عالم «Marvel» السينمائي: وفخ الطفولية والتكرار
في عام 2015 عقب صدور فيلم «Ant Man» وهو الفيلم الثاني عشر في سلسلة أفلام عالم مارفيل الممتد «MCU»، حظى الفيلم بتقييمات نقدية جيدة وخصوصاً من المواقع الأمريكية، مثل «Rotten Tomatoes» الذي حصل فيه على تقييم 81%، و7.3/10 في موقع «imdb»، وفي الوطن العربي أعطاه «محمود مهدي» في قناته على اليوتيوب «فيلم جامد» تقيم 8/10.
تقييمات مرتفعه أكثر من التي حظيت بها بعض الأفلام العظيمة. ولكن عند مشاهدتك للفيلم ستجد أنه فيلم بسيط بقصة بسيطة وصراع بسيط ونهاية متوقعة. لايوجد أي إبداع أو عمق يذكر. إذن لماذا حظي بمثل هذه التقييمات؟
الإجابة مختصرة وبسيطة، لأنه طبُق فيه خلطة مارفيل السحرية، التي تجيب على سؤال بسيط، وهو كيف نصنع فيلما دون أخطاء تذكر. نعم بعض المشاهدين الذين تعجبوا من التقييمات المرتفعة على حق، فالفيلم بسيط وطفولي (وهو وصف لطبيعة الفيلم وليس تقليلا أو سخرية منه)، وهو موجه بالأساس لفئة المراهقين، ولكن الفيلم ليس به الكثير من الأخطاء على مستوى سرد الأحداث أو إخراج المشاهد بالإضافة لطاقم ممثلين جيد. نفس الأمر تكرر مع فيلم «Spider Man Homecoming» هذا العام.
تلك هي خلطة مارفيل المعتادة التي لا تريد التمرد عليها سوى في أفلام الـ«avengers»، وهو ما يكون تمردا قليلا ومحسوبا. ذلك الأسلوب المحافظ المنغلق جعل مارفيل صاحبة أنجح سلسلة أفلام ممتدة، سواء من ناحية القبول النقدي أو الأرباح التجارية. ولكن مع الوقت جعلت تلك الخلطة أفلام مارفيل شديدة النمطية وبدأ البعض يفقد الحماس.
خلطة مارفيل السحرية
هناك ثلاثة عوامل تسهم في تقليل الأخطاء؛ الأول، وهو تقسيم السيناريو لثلاث مراحل، البداية ويتم فيها تقديم شخصية البطل قبل أن يكتشف قواه الخارقة أو يكتسبها أو يتم منحها له. مرحلة الوسط والتي يبدأ فيها الصراع، حيث يكتشف البطل قواه ويبدأ في تعلم استغلالها وتطويرها، وفي نفس الوقت يتم تقديم جانب الشر ودوافعه وأهدافه. المرحلة الثالثة، والتي يحدث فيها الصراع الكبير وينتهي دائما بانتصار البطل الخارق. كل هذا مع تقديم الكثير من المواقف الكوميدية الجيدة.
العامل الثاني، وهو اختيار طاقم تمثيلي جيد، فالممثل الجيد مع الكتابة المتقنة سيزيد من إخفاء الأخطاء إن وجدت، فشارك كأبطال ثانويين في أفلام مارفيل على سبيل المثال وليس الحصر نجوم بحجم «سكارليت جوهانسون»، و«أنتوني هوبكنز»، و«ناتلي بورتمان»، و«مايكل دوجلاس» وآخرين.
بالإضافة لمخرج جيد يستطيع تنفيذ المهام الموكلة له بأقل قدر من النفقات وأكثر جودة ممكنة. المخرجون في أفلام مارفيل موظفون لتنفيذ رؤية كبيرة موضوعة من أستوديوهات مارفيل، وبالتحديد من «كيفن فيج» مسئول أستوديوهات مارفيل وواضع الرؤية الأكبر للعالم الممتد، وهو الذي بذل المجهود الأكبر لإعادة حقوق الملكية المهدورة لمارفيل مرة أخرى، بعد ما قامت ببيعها في الماضي نتيجة عثرتها المادية لشركات إنتاج مثل فوكس وسوني. ولكنها لم تستطع الحصول على حقوق شخصيات «X-men»، و«Spider Man»، و«Deadpool» على سبيل المثال.
