإثنية، حيث زخرتْ كتب التراث بالحديث عن التمييز، مثلًا أورد أبو العباس المبرد (الكامل في اللغة والأدب)، قصة تظهر رؤية العرب للموالي الاستعلائية والاحتقارية مفادها: أنّ نافع بن مطعم بن جبير القرشي كان إذا مرت جنازة قرشي كان يقول: «واقوماه» وإذا كانت جنازة عربي يقول: «وامادتاه»، أما إذا كانت جنازة مولى كان يقول: «اللهم هم عبادك تأخذ منهم ما شئت، وتدع ما شئت»!
وهناك قول شائع كذلك أورده ابن عبد ربه في العقد الفريد: «لا يقطع الصلاة إلا ثلاثة: حمارٌ أو كلبٌ أو مولى».
وهناك أمثلة أخرى حفلت بها المصادر التراثية على اختلاف أنواعها، وهو ما يعكس تلك النظرة العنصرية من قبل العرب للموالي، وذلك كان السبب وراء تذمرات الموالي، وارتباطهم بالحركات المعارضة للأمويين. وترى الباحثة أسماء عبد الغني علي العزاوي في كتابها (أثر الموالي في الحياة الفكرية خلال العصر الأموي) أن الموالي كانوا يعملون بالحرف والفلاحة، وهي أعمال يأنف منها العربي الذي لا يجيد سوى القتال والحرب والفروسية.
من خلال هذه الرؤية نخلص أن: الموالي شكلوا طبقة اجتماعية تعمل بالحرف اليدوية في المدن، وبالزراعة في الأرياف، أي شكلوا الركن الأساس للإنتاج في العصر الأموي، ولم يجنوا ثمار كدحهم بشكل يحفظ إنسانيتهم ويتسق مع الإسلام الذي كان جوهره العدل، وعدم التفرقة بين المسلمين على أسس عرقية أو قبلية.
الوضع الاقتصادي للموالي: كانت الجزية تُفرض على غير المسلمين، وتسقط بدخول الإسلام، كان ذلك المبدأ الذي ساد في عصر الخلافة الراشدة، ولكن في العصر الأموي لم يعد لهذا المبدأ أثرٌ يذكر، فكانت الجزية تُجبى حتى بعد الإسلام!
الأمر الآخر يتعلق بالخراج الذي كان يُفرض على الأراضي الزراعية؛ فتم التعنتْ في فرضه، وجبايته بالقوة والقسر؛ مما ساهم في هجرة الفلاحين من قراهم بسبب التعسف؛ أدى ذلك لظاهرة: كسر الخراج (أي أن يمتنع الفلاحون عن سداد الخراج)، مما يعني بوادر تمرد، ومثال ذلك ما فعله الحجاج بن يوسف الثقفي (والي العراق والمشرق) زمن عبد الملك بن مروان) 75هـ- 95هـ) عندما أعاد الهاربين إلى الأرض قسراً، وفرض عليهم الخراج والجزية في الوقت ذاته.
ويورد الجهشياري في كتابه الوزراء والكتاب، أن سليمان بن عبد الملك: وفد إليه أحد عماله، وطلب منه أن يرفق بالرعية من غير العرب، فما كان من سليمان إلا قوله: «هبلتك أمك، احلب الدر؛ فإذا انقطع، احلب الدم»! والعبارة هنا كناية واضحة على رؤية الأمويين للموالي، فهم بمثابة طبقة يتم حلب درها واستنزاف ما تنتجه من فائض، حتى لو نضب الدر (اللبن) لا مانع عند سليمان من حلب الدم!
وتعتبر أرض السواد في العراق خير مثال على نتائج سياسات الحجاج الكارثية، حيث هُجرتْ الأرض،وكان ذلك وراء انضمام الموالي لثورة عبد الرحمن بن الأشعث عام 80هـ، والتي استمرت ما يقرب من عامين.
وقد أدخل الخليفة عمر بن العزيز ( 99-101هـ) إصلاحات مالية من قبيل رفع الجزية عمن أسلم من الموالي، والمساواة في الأعطيات، ولكن بوفاته انتكست تلك الإصلاحات، التي حاولها ثانيةً هشام بن عبد الملك، ولكنها لم تفلح وظل الموالي على حالتهم حتى ثاروا مع العباسيين في العام 132هـ.
وضعية الموالي سواء الاقتصادية أو الاجتماعية كانت السبب المباشر وراء انضوائهم في سلك المعارضة، سواء ذات الطابع الشيعي، أو ذات الطابع الخوراجي، ولكن كان للأولى النصيب الأكبر، حيث اعتبر الموالي أن آل البيت هم المعبرون عن هذه الفئات المضطهدة والمهمشة، ولذا نراهم عصب ثورة المختار الثقفي كمثال الذي خرج ثأراً للحسين في العراق، ومن حركة المختار هذه سيكون للموالي الأثر الأكبر عبر فرقة الكييسانية المرتبطة بالمختار كقائد عسكري وسياسي، والإمام محمد بن علي بن أبي طالب (كإمام وزعيم روحي وهو محمد بن الحنيفية)، هذه الفرقة ستكون النواة لتشكل الدعوة العباسية، التي سيكون للموالي وبالأخص الخراسانيين الدور الأكبر.
كيف انتهى الموالي؟ ولماذا؟
استطاع الموالي وحلفاؤهم تحت قيادة أبي مسلم الخراساني؛ إقامة الدولة العباسية، في العام 132هـ، وهنا برز الدور السياسي للموالي؛ وأصبحوا لأول مرة منذ دخولهم الإسلام في السلطة؛ وبالفعل طبق العباسيون رؤية الموالي فيما يتعلق بالعطاء وإزالة الشعور بالفروقات مع العرب؛ وعليه سيظهر إبان العصر العباسي ظاهرة أخرى (هي الشعوبية)، والتي كان للموالي دور فيها في محاولة إذكاء الروح الفارسية القديمة.
من ناحية أخرى كان الموالي عصب حركة الازدهار العلمي والثقافي في العصر العباسي الأول، وخاصة في مجال تدوين العلوم والترجمة؛ وفي العصر العباسي الثاني، ومنذ عصر المعتصم بدأ العنصر التركي يحل محل العنصر الفارسي (الذي شكل النواة الصلبة للموالي)، والذي أُسستْ على أكتافه دولة بني العباس)، ومنذ ثلاثينيات القرن الثالث الهجري وأربعينياته لم نعد نسمع عن الموالي كما ذكرنا بسبب إحلال الترك محل الفرس.
وترجع أسباب تحلل الموالي إلى: انتفاء الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي كانت سائدة في العصر الأموي (فلم يعد هناك فرق بين عرب وموالٍ)، بل على العكس شهد ذلك العصر ضعف العرب وخروجهم من حلبة التاريخ (اللهم إلا الخلافة) نتيجة النهضة الكبيرة في العصر العباسي الأول، بدأت تحدث تغيرات جذرية في هياكل الدولة، ومن ثم بزوغ قوى اجتماعية وعرفية جديدة، تمثلتْ أساساً في الأتراك وتزامن ذلك مع التوجه إلى الإقطاع كنظام اقتصادي- اجتماعي؛ هذا بدوره أدى إلى تحلل الموالي كطبقة عبر مدى زمني طويل نسبياً وليس بشكل سريع أو فجائي كما يظن البعض.
وكان ذلك بداية عصر الانحطاط.