العامل الثالث، أن كل الأفلام يربطها عالم واحد فبعد الانتهاء من تقديم كل الشخصيات، يأتي دور الـ«Avengers»، وهو الفيلم الأكثر تعقيداً والذي يجمع بين كل الأبطال الخارقين في معركة واحدة ضد شرير أكثر قوة وحيلة.
هذه الخلطة هي التي تجعل كل فيلم مهما بلغت طفولية أحداثه، قليل الأخطاء وبالتالي يحصل على تقييمات نقدية مرتفعة. وهنا يحدث الجدال الشهير، أفلام DC أكثر تعقيداً، والصراعات بها الكثير من البعد الفلسفي والسياسي، فلماذا كل المبالغة في تقدير مارفيل؟
يقول المدافعون عن مارفيل والنقاد إن DC لا تستطيع وضع مشروع شامل ورؤية مستقبلية كالتي وضعتها مارفيل. نعم أفلامها أكثر تعقيداً، ولكن بها الكثير من الأخطاء والاستعراض، كما أنها تحاول الوصول لنقطة تجميع عدد من الأبطال الخارقين في فيلم واحد سريعاً وبالتالي تعجل النتائج يؤدي لكوارث في كل فيلم.
لا أحد يستطيع أن ينكر قوة وصلابة مشروع مارفيل، في السابق كان أسلوب مارفيل هو الحل الأفضل، لأن الأبطال الخارقين الذين تم تقديمهم في أول مرحلة، لهم أهمية كبيرة كـ«الرجل الحديدي»، و«كابتن أميركا»، و«ثور»، و«هالك»، وبالتالي هذه الشخصيات لا تحتاج سوى التقديم بأقل قدر من الأخطاء. كما أن تلك الخلطة كانت جديدة ولا يمكن الملل منها. ولكن مؤخرًا أصبحت تلك الخلطة مملة وتجعل الفيلم بلا أخطاء ولكنه طفولي كما حدث في «Ant Man» و«Spiderman».
حين كشرت Fox عن أنيابها
في العامين الماضي والحالي، تمردت أستوديوهات «fox» عن التوجه الرائج، وأنتجت فيلمين بتصنيف رقابي R، أي غير مسموح بمشاهدة الفيلم لمن هم أقل من 18 سنة، وهم «Deadpool»، و«Logan» على الترتيب، تحد ضخم ونادر الحدوث، لم يتخذه سوى أستوديوهات «Warner Bros» حين أنتجت فيلم «Watchmen» عام 2009. هذا التحدي يحرم أفلام الأبطال الخارقين من جمهورها الأكبر وهم فئة المراهقين.
ولكن مع ذلك حقق الفيلمين إيرادات مرتفعة جداً، وخصوصاً «Deadpool» والذي لا يعد بطلا ذا قيمة كبيرة في القصص المصورة، فهو شخصية هامشية ظهرت في قصص X-men المصورة، ولكن الآن بفضل نسخة Fox، ربما أصبح البطل الخارق الأكثر شعبية. وكثرت التكهنات باحتمالية ترشيح الفيلم لجائزة أوسكار أفضل سيناريو مقبتس العام الماضي، ولكن لم يصدق ذلك التكهن.
سيناريو «Deadpool» حافل بالمشاهد الجنسية والدماء، والألفاظ الخارجة، وكثرة الاعتماد علي كسر الحائط الرابع، والكوميديا الهستيرية. كما أن بنية السيناريو مختلفة، فالفيلم يبدأ في منتصف الأحداث، ومن خلال مشاهد Flash Back يتم شرح كيف اكتسب قدراته الخارقة.
«Deadpool» إحدى شخصيات قصص مارفيل المصورة، ولكن تخيل لو امتلكت أستوديوهات مارفيل حقوق تحويله لعمل سينمائي، هل تشك ولو للحظة أن مارفيل لم تكن ستخاطر كما خاطرت Fox؟ ذلك هو مأزق مارفيل الأكبر، أن الأستوديوهات المنافسة بدأت في تقديم شيء مختلف وجيد، حتي DC فاقت من عثرتها في فيلم «Wonder Woman». بينما مازالت مارفيل تلعب على المضمون ورصيدها لدي الجماهير والنقاد